الموسوعة الحديثية


- من أراد الحجَّ فليتعجَّلْ فإنَّهُ قد يمرضُ المريضُ وتضلُّ الضالَّةُ وتعرِضُ الحاجَةُ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 2349 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه أبو داود (1732) مختصراً، وابن ماجه (2883)، وأحمد (1834) واللفظ لهما.
المُؤمِنُ الكَيِّسُ يَتَحرَّزُ لِدِينِه؛ فيُسارِعُ بالطَّاعاتِ وأداءِ الواجِباتِ قَبلَ فَواتِ الأوانِ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ، أوِ الفَضلُ بنُ عبَّاسٍ، رَضيَ اللهُ عنهم، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "مَن أرادَ الحَجَّ فليَتعَجَّلْ"، أي: مَن نَوى الحَجَّ فليُسارِعْ بأدائِه عِندَ تَوافُرِ أسبابِه مِن نَفَقةٍ وراحِلةٍ وغَيرِ ذلك؛ "فإنَّه قد يَمرَضُ المَريضُ"، أيْ: قد يَعجَلُ به المَرَضُ، فيَمنَعُه عنِ الحَجِّ، "وتَضِلُّ الضَّالَّةُ"، أيْ: ورُبَّما ضاعَ مِن يَدَيْه ما كان مِن أسبابٍ تُؤَهِّلُه لِلحَجِّ، "وتَعرِضُ الحاجةُ"، أيْ: أو يَحدُثُ لها عارِضٌ، أيًّا كان سَبَبُه؛ فتَمنَعُ هذه الأشياءُ عنِ الأداءِ لِلحَجِّ، فتَفوتُه الفُرصةُ، وهذا في كُلِّ طاعةٍ يُخافُ أنْ يَمنَعَ شَيءٌ مِن أدائِها، لا يَنبَغي تأخيرُها؛ فإنَّها قد لا تُدرَكُ أبَدًا، وقد أشارَ اللهُ سُبحانَه إلى هذا بقَولِه: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]، وقد يَكونُ التَّأخيرُ سَبَبًا لِلعُقوبةِ؛ بألَّا يُوفَّقَ لِأداءِ ما تَيسَّرَ له مِن فِعلِ الخَيرِ، وما عَنَّ له مِنه؛ كما قال تعالَى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110]، وكما قال: {إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [التوبة: 83].وقدِ استُدِلَّ بهذا الحَديثِ على أنَّ الحَجَّ واجِبٌ على الفَوْرِ، وقدِ اختُلِفَ في الوَقتِ الذي فُرِضَ فيه الحَجُّ، ومِن جُملةِ الأقوالِ أنَّه فُرِضَ في سَنةِ عَشْرٍ، فلا تأخيرَ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولو سُلِّمَ أنَّه فُرِضَ قَبلَ السَّنةِ العاشِرةِ فتَراخيه صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم إنَّما كان لِكَراهةِ الاختِلاطِ في الحَجِّ بأهلِ الشِّركِ؛ لِأنَّهم كانوا يَحُجُّونَ ويَطوفونَ بالبَيتِ عُراةً، فلَمَّا طَهَّرَ اللهُ البَيتَ الحَرامَ مِنهم حَجَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم، فتَراخيه كان لِعُذرٍ. وقيلَ: إنَّه على التَّراخي، واحتَجُّوا بأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَجَّ سَنةَ عَشْرٍ، وفَرْضُ الحَجِّ كان سَنةَ سِتٍّ، أو خَمسٍ. وفي الحَديثِ: الحَثُّ على الاهتِمامِ بتَعجيلِ الحَجِّ قَبلَ وُجودِ المَوانِعِ.