الموسوعة الحديثية


- ذكَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومًا خَديجةَ، فأطنَبَ في الثَّناءِ عليها، فأدرَكَني ما يُدرِكُ النِّساءَ مِنَ الغَيرةِ، فقُلتُ: لقد أعقَبَكَ اللهُ يا رَسولَ اللهِ مِن عَجوزٍ مِن عَجائِزِ قُرَيشٍ، حَمراءِ الشِّدقَيْنِ. قالت: فتغَيَّرَ وَجهُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَغيُّرًا لم أرَهُ تغَيَّرَ عِندَ شَيءٍ قَطُّ إلَّا عِندَ نُزولِ الوَحيِ، أو عِندَ المَخيلةِ، حتى يَعلَمَ: رَحمةٌ، أو عَذابٌ؟
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 25210
| التخريج : أخرجه البخاري معلقاً (3821)، ومسلم (2437) بنحوه مختصراً، وأحمد (25210) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - خديجة بنت خويلد مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أحوال النبي مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كانت خَديجةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ أُمُّ المُؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها شَريفةً في قَومِها، تَزَوَّجَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانت أحَبَّ نِسائِه إليه، وعاش بعْدَ أنْ تَزَوَّجَها ثَمانيةً وثَلاثينَ عامًا، وانفَرَدَتْ خَديجةُ رَضيَ اللهُ عنها منها بِخَمسةٍ وعِشرينَ عامًا، وهي نَحوُ الثُّلُثَينِ مِن المَجموعِ، ومعَ طُولِ المُدَّةِ صَانَ قَلْبَها فيها مِنَ الغَيرةِ، ومِن نَكَدِ الضَّرائِرِ، وهي فَضيلةٌ لم يُشارِكْها فيها غَيرُها.
وفي هذا الحَديثِ تَرْوي عائشةُ أُمُّ المؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَذكَّرَ ذاتَ يومٍ زَوجتَه خَديجةَ بنتَ خُوَيلدٍ رَضيَ اللهُ عنها، فأطالَ وأكثَرَ مِن الثَّناءِ عليها، وذِكرِ فَضائلِها ومَحاسِنِها، فشَعَرَت عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها بالغَيْرةِ، فقالت للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لقدْ أعقَبَكَ اللهُ»، فأعْطاكَ بعْدَها زَوْجاتٍ أجمَلَ وأكثَرَ شَبابًا، أمَّا خَديجةُ رَضيَ اللهُ عنها فكانتِ امْرأةً عَجوزًا كَبيرةَ السِّنِّ حَمْراءَ الشِّدقَينِ، والشِّدقُ: جانبُ الفَمِ، وتَقصِدُ: سُقوطَ الأسْنانِ مِن الكِبَرِ، فلم يَبْقَ بشِدْقَيْها بَياضٌ بلْ حُمرةُ اللِّثَةِ، وهذا الكَلامُ يدُلُّ على الغَيْرةِ الشَّديدةِ معَ عدَمِ إظْهارِ التَّبْجيلِ اللَّازِمِ في حقِّ خَديجةَ رَضيَ اللهُ عنها، ولعلَّ ذلك جَرى مِن عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها؛ لصِغَرِ سِنِّها وأوَّلِ شَبيبَتِها، وهي أيضًا طَبيعةٌ في النِّساءِ، ولكنْ تَغيَّرَ وَجْهُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وغَضِب غَضبًا شَديدًا مِن قَولِ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، لدَرَجةِ أنَّ تغَيُّرَ وَجهِه الشَّديدَ كان مِثلَ تَغيُّرِه عندَ نُزولِ الوَحيِ، وقدْ كان يَثقُلُ عليه جدًّا، ويَحْمَرُّ وجْهُه؛ لِما كان يُقاسيهِ مِن شدَّةِ الوَحيِ، وتَجمُّعِ الفِكرِ والوَعيِ، ويظَلُّ كذلك حتَّى يَنقَضيَ الوَحيُ، أو كان وَجْهُه مُتغيِّرًا ومُحمَرًّا مِثلَما كان يَحدُثُ هُبوبُ الرِّيحِ أوِ العَواصِفِ والسُّحبِ المُحمَّلةِ بالمَطرِ، وإنَّما كان وَجْهُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتغَيَّرُ عندَ ذلك؛ خَوفًا مِن أنْ يكونَ ذلك رَسولَ عَذابٍ كما أُرسِلَ إلى قَومِ هُودٍ، كما في قولِه تعالَى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24] ، وكان يظَلُّ خائفًا حتَّى تَنجَليَ، فيَعلَمَ أنَّه كان رَحمةً، وليس عَذابًا.
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضلُ خَديجةَ رَضيَ اللهُ عنها ومَنقَبَتِها.
وفيه: دَلالةٌ على حُسنِ العَهدِ، وحِفظِ الوُدِّ، ورِعايةِ حُرمةِ الصَّاحبِ والمُعاشِرِ؛ حيًّا وميِّتًا.
وفيه: أنَّ الغَيْرةَ غَريزةٌ في النَّفْسِ، لا يُلامُ عليها الإنْسانُ، إلَّا إذا زادَتْ عن حَدِّها، أو أدَّتْ إلى مُخالَفةٍ شَرعيَّةٍ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها