الموسوعة الحديثية


- تحاجَّ آدمُ وموسى فقال آدمُ لموسى أنتَ الَّذي اصطفاكَ اللَّهُ على خلقِه وفضَّلَك برسالتِه ثمَّ صنعتَ الَّذي صنعتَ النَّفسَ الَّتي قتلت قال موسى لآدمَ فأنتَ آدمُ الَّذي خلقَك اللَّهُ بيدِه وأسجدَ لَك ملائِكتَه وأسكنَك جنَّتَه ثمَّ فعلتَ الَّذي فعلتَ لولا ما فعلتَ دخلت ذرِّيَّتُكَ الجنَّة فقال آدمُ تلومني في أمرٍ قد قُدِّرَ عليَّ قبلَ أن أُخلَقَ قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حجَّ آدمُ موسى
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن منده | المصدر : الرد على الجهمية | الصفحة أو الرقم : 70
| التخريج : أخرجه البخاري (6614)، ومسلم (2652) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أنبياء - آدم أنبياء - خصائص وفضائل أنبياء - موسى قدر - تحاج آدم وموسى قدر - كل شيء بقدر
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكثيرٍ من أُمورِ الغَيبِ؛ لِتَثبيتِ العَقيدةِ الصَّحيحةِ في النُّفوسِ، كما في هذا الحديثِ.
فيقول النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "تحاجَّ آدمُ وموسى"، أي: أتَى كلٌّ منهما بحُجةٍ على ما يقولُ؛ وذلك عندما الْتقَتْ أرواحُهما في السَّماءِ، فوقَعَ الحِجاجُ بيْنهما، ويَحتمِلُ أنَّ ذلك جَرى في حياةِ مُوسى؛ حيث سأَلَ اللهَ تعالى أنْ يُرِيَه آدَمَ، "فقال آدمُ لموسى: أنت الذي اصطَفاك اللهُ على خلْقِه، وفضَّلك برسالتِهِ"، أي: اختارَكَ على النَّاسِ برِسالتِه؛ فأعطاك التَّوراةَ، وما فيها من نورٍ، وميَّزك بكلامه من غير حجابٍ، "ثم صَنعْتَ الذي صنعْتَ، النَّفْسَ التي قتلْتَ" وهو إشارةٌ إلى القبطيِّ الذي قتَلَه موسى عليه السلام دون قصدٍ، كما جاء في قولِهِ تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] ، وهذه الروايةُ فيها تقديمٌ وتأخيرٌ؛ فقد جاء في روايةِ مسلمٍ: أنَّ الذي بدأ بالكلام هو مُوسى عليه السلام، فيكونُ هذا ردًّا على ما قاله موسى عليه السلامُ، "قال موسى لآدمَ: فأنتَ آدمُ الذي خلَقك اللهُ بيده، وأسجَدَ لك ملائكتَه وأسكنَك جنَّتَه ثم فعلْتَ الذي فعلْتَ؛ لولا ما فعلْتَ دخلتْ ذريتُك الجنَّةَ" هنا يلومُ مُوسى عليه السَّلامُ آدَمَ عليه السَّلامُ أنَّه كان السَّببَ في الإخراجِ من الجنَّةِ الَّتي أسْكنَهُ اللهُ فيها بعدَ أنْ كرَّمه الله بهذه الأمورِ، وإنما وقع اللَّوْمُ على المصيبةِ التي أخرجتْ أولادَه من الجنَّةِ، لا على الذَّنبِ الذي هو الأكلُ مِن الشَّجَرةِ، "فقال آدمُ: تلومُني في أمرٍ قد قُدِّر عليَّ قبل أنْ أُخلَقَ"، أي: تَلُومني على أمرٍ قُدِّرَ عليَّ قبل أن أُخلقَ، وحَكَم اللهُ بأنَّ ذلك كائنٌ لا محالةَ؛ لعِلمِه السَّابق؟ لقد أكلْتُ من الشجرةِ وتاب اللهُ عليَّ، وكان قضاءُ الله وقدَرُه أنَّ آدمَ سينزِلُ الأرضَ كما في قولِهِ تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة 30]، "قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حجَّ آدمُ موسى"، أي: غلَبَ آدمُ مُوسى بالحُجَّةِ في دفْعِ اللَّومِ، وظَهَر عليه بها وأسكَتَه، وألزَمَه أنَّ قضاءَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- نافِذٌ على العبدِ لا يُنجيهِ منه شَيءٌ، ولم يَكُنْ آدمُ عليه السلامُ مُحتجًّا على فِعلِ ما نُهِيَ عنه بالقدَرِ، ولا كان موسى عليه السلامُ ممَّن يُحتَجُّ عليه بذلك فيَقبلُه، وإنَّما كان لومُ موسى لآدَمَ عليهما السلامُ من أَجْلِ المُصيبةِ التي لَحِقَتْ بني آدمَ جرَّاءَ أكْلِه من الشَّجرةِ، والعِبادُ مأْمُورون بالنَّظرِ إلى القدَرِ فِي المصائبِ، والاستِغفارِ من المعاصي والمعائِبِ، وقد تابَ آدَمُ واستغفرَ وتابَ اللهُ عليه؛ فلا وجْهَ لإعادةِ اللَّوْمِ. ، وليس لأحدٍ أنْ يَحتجَّ بالقَدَرِ على فِعلِ الذنوب والآثامِ؛ فإنَّ هذا لو كان مقبولًا لاحتَجَّ كلُّ مَن أرادَ قتْلَ النُّفوسِ وأخْذَ الأموالِ، وسائرَ أنواعِ الفسادِ في الأرضِ، واحتجَّ بالقَدَرِ، ونفْسُ المحتجِّ بالقدَرِ إذا اعتُدِيَ عليه، واحتجَّ المُعتدِي بالقدَرِ لم يَقْبَلْ منه، بل يتناقضُ، وتناقُضُ القولِ يدلُّ على فَسادِه؛ فالاحتجاجُ بالقدَرِ معلومُ الفسادِ في بَدائِهِ العُقولِ.
وفي الحديثِ: المناظَرةُ في أُصولِ الدِّيانةِ، وإقامةُ الدليلِ على الصحيحِ منها( ).
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها