موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: قاعِدةُ: الأصلُ عَدَمُ التَّداخُلِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الأصلُ عَدَمُ التَّداخُلِ" [1851] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/303)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/243)، ((الفروع)) لابن مفلح (5/42)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/224). . ويُعَبَّرُ عنها بـ "التَّداخُلُ على خِلافِ الأصلِ" [1852] يُنظر: ((قواعد الأحكام)) للعز بن عبد السلام (1/ 252). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ هذه القاعِدةُ أنَّ الأصلَ في الشَّريعةِ عِندَ اجتِماعِ أمرَينِ أو أكثَرَ مِن جِنسٍ واحِدٍ: أن يَكونَ لكُلٍّ مِنهما حُكمُه، ولا يُكتَفى لهما بحُكمٍ واحِدٍ فالأسبابُ حينَما تَتَعَدَّدُ تَتَعَدَّدُ مُسَبَّباتُها، فلِكُلِّ سَبَبٍ مُسَبَّبٌ، وتَتَعَدَّدُ الأحكامُ بتَعَدُّدِ الأسبابِ، ولا تَتَداخَلُ الأحكامُ إلَّا على خِلافِ الأصلِ، فتَحتاجُ حينَئِذٍ إلى دَليلٍ، فالأصلُ أن يَكونَ لكُلِّ سَبَبٍ حُكمٌ، ولا تَبرَأُ ذِمَّةُ المُكَلَّفِ إلَّا بالإتيانِ بالجَميعِ [1853] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/303)، ((الفروق)) (2/30)، ((الذخيرة)) (3/243) كلاهما للقرافي، ((قواعد الأحكام في مصالح الأنام)) للعز بن عبد السلام (1/ 252)، ((الفروع)) لابن مفلح (5/42)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/224). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالمَعقولِ:
وهو أنَّ الأصلَ تَعَدُّدُ الأحكامِ بتَعَدُّدِ الأسبابِ، فالأصلُ أن يَتَرَتَّبَ على كُلِّ سَبَبٍ مُسَبَّبُه، والتَّداخُلُ على خِلافِ الأصلِ، فلا يَثبُتُ إلَّا بدَليلٍ [1854] يُنظر: ((تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة)) لابن الدهان (2/100)، ((الفروق)) للقرافي (2/30)، ((قواعد الأحكام في مصالح الأنام)) للعز بن عبد السلام (1/252). .
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
يَتَخَرَّجُ على هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- لو ظاهَرَ مِرارًا مِنِ امرَأةٍ في مَجلِسٍ واحِدٍ، لزِمَه بكُلِّ ظِهارٍ كَفَّارةٌ عِندَ الحَنَفيَّةِ، ولا تَتَداخَلُ الكَفَّاراتُ إلَّا إن أرادَ التَّأكيدَ [1855] يُنظر: ((حاشية الشرنبلالي على درر الحكام)) (1/394)، ((فتح باب العناية)) للهروي (2/150). .
2- لو وُلِد لرَجُلٍ تَوأمانِ في بَطنٍ واحِدةٍ، فإنَّه يَعُقُّ عن كُلِّ واحِدٍ مِنهما، ولا تَتَداخَلُ العَقيقةُ، فلا تُغني عَقيقةُ أحَدِهما عنِ الآخَرِ؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُ التَّداخُلِ [1856] يُنظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/126)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/311). .
3- لا يَصِحُّ أن يَرميَ الحاجُّ عنِ الصَّبيِّ حَتي يَرميَ عن نَفسِه أوَّلًا عِندَ المالِكيَّةِ، كَما لا يُجزِئُ رَميُ واحِدٍ عن نَفسِه وعنِ الصَّبيِّ، بَل يَرمي عن نَفسِه أوَّلًا، ثُمَّ يَرمي عنِ الصَّبيِّ؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُ التَّداخُلِ [1857] يُنظر: ((المدونة)) لسحنون (1/399)، ((الأم)) للشافعي (2/235)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (4/340)، ((المغني)) لابن قدامة (5/52). .

انظر أيضا: