الموسوعة الحديثية


- المستبَّانِ ما قالا ! فعلى البادي منهما ما لم يعتدِ المظلومُ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4894 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4894) واللفظ له، وأخرجه مسلم (2587) باختلاف يسير

الْمُسْتَبَّانِ ما قالا فَعَلَى البادِئِ، ما لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2587 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

السَّبُّ بابٌ للفُحشِ مِن القولِ ومِفتاحٌ للشَّرِّ، والمؤمنُ يَنْبغي له أنْ يَصونَ لِسانَه عن التَّلوُّثِ بألفاظِ السِّبابِ، وأنْ يَكُفَّه عن لَعنِ النَّاسِ، إنْ لم يَستطِعْ أنْ يُرَطِّبَ لِسانَه بذِكرِ اللهِ وبالثَّناءِ بالخيرِ على النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «المُسْتَبَّانِ» المُتَشاتِمَانِ اللَّذانِ سَبَّ كلٌّ مِنهما الآخَرَ، أو قال شيئًا مِن مَعايبِه الموجودةِ فيه، ثمَّ جاوَبَه الآخَرُ بمِثلِه، والسَّبُّ والسُّبابُ هو الشَّتمُ ونِسبةُ الإنسانِ إلى عَيبٍ، فإِثْمُ قَولِهِما يَقَعُ على المبتدئِ، وكان هو الظَّالِمَ والمُعتديَ؛ لأنَّه كان سَببًا لِتلكَ المخاصمَةِ، وأصبَحَ الآخَرُ مَظلومًا وإنْ رَدَّ السَّبَّ بالمثلِ، فقدْ أُذِن له بذلك، كما قال اللهُ عز وجل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]، ثمَّ إنَّه تعالَى قال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، أي: إنَّ الصَّبرَ أفضلُ مِن المعاقَبةِ، فإنِ اقتَصَّ لنَفْسِه مِن البادئِ فهو حقٌّ له، ما لم يَعتدِ المظلومُ، فإنْ جاوَزَ الحدَّ -بِأنْ أكْثرَ المظلومُ شَتْمَ البادئِ وإيذاءَه- صارَ إثمُ المظلومِ أكثرَ مِن إثمِ البادئِ، وقيلَ: إذا تجاوَزَ فلا يكونُ الإثمُ على البادئِ فَقطْ، بَلْ يكونُ الآخَرُ آثمًا أيضًا بِاعتداِئه، وحاصلُ الخلافِ يَرجِعُ إلى نوعِ الاعتداءِ وكَيفيَّتِه.
قيل: ولا يَحِقُّ للمَسبوبِ أنْ يَنتصِرَ إلَّا بمِثلِ ما سَبَّه ما لم يَكُنْ كَذِبًا أو قذْفًا أو سَبًّا لآبائهِ وأجدادِه، فمِن صُوَرِ المباحِ أنْ يَنتصِرَ بمِثلِ قولِه: يا ظالِمُ، يا أحمَقُ، ونحْوِ ذلك؛ لأنَّه لا يَكادُ أحدٌ يَنفَكُّ مِن هذه الأوصافِ، قالوا: وإذا انتصَرَ المسْبوبُ فقدِ اسْتَوفى ظُلامتَه وبَرِئَ الأوَّلُ مِن حَقِّه، وبَقِيَ عليه إثمُ الابتداءِ أو الإثمُ المستحَقُّ للهِ تعالَى، وقيل: يَرتفِعُ عنه جميعُ الإثمِ بالانتصارِ منه، ويكونُ معنى: «على البادئِ» أي: عليْه اللَّومُ والذَّمُّ لا الإثمُ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عَنِ السَّبِّ وَالتَّشاتُمِ.
وفيه: النَّهيُ عن التَّجاوُزِ والاعتداءِ بأكثَرَ ما يكونُ في طَلَبِ الحقِّ.