الموسوعة الحديثية


- كُنْتُ رجلًا قَيْنًا وكان لي على العاصِ بنِ وائلٍ دَيْنٌ فأتَيْتُه أتقاضاه فقال لي: لا أَقضيك حتَّى تكفُرَ بمحمَّدٍ قال: قُلْتُ لن أكفُرَ به حتَّى تموتَ ثمَّ تُبعَثَ قال: وإنِّي لَمبعوثٌ بعدَ الموتِ سوف أَقضيك إذا رجَعْتُ إلى مالي وولدي قال: فنزَلتْ هذه الآيةُ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77]
خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
الراوي : خباب بن الأرت | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 4885
| التخريج : أخرجه البخاري (4735)، ومسلم (2795) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة مريم قرآن - أسباب النزول قيامة - البعث والنشور وصفة الأرض مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تفليس - التقاضي
|أصول الحديث

 كُنْتُ قَيْنًا بمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ سَيْفًا فَجِئْتُ أتَقَاضَاهُ، فَقالَ: لا أُعْطِيكَ حتَّى تَكْفُرَ بمُحَمَّدٍ، قُلتُ: لا أكْفُرُ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُحْيِيَكَ، قالَ: إذَا أمَاتَنِي اللَّهُ ثُمَّ بَعَثَنِي ولِي مَالٌ ووَلَدٌ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 77، 78] ، قالَ: مَوْثِقًا.
الراوي : خباب بن الأرت | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4733 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (2795) باختلاف يسير


كان العاصي بنُ وائلٍ مِن جُملَةِ مُشْركي قُرَيشٍ، ومِنَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بالبعْثِ بعْدَ الموتِ، وقد حملهم شِرْكُهم مع إنكارِهم البَعْثَ على الاستزادةِ في ظُلمِ النَّاسِ وأكلِ أموالهم بالباطِلِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ خبَّابُ بنُ الأرتِّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه كان يعملُ حدَّادًا، وكان حينَئذٍ مُسلِمًا، فصنع لِلعاصِ بنِ وائلٍ سيْفًا، ولَمَّا جاءَه ليَأخُذَ أجْرَ السَّيْفِ، قال له العاصي بنُ وائلٍ: لا أُعطيكَ ثَمَنَه حتَّى تَكفُرَ بِمحمَّدٍ، فقال له خبَّابُ بنُ الأَرَتِّ رضِي اللهُ عنه: لا أَكفُرُ بمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى يُميتَكَ اللهُ ثُمَّ يُحيِيَك، ولم يُرِدْ خبَّابٌ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه إذا بعَثَهُ اللهُ بعْدَ الموتِ أنْ يَكفُرَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه حينئذٍ يوَدُّ الَّذينَ كَفَروا لو كانوا مُسلِمين، ويتمنَّى العاصي بنُ وائلٍ وغيرُه أنْ لو كانوا تُرابًا ولم يَكونوا كفَّارًا، وبعْدَ البعثِ يَسْتوي يَقينُ المكذِّبِ مع يَقينِ المؤمنِ، ويَرتفِعُ الكفرُ وتَزولُ الشُّكوكِ، ولكنَّ غرَضَ خبَّابٍ رضِيَ اللهُ عنه مِن قولِه قطْعُ أمَلِ العاصي بنِ وائلٍ مِن أنْ يكفُرَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
فقال العاصي: «إذا أَماتَني اللهُ ثُمَّ بعثَني وَلِي مالٌ وولَدٌ» أي: إنَّه سيكونُ لي في الجنَّةِ مالٌ وولَدٌ، فَأُعطِيك حقَّ عَملِكَ حينئذٍ، فأنْزَلَ اللهُ سُبحانه وتعالَى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 77، 78] ، والاستفهامُ في قَولِه سُبحانَه: {أَفَرَأَيْتَ} للتعجيبِ مِن شأنِ هذا الكافِرِ الجَهولِ، والمعنى: أنظَرْتَ أيُّها العاقِلُ فرأيتَ هذا الجاحِدَ الذي كفر بآياتِنا الدَّالَّةِ على وحدانيَّتِنا، وعلى أنَّ البَعثَ حَقٌّ، وعلى أنَّ ما جاء به رسولُنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حقٌّ وصِدقٌ، ولم يكتَفِ بهذا الكُفرِ، بل قال بكُلِّ تبجُّحٍ وإصرارٍ على الباطِلِ، واستهزاءٍ بالدِّينِ الحَقِّ: واللهِ لأوتَيَنَّ في الآخرةِ مالًا وولدًا كما هو حالي في الدُّنيا. ثم أنكَرَ اللهُ عزَّ وجَلَّ عليه هذا القَولَ، فساق استفهامًا إنكاريًّا متسائِلًا: هذا الَّذي يَدَّعِي أنَّه سيَكونُ له مالٌ ووَلدٌ بعْدَ مَوتِه على الكُفرِ؛ هل علِمَ الغيبَ واطَّلعَ على ما سيَكونُ، أمْ كان له عهْدٌ عندَ اللهِ بذلك؟! والحَقُّ أنَّه لم يطَّلِعْ على الغَيبِ، ولم يتَّخِذْ عند الرَّحمنِ عَهدًا، بل قال ذلك افتراءً على الله، ثُمَّ توعَّدَه اللهُ بِالعذابِ في الآياتِ بعْدَها.
وفي الحَديثِ: سوءُ عاقِبةِ من أنكر البَعثَ بعد الموتِ.
وفيه: بيانُ جانبٍ مما لاقاه المسلِمون الأوائِلُ في مكَّةَ من المُشرِكين، وصَبْرِهم على ذلك.
وفيه: فضيلةُ خَبَّابِ بنِ الأرَتِّ رَضِيَ اللهُ عنه وشدَّةُ تمسُّكِه بإيمانِه.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها