الموسوعة الحديثية


- لمَّا كانَ يومُ بدرٍ فأخذَ يَعني النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ الفِداءَ أنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ إلى قولِهِ: لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ منَ الفداءِ، ثمَّ أحلَّ لَهُمُ اللَّهُ الغَنائمَ
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2690 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (2690) واللفظ له، وأخرجه مسلم (1763) مطولاً باختلاف يسير
بعَث اللهُ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مُبلِّغًا لرسالتِه، وأباح اللهُ له أن يجتهِدَ في الأحكام، لكنْ لا يُقِرُّه اللهُ تعالى على خَطَأٍ أبدًا.
وهذا الحَديثُ جزءٌ مِن رِوايةٍ مُفصَّلة، وفيها يقول عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: لَمَّا كان يومُ بَدْرٍ، شاوَر رسولُ الله صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أبَا بَكْرٍ وعُمَرَ في أُسارَى بدرٍ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: إنَّ اللهَ قد مَكَّنكم منهم، فقام عُمَرُ فقال: يا رَسُولَ الله، اضرِبْ أعناقَهم، فأعرَضَ عنه رسولُ الله صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، ثُمَّ عاد فقال للنَّاسِ مِثلَ ذلك، فقام أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْه فقال: يا رَسُولَ الله ، أرى أن تعفُوَ عنهم وتأخُذَ منهم الفِداءَ. قال عُمَرُ: "فأَخَذ"، أي: قَبِل النَّبِيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم واختَارَ "الفِدَاءَ" عملًا برأيِ أبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، "فأَنزَل الله عزَّ وجلَّ" جوابًا لذلك قولَه: "{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}"، أي: مِن عَدُوِّه الكُفَّارِ "{حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}"، أي: يُبَالِغَ في قَتْلِهم فيها ويَقْهَرَهم "إلى قولِه: {لَمَسَّكُمْ}"، أي: أصابَكُم "{فِيمَا أَخَذْتُمْ} مِن الفداءِ"، أي: مِن قَبُولِ الفِدَاءِ {عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68].
فإنْ قِيل: كيف استحقُّوا هذه اللائمةَ العَظيمةَ؟ قيل: إنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومَن شَهِدَ مَعه بدرًا لم يُخاِلفوا أمْر رَبِّهم؛ فَيَستَوْجِبوا اللَّائِمةَ، وإنَّ الذين اخْتارُوا فداءَ الأسْرى على قَتْلِهم اختارُوا أوهَنَ الرَّأْيينِ فى التَّدبِيرِ على أحْزَمِهما وأقَلِّهما نِكايةً في العدو، فعاتَبهم اللهُ تعالى على ذلك، وأخْبَرُهم أنَّ الأنبياءَ قَبلَ محمدٍ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لم تَكنِ الغنائمُ لهم حلالًا، فكانوا يَقتُلون مَن حارَبوا ولا يَأسِرونَه على طلبِ الفداءِ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ}، أي: لولا قَضاؤُه أنه يُحلُّ لكمُ الغنيمةَ، ولا يُعذِّبُ مَن شَهدَ بدرًا {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} مِنَ الفِداِء {عَذَاب ٌعَظِيمٌ}، وَكَانُوا قَدِ اخْتَاروا الفِديةَ إلَّا ابنَ الخَطَّابِ وسَعْدَ بنَ مُعَاذٍ وعبدَ الله بنَ رَوَاحَةَ، فنَزَلت هذه الآيةُ، "ثُمَّ" بعدَ ذلك "أَحَلَّ لهم اللهُ الغَنائِمَ".
وفي الحَدِيثِ: رحمةُ الله تعالى بأُمَّةِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.