الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجلًا منَ المسلمينَ حضرتهُ الوفاةُ بدقوقاءَ هذِهِ ولم يجد أحدًا منَ المسلمينَ يشهدُهُ على وصيَّتِهِ فأشهدَ رجُلَيْنِ من أَهْلِ الكتابِ فقدما الكوفةَ فأتيا أبا موسى الأشعريَّ فأخبراهُ وقدما بترِكَتِهِ ووصيَّتِهِ فقالَ الأشعريُّ : هذا أمرٌ لم يَكُن بعدَ الَّذي كانَ في عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فأحلفَهُما بعدَ العَصرِ باللَّهِ ما خانا ولا كذَبا ولا بدَّلا ولا كتَما ولا غيَّرا وإنَّها لوصيَّةُ الرَّجلِ وترِكَتُهُ فأمضى شَهادتَهُما
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 3605 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح إن كان الشعبي سمعه من أبي موسى
كان أَهْلُ الكِتابِ من اليَهودِ والنَّصارى يَعيشون بين المُسلِمين ويَختَلِطون بهم؛ وقد حدَّدَ الإسلامُ مُعاملاتِ المُسلِمين معهم، وَوَضَعَ لها ضوابطَ وقواعدَ.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ رَجُلًا من المُسلِمين "حَضَرَتْه الوَفاةُ"، أي: حَضَرَ أَجَلُهُ وسَكراتُ مَوْتِه، "بِدَقُوقَاءَ" وهي بَلَدةٌ كبيرةٌ قَريبةٌ من بَغْدَادَ، "ولمْ يَجِدْ أَحَدًا من المُسلِمين يُشْهِدُهُ على وَصِيَّتِهِ"، أي: ما أَوْصى به في مالِه وتَرِكَتِه، فأَشْهَدَ رَجُلينِ من "أَهْلِ الكِتابِ"، أي: من اليَّهودِ أو النَّصارى، "فَقَدِما"، أي: الرَّجُلانِ، الكُوفَةَ فَأَتَيا أبا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ "فَأخبَراهُ"، أي: أَخبَراهُ بِوَصِيَّةِ الرَّجُلِ، وقَدِما "بِتَرِكَتِهِ"، أي: مالِه ومَتاعِه الَّذي تَرَكَهُ، "وَوَصِيَّتِهِ"، أي: ما أَوْصى في مالِه وتَرِكَتِهِ.
فقال "الأَشْعَرِيُّ"، أي: أبو مُوسَى: "هذا أَمْرٌ لمْ يَكُنْ بعدَ الَّذي كان في عَهْدِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم"، أي: هذا أَوَّلُ حَدَثٍ يُشْبِهُ الحادِثَةَ التي حَدثتْ في عَهْدِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، حيثُ ماتَ رَجُلٌ من المُسلِمين بأرضٍ ليس بها مُسلِمٌ، فَقَدِمَ رَجُلانِ نَصْرَانِيَّانِ بِتَرِكَتِهِ، فَأَحْلَفَهُما رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، "فَأَحْلَفَهُما"، أي: أَحْلَفَ أبو مُوسَى الرَّجُلَيْنِ الكِتَابِيَّيْنِ، "بعدَ العَصْرِ" وذلك إِعْظامًا للحَلِفِ وتَعْظيمًا للشَّهادَةِ، "بالله"، أي: جعلهما يَحلِفانِ بالله، "ما خَانَا"، أي: ما سَرَقَا، "ولا كَذَبَا ولا بَدَّلَا"، أي: في الوَصِيَّةِ، "ولا كَتَمَا"، أي: ولمْ يُخْفِيَا شيئًا لأَنْفُسِهِما، "ولا غَيَّرَا"، أي: ولمْ يُغَيِّرَا شيئًا في الوَصِيَّةِ أو التَّرِكَةِ، "وإنَّها لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وتَرِكَتُهُ"، أي: إنَّها وَصِيَّةُ الرَّجُلِ لمْ يُغَيِّرَا فيها حَرْفًا، وتَرِكَتُهُ كما أَعطاها لَهُما لمْ يَأْخُذا منها شيئًا، "فَأَمْضَى شَهادتَهُما"، أي: فَقَبِلَ شَهادتَهُما، وعَمِلَ بما في الوَصِيَّةِ.
وفي الحديثِ: قَبولُ شَهادةِ أَهْلِ الكِتابِ عند الضَّرورةِ.
وفيه: الأَمْرُ باسْتِحْلافِ شُهودِ أَهْلِ الكِتابِ لِقَبولِ شَهادَتِهم.