موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: كُلُّ مَن مَلَكَ شَيئًا يَملكُ التَّصَرُّفَ فيه إلَّا لمانِعٍ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ مَن مَلَكَ شَيئًا يَملكُ التَّصَرُّفَ فيه إلَّا لمانِعٍ" [4598] يُنظر: ((القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير)) لعلي الندوي (ص: 492). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
مَن مَلَكَ شَيئًا مِلكًا تامًّا جازَ له أن يَتَصَرَّفَ فيه بكُلِّ أنواعِ التَّصَرُّفِ، سَواءٌ كانت بعِوضٍ كالبَيعِ والإجارةِ ونَحوِهما، أو ليس بعِوضٍ كالهبةِ والوصيَّةِ ونَحوِهما، ولا يُمنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فيه إلَّا لمانِعٍ يَطرَأُ عليه يُقَيِّدُ التَّصَرُّفَ كالحَجْرِ [4599] يُنظر: ((القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير)) لعلي الندوي (ص: 492)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (8/684). .
ثالثًا: أدلَّةُ القاعِدةِ.
دلَّ على هذه القاعِدةِ قاعِدةُ: (للإنسانِ أن يَتَصَرَّفَ في مِلكِه كَيفما شاءَ).
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا قُسِّمَتِ الغَنائِمُ في دارِ الحَربِ جازَ لمَن أخَذَ سَهمَه التَّصَرُّفُ فيه بالبَيعِ وغَيرِه [4600] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (13/137). .
2- لا يَنبَغي للمُضَحِّي أن يَبيعَ شَيئًا مِنَ الأُضحيَّةِ، فإن باعَ جازَ بَيعُه عِندَ الحَنَفيَّةِ، وتَصَدَّقَ بثَمَنِ ما باعَه، وإنَّما جازَ بَيعُه؛ لأنَّه في مِلكِه، جائِزُ التَّصَرُّفِ فيه، ألا تَرى أنَّه يَجوزُ هبَتُه وصَدَقَتُه، ولأنَّ النَّهيَ لَم يَتَناولْ مَعنًى في نَفسِ العَقدِ، فصارَ كالبَيعِ عِندَ أذانِ الجُمُعةِ، وكالنَّهيِ عَن تَلَقِّي الجَلَبِ، وبَيعِ حاضِرٍ لبادٍ، والنَّهيِ عَن بَيعِ الطَّعامِ في دارِ الحَربِ، كُلُّ ذلك قد ورَدَ فيه نَهيٌ، ولَم يَمنَعْ جَوازَ العَقدِ؛ إذ لَم يَتَناولِ النَّهيُ مَعنًى في العَقدِ، وإنَّما أُمِرَ بأن يَتَصَدَّقَ بثَمَنِ ما باعَ؛ لأنَّه لَمَّا كان مَنهيًّا عَن بَيعِه وأخذِ ثَمَنِه، حَصَلَ ذلك له مِن وجهٍ مَحظورٍ، فأُمِرَ بالصَّدَقةِ به [4601] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (7/341،340). .
3- الحَلالُ إذا صادَ في الحِلِّ، ثُمَّ أدخَلَه الحَرَمَ فلَه التَّصَرُّفُ فيه كَيف شاءَ بالذَّبحِ وغَيرِه، فإن ذَبَحَه فلا جَزاءَ عليه [4602] يُنظر: ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) للقاضي عبد الوهاب (1/497). .
4- مَن مَلَكَ كِتابًا مَلَكَ القِراءةَ مِنه، وتَصحيحَه، والكِتابةَ عليه، والتَّعليقَ على صَفحاتِه، كما يَملكُ إعارَتَه وهبَتَه أو بَيعَه وتَأجيرَه إلى آخِرِ ما هنالكَ مِنَ التَّصَرُّفاتِ [4603] يُنظر: ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (8/684). .
خامسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استثناءاتٌ:
1- الصَّبيُّ يَملكُ المالَ لَكِن لا يَصِحُّ تَصَرُّفُه إلَّا بإذنِ الوليِّ [4604] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (5/2612)، ((التنبيهـ)) للشيرازي (ص: 102)، ((المغني)) لابن قدامة (6/347). .
2- السَّفيهُ الذي يُنفِقُ مالَه فيما لا مَصلَحةَ له فيه يُحجَرُ عليه ويُمنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ في مالِه نَظَرًا لسَفهِه؛ لأنَّه يُحجَرُ على الصَّبيِّ لاحتِمالِ التَّبذيرِ، فلَأن يُحجَرَ على السَّفيهِ مَعَ تَيَقُّنِه أَولى؛ ولهذا يُمنَعُ عَنه مالُه ولا فائِدةَ فيه بدونِ الحَجرِ؛ لأنَّه يُمكِنُه التَّبذيرُ بما يَعقِدُه مِنَ المُعامَلاتِ الظَّاهرةِ الخُسرانِ [4605] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/356)، ((الجامع لمسائل المدونة)) (17/648)، ((المغني)) لابن قدامة (6/595)، ((الاختيار)) لابن مودود الموصلي (2/96). .
3- لَو تَرَتَّبَ على التَّصَرُّفِ في مِلكِه ضَرَرٌ بغَيرِه، كَصاحِبِ دارٍ أرادَ التَّصَرُّفَ في جِدارِه بما يَضُرُّ دارَ جارِه [4606] يُنظر: ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (2/ 220-221). .

انظر أيضا: