الموسوعة الحديثية


- اللهُمَّ متِّعْنِي بِزوْجِي رسولِ اللهِ وبأبِي أبِي سُفيانَ وبِأخِي مُعاويةَ فقال النبيُّ : لقدْ سألْتِ اللهَ لِآجالٍ مَضروبةٍ وآثارٍ مَعدودةٍ و أرْزاقٍ مَقسومَةٍ لنْ يُعجِّلَ شيئًا قبلَ مَحِلِّهِ أوْ يُؤخِّرَ شيئًا عن أجَلِهِ ولو سألتِ اللهَ أنْ يُعيذَكِ من عذابٍ في النارِ أو من عذابٍ في القبْرِ كان خيرًا وأفضلَ قال : و ذُكِرَ عندَهُ القِرَدَةُ والخنازِيرُ هُنَّ مَسْخٌ قال : إنَّ اللهَ تعالَى لمْ يَمْسخْ شيئًا فجَعلَ له نسْلًا ولا عَقِبًا ، وكانتِ القِرَدةُ والخنازيرُ قبْلَ ذلِكَ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أم حبيبة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة | الصفحة أو الرقم : 262
| التخريج : أخرجه مسلم (2663)، وأحمد (4254)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10094)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (262) واللفظ له، من حديث عبدالله بمسعود .
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - دعوات النبي صلى الله عليه وسلم استعاذة - التعوذ خلق - القردة والخنازير أهي مما مسخ من الأمم أم لا مناقب وفضائل - أم حبيبة
|أصول الحديث

قالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ، فَقالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لا يُعَجِّلُ شيئًا منها قَبْلَ حِلِّهِ، وَلَا يُؤَخِّرُ منها شيئًا بَعْدَ حِلِّهِ، ولو سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِن عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ، لَكانَ خَيْرًا لَكِ. قالَ: فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، القِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ هي ممَّا مُسِخَ؟ فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا -أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا- فَيَجْعَلَ لهمْ نَسْلًا، وإنَّ القِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذلكَ.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2663 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : من أفراد مسلم على البخاري


قَدَّر اللهُ سُبحانه وتَعالَى مَقاديرَ كلِّ شَيءٍ، وكَتَب على ابنِ آدَمَ حَظَّه في الدُّنيا والآخرةِ قبْلَ أنْ يَخلُقَه، وهي كِتابةُ عِلمٍ وإحاطةٍ بما سيَكونُ، وليْست كِتابةَ جَبرٍ وإكراهٍ، وقدْ أمَرَ سُبحانه الخلْقَ بأنْ يَعمَلوا وَفْقَ شرائعِه، ويَسَّر الأمورَ لهم، وخُيِّروا بيْنَ الإيمانِ باللهِ فيَسْعَدوا، أو الكفرِ والعِصيانِ فيَشْقُوا.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَمِع زَوجَه أُمَّ حَبيبةَ بنتَ أبي سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنهما وهيَ تَدعو وتقولُ: «اللَّهمَّ مَتِّعْني بزَوجِي رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبِأبي أَبي سُفيانَ، وبأَخِي مُعاويةَ» أي: أَبْقِهم أَحياءً حتَّى أَتمتَّعَ بِهم؛ فَقال لَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّكِ سَألتِ اللهَ لآجالٍ مَضروبةٍ»، أي: طَلَبْتِ منه سُبحانه زِيادةً لِأَعمارٍ مُقرَّرةٍ أزلًا في اللَّوحِ المحفوظِ ولا تَتبدَّلُ؛ إذ دَعَوتِ بزِيادةٍ في العمرِ، ولا يَحدُثُ بهذا الدُّعاءِ شَيءٌ فيما قَضاهُ اللهُ تَعالَى في قَضائهِ المُبرَمِ لعُمرِ كلِّ إنسانٍ، «وَآثَارٍ مَوطوءَةٍ» وهي ما يُترَكُ بَعدَ الإنسانِ مِن الأَعمالِ الَّتي عَمِلها، وطَلَبتِ مِن اللهِ زِيادةَ أَرزاقٍ مَقسومةٍ ومُقدَّرةٍ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، ولا يُعجِّلُ اللهُ شَيئًا مِنها قبْلَ مَجيءِ وَقتِه وحينِه، وَلا يُؤَخِّرُ مِنها شيئًا بعدَ حُلولِ أجَلِه ووَقتِه، فحاصلُ كَلامِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ القضاءَ المُبرَمَ -الَّذي هو عبارةٌ عن عِلمِ اللهِ تَعالَى بما سيَكونُ- لا يُزادُ فيه شَيءٌ ولا يُنقَصُ، أمَّا التَّقديرُ المعلَّقُ الَّذي هو عبارةٌ عن الكتابةِ في اللَّوحِ المحفوظِ أو تَوكيلِ الملَكِ بأمرٍ مِن الأمورِ؛ فقدْ يَتغيَّرُ بالدُّعاءِ أو باختيارِ بعضِ الأسبابِ.
ثمَّ قال لها: «ولَو سَألتِ اللهَ أنْ يُعافيَكِ مِن عَذابٍ في النَّارِ» في الآخرةِ «وعَذابٍ في القبرِ» بعْدَ الموتِ وقبْلَ يومِ القيامةِ، «لكانَ خيرًا لكِ» ممَّا دعَوْتِ به؛ وذلكَ لأنَّ الدُّعاءَ بالمُعافاةِ مِن عذابِ النَّارِ والقبرِ عِبادةٌ، وقدْ أمَرَ الشَّارعُ بالعباداتِ، وأمَّا الدُّعاءُ بطُولِ العُمرِ لِذاتِه فَليسَ مِن العِبادةِ في شَيءٍ، إلَّا أنْ يُرادَ معه الزِّيادةُ في الخيرِ والبِرِّ، فالوقايةُ مِن عَذابِ النَّارِ مَقصودةٌ بنَفسِها، بخِلافِ طُولِ الأجلِ، وأيضًا فإنَّ الدُّعاءَ للأغراضِ الأُخرويَّةِ أفضَلُ بخِلافِ الدُّعاءِ للأعراضِ الدُّنيويَّةِ. ثمَّ إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَنْهَها عن الدُّعاءِ بطُولِ الأجَلِ، وإنَّما ذَكَر أنَّ الدُّعاءَ للوِقايةِ مِن العذابِ خَيرٌ وأفضَلُ.
قال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: «فسَألَ رَجلٌ» مِن الحاضرينَ وقال: «يا رَسولَ اللهِ، القِردةُ والخَنازيرُ» هلْ «هيَ مِمَّا مُسِخَ» مِن الحيوانِ الَّذي مُسِخ إليه بَنو إسرائيلَ؟ يُشيرُ بذلكَ إلى قولِ اللهِ تَعالَى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة: 60] ، فأَجابَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لم يُهلِكْ قومًا، أو يُعذِّبْ قومًا» ممَّن كَذَّبوا برُسلِه بالمسْخِ، «فيَجْعَلَ لَهم نَسْلًا» مِن الذُّرِّيَّةِ والأولادِ، بلْ يَموتون دونَ أنْ يَتوالَدوا، «وإنَّ القِردةَ والخَنازيرَ كانوا قَبلَ ذلكَ» أي: قَبلَ مَسخِ بَني إِسرائيلَ؛ فدَلَّ ذلكَ عَلى أَنَّها ليستْ منَ المَسخِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ الآجالَ والأَرزاقَ وغَيرَها لا تَزيدُ ولا تَنقُصُ عَمَّا سَبقَ بِه القَدَرُ.
وفيهِ: أنَّ القِردَةَ والخَنازيرَ الَّتي نَراها اليومَ لَيستْ مُنحدِرةً مِن نَسْلِ الَّذين مَسخَهمُ اللهُ مِن عُصاةِ بَني إِسرائيلَ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها