الموسوعة الحديثية


- لم تَحِلَّ الغنائمُ لأحدِ سودِ الرُّؤوسِ مِن قبلِكم كانَت تنزلُ نارٌ منَ السَّماءِ فتأكلُها قالَ سلَيمانُ الأعمَشُ فمَن يقولُ هذا إلَّا أبو هرَيرةَ الآنَ فلمَّا كانَ يومُ بدرٍ وقَعوا في الغنائمِ قبلَ أن تَحِلَّ لَهم فأنزلَ اللَّهُ : لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3085 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (3085) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11209)، وأحمد (7433)
أحَلَّ اللهُ لأُمَّةِ الإسلامِ الطَّيِّباتِ، وحرَّمَ عليها الخبائثَ، ووسَّعَ عليها في كثيرٍ من الأُمورِ الَّتي كان مُضيَّقةً على الأُمَمِ قبْلَهم، ومن ذلك: أنَّ اللهَ أحَلَّ للمُسلِمين غنائمَ الحرْبِ، وهذا من خصائصِ هذه الأُمَّةِ بحِلِّ الغَنيمةِ؛ تَوسعةً عليهم، وكان ابتداءُ ذلك من غزْوةِ بدْرٍ، وفيها نزَلَ قولُه تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69].
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "لم تَحِلَّ الغنائمُ" وهي ما يأخُذُه المُحارِبون من أموالِ وعتادِ المَهزُومين في الحرْبِ، "لأحدٍ سُودِ الرُّؤوسِ" والمُرادُ بسُودِ الرُّؤوسِ بنو آدمَ؛ لأنَّ رُؤوسَهم سُوداءُ، كأنَّه يقولُ: لم يُحِلَّ اللهُ أخْذَ الغنائمِ لأحدٍ من البَشرِ، "من قبْلِكم"، أي: من الأُمَمِ الَّتي سبَقَتْ أُمَّةَ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ بيَّنَ ما كان يُصْنَعُ بها؛ فقال: "كانت تنزِلُ نارٌ من السَّماءِ فتأكُلُها"، أي: تحرِقُها تمامًا بأمْرِ اللهِ.
قال سليمانُ الأعمشُ- أحدُ رُواةِ هذا الحديثِ-: "فمَن يقولُ هذا إلَّا أبو هُريرةَ الآنَ؟" ومُرادُه: أنَّه لا يقولُ أحدٌ الآنَ في هذا الحديثِ لفْظَ: "سُودِ الرُّؤوسِ" إلَّا أبو هُريرةَ، يعني: لم يَرِدْ هذا اللَّفظُ إلَّا في حديثِه، وهذا مِن تَمامِ العِنايةِ بحِفظِ الرِّواياتِ.
قال: "فلمَّا كان يومُ بدْرٍ"، أي: لَمَّا جاء يومُ بَدرٍ وهُزِمَ المُشرِكون في غزْوةِ بدْرٍ، "وقَعوا في الغَنائمِ قبْلَ أنْ تحِلَّ لهم"، أي: وتحصَّلوا على غنائمِهم، فأنزَلَ اللهُ تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: 68]، أي: بإحلالِ الغنائمِ والأسْرى لكم، {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، أي: لَنالَكم وأصابَكم بسبَبِ ما أخذْتُم من الفِداءِ بالأموالِ عَذابٌ عظيمٌ من اللهِ تعالى.