الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ قالَ لابنِ عمرَ : كيفَ تقصُرُ الصَّلاةَ ؟ وإنَّما قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ ، فقالَ ابنُ عمرَ : يا ابنَ أخي ! إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ أتانا ونحنُ ضلَّالٌ فعلَّمَنا ، فكنَّا فيما علَّمَنا أنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ أمرَنا أن نصلِّيَ رَكْعتينِ في السَّفرِ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 456 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عَنهم أعلَمَ النَّاسِ بسنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولَم يكُنْ لِيُنكِرَ عليهم أحَدٌ إلَّا طلبًا لِمزيدِ فَهمٍ، أو لقلَّةِ عِلمٍ وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أُميَّةُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ خالِدِ بنِ أَسِيدٍ: "أنَّه قال لابنِ عُمرَ: كيف تَقصُرُ الصَّلاةَ؟ "، أي: إنَّه يَستفهِمُ مِن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عَنهما أنَّ القُرآنَ لا يَشتمِلُ على قَصرِ الصَّلاةِ في السَّفَرِ، وإنَّما القَصرُ مقيَّدٌ بالخَوفِ، ثمَّ استَشهَدَ أُميَّةُ بقولِه تعالى: " {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] "، فقال ابنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عَنهما: "يا ابنَ أَخي"، والمرادُ بالأخوَّةِ أُخوَّةُ الدِّينِ، لا أخوَّةُ النَّسَبِ، وكانتْ هذِه عادةَ العَربِ في التودُّدِ والتبسُّطِ في الحديثِ، مِثل قولِ الكبيرِ للصِّغارِ: يا بُنيَّ، ويا بُنيَّة، وقول الصَّغيرِ للكبيرِ: يا عَمَّاه، ويا خالُ، أو يا خالة، وليس بينهم قَرابةٌ ولا نَسبٌ، وإنَّما هو من التودُّدِ للصِّغارِ واحترامِ الكِبارِ، "إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أَتانا"، أي: أُرسِلَ وبُعِث إلينا مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، "ونحن ضُلَّالٌ"، ليس لنا مِن عِلمٍ، "فعَلَّمَنا"، أي: شرائعَ الدِّينِ بما يَشتمِلُ عليه مِن أوامِرَ ونَواهٍ، "فكان فيما علَّمَنا"، أي: فكان ممَّا تَعلَّمناه منه وأَخَذناه مِن سُنَّتِه الشَّريفةِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أمَرَنا أنْ نصَلِّيَ رَكعتَين في السَّفرِ"، أي: إنَّ القَصرَ للصَّلاةِ الرُّباعيَّةِ في السَّفرِ على الإطلاقِ دون تَقييدٍ بخَوفٍ، والحاصِلُ أنَّ ما ثبَت عنه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قولًا أو فِعلًا يجِبُ قَبولُه، وإنْ لَم يُوجَدْ نَصٌّ في القُرآنِ؛ لأنَّه وَحيٌ مِثلُه، كلٌّ مِن عندِ اللهِ تعالى.
وفي الحديثِ: بيانُ ما كان عندَ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عَنهم مِن رِفقٍ بمَن أراد أنْ يَتعلَّمَ منهم.وفيه: ردُّ العِلمِ إلى أهلِه، كما قال اللهُ تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]