موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: الحَقُّ إذا ثَبَتَ مِن جِنسٍ لَم يُجبَرْ صاحِبُ الحَقِّ على أخذِ غَيرِ جِنسِه


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الحَقُّ إذا ثَبَتَ مِن جِنسٍ لَم يُجبَرْ صاحِبُ الحَقِّ على أخذِ غَيرِ جِنسِه" [3448] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (11/5740). ، وصيغةِ: "لا يَجوزُ الانتِقالُ إلى غَيرِ جِنسِ الحَقِّ مِن غَيرِ تَراضٍ" [3449] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (11/5543). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ صاحِبَ الحَقِّ إذا ثَبَتَ له الحَقُّ مِن جِنسٍ مُعَيَّنٍ فإنَّه يَأخُذُه بعَينِه عِندَ الإمكانِ، ولا يَجوزُ إجبارُه على أخذِه مِن غَيرِ جِنسِه؛ لأنَّ فيه فواتَ حَقِّه، فلا بُدَّ مِن رِضاه، كما أنَّه ليس له أخذُ غَيرِ جِنسِ حَقِّه إذا وجَدَ جِنسَ حَقِّه، فإن لَم يَجِدْ إلَّا غَيرَ جِنسِ حَقِّه فلَه أخذُه [3450] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (11/5740)، ((التهذيب)) للبغوي (8/351)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/203). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفَرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (الأصلُ رَدُّ الحُقوقِ بأعيانِها عِندَ الإمكانِ)؛ لأنَّ مَن ثَبَتَ له حَقٌّ مِن جِنسٍ مُعَيَّنٍ، فمِن حَقِّه أن يُرَدَّ له عَينُ حَقِّه عِندَ الإمكانِ، ولا يَجوزُ إجبارُه على أخذِه مِن غَيرِ جِنسِه؛ لأنَّ الأصلَ رَدُّ الحُقوقِ بأعيانِها عِندَ الإمكانِ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (الأصلُ رَدُّ الحُقوقِ بأعيانِها عِندَ الإمكانِ).
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا كان لرَجُلٍ على رَجُلٍ ثَوبٌ سَليمٌ، فصالَحَه على نِصفِ رَأسِ مالِه وعَلى أن يُعطيَه نِصفَ الثَّوبِ، كان جائِزًا. ولَو جاءَه بنِصفِ ثَوبٍ مَقطوعٍ لَم يُجبَرْ على أخذِه؛ لأنَّ قَطعَه نُقصانٌ، ولَكِن يَأتيه بثَوبٍ صَحيحٍ، فيَكونُ له نِصفُه [3451] يُنظر: ((الأصل)) للشيباني (11/81). .
2- إذا غَصَبَ مِن رَجُلٍ ما له مِثلٌ، وأتلَفَه، ولَم يوجَدِ المِثلُ، فإن قال المَغصوبُ مِنه: أنا أصبِرُ إلى أن يوجَدَ المِثلُ، كان له ذلك؛ لأنَّ الحَقَّ له، ولَم يُجبَرْ على أخذِ القيمةِ، فإذا تَعَذَّرَ المِثلُ اعتُبِرَت قيمَتُه وقتَ الحُكمِ بها [3452] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (7/19). ويُنظر أيضًا: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/159). .

انظر أيضا: