الموسوعة الحديثية


-  عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قالَ: كانَ فَرَضَ لِلْمُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أرْبَعَةَ آلافٍ في أرْبَعَةٍ، وفَرَضَ لِابْنِ عُمَرَ ثَلاثَةَ آلافٍ وخَمْسَ مِئَةٍ، فقِيلَ له: هو مِنَ المُهاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِن أرْبَعَةِ آلافٍ؟ فقالَ: إنَّما هاجَرَ به أبَواهُ. يقولُ: ليسَ هو كَمَن هاجَرَ بنَفْسِهِ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 3912 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
فضَّلَ اللهُ تعالَى السَّابِقينَ الأوَّلينَ في الإسْلامِ، وخصَّهم بالمَنازِلِ العُلْيا في الجنَّةِ، وقال: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: 10]؛ وذلك لأنَّ هؤلاء النَّفَرَ همْ مَن أقامَ اللهُ بهم هذا الدِّينَ، ولمَّا كان الفاروقُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أعرَفَ النَّاسِ بحقِّهم، فضَّلَهم على مَن سِواهم في العَطاءِ.
وفي هذا الأثرِ يَحْكي عبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ والِدَه عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه كان يَقسِمُ العَطايا، وذلك مِن المَغانِمِ، والفَيءِ، ونَحْوِ ذلك، فيَقسِمُ للنَّاسِ على حسَبِ مَراتِبِهم، فجَعَلَ للمُهاجِرينَ الأوَّلينَ -وهمُ الَّذين صلَّوْا إلى القِبلَتَينِ، وقيلَ: همُ الَّذين شَهِدوا بَدرًا- في بَيتِ المالِ لكلِّ واحدٍ أربعةَ آلافٍ في أربَعةٍ، قيلَ: هو تَكْرارُ الأربعةِ آلافٍ، فكانتْ تلك الأربَعةُ على مرَّتَينِ، وقيلَ: مَعْناه في أربع سِنينَ، وجَعَلَ لابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما ثَلاثةَ آلافٍ وخَمسَ مِئةٍ، فقيلَ له: إنَّ ابنَه عبدَ اللهِ منَ المُهاجِرينَ، فلِماذا نقَصْتَه مِن أربَعةِ آلافٍ خَمسَ مِئةٍ؟ فأجابَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: إنَّما هاجَرَ به أبواه، وكان عُمُرُه حينَئذٍ إحْدى عَشْرةَ سَنةً وأشهُرًا، يقولُ: ليس هو كمَن هاجَرَ بنفْسِه، يَعني: لم يَتحمَّلْ منَ العَناءِ مِثلَ مَن هاجَرَ بنفْسِه.
وفي الحَديثِ: ورَعُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، وشدَّةُ مُحاسَبتِه لنفْسِه في أمْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: مُراجَعةُ الحاكِمِ في أمْرٍ لم تَفهَمْه الرَّعيَّةُ.
وفيه: تَوضيحُ الحاكِمِ لرَعيَّتِه ما صعُبَ عليهم فَهمُه.
وفيه: فَضلُ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، حيث إنَّه لم يُراجِعْ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه فيما فرَضَه له.