الموسوعة الحديثية


- إنَّ اللهَ اسْتَقْبَلَ بي الشامَ , وولَّى ظَهْرِيَ اليَمَنَ وقالَ لِي : يا محمدُ إنِّي جعلْتُ لكَ ما تُجَاهَكَ غنيمَةً ورِزْقًا,وما خَلْفَ ظَهْرِكَ مَدَدًا,ولا يَزالُ الإِسلامُ يَزيدُ ويَنقُصُ الشِّرْكُ وأَهْلُهُ,حتّى تَسِيرَ المرْأتانِ لا تَخْشيَانِ إلَّا جَوْرًا,والَّذِي نفْسِي بِيدِهِ لا تَذهبُ الأيامُ والليالِي حتى يَبلُغَ هذا الدِّينُ مبْلَغَ هذا النَّجْمِ .
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 1716 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعَدَ اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه أنْ تَبلُغَ دَعوتُه ما بلَغَ اللَّيلُ والنَّهارُ، وأنْ يَسرِيَ خبَرُ هذا الدِّينِ في الأرضِ كلِّها؛ فلنْ يُترَكَ بيتُ حَجَرٍ ولا مَدَرٍ إلَّا سَرَى فيه هذا النُّورُ، وأعلَمَه اللهُ عزَّ وجلَّ أنَّ مِن دِيارِ الإسلامِ مَن يكونُ منهم الغَنيمةُ، ومنهم مَن يكونُ منهم الجيشُ والمَددُ والعَددُ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ اللهَ استَقبَلَ بيَ الشَّامَ" والشامُ جمْعُ شامةٍ، وهي العَلَامةُ، وسُمِّيتِ الشامُ بذلك؛ لكَثرةِ قُراها وبُيوتِها، وتَداني بعضِها مِن بعضٍ، والتي تُشبِهُ توزُّعَ الشَّاماتِ في الجِسمِ، وهي الآن: سُوريَةُ، وفِلَسطينُ، ولُبْنانُ، والأرُدنُّ، والمعنى: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وجَّهَ وجْهَ نبيِّه للشامِ، "وولَّى ظَهري لليمَنِ" واليمَنُ تقَعُ جَنوبَ غرْبِ الجزيرةِ العربيَّةِ، والمعنى: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ أنْ وجَّهَه ربُّه للشامِ، كانتِ اليمَنُ في ظَهْرِه مِن خَلْفِه، "وقال لي: يا محمَّدُ، إنِّي جعَلْتُ لك ما تُجاهَك غَنيمةً ورِزقًا"، أي: جعَلْتُ لك الشامَ منها الرِّزقَ والغَنائمَ التي تَظفَرُ بها، "وما خلْفَ ظَهرِك مَدَدًا"، أي: عَونًا وظَهيرًا، وقد يكونُ الجُيوشُ منها، "ولا يَزالُ الإسلامُ يَزِيدُ"، أي: إنَّ الإسلامَ كلَّما مرَّ عليه الوقتُ ازدادَ أتْباعُه، وكثُرَ دُخولُ الناسِ فيه، "ويَنقُصُ الشِّركُ وأهْلُه"، أي: يَقِلُّ المُشرِكون؛ وهذا إمَّا لكَثرةِ الدَّعوةِ للإسلامِ، أو لانتهاءِ أهْلِ الشِّركِ وفَناءِ بَعضِهم، حتى يَقِلَّ الدُّعاةُ إليه، "حتى تَسِيرَ"، أي: تَمْشيَ وتَنطلِقَ، "المرأتانِ لا تَخْشيانِ إلَّا جَورًا"، أي: ظُلمًا مِن ملِكٍ أو سُلطانٍ؛ وهذا لأنَّ الأمْنَ سيَعُمُّ، فلا تَخافُ المرأةُ مِن باقي المخلوقاتِ أنْ تُؤذِيَها، "والذي نَفْسي بيَدِه"، يُقسِمُ باللهِ عزَّ وجلَّ الذي يَملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا القَسَمِ، "لا تَذهَبُ الأيَّامُ واللَّيالي"، أي: لا تمُرُّ الأيامُ وتَعقُبُها اللَّيالي، "حتى يَبلُغَ هذا الدِّينُ"، أي: حتَّى يَصِلَ هذا الدِّينُ ويَنتشِرَ في العالمينَ، "مَبلَغَ هذا النَّجمِ"، أي: انتشارَ هذا النَّجمِ في السماءِ، والمعنى: أنَّه لا يأْتي يومُ القيامةِ حتَّى يَعلُوَ شأْنُ الإسلامِ إلى أقصى حدٍّ، ويَنتشِرَ نُورُه في الدُّنيا كانتشارِ نُجومِ السماءِ للعالمينَ.
فدلَّ الحديثُ على بِشاراتٍ نَبويَّةٍ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهذه الأُمَّةِ: أنَّ لهم الغَلَبةَ والنَّصرَ والتمكينَ، وأنَّ دِينَ اللهِ قائمٌ إلى يومِ القِيامةِ، وأنَّ اللهَ يُعِزُّ أولياءَه( ).