موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: مِنَ القَواعِدِ المُندَرِجةِ تَحتَ قاعِدةِ كُلُّ مَن حَصَلَ عليه ضَمانٌ بعَقدٍ أو قَبضٍ فالقَولُ فيه قَولُه: الضَّامِنُ لا يُقبَلُ قَولُه إلَّا بحُجَّةٍ.


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: (الضَّامِنُ لا يُقبَلُ قَولُه إلَّا بحُجَّةٍ) [4330] يُنظر: ((شرح السير الكبير)) للسرخسي (ص: 872). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
مَن ضَمِنَ شَيئًا ثُمَّ ادَّعى تَلَفَه وهَلاكَه فإنَّ قَولَه هذا لا يُقبَلُ إلَّا بدَليلٍ وبُرهانٍ على صِدقِه، وإلَّا كان ضامِنًا وغارِمًا لِما تَلِفَ، فما لَم يَأتِ ببَيِّنةٍ على قَولِه فلا يُقبَلُ قَولُه؛ لأنَّه يَدَّعي ما فيه نَفعُ نَفسِه، وقدِ انفرَدَ بالنَّصِّ على هذه القاعِدةِ السَّرَخسيُّ مِنَ الحَنَفيَّةِ، وتُعتَبرُ مُكَمِّلةً لقاعِدةِ (كُلُّ مَن حَصَلَ عليه ضَمانٌ بعَقدٍ أو قَبضٍ فالقَولُ فيه قَولُهـ) [4331] يُنظر: ((شرح السير الكبير)) للسرخسي (ص: 872)، ((المغني)) لابن قدامة (7/214). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ، وذلك على النَّحوِ التَّالي:
1- أنَّ قَولَه حينَئِذٍ في مَصلَحةِ نَفسِه، فكان فيه مُتَّهَمًا، والتُّهمةُ تَنتَفي عنه بإقامةِ البَيِّنةِ [4332] يُنظر: ((المعونة)) لعبد الوهاب (2/1209). .
2- أنَّه يَدَّعي أمرًا عارِضًا، والأصلُ عَدَمُه [4333] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (19/188). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- الغاصِبُ إذا ادَّعى رَدَّ المَغصوبِ فلا يُقبَلُ قَولُه إلَّا ببَيِّنةٍ، فإن أقامَ البَيِّنةَ على ذلك بَرِئَ مِنَ الضَّمانِ [4334] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/114). .
2- إن قال: بَعَثتُ إليك بالوديعةِ مَعَ أحَدٍ لَم يُصَدَّقْ، وهو ضامِنٌ لَها؛ لأنَّه أقَرَّ بوُجودِ السَّبَبِ الموجِبِ للضَّمانِ عليه، ثُمَّ ادَّعى ما يُسقِطُ عنه، فلا يُصَدَّقُ، فإن أقامَ البَيِّنةَ على ذلك بَرِئَ مِنَ الضَّمانِ؛ لأنَّه أثبَتَ البَراءةَ بالحُجَّةِ، والثَّابتُ بالبَيِّنةِ كالثَّابتِ بإقرارِ الخَصمِ [4335] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/114)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/143). .

انظر أيضا: