كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يتَّبِعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَحفَظون عنه سُنَنَه، ويَحرِصونَ على نَقْلِها بتمامِها إلى مَن بعدَهم مِن التَّابعينَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ التَّابعيُّ الجليلُ نُعَيْمٌ المُجْمِرُ -وهو تَلميذُ أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه-: "صلَّيتُ وراءَ أبي هُريرةَ"، أي: صَلاةً جَهريَّةً, "فقرَأَ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ"، أي: جهَرَ بها, "ثمَّ قرَأَ بأمِّ القرآنِ" وهي سُورةُ الفاتحةِ، "حتَّى بلَغَ"، أي: انْتَهى مِن قولِه تعالى: "{وَلَا الضَّالِّينَ}
[الفاتحة: 7] , فقال أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه عقِبَ انتهائِه مِن الفاتحةِ، "آمينَ" جاهِرًا بها, "وقال النَّاسُ" وهم المأمومونَ معه أو بعدَه، "آمينَ", "ويقولُ: كلَّما سجَدَ" عِندَ الانتقالِ لكلِّ سَجدةٍ: "اللهُ أكبَرُ, وإذا قام مِن الجلوسِ"، أي: وقَفَ لركعةٍ ثانيةٍ عقِبَ السَّجدةِ الثَّانيةِ مِن الرَّكعةِ الأولى، أو لرَكعةٍ ثالثةٍ عقِبَ التَّشهُّدِ في الرَّكعةِ الثَّانيةِ، "اللهُ أكبرُ، ويقولُ: إذا سلَّمَ"، أي: إذا فرَغَ وانْتَهى مِن صلاتِه، "والَّذي نَفْسي بيَدِه، إنِّي لَأشْبَهُكم صلاةً برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" وإنَّما قال ذلك حثًّا وتأكيدًا لمَن خلْفَه أنْ يأْخُذوا عنه صلاتَه؛ لأنَّها مُطابِقةٌ ومُشابِهةٌ لصلاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
قال المصنِّفُ: "لفظٌ واحدٌ"، أي: إنَّ جميعَ الرُّواةِ نَقَلوا الحديثَ بهذا اللَّفظِ بتمامِه، "غيرَ أنَّ محمَّدَ بنَ عبدِ اللهِ"، وهو أحدُ الرُّواةِ, "قال"، أي: في رِوايتِه، "وإذا قام مِن الجلوسِ في الاثنينِ"، أي: بعدَ صلاةِ رَكعتينِ، "قال: اللهُ أكبرُ".
( ).