الموسوعة الحديثية


- يا معشرَ قريشٍ هل بقَيَ لأحدٍ منْكم عندي مالٌ لم أردَّهُ عليهِ ؟ قالوا: لا فَجزاكَ اللَّهَ خيرًا قد وجدناكَ وفيًّا كريمًا قال: واللهِ ما منَعني أن أُسلِمَ قبلَ أن أقدَمَ عليكُم إلَّا أن تظنُّوا أني أسلَمتُ لأذهبَ بأموالِكُم، فإنِّي أشْهدُ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ . وعادَ إلى المدينةِ فردَّ عليهِ رسولُ اللهِ امرأتَهُ زينبَ .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : فقه السيرة | الصفحة أو الرقم : 338 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
في هذا الحَديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ قِصَّةَ إسلامِ أبي العاصِ بنِ الرَّبيعِ صِهرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان أبو العاصِ مِن رِجالِ مكَّةَ المَعدودينَ مالًا وأمانةً وتِجارةً، وهو ابنُ هالةَ بنتِ خوَيلِدٍ أُختِ خَديجةَ، وهذا المَتنُ جُزءٌ مِن رِوايةٍ طَويلةٍ، وذلك أنَّ أبا العاصِ بنَ الرَّبيعِ سافَرَ ببَضائعِ قُرَيشٍ إلى الشَّامِ، وفي طَريقِ العَودةِ قابَلَتْه سَريَّةٌ مِن سَرايا النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ, وأخَذوا ما معه مِن المالِ، وأسَروا مَن معه، ولكنَّه فَرَّ هاربًا منهم، حتى دخَلَ المَدينةَ، واستجارَ بزَوجتِه زَينَبَ بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، التي كانتْ قد أسلَمَتْ وهاجَرَتْ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأجازَ النَّبيُّ جِوارَها، واستَرضى السَّريَّةَ ليَرُدُّوا إليه ما أخَذوه مِن الأمْوالِ؛ فرَدُّوها كلَّها إليه؛ كَرامةً وتَرضيةً للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَها أبو العاصِ وعاد إلى مكَّةَ، فأدَّى إلى النَّاسِ أمْوالَهم حتى إذا فرَغَ، قال: "يا مَعشرَ قُرَيشٍ"، أي: يُنادي فيهم جميعًا، أو في بعضِهم، "هل بَقيَ لأحدٍ منكم عندي مالٌ لم أرُدَّه عليه؟ قالوا: لا، فجَزاكَ اللهُ خيرًا، قد وجَدْناكَ وَفيًّا كريمًا"، أوفَيتَ بمالِ التِّجارةِ الذي اؤتُمِنْتَ عليه، وتكرَّمْتَ علينا فلم تأخُذْ منه شيئًا، "قال: واللهِ ما منَعَني أنْ أُسلِمَ قبلَ أنْ أقدُمَ عليكم"، أي: قبلَ أنْ أجيءَ إليكم مِن المَدينةِ، "إلَّا أنْ تظُنُّوا أنِّي أسلَمْتُ لأذهَبَ بأمْوالكم"، أي: لآخُذَها ظُلمًا وعُدوانًا، "فإنِّي أشهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه"، فأسلَمَ بذلك في مكَّةَ، وشَهِدَ للهِ بالتَّوحيدِ ولمحمَّدٍ بالنُّبوَّةِ والرِّسالةِ، "وعاد إلى المَدينةِ، فرَدَّ عليه رسولُ اللهِ امرأتَه زَينَبَ"، دون عَقدٍ جَديدٍ، بل باستِمرارِ عَقدِهما القَديمِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ مَكانةِ أبي العاصِ مِن زَوجتِه زَينَبَ بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ جِوارِ المُسلمِ للمُشركِ حتى يَبلُغَ مَأمنَه.
وفيه: أمانةُ أبي العاصِ بنِ الرَّبيعِ وصِدقُه.