الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نزلَ بينَ ضجنانَ وعسفانَ فقالَ المشرِكونَ إنَّ لِهؤلاءِ صلاةً هيَ أحبُّ إليهم من آبائِهم وأبنائِهم وَهيَ العصرُ فأجمعوا أمرَكم فميلوا عليهم ميلةً واحدةً وأنَّ جبرائيلَ أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأمرَه أن يقسمَ أصحابَه شطرينِ فيصلِّيَ بِهم وتقومُ طائفةٌ أخرى وراءَهم وليأخذوا حذرَهم وأسلحتَهم ثمَّ يأتي الآخرونَ ويصلُّونَ معَه رَكعةً واحدةً ثمَّ يأخذُ هؤلاءِ حذرَهم وأسلحتَهم فتَكونُ لَهم رَكعةٌ رَكعةٌ ولرسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رَكعتانِ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3035 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (3035) واللفظ له، والنسائي (1544)، وأحمد (10765) باختلاف يسير
للصَّلاةِ مَنزلِةٌ عَظيمةٌ في الإسلامِ، ولا تُترَكُ حتَّى في أوقاتِ الشِّدَّةِ والخوفِ، حتَّى والمسلِمون يُقاتِلون العدوَّ؛ لِمَا لها مِن مكانةٍ عاليةٍ.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ أبو هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نزَل بينَ ضَجْنانَ"، وهو: جبَلٌ بينَه وبينَ مكَّةَ خَمسةٌ وعِشْرون مِيلًا (40كم تقريبًا)، "وعُسْفانَ"، قريةٌ على مَسافةِ ثَمانينَ مِيلًا (128كم تقريبًا) مِن مكَّةَ شمالًا على طريقِ المَدينَةِ، وكان مُحاصِرًا للمُشرِكين في ذلك الموضِعِ، فقال المشرِكون: "إنَّ لهؤلاء"، أي: للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وصَحابتِه رِضوانُ اللهِ عليهم "صلاةً"، أي: إنَّ عِندَهم صَلاةً، "هي أحَبُّ إليهم مِن آبائِهم وأبنائِهم- وهي العَصرُ-"، أي: مِن حِرْصِهم ومُحافظَتِهم عليها، "فأَجمِعوا أمْرَكم"، أي: أراد المشرِكون الهُجومَ على المسلِمين أثناءَ صَلاتِهم العصْرَ، "فمِيلوا عليهم مَيلةً واحدةً"، أي: احمِلوا وشُدُّوا عليهم حملةً واحدةً أثناءَ تلك الصَّلاةِ، "وأنَّ جِبْرائيلَ أتى"، أي: جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأخبَره بما كان مِن تدبيرِ المشرِكين، "فأمَره"، أي: أمَر جِبريلُ عليه السَّلامُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أنْ يَقسِمَ أصحابَه شَطْرَين"، أي: نِصْفَين، "فيُصلِّيَ بهم"، أي: فيُصلِّيَ بنِصْفٍ مِنهم، "وتقومَ طائفةٌ أخرى وراءَهم"، أي: ويقومَ النِّصفُ الآخَرُ بحِراسَتِهم مُقابِلين العدوَّ، "ولْيَأخُذوا حِذْرَهم وأسلِحتَهم"، أي: يَكونوا مُنتبِهين يَقِظين على أتَمِّ الاستعدادِ للعدوِّ، "ثمَّ يأتي الآخَرون، ويُصلُّون معَه ركعةً واحدةً"، أي: ثمَّ تَنصرِفُ وتتَأخَّرُ الطَّائفةُ الأُولى الَّتي صلَّتْ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رَكعةً، وتأتي الطَّائفةُ الأخرى الَّتي لم تُصَلِّ؛ لتُصلِّيَ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الرَّكعةَ الأخرى، "ثمَّ يأخُذُ هؤلاء"، أي: الفِرقةُ الأولى "حِذرَهم وأسلِحتَهم"، أي: لِيَكونوا على يَقظةٍ واستِعدادٍ، "فتَكونُ لهم رَكعةٌ ركعةٌ"، أي: إنَّ الفِرقتَين كلُّ واحدةٍ مِنهما صلَّت معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ركعةً واحدةً، "ولِرَسول اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رَكعَتان"، أي: ويكونُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم صلَّى ركعَتين.
وقد ورَد في كيفيَّةِ صلاةِ الخوفِ صفاتٌ كثيرةٌ، وهذه إحدى الرِّواياتُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فيها، وقد صلَّاها في أيَّامٍ مُختلفةٍ بأشكالٍ مُتبايِنةٍ يتحرَّى فيها ما هو الأحوطُ للصَّلاةِ والأبلَغُ للحِراسةِ؛ فهي على اختلافِ صُوَرِها متَّفِقةُ المعنى.
وفي الحديث: بيانُ مَحبَّةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابِه للصَّلاةِ، وتَعظيمِهم إيَّاها.