الموسوعة الحديثية


- حالفَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بينَ المُهاجرينَ والأنصارِ في دارِنا ، فقيلَ لَهُ : أليسَ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : لا حِلفَ في الإسلامِ ، فقالَ : حالفَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بينَ المُهاجرينَ والأنصارِ في دارِنا مرَّتَينِ أو ثلاثًا
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2926 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
أقَرَّ الإسلامُ كُلَّ خَيرٍ يَتوافَقُ مع مَبادِئه، وهَدمَ كُلَّ ما يُخالِفُ ذلك من أمورِ الجاهِليَّةِ، وقد كانتِ الهِجرةُ إلى المدينةِ حَدثًا جَللًا يتطَلَّبُ أن تَقومَ عَلاقةٌ جَديدةٌ بين المهاجِرينَ والأنْصارِ؛ لِضَمان حُسنِ العِشرةِ بَينَهُم.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أنَس بْنُ مالِك رضِيَ اللهُ عنه: «حالَفَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بين المهاجِرينَ والأنْصارِ في دارِنَا» والمرادُ بالمُحالَفةِ: المؤاخاةُ التي أقامَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بين المهاجِرينَ والأنْصارِ عند قُدومِه للمَدينةِ، وهي مؤاخاةٌ لأمْرٍ اقْتَضى ذلك، وهو قُدومُ المهاجرينَ بلا أمْوالٍ، وكان الأنْصارُ أهْلَ الأمْوالِ، فآخَى بينهم لِيَتَقاسَموا الأمْوالَ، «فقيلَ له: ألَيْسَ قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا حِلْفَ في الإسلامِ»، والمقصودُ بهذا النَّهيُ ما كان في الجاهِلِيَّةِ من التَّحالُفِ على النُّصْرةِ في الخَيرِ والشَّرِّ، وأمَّا الإسلامُ فقد ثَبَّتَ ما يكون في الخَيرِ، وما حَصلَ بين المهاجرينَ والأنْصارِ فليسَ من قَبيلِ أحْلافِ الجاهِليَّةِ، وإنَّما هو شَيءٌ فيه مَصلَحةٌ للمُهاجرين، وقد كانوا يَتوارَثون بِذلك مع الأنْصار، إلى أنْ نَزلَ قولُه تَعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]؛ فَرُدَّتِ المَواريثُ إلى القَرابات، ثمَّ قال أنس رضِيَ اللهُ عنه: «حالَفَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بين المهاجِرينَ والأنْصارِ في دارِنا- مَرَّتينِ أو ثَلاثًا-»، وكَرَّرَ هذا القَولَ لتأكيدِه( ).