الموسوعة الحديثية


- ما أنزِلَتْ عليه آيةٌ كانَتْ عليه أشدُّ منها قولُهُ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ وَلَوْ كَانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كاتِمًا شيئًا منَ الوحيِ لكتَمَها وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أنْ تَخْشَاهُ قال خَشِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَةَ الناسِ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا فلمَّا طلَّقَها زيدٌ زَوَّجْنَاكَهَا قال فكانَتْ زينبُ بنتُ جحشٍ تفخرُ على نساءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أما أنتنُّ فزَوَّجكنَّ آباؤكُنَّ وأمَّا أنا فزوَّجَنِي ذو العرشِ وَاتَّقِ اللَّهَ قال جعل يقولُ يا نَبِيَّ اللهِ إنَّها قدِ اشتدَّ علَيَّ خُلُقُها وإنِّي مُطَلِّقٌ هذِهِ المرأةَ فكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال له زيدٌ ذلِكَ قال له أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ
الراوي : الحسن البصري | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 7/94 | خلاصة حكم المحدث : [روي] من طرق رجال بعضها رجال الصحيح‏‏ | التخريج : أخرجه عبد الرزاق في ((التفسير)) (2347)، والطبري في ((التفسير)) (20/273) مختصرا باختلاف يسير، والطبراني (24/42) (114) باختلاف يسير
لقد بلَّغَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ربِّهِ كُلَّ ما أَنزَلَه عليه، ولم يَكْتُمْ منه شيئًا، وما كان في مَقْدُورِهِ أنْ يَفعَلَ ذلك.
وفي هذا الخبرِ يقولُ الحسَنُ البصريُّ مُفسِّرًا آيةَ سُورةِ الأحزابِ: "ما أُنزِلَت عليه"، أي: على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "آيةٌ كانت عليه أشَدَّ منها، قولُه: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ} [الأحزاب: 37]"، ولو كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كاتِمًا شيئًا مِن الوحيِ لَكتَمَها، "{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}، قال: خشِيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالةَ النَّاسِ، أنْ يقولوا تزوَّجَ طَليقةَ زَيدِ بنِ حارثةَ وهو كان ابنَه بالتبنِّي قَبلَ تَحريمِه؛ فكان يُقال له: زَيدٌ ابنُ مُحمَّدٍ، {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا}"، أي: فلمَّا طلَّقَها زيدٌ، "{زَوَّجْنَاكَهَا}"، أي: أَحْللنَاها لك وأَمَرْناك بالزَّواجِ منْها،"قال: فكانتْ زَينبُ بنتُ جَحشٍ تَفخَرُ على نِساءِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أنتُنَّ فزَوَّجَكنَّ آباؤُكنَّ، وأمَّا أنا فزَوَّجني ذُو العرْشِ"؛ وذلك أنَّ اللهَ تعالى أمَرَه بها، "{وَاتَّقِ اللَّهَ} قال: جعَلَ يقولُ: يا نَبِيَّ اللهِ، إنَّها قدِ اشتَدَّ عليَّ خُلقُها، وإنِّي مُطلِّقٌ هذه المرأةَ، فكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا قال له زَيدٌ ذلك، قال له: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 37]، وقد كان اللهُ تعالى أعْلَمَ نَبِيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ زَيدًا سيُطلِّقُ زَينبَ، وستكونُ زَوجًا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ طلاقِ زَيدٍ لها، ولكنَّه كَتَمَ ذلك في نَفْسِه؛ خَشيَةَ تَشنِيعِ المُنافقينَ عليه، وإرجافِهم بأنَّه نَهَى عن تَزويجِ نِساءِ الأبناءِ وتَزوَّجَ زَوجةَ زيدٍ، وكان يُدْعَى زَيدَ بنَ مُحمَّدٍ قبْلَ النَّهيِ عن ذلِك وإبطالِ التَّبنِّي؛ وذلك لحِكمةٍ جليلةٍ نصَّ عليها سُبحانَه وتعالى في هذه الآيةِ بقولِه: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا}، فلمَّا شَكاهَا زيدٌ، قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اتَّقِ اللهَ، وأَمْسِكْ عليكَ زَوجَكَ. وأخْفَى في نفْسِه ما أعْلَمَه اللهُ به ممَّا سيُبْدِيه اللهُ تعالى ويُظهِرُه؛ مِن طَلاقِ زيدٍ لها، وتَزويجِ النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لها بَعْدَ ذلك، فنَزَلَ قولُه تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ}، أي: اذْكُرْ حِينَ تقولُ، {لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ}، أي: بالإسلامِ، وهو زَيدُ بنُ حارِثةَ، {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}، أي: بالعِتْقِ، {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}، أي: الَّذي سيُظْهِرُهُ اللهُ، وهو نِكاحُكَ زَينبَ إنْ طلَّقها زيدٌ، أو إخبارُ اللهِ لك أنَّها ستَصِيرُ زَوجتَكَ بعْدَ أنْ يُفارِقَها زيدٌ.