الموسوعة الحديثية


- كانت غَزوةُ بني النَّضيرِ وَهم طائفةٌ منَ اليَهودِ على رأسِ ستَّةِ أشْهرٍ من وقعةِ بدرٍ وَكانَ منزلُهم ونخلُهم بناحيةٍ المدينةِ فحاصرَهم رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ حتَّى نزلوا على الجَلاءِ وعلى أنَّ لَهم ما أقلَّتِ الإبلُ منَ الأمتعةِ والأموالِ إلَّا الحلقةَ ـ يعني السِّلاحَ ـ فأنزلَ اللَّهُ فيهم سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ... إلى قولِه لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُو فقاتلَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ حتَّى صالحَهم على الجَلاءِ فأجلاهم إلى الشَّامِ وكانوا من سِبطٍ لم يصبْهم جلاءٌ فيما خلا وَكانَ اللَّهُ قد كتَبَ عليْهمُ ذلك ولولا ذلِكَ لعذَّبَهم في الدُّنيا بالقتلِ والسَّبيِ وأمَّا قولُهُ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ فَكانَ جلاؤُهم ذلِكَ أوَّلَ حشرٍ في الدُّنيا إلى الشَّامِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح أسباب النزول | الصفحة أو الرقم : 240 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كشفتْ غَزواتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحُروبُه كثيرًا مِن مواقفِ المشركينَ واليهودِ ضدَّ الإسلامِ وأهْلِه، كما كشَفَتْ عن تعاضُدِ المسلمينَ مِن المهاجرينَ والأنصارِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضدَّ أهلِ الكُفْرِ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رضِيَ اللهُ عنها: "كانت غزوةُ بني النَّضيرِ -وهم طائفةٌ مِن اليهودِ- على رأسِ سِتَّةِ أشهرٍ مِن وقعةِ بدْرٍ" وكانت بدرٌ في رمضانَ مِن السَّنةِ الثَّانيةِ مِن الهجرةِ، فيكونُ وقوعُ غزوةِ بني النَّضيرِ في السَّنةِ الثَّالثةِ مِن الهجرةِ، وقد قِيل: كانت في شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ مِن السَّنةِ الرَّابعةِ للهجرةِ، "وكان مَنزلُهم ونخْلُهم بناحيةِ المدينةِ"، أي: كانوا يسْكُنون في جنوبِ المدينةِ، وغَزاهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّهم نَقَضوا العهدَ بعدَ مُحاولتِهم اغتيالَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فحاصَرَهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى نَزَلوا على الجلاءِ"، أي: أذْعَنوا ورَضُوا بالرَّحيلِ والخروجِ مِن المدينةِ، "وعلى أنَّ لهم ما أقلَّت"، أي: حمَلَت، "الإبلُ مِن الأمتعةِ والأموالِ إلَّا الحَلْقةِ -يعني السِّلاحَ- فأنزَلَ اللهُ فيهم"، أي: أَوْحى في أمْرِهم قُرآنًا مِن أوَّلِ سُورةِ الحشرِ، وهو قولُه تعالى: "{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 1، 2]، فقاتَلَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى صالَحَهم"، أي: أنْزَلَهم، "على الجلاءِ"، أي: على الخروجِ مِن المدينةِ، "فأجْلَاهم إلى الشَّامِ، وكانوا مِن سِبْطٍ"، أي: مِن فرعٍ مِن بني إسرائيلَ، "لم يُصِبْهم جلاءٌ فيما خلَا"، أي: لم يُصِبْهم طَردٌ مِن أرْضِهم مِن قبْلُ، "وكان اللهُ قد كتَبَ عليهم ذلك، ولولا ذلك لَعذَّبَهم في الدُّنيا بالقتْلِ والسَّبْيِ، وأمَّا قولُه: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} فكان جَلاؤُهم ذلك أوَّلَ حشرٍ في الدُّنيا إلى الشَّامِ" في شمالِ الجزيرةِ العربيَّةِ .