الموسوعة الحديثية


- إنَّ الشَّيطانَ عَرَضَ لي، فشَدَّ عليَّ لِيَقْطَعَ الصَّلاةَ عليَّ، فأَمْكَنَني اللهُ تعالى منه، فذَعَتُّهُ، ولقد هَمَمْتُ أنْ أُوثِقَهُ إلى ساريةٍ حتَّى تُصبِحوا فتَنظُروا إليه، فذكَرْتُ قولَ سُلَيمانَ: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]، فرَدَّهُ اللهُ خاسِئًا.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 1649 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الجِنُّ أجْسامٌ ناريَّةٌ قابلةٌ للتَّشكُّلِ بأشكالٍ مُخْتلِفةٍ، وهُمْ مَخلوقاتٌ غيرُ مَنْظورةٍ لنا، وقد يُرِيها اللهُ مَن شاءَ مِن خَلْقِه، والجِنُّ مُكلَّفونَ مِثلَنا، منهمُ المُؤْمِنونَ والكافِرونَ والعُصاةُ، ومنهم الطَّيِّبُ والخَبيثُ، وهو الذي تحدَّثَ عنه هنا، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ الشَّيْطانَ عَرَضَ لي"، أي: تعرَّضَ له أثناءَ الصَّلاةِ؛ "فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ"، أي: لِيَشْغَلَهُ عنها، ويَقْطَعَ عليه الخُشوعَ في الصَّلاةِ بتَشْويشِ أفْكارِهِ، ويَحُولَ بينه وبين قِبْلَتِه، وبينه وبين مُناجاةِ ربِّه، "فأَمْكَنِني اللهُ تعالى منه"، أي: فأَقْدَرَهُ اللهُ على ذلك الشَّيطانِ "فَذَعَتُّهُ"، أي: دَفَعْتُهُ، "ولقدْ هَمَمْتُ أنْ أُوثِقَهُ إلى سَارِيةٍ حتى تُصْبِحوا فَتَنْظُروا إليه"، أي: أرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَربِطَهُ في عمُودٍ من أعْمِدَةِ المسْجِدِ؛ حتَّى يُصبِحَ النَّاسُ ويَنْظُروا إليه مُقيَّدًا نهارًا، "فذَكَرْتُ قوْلَ سُلَيْمانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]" حيث دعا سُلَيْمانُ عليه السَّلامُ اللهَ أنْ يَخُصَّه وحدَه بامتلاكِ الجِنِّ، واستُجِيبَت دَعْوتُه في ذلك؛ ولذلك امْتَنَعَ نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من أَخْذِه، إمَّا أنَّه لم يَقْدِرْ عليه لذلك، أو تواضُعًا وتأدُّبًا وتسليمًا لرَغبَةِ نبيِّ اللهِ سُلَيْمانَ، ثم قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فردَّه اللهُ خاسِئًا"، أي: ردَّ اللهُ الشيطانَ عن نَبيِّه خائِبًا مُرْغَمًا لم يَنَلْ منه شيئًا.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ العَمَلِ في الصَّلاةِ لمَصْلَحَتِها، مِن غيرِ قصْدِ العَبَثِ فيها، ولا التَّهاوُنِ بها، ودفْعِ المُؤذِي في الصَّلاةِ، حتَّى وإنْ لمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بعُنفٍ وشِدَّةِ دَفْعٍ .