للمُسلمِ على أخيه المُسلمِ حُقوقٌ وواجِباتٌ جاءَتِ الشَّريعةُ بالأمرِ بها والحَثِّ عليها؛ فالمُسلمُ أخو المُسلمِ، واللَّهُ تعالى يَقولُ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
[الحجرات: 10] . ومن تلك الحُقوقِ التي أمَرَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عيادةُ المَريضِ، أي: زيارَتُه إذا مَرِضَ؛ فالزِّيارةُ لَها فوائِدُ على المَريضِ بحَيثُ تُطَيِّبُ خاطِرَه ويَستَفيدُ مِنها دَعوةَ الزَّائِرينَ له بالشِّفاءِ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَزورُ مَن مَرِضَ مِن أصحابِه ويَدعو لَهم، ومِن ذلك أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عادَ، أي: زارَ، أمَّ العَلاءِ رَضِيَ اللهُ عنها، وهيَ عَمَّةُ حَكيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وهيَ مَريضةٌ، ثُمَّ بَشَّرَها بما هيَ فيه، فقال لَها: يا أمَّ العَلاءِ، أبشِري؛ فإنَّ مَرَضَ المُسلمِ يُذهِبُ، أي: يُزيلُ اللَّهُ به خَطاياه، أي: المُسلِمِ، كما تُذهِبُ النَّارُ، أي: كما تُزيلُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، أي: ما تُلقيه النَّارُ مِن وسَخِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ إذا أُذيبا بالنَّارِ. والمَعنى: أنَّ المُسلمَ يُطَهَّرُ ويُنَقَّى مِن ذُنوبِه بسَبَبِ مَرَضِه إذا صَبَرَ عليه واحتَسَبَه عِندَ اللهِ تعالى، كما يُنَقَّى الذَّهَبُ والفِضَّةُ مِن شَوائِبِهما بالنَّارِ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ زيارةِ المَريضِ.
وفيه عيادةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَن مَرِضَ مِن أصحابِه وتَبشيرُه لَهم.
وفيه مَشروعيَّةُ زيارةِ الرَّجُلِ للمَرأةِ المَريضةِ.
وفيه أنَّ على مَن يَعودُ المَريضَ أن يُبَشِّرَه بتَكفيرِ ذُنوبِه؛ فإنَّ في ذلك تَسليةً لقَلبِه.
وفيه أنَّ الأمراضَ تُكَفِّرُ الخَطايا وتُنَقِّي صاحِبَها مِنها.
وفيه بَيانُ عَظيمِ أجرِ المَريضِ في مَرَضِه .