الموسوعة الحديثية


- عن ِابنِ عباسٍ قال { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } فنُسخ من ذلك واستثنُى فقال : {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا }
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 5016 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه أبو داود (5016)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (871)، والبيهقي (21641)
كلُّ ما يَتحدَّثُ به الإنسانُ فهو مُحاسَبٌ عليه، وإذا كان المُتكلِّمُ ذا فَصاحةٍ وبيانٍ وله أَتْباعٌ يَنقُلونَ كلامَه أو يتَأثَّرونَ بِه، فهذا أَحْرى بِه أنْ يُحْسِنَ الكلامَ ولا يقول إلَّا طيِّبًا؛ لأنَّه سيَحْمِلُ تَبِعَةَ نَفْسِه وتَبِعَةَ مَنْ نَقَلَ كلامَه.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عَبْدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما في قولِه تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] أي: والغاوونُ هم السُّفهاءُ أَهْلُ الغَوايةِ- وهي الضَّلالُ والفَسادُ- وهم الذين يتَّبعون الشُّعراءَ ويُحبُّونَ كلامَهم ويَنقُلونَه عنهم، وهذا كلامٌ عامٌّ وتحذيرٌ لكُلِّ الشُّعراءِ؛ لأنَّهم يقولونَ ما لا يَفْعَلون، ويَخوضونَ في أحاديثِ الفِسْقِ والشَّرِّ، "فنُسِخَ مِنْ ذَلِك"، أي: فَرُفِعَ هذا الحُكْمُ وأُلْغِيَ، بقولِه تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الشعراء: 227]، أي: إنَّ الشُّعراءَ الَّذين آمَنوا وعَمِلوا الصَّالحاتِ، وقالوا الشِّعْرَ الحَسَنَ وذَكَروا اللهَ في أقوالِهم وأَفْعالِهم، ولم يَشْغَلْهم الشِّعْرُ عنِ الطَّاعاتِ والقرآنِ، هؤلاء ليسوا مِن الَّذين يتَّبِعُهم الغاوون، ولا يَشْمَلُهم التَّحذيرُ الأوَّلُ.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الشُّعراءَ أنواعٌ وأقسامٌ، فمَنْ أساء في قولِه وشِعْرِه وَقَعَ عليه التَّحذيرُ والإثمُ، ومَنْ أَحْسَنَ واتَّقى فلا إثمَ عليه.