الموسوعة الحديثية


- أنَّ امرأةً نذرت أن تحُجَّ فماتت ، فأتَى أخوها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فسأله عن ذلك ، فقال : أرأيتَ لو كان على أختِك ديْنٌ ، أكنتَ قاضيَه ؟ قال : نعم ، قال : فاقضوا اللهَ ؛ فهو أحقُّ بالوفاءِ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن حزم | المصدر : حجة الوداع | الصفحة أو الرقم : 465 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (5/116) واللفظ له، وأحمد في ((المسند)) (1/284)، والدارمي في ((السنن)) (2/239) باختلاف يسير.
الحجُّ رُكْنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، وأداؤه واجبٌ على كلِّ مُستطيعٍ مَرَّةً واحدةً في العُمرِ، كما أنَّ نَذْرَ الحَجِّ يَجعَلُه دَينًا في عُنقِ الناذرِ، حتى يَقضِيَه أو يُقْضَى عنه، كما في هذا الحديثِ؛ حيث يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "إنَّ امرأةً نذَرَت أنْ تَحُجَّ فماتتْ، أي: ماتتْ قبْلَ أنْ تُوفِيَ بنَذْرِها وقَضاءِ حَجِّها، "فأتى أخُوها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسأَلَه عن ذلك"، أي: عن النَّذرِ الذي نذَرَتْه المرأةُ؛ كيف يُقْضى؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أرأَيتَ لو كان على أُختِك دَينٌ"، أي: لو كان عليها دَينٌ لأحَدٍ مِن البشَرِ، "أكنْتَ قاضِيَه؟" برَدِّ المالِ إلى الدائنِ؟ "قال: نعمْ، قال: فاقْضُوا اللهَ"، أي: أدُّوا إلى اللهِ حقَّه مِن العباداتِ؛ "فهو أحقُّ بالوفاءِ"؛ لأنَّ الحجَّ أصبَحَ دَينًا للهِ في رَقَبةِ مَن نذَرَهُ، وهو سُبحانه جَديرٌ بأنْ يُؤدَّى إليه حقُّه؛ فشُرِعَت النِّيابةُ في الحجِّ لِيُرفَعَ وِزْرُ التَّقصيرِ عمَّن لم يَحُجَّ؛ فالعِباداتُ أنواعٌ: عِباداتٌ ماليَّةٌ مَحضةٌ؛ كالزَّكاةِ، وهذه تُشرَعُ النِّيابةُ فيها، وعِباداتٌ بَدَنيَّةٌ مَحضةٌ؛ كالصَّلاةِ، وهذا النَّوعُ لا تُشرَعُ النِّيابةُ فيه، وعِباداتٌ مُركَّبةٌ منهما؛ كالحجِّ، وهذا النَّوعُ تُشرَعُ النِّيابةُ فيه عندَ العجْزِ وعَدمِ القُدرةِ على الأداءِ، أو الموتِ، وقد شبَّهَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الحجَّ الَّذي عليها بالدَّينِ، وهو واجبُ القضاءِ؛ لأنَّه حقٌّ للآدميِّينَ، والحجُّ حقٌّ للهِ تعالى؛ فكان قَضاءُ حقِّه تعالى أوثَقَ وأَوْلى مِن قَضاءِ حقِّ الآدميِّينَ، وهذا لا يَبعُدُ في كرَمِ اللهِ وفَضلِه؛ أنَّه إذا حجَّ الوليُّ عن الميِّتِ أنْ يَعفُوَ اللهُ عن الميِّتِ بذلك، ويُثيبَه عليه، أو لا يُطالِبَه بتَفريطِه .