الفَرعُ الثَّاني: الإنسانُ لا يُتَّهَمُ في الإضرارِ بنَفسِه
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الإنسانُ لا يُتَّهَمُ في الإضرارِ بنَفسِه"
[2931] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/81). ، وصيغةِ: "الإنسانُ لا يُتَّهَمُ على نَفسِه"
[2932] يُنظر: ((عيون الأدلة)) لابن القصار (6/59)، ((فتح القدير)) لابن الهمام (5/304). ، وصيغةِ: "الإنسانُ لا يُتَّهَمُ في إقرارِه على نَفسِه"
[2933] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/224)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/196). ، وصيغةِ: "العاقِلُ لا يُتَّهَمُ بقَصدِ الإضرارِ بنَفسِه"
[2934] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (12/360)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (26/311). ، وصيغةِ: "لا يُتَّهَمُ العاقِلُ في إقرارِه"
[2935] يُنظر: ((شرح التلقين)) للمازري (3/2/14). ، وصيغةِ: "المَرءُ لا يُتَّهَمُ على نَفسِه"
[2936] يُنظر: ((البناية)) للعيني (6/265)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/598)، ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/166). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الإنسانَ العاقِلَ إذا أقَرَّ بشَيءٍ على نَفسِه قُبِلَ إقرارُه وأُخِذَ به؛ لأنَّ الإقرارَ إنَّما ثَبَتَ به المُقَرُّ به؛ لوُجودِ الدَّاعي إلى الصِّدقِ، وانتِفاءِ التُّهمةِ عنه؛ فإنَّ العاقِلَ لا يُتَّهَمُ بقَصدِ الإضرارِ بنَفسِه، ولا يُتَّهَمُ في أن يُقِرَّ على نَفسِه بباطِلٍ يُؤَدِّي إلى ضَرَرِه؛ فإنَّه مِنَ القَبيحِ الشَّنيعِ أن يُظَنَّ بالإنسانِ العاقِلِ أنَّه يَقصِدُ الإضرارَ بنَفسِه عَمدًا دونَ إكراهٍ. وكَما لا يُتَّهَمُ في الإضرارِ بنَفسِه فإنَّه لا يُتَّهَمُ بالإضرارِ بولَدِه أو والِدِه
[2937] يُنظر: ((الرسالة)) للشافعي (ص: 483)، ((تهذيب الأخلاق)) لابن مسكويه (ص: 139)، ((المبسوط)) للسرخسي (14/121)، ((شرح التلقين)) للمازري (3/1/206)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/81)، ((المغني)) لابن قدامة (12/360). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (الأصلُ في المُتَّهمِ البَراءةُ)؛ لأنَّ الأصلَ في الإنسانِ عَدَمُ الاتِّهامِ بإضرارِه بنَفسِه؛ إذِ الأصلُ فيه البَراءةُ حتَّى يَثبُتَ عَدَمُها بدَليلٍ قَطعيٍّ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (الأصلُ في المُتَّهَمِ البَراءةُ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ. تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- مَن شَهِدَ على رُؤيةِ هلالِ رَمَضانَ فإنَّه غَيرُ مُتَّهَمٍ؛ إذِ الإنسانُ لا يُتَّهَمُ في إيجابِ شَيءٍ على نَفسِه، ولا يُتَّهَمُ في الإضرارِ بنَفسِه بالتِزامِ الصَّومِ، وهو مُلزَمٌ بما يَلزَمُ غَيرَه
[2938] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/81). .
2- إذا كان على غَريمَينِ دَينٌ للمَيِّتِ فإنَّه تُقبَلُ شَهادَتُهما، وإن لم يَكُنِ المَوتُ ظاهرًا مَعروفًا؛ لأنَّهما يُقِرَّانِ على أنفُسِهما بحَقِّ قَبضِ الدَّينِ، فانتَفتِ التُّهمةُ؛ لأنَّ ضَرَرَهما في ذلك أكثَرُ مِن نَفعِهما، فكانتِ الشَّهادةُ على أنفُسِهما، وشَهادةُ الإنسانِ على نَفسِه مَقبولةٌ، وهيَ الإقرارُ
[2939] يُنظر: ((البناية)) للعيني (9/162)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (2/381). .
3- إذا أقَرَّ السَّارِقُ على نَفسِه بالسَّرِقةِ ثَبَتَت ووجَبَ القَطعُ؛ لأنَّ الإنسانَ غَيرُ مُتَّهَمٍ في الإقرارِ على نَفسِه بالإضرارِ بنَفسِه، فتَظهَرُ به السَّرِقةُ، كما تَظهَرُ بالبَيِّنةِ، بَل أَولى؛ لأنَّ المَرءَ قد يُتَّهَمُ في حَقِّ غَيرِه ما لا يُتَّهَمُ في حَقِّ نَفسِه
[2940] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/81). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش