موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: مِنَ القَواعِدِ المُندَرِجةِ تَحتَ قاعِدةِ: التَّقديرُ على خِلافِ التَّحقيقِ: التَّقديراتُ بابُها التَّوقيفُ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "التَّقديراتُ بابُها التَّوقيفُ" [1989] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/206)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/325)، ((الإنصاف)) للمرداوي (25/546)، ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (4/445). . وصيغةِ: "التَّقديرُ بابُه التَّوقيفُ" [1990] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/96)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (5/104)، ((تنقيح التحقيق)) لابن عبد الهادي (2/516)، ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (2/189)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (13/425). . وصيغةِ: "التَّقديرُ بابُه التَّوقُّفُ" [1991] يُنظر: ((التنبيه على مشكلات الهداية)) لابن أبي العز (2/730). . وصيغةِ: "التَّقديرُ بالتَّحَكُّمِ مِن غَيرِ دَليلٍ لا يَسوغُ" [1992] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/288). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ التَّقديراتِ لا مَدخَلَ للرَّأيِ فيها، فما لم يَرِدِ الشَّرعُ بتَقديرِه لا يَجوزُ تَقديرُه بالتَّحَكُّمِ، ولا يَصِحُّ المَصيرُ إليه، وما لم يَرِدِ الشَّرعُ بتَقديرِه فإنَّه يُرَدُّ إلى العُرفِ؛ إذِ العادةُ مُحَكَّمةٌ في مِثلِه [1993] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/288)، ((التنبيه على مشكلات الهداية)) لابن أبي العز (2/730)، ((منحة العلام)) لعبدالله الفوزان (2/389)، ((الجامع)) للدبيان (2/392). .
قال ابنُ قُدامةَ: (التَّقديرُ بابُه التَّوقيفُ، فلا يَجوزُ المَصيرُ إليه برَأيٍ مُجَرَّدٍ، سيَّما وليس له أصلٌ يُرَدُّ إليه، ولا نَظيرٌ يُقاسُ عليهـ) [1994] ((المغني)) (3/109). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (التَّقديرُ على خِلافِ التَّحقيقِ)؛ لأنَّ التَّقديرَ إذا كان على خِلافِ التَّحقيقِ فيَجِبُ ألَّا يُقدَّرَ ما لا دَليلَ عليه؛ لأنَّ التَّقديرَ بالتَّحَكُّمِ لا يَجوزُ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (التَّقديرُ على خِلافِ التَّحقيقِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا انكَشَف مِنَ العَورةِ شَيءٌ يَسيرٌ سَهوًا لم تَبطُلِ الصَّلاةُ، بخِلافِ الكَثيرِ، وحَدُّ الكَثيرِ ما فَحُشَ في النَّظَرِ، والمَرجِعُ في ذلك إلى العادةِ، إلَّا أنَّ المُغَلَّظةَ يَفحُشُ مِنها ما لا يَفحُشُ مِن غَيرِها، فيُعتَبَرُ ذلك في المانِعِ مِنَ الصَّلاةِ، ولا يَجوزُ تَقديرُ ما لم يَرِدِ الشَّرعُ به؛ لأنَّ التَّقديرَ بالتَّحَكُّمِ مِن غَيرِ دَليلٍ لا يَسوغُ [1995] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/288). .
2- لا حَدَّ للسَّفَرِ بالمَسافةِ، وإنَّما يُرجَعُ فيه إلى العُرفِ؛ لأنَّ التَّقديرَ بابُه التَّوقيفُ، فلا يَجوزُ المَصيرُ إليه برَأيٍ مُجَرَّدٍ، لا سيَّما وأنَّه ليسَ له أصلٌ يُرَدُّ إليه، ولا نَظيرٌ يُقاسُ عليه، وما ورَدَ في ذلك مُختَلِفٌ، وبَعضُه يُعارِضُ بَعضًا، وما كان كذلك فلا حُجَّةَ فيه؛ إذ ليسَ الأخذُ ببَعضِه بأَولى مِنَ البَعضِ الآخَرِ، والحُجَّةُ مَعَ مَن أباحَ القَصرَ لكُلِّ مُسافِرٍ، إلَّا أن يَنعَقِدَ الإجماعُ على خِلافِه [1996] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/109)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/351)، ((منحة العلام)) لعبدالله الفوزان (3/465). .
3- تَجِبُ الفِديةُ على المُحرِمِ إذا تَطَيَّبَ أو لبِسَ عامِدًا؛ لأنَّه تَرَفَّه بمَحظورٍ في إحرامِه، فلَزِمَته الفِديةُ، كَما لو تَرَفَّه بحَلقِ شَعرِه، أو قَلمِ ظُفرِه. والواجِبُ عليه أن يَفديَه بدَمٍ، ويَستَوي في ذلك قَليلُ الطِّيبِ وكَثيرُه، وقَليلُ اللُّبسِ وكَثيرُه. ولا يَصِحُّ تَقديرُ التَّطَيُّبِ أوِ اللُّبسِ بأن يَكونَ على عُضوٍ كامِلٍ أو في يَومٍ كامِلٍ؛ لأنَّ هذا تَقديرٌ، والتَّقديراتُ بابُها التَّوقيفُ، والتَّقديرُ بعُضوٍ ويَومٍ ولَيلةٍ تَحَكُّمٌ مَحضٌ [1997] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/390). .

انظر أيضا: