عَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأعْمالَ والأقْوالَ الفاضِلةَ الَّتي تَرفَعُ دَرَجاتِ المُسلِمِ عِندَ اللهِ، وتُدخِلُه الجَنَّةَ، وتَجعَلُه في رَحمةِ اللهِ، كما في هذا الحَديثِ، حيث رَوى أبو شُرَيحٍ العَدَويُّ رَضِي اللهُ عنه أنَّه قال: «يا رَسولَ اللهِ، أخْبِرْني بشَيءٍ يُوجِبُ لي الجَنَّةَ»، فيَكونُ سَبَبًا مُباشِرًا في دُخولِ الجَنَّةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:«إطعامُ الطَّعامِ»، ببَذلِ الطَّعامِ للمُحتاجِ والفَقيرِ، ويَدخُلُ فيه إطْعامُ الضَّيفِ والقِرى؛ لأنَّ إطْعامَ الطَّعامِ به قِوامُ الأبْدانِ، وتَزْدادُ فَضيلةُ إطْعامِ الطَّعامِ وبَذلِه في الوَقتِ الَّذي تَزْدادُ فيه الحاجةُ له، قال تعالَى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}
[البلد: 14] ؛ أي: في وَقتِ شِدَّةِ الجوعِ، كما أنَّ إطْعامَ الطَّعامِ للضَّيفِ من كَمالِ الإيمانِ.
«وإفشاءُ السَّلامِ»؛ أي نَشرُه، والإكْثارُ منه، والسَّلامُ اسمٌ مِن أسْماءِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبَذلُه وإفْشاؤُه طَريقٌ مُوَصِّلٌ للمَحبَّةِ بيْنَ المُسلِمينَ، والسَّلامُ هو التَّحيَّةُ المُبارَكةُ في هذه الأُمَّةِ، الَّذي يَنبَغي للمُسلِمِ تَعميمُه على مَن عرَف، ومَن لم يَعرِفْ، حتَّى يَكونَ خالِصًا للهِ تعالَى.
«وحُسنُ الكَلامِ»، وهو الكَلامُ الَّذي يَشتَمِلُ على الذِّكرِ والتَّقرُّبِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وما فيه نُصحُ الآخَرينَ، والتَّقريبُ والوَصلُ بيْنَهم، والخالي مِن الفُحشِ والبَذاءةِ، والغِيبةِ، والنَّميمةِ، والكَذِبِ، وما يُشبِهُ ذلك.
وفي الحَديثِ: أنَّ أعْمالَ البِرِّ في المُجتَمَعِ الخالِصةِ لوَجهِ اللهِ تَكونُ سَبيلًا إلى الجَنَّةِ.
وفيه الحَثُّ على مَكارِمِ الأخْلاقِ، ومنها إظْهارُ الإحْسانِ للغَيرِ.