المَطلَبُ الأوَّلُ: التُّهمةُ تَقدَحُ في التَّصَرُّفاتِ
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ: "التُّهمةُ قادِحةٌ في التَّصَرُّفاتِ على الغَيرِ"
[2941] يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (10/109). ، وصيغةِ: "المَرءُ قد يُتَّهَمُ في حَقِّ غَيرِه ما لا يُتَّهَمُ في حَقِّ نَفسِه"
[2942] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/81). .
وصيغةِ: "كُلُّ مَن فعَلَ فِعلًا وتَمَكَّنَتِ التُّهمةُ في فِعلِه حُكِمَ بفَسادِ فِعلِه"
[2943] يُنظر: ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 31). ، وصيغةِ: "إذا تَمَكَّنَتِ التُّهمةُ مِنَ الشَّهادةِ أوجَبَت رَدَّها"
[2944] يُنظر: ((الجمع والفرق)) لأبي محمد الجويني (3/641). ، وصيغةِ: "الأصلُ أنَّ الشَّهادةَ تُرَدُّ بالتُّهمةِ"
[2945] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/120). ، وصيغةِ: "كُلُّ مَن لا تَجوزُ شَهادَتُه له لا يَجوزُ حُكمُه له"
[2946] يُنظر: ((الفروق)) للقرافي (4/43). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. تَتَعَلَّقُ القاعِدةُ بتَأثيرِ التُّهمةِ على الإنسانِ في تَصَرُّفاتِه فيما يَتَعَلَّقُ بحَقِّ الغَيرِ، فتُفيدُ أنَّ المَرءَ قد يُتَّهَمُ في حَقِّ غَيرِه ما لا يُتَّهَمُ في حَقِّ نَفسِه؛ إذِ التُّهمةُ إذا تَمَكَّنَت فإنَّها تَكونُ قادِحةً في التَّصَرُّفاتِ على الغَيرِ، فلا تُقبَلُ شَهادةُ خَصمٍ ولا مُتَّهَمٍ في حَقِّ غَيرِه، وتَنقَسِمُ التُّهمةُ إلى ثَلاثةِ أقسامٍ: الأوَّلُ: أعلى رُتَبِ التُّهمةِ، وهيَ مُعتَبَرةٌ في الإلغاءِ إجماعًا، كَشَهادةِ الإنسانِ لنَفسِه وحُكمِه لنَفسِه. والثَّاني: أدنى رُتَبِ التُّهمةِ، وهيَ غَيرُ مُعتَبَرةٍ إجماعًا، كَشَهادةِ الإنسانِ لرَجُلٍ مِن قَبيلَتِه وقَضائِه لجيرانِه. والثَّالِثُ: المُتَوسِّطُ مِنَ التُّهَمِ، وهو مُختَلَفٌ فيه هَل يُلحَقُ بالأوَّلِ أو بالثَّاني لوُجودِ الشَّبَهَينِ فيه، كَشَهادَتِه لأخيه
[2947] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/81)، ((الفروق)) (4/43)، ((الذخيرة)) (10/109) كلاهما للقرافي، ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 31). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. استُدِلَّ لهذه القاعِدةِ بالإجماعِ:
ومِمَّن نَقَلَه: القَرافيُّ
[2948] قال: (القاعِدةُ: أنَّ التُّهمةَ تَقدَحُ في التَّصَرُّفاتِ إجماعًا مِن حَيثُ الجُملةُ). ((الفروق)) (4/43). وقال أيضًا: (قاعِدة: التُّهمةُ قادِحةٌ في التَّصَرُّفاتِ على الغَيرِ إجماعًا). ((الذخيرة)) (10/109). . كما نَفى ابنُ مُفلِحٍ الحَفيدُ الخِلافَ في بَعضِ صُوَرِ القاعِدةِ
[2949] قال في مَوانِعِ الشَّهادةِ: (أن يَجُرَّ إلى نَفسِه نَفعًا بشَهادَتِه؛ لأنَّ فاعِلَه مُتَّهَمٌ في الشَّهادةِ، والتُّهمةُ تَمنَعُ مِن قَبولِها... كَشَهادةِ الشَّريكِ لشَريكِه بما هو شَريكٌ فيه، لا نَعلَمُ فيه خِلافًا؛ لاتِّهامِهـ). ((المبدع)) (10/596 - 598). .
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ. مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لا تُقبَلُ شَهادةُ الشَّريكِ لشَريكِه فيما هو شَريكٌ فيه؛ لوُجودِ التُّهمةِ؛ فإنَّه يَجُرُّ إلى نَفسِه نَفعًا بشَهادَتِه؛ لأنَّها شَهادةٌ لنَفسِه مِن وجهٍ لاشتِراكِهما، ولَو شَهدَ بما ليس مِن شَرِكَتِهما تُقبَلُ؛ لانتِفاءِ التُّهمةِ
[2950] يُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (10/598)، ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (11/463)، ((اللباب)) للميداني (4/61). .
2- يُشتَرَطُ فيمَن يَقضي له القاضي أن يَكونَ مِمَّن تُقبَلُ شَهادَتُه للقاضي، فإنَّ كُلَّ مَن لا تُقبَلُ شَهادَتُه له لا يَجوزُ قَضاءُ القاضي له؛ لأنَّ القَضاءَ له قَضاءٌ لنَفسِه مِن جِهةٍ، فلَم يَكُنِ القَضاءُ مُجَرَّدًا، وإنَّما فيه تُهمةٌ، فلا يَصِحُّ القَضاءُ. فلا يَجوزُ للقاضي أن يَقضيَ لنَفسِه، ولا لأبَوَيه وإن عَلَوا، ولا لزَوجَتِه، ولا لأولادِه وإن سَفُلوا، ولا لشَريكِه في المالِ المُشتَرَكِ بَينَهما، ولا لكُلِّ مَن لا تَجوزُ شَهادَتُه لَهم؛ لوُجودِ التُّهمةِ. وكَما لا يَنفُذُ قَضاءُ القاضي لنَفسِه وفُروعِه وأُصولِه، فإنَّه لا يَنفُذُ لشُرَكائِهم فيما لَهم فيه شَرِكةٌ؛ لوُجودِ التُّهمةِ
[2951] يُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (4/302)، ((الفقه الإسلامي وأدلتهـ)) لوهبة الزحيلي (8/5953). .
3- لا تُقبَلُ شَهادةُ أحَدِ الزَّوجَينِ للآخَرِ؛ لأنَّ الانتِفاعَ مُتَّصِلٌ عادةً، وهو المَقصودُ، فيَصيرُ شاهدًا لنَفسِه مِن وَجهٍ، ولِوُجودِ التُّهمةِ
[2952] يُنظر: ((اللباب)) للميداني (4/61). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش