الموسوعة الحديثية


- أنَّ رَجُلًا لَقيَ امرَأةً كانت بَغِيًّا في الجاهليَّةِ، فجعَلَ يُلاعِبُها حتى بَسَطَ يَدَهُ إليها، فقالتِ المَرأةُ: مهْ؛ فإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ قد ذهَبَ بِالشِّركِ -وقالَ عَفَّانُ مَرَّةً: ذهَبَ بِالجاهليَّةِ- وجاءَنا بِالإسلامِ. فوَلَّى الرَّجُلُ، فأصابَ وجهَهُ الحائِطُ، فشَجَّهُ، ثم أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فأخبَرَهُ، فقال: أنتَ عَبدٌ أرادَ اللهُ بِكَ خَيرًا. إذا أرادَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِعَبدٍ خَيرًا، عَجَّلَ له عُقوبةَ ذَنبِهِ، وإذا أرادَ بِعَبدٍ شَرًّا أمسَكَ عليه بِذَنبِهِ حتى يوافَى به يَومَ القيامةِ كأنَّهُ عَيْرٌ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : عبدالله بن مغفل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 16806
| التخريج : أخرجه أحمد (16806) واللفظ له، وابن حبان (2911)، والحاكم (8133)
التصنيف الموضوعي: حدود - من لا يجب عليه الحد إيمان - كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج استغفار - العجلة بالاستغفار حدود - الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
مِن فَضلِ اللهِ تعالى على عِبادِه أن جَعَل لهم كَفَّاراتٍ لذُنوبِهم في الدُّنيا، ومِن ذلك أنَّه جَعَلَ ما يُصيبُ الإنسانَ مِن مَصائِبَ وابتِلاءاتٍ كَفَّارةً له على ذُنوبِه، حَتَّى إذا قدِمَ يَومَ القيامةِ كان قد تخَفَّف مِنَ الذُّنوبِ، وأمَّا الذي لا يُصابُ في الدُّنيا فإنَّه تَجتَمِعُ عليه ذُنوبُه يَومَ القيامةِ فيُعاقَبُ عليها كُلِّها، وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فيَقولُ: إنَّ رَجُلًا لقيَ، أي: وجَدَ، امرَأةً كانت بَغيًّا، أي: زانيةً، في الجاهليَّةِ، أي: قَبلَ الإسلامِ، والمَعنى: أنَّه كان يَعرِفُها في الجاهليَّةِ بأنَّها كانت تُمارِسُ الزِّنا، ثُمَّ إنَّها أسلَمَت وحَسُن إسلامُها، فجَعَلَ يُلاعِبُها، أي: يُباسِطُها في الحَديثِ ويُلينُ لها الكَلامَ، حَتَّى بَسَط يَدَه إليها، أي: مَدَّ يَدَه إلى المَرأةِ يُريدُ إمساكَها. فقالتِ المَرأةُ: مَهْ! وهيَ كَلِمةُ زَجرٍ، بمَعنى اكفُفْ، أي: ابتَعِدْ عن هذا الشَّيءِ، أو ماذا تُريدُ بهذا، فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ قد ذَهَبَ بالشِّركِ، أي: قد جاءَنا اللهُ بالإسلامِ وأذهَبَ عنَّا الشِّركَ وما كُنَّا فيه مِنَ الزِّنا والقَبائِحِ. وقال عَفَّانُ مَرَّةً، أي: أنَّ عَفَّانَ، وهو أحَدُ رواةِ الحَديثِ رَوى الحَديثَ بلَفظَينِ؛ الأوَّل فيه: بالشِّركِ، والثَّاني فيه: ذَهَبَ بالجاهليَّةِ، أي: أنَّ اللَّهَ أزالَ وأبعَد كُلَّ ما كان مِن أمرِ الجاهليَّةِ مِنَ الكُفرِ والمَعاصي، وجاءَنا بالإسلامِ، أي: أتانا بهذا الدِّينِ. فلَمَّا سَمِعَ الرَّجُلُ كَلامَ المَرأةِ، ولَّى، أي: انصَرَف عنها وتَرَكَها، فأصابَ وجهَه الحائِطُ، أي: اصطَدَمَ وجهُه بجِدارٍ، فشَجَّه، أي: جَرَحه وشَقَّه وسالَ الدَّمُ مِنه، كَما في الرِّوايةِ الأُخرى. وجاءَ في رِوايةٍ توضِّحُ ذلك: أنَّه انصَرَف وجَعَلَ يَلتَفِتُ خَلفَه ويَنظُرُ إليها، حَتَّى أصابَ وَجهَه بالحائِطِ. ثُمَّ أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَرَه، أي: ذَهَبَ الرَّجُلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأخبَرَه بما حَصَلَ له مَعَ المَرأةِ وكَيف شُجَّ وَجهُه. فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنتَ عَبدٌ أرادَ اللَّهُ بك خَيرًا، أي: لقد أرادَ اللهُ بك الخَيرَ حينَ أُصِبتَ بهذه الشَّجَّةِ، وفيها خَيرٌ لك. ثُمَّ بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَيف ذلك، فقال: إذا أرادَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بعَبدٍ خَيرًا عَجَّلَ له عُقوبةَ ذَنبِه، أي: جَعَلَ عُقوبةَ ذَنبِه عاجِلةً في الدُّنيا بالمَصائِبِ والبَلاءِ، فتَكونُ كَفَّارةً له مِنَ الذَّنبِ جَزاءً لِما حَصَلَ مِنه مِنَ الذُّنوبِ، فيَخرُجُ مِنَ الدُّنيا وليس عليه ذَنبٌ، فيَلقى اللَّهَ وقد نَقَّاه مِنَ الذُّنوبِ. وإذا أرادَ بعَبدٍ شَرًّا أمسَكَ عليه بذَنبِه، أي: أمسَكَ عنه العُقوباتِ فلا يُطلِقُها عليه بسَبَبِ ما ارتَكَبَه مِنَ الذَّنبِ، حَتَّى يوافى به يَومَ القيامةِ، أي: لا يُجازيه بذَنبِه في الدُّنيا حتَّى يَجيءَ في الآخِرةِ مُستَوفيَ الذُّنوبِ وافيَها، فيَستَوفي حَقَّه مِنَ العَذابِ يَومَ القيامةِ، كَأنَّه عَيرٌ. العَيرُ: الحِمارُ الوَحشيُّ، وقيلَ: أرادَ الجَبَلَ الذي بالمَدينةِ اسمُه عَيرٌ، شَبَّه عِظَمَ ذُنوبِه به.
وفي الحَديثِ إثباتُ صِفةِ الإرادةِ للهِ تعالى.
وفيه فَضلُ الصَّبرِ على المَصائِبِ في الدُّنيا وأنَّها كَفَّاراتٌ.
وفيه أنَّه لا يُعَجِّلُ اللهُ عُقوبةَ الذَّنبِ في الدُّنيا إلَّا لمَن أرادَ به الخَيرَ.
وفيه خُطورةُ مَن تَجتَمِعُ عليه ذُنوبُه كامِلةً يَومَ القيامةِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها