الموسوعة الحديثية


- حدَّثَنا أبو الزُّبَيرِ، قال: سَألتُ جابِرًا عن الضَّبِّ، فقال: أُتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم به، فقال: لا أَطْعَمُه وقَذِرَهُ، فقال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لم يُحَرِّمْهُ، وإنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ لَينفَعُ به غَيْرَ واحِدٍ، وهو طعامُ عامَّةِ الرِّعاءِ، ولو كان عندي لَطَعِمتُهُ.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 14684 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مسلم (1950)، وابن ماجه (3239)، وأحمد (14684) واللفظ له
أحَلَّ اللهُ سُبحانَه لِلنَّاسِ الطَّيِّباتِ وحَرَّمَ عليهمُ الخَبائِثَ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعافُ أكْلَ الضَّبِّ، ولكِنَّه لم يُحرِّمْه. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو الزُّبَيرِ محمدُ بنُ مُسلِمِ بنِ تَدْرُسَ: "سَألتُ جابِرًا عنِ الضَّبِّ" عن حُكمِ أكْلِه وهو حَيَوانٌ مِنَ الزَّواحِفِ يَكثُرُ في الصَّحاري العَرَبيَّةِ، يَأكُلُه العَرَبُ، فقالَ جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: "أُتيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به" فقُدِّمَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيأكُلَه، "فقالَ: لا أطعَمُه. وقَذَّرَه" فامتَنَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أكْلِ الضَّبِّ؛ لِكَراهيةِ نَفْسِه له، لا لِكَراهيةِ الشَّرعِ، وقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: "إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُحرِّمْه" على الآكِلينَ، بل كانَ سَبَبُ تَركِه الأكْلَ مِنَ الضَّبِّ طَبْعًا لا دِينًا، فإنَّه غَيرُ مُحرَّمٍ في الدِّينِ، وقد بَيَّنَ سَبَبَ تَرْكِه في رِوايةٍ أُخرى بأنَّه لم يَكُنْ في أرضِ قَومِه؛ فعافَهُ؛ فدَلَّ على أنَّه ما تَرَكَه تَديُّنًا، بل لِنَفرةِ طَبْعِه منه، "وإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لَيَنفَعُ به غَيرَ واحِدٍ" مِمَّن يَقبَلونَ أكْلَه ويَتعَوَّدونَه "وهو طَعامُ عامَّةِ الرِّعاءِ" الذين يَرعَوْنَ الأنعامَ في الصَّحراءِ؛ لِأنَّهم يَصطادونَه ويَأكُلونَه "ولو كانَ عِندي لَطَعِمتُه" بمَعنى: لو حَضَرَ عِندي الضَّبُّ في طَعامي لَأكَلتُ منه على عادةِ العَرَبِ، وتأكيدًا على كَونِه حَلالًا. وفي الحَديثِ: بَيانُ أدَبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الطَّعامِ، وأنَّه كانَ إذا كَرِهَ طَعامًا تَرَكَه ولم يَعِبْه. وفيه: مَشروعيَّةُ أكْلِ الضَّبِّ، وإقرارُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك. وفيه: أنَّ مِن الأطعمةِ المُباحَةِ غيرِ المحرَّمةِ: ما عافَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنِفَتْ منه نَفْسُه مِن أنواعِ الطَّعامِ بسَبَبِ عَدَمِ اعتيادِه عليه.