موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: كُلُّ مَن حَصَلَ عليه ضَمانٌ بعَقدٍ أو قَبضٍ فالقَولُ فيه قَولُه


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: (كُلُّ مَن حَصَلَ عليه ضَمانٌ بعَقدٍ أو قَبضٍ فالقَولُ فيه قَولُهـ) [4322] يُنظر: ((القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير)) لعلي الندوي (ص: 153). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ مَن وجَبَ عليه ضَمانُ شَيءٍ ما، سَواءٌ ثَبَتَ وُجوبُ الضَّمانِ عليه بالعَقدِ أو بالقَبضِ، فإنَّ القَولَ قَولُه، فإذا اختُلِف في قيمةِ المَضمونِ فالقَولُ قَولُ مَن وجَبَ عليه الضَّمانُ في تَحديدِ قيمةِ المَضمونِ [4323] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/139)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (4/61)، ((القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير)) لعلي الندوي (ص: 153). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ السُّنَّةُ، ومِن ذلك:
عَن عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لَو يُعطى النَّاسُ بدَعواهم لادَّعى رِجالٌ أموالَ قَومٍ ودِماءَهم، ولَكِنَّ البَيِّنةَ على المُدَّعي، واليَمينَ على مَن أنكَرَ ) [4324] أخرجه ابن أبي عاصم في ((الديات)) (ص40)، والبيهقي (21243) واللفظ له حسنه النووي في ((الأربعون النووية)) (33)، وحسنه بطرقه وشواهده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((زاد المعاد)) (5/330)، وقال محمد ابن عبد الهادي في ((حاشية الإلمام)) (648): إسناده حسن صحيح، وذكر ثبوته الشوكاني في ((السيل الجرار)) (2/411). وذهب إلى تصحيحه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/450)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (2685)، وصحح إسناده ابن حجر في ((بلوغ المرام)) (421)، والشوكاني في ((الدراري المضية)) (377)، وقال ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/226): أصله في الصحيحين وأصِلُه في صَحيح البُخاريّ (4552)، ومُسلم (1711) دونَ قَولِه: "واليَمينُ على مَن أنكَرَ". ولَفظُ مُسلمٍ: عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لَو يُعطى النَّاسُ بدَعواهم لادَّعى ناسٌ دِماءَ رِجالٍ وأموالَهم، ولَكِنَّ اليَمينَ على المُدَّعى عليهـ)). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَكَرَ أنَّ البَيِّنةَ على المُدَّعي، وأنَّ القَولَ قَولُ المُدَّعى عليه ما لَم يُقِمِ المُدَّعي بَيِّنةً، ومَن وجَبَ عليه الضَّمانُ مُدَّعًى عليه وهو مُقِرٌّ ببَعضِ ما ادُّعِيَ عليه، والمَضمونُ له مُدَّعٍ بأكثَرَ مِمَّا يُقِرُّ به، فيَكونُ القَولُ قَولَ الضَّامِنِ [4325] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/139)، ((المسالك)) لابن العربي (6/295)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (4/61)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (2/230). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- كُلُّ ما أقَرَّ به أنَّه غَصَبَه لرَجُلٍ وبما لا يُقضى بمِثلِه، فإنَّه إذا تَلِف فعليه قيمَتُه، والقَولُ قَولُه في القيمةِ [4326] يُنظر: ((النوادر والزيادات)) لابن أبي زيد القيرواني (9/144)، ((البيان)) للعمراني (7/92). .
2- لَو قال: لفُلانٍ عليَّ شاةٌ أو بَقَرةٌ ثُمَّ أنكَرَ، يُقضى عليه بقيمةِ شاةٍ أو بَقَرةٍ وسَطٍ عِندَ أبي يوسُفَ، وقال مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ: القَولُ قَولُه في قيمَتِه [4327] يُنظر: ((مجمع الضمانات)) لغانم البغدادي (ص: 370). .
3- إنِ اختَلَفا في قيمةِ الرَّهنِ الهالِكِ أو صِفتِه فالقَولُ قَولُ المُرتَهِنِ عِندَ مالِكٍ وأصحابِه؛ لأنَّه الضَّامِنُ لقيمَتِه، وهو مُدَّعًى عليه، والرَّاهِنُ مُدَّعٍ بأكثَرَ مِمَّا يُقِرُّ به المُرتَهِنُ [4328] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/139)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (4/61). .
4- إذا أتلَف المودَعُ الوديعةَ أوِ استَهلَكَها، واختَلَف مَعَ المودِعِ في قيمَتِها، فالقَولُ قَولُ المودَعِ الأمينِ مَعَ يَمينِه في القيمةِ [4329] يُنظر: ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (8/ 641). .

انظر أيضا: