المَطلَبُ الأوَّلُ: كُلُّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا"
[3068] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/450)، ((المحلى)) لابن حزم (3/395)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (13/290)، ((التوضيح)) لابن الملقن (27/430). ، وصيغةِ: "كُلُّ ذي حَقٍّ أحَقُّ بِحَقِّه"
[3069] يُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (9/264). ، وصيغةِ: "كُلُّ ذي حَقٍّ أخَصُّ بحَقِّه"
[3070] يُنظر: ((القبس)) لابن العربي (ص: 940). ، وصيغةِ: "لكُلِّ صاحِبِ حَقٍّ أن يَطلُبَ حَقَّه"
[3071] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/108). ، وصيغةِ: "صاحِبُ الحَقِّ أولى به"
[3072] يُنظر: ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (6/498). ، وصيغةِ: "الأصلُ أنَّ كُلَّ ذي مِلكٍ أحَقُّ بمِلكِه"
[3073] يُنظر: ((التبصرة)) للخمي (7/3313)، ((الذخيرة)) للقرافي (7/282). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ كُلَّ صاحِبِ حَقٍّ فهو أحَقُّ بِحَقِّه وإن تَقادَمَ، وكُلَّ صاحِبِ مالٍ فهو أحَقُّ بمالِه، وكُلَّ صاحِبِ مِلكٍ فهو أحَقُّ بمِلكِه، ومِن أعظَمِ الضَّرَرِ أن يُـمنَعَ أحَدٌ مِلكَه بغَيرِ عِوضٍ
[3074] يُنظر: ((النوادر والزيادات)) للقيرواني (9/25)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (13/290)، ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (9/264)، ((التوضيح)) لابن الملقن (27/430). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. دلَّ على هذه القاعِدةِ السُّنَّةُ، والإجماعُ:
1- مِنَ السُّنَّةِ: عن عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَطَبَ النَّاسَ يَومَ النَّحرِ، فقال:
((يا أيُّها النَّاسُ، أيُّ يَومٍ هذا؟ قالوا: يَومٌ حَرامٌ. قال: فأيُّ بَلَدٍ هذا؟ قالوا: بَلَدٌ حَرامٌ. قال: فأيُّ شَهرٍ هذا؟ قالوا: شَهرٌ حَرامٌ. قال: فإنَّ دِماءَكُم وأموالَكُم وأعراضَكُم عليكُم حَرامٌ كَحُرمةِ يَومِكُم هذا، في بَلَدِكُم هذا، في شَهرِكُم هذا. فأعادَها مِرارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَه فقال: اللهُمَّ هَل بَلَّغتُ؟ اللهُمَّ هَل بَلَّغتُ؟ قال ابنُ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: فوالذي نَفسي بيَدِه إنَّها لَوصيَّتُه إلى أُمَّتِه، فليُبَلِّغِ الشَّاهدُ الغائِبَ، لا تَرجِعوا بَعدي كُفَّارًا يَضرِبُ بَعضُكُم رِقابَ بَعضٍ )) [3075] أخرجه البخاري (1739). .
وَجهُ الدَّلالةِ: دَلَّ الحَديثُ على حُرمةِ الأموالِ، وأنَّ كُلَّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه
[3076] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (3/395). .
2- مِنَ الإجماعِ: وقد نَقَلَه ابنُ بَطَّالٍ في صورةٍ مِن صورِ القاعِدةِ
[3077] قال: (لا خِلافَ بَينَ العُلَماءِ أنَّ صاحِبَ الماءِ أحقُّ بالماءِ حتى يروى). ((شرح صحيح البخاري)) (6/495). .
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ. مِنَ الأمثلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لا يَجوزُ أن يُجبَرَ صاحِبُ المالِ على أخذِ مالٍ آخَرَ غَيرِ عَينِ مالِه، ما دامَ أخذُ عَينِ مالِه مُمكِنًا؛ لأنَّ كُلَّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه
[3078] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (3/395). .
2- مَن كان بَينَه وبَينَ غَيرِه مُشارَكةٌ في أرضٍ، أو حَيَوانٍ، أو غَيرِ ذلك، فباعَ شَيئًا مِنه، أو وهَبَه، أو تَصَدَّقَ به، أو أصدَقَه، فإن كان شَريكُه غائِبًا، أو حاضِرًا ولَكِن يَتَعَذَّرُ عليه ضَمُّه إلى القِسمةِ، أو لَم يُجِبْه إلى القِسمةِ: فلَه تَعجيلُ أخذِ حَقِّه، ومَنعُه مِن أخذِ حَقِّه جَورٌ، وكُلُّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه
[3079] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (6/428). .
3- إذا تَمَّ الاتِّفاقُ بَينَ المالِكِ وبَينَ المُستَأجِرِ أثناءَ مُدَّةِ الإجارةِ على أن يَدفَعَ المالِكُ إلى المُستَأجِرِ مَبلَغًا مُقابِلَ تَخَلِّيه عن حَقِّه الثَّابِتِ بالعَقدِ في مِلكِ مَنفَعةِ بَقيَّةِ المُدَّةِ، فإنَّ بَدَلَ الخُلوِ هذا جائِزٌ شَرعًا؛ لأنَّه تَعويضٌ عن تَنازُلِ المُستَأجِرِ برِضاه عن حَقِّه في المَنفَعةِ التي باعَها للمالِكِ. أمَّا إذا انقَضَت مُدَّةُ الإجارةِ، ولَم يَتَجَدَّدِ العَقدُ صَراحةً أو ضِمنًا، عن طَريقِ التَّجديدِ التِّلقائيِّ حَسَبَ الصِّيغةِ المُفيدةِ له، فلا يَحِلُّ بَدَلُ الخُلوِ؛ لأنَّ المالِكَ أحَقُّ بمِلكِه بَعدَ انقِضاءِ حَقِّ المُستَأجِرِ
[3080] نص قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 31 (6/4). يُنظر: ((الموقع الرسمي لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي بجدة)). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش