الموسوعة الحديثية


- بينما نحن ننتظرُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للصلاةِ في الظُّهرِ أو العصرِ -وقد دعاهُ بلالٌ للصلاةِ- إذ خرَج إلينا، وأُمامةُ بنتُ أبي العاصِ بنتُ ابنتِه على عُنقِه، فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مُصلَّاهُ، وقُمْنا خلْفَه، وهي في مكانِها الذي هي فيه، قال: فكبَّرَ فكبَّرْنا، قال: حتى إذا أراد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَركَعَ أخَذَها فوضَعَها، ثمَّ ركَع وسجَد، حتى إذا فرَغ مِن سُجودِه ثمَّ قام أخَذَها فرَدَّها في مكانِها، فما زال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصنَعُ بها ذلك في كلِّ ركعةٍ حتى فرَغ مِن صلاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : أبو قتادة الحارث بن ربعي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 920 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
لقد ضرَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أروَعَ الأمثِلةِ في تَواضُعِه ورَحمَتِه بالصِّغارِ، كما في هذا الحديثِ الذي يقولُ فيه أبو قَتادةَ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه: "بَينَما نحن نَنتَظِرُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلصَّلاةِ في الظُّهرِ أوِ العَصرِ" وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رُبَّما يَكونُ في حُجرةٍ مِن حُجُراتِ نِسائِه، وأبوابُها على المَسجِدِ، "وقد دَعاه بِلالٌ لِلصَّلاةِ"، أي: طَلَبَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأعلَمَه بقُربِ مَوعِدِ الإقامةِ؛ "إذْ خَرَجَ إلينا، وأُمامةُ بِنتُ أبي العاصِ بِنتُ ابنَتِه زَينَبَ رضِيَ اللهُ عنها "على عُنُقِه" يَحمِلُها على كَتِفَيْه، "فقامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مُصَلَّاه" ومَكانِه الذي يَؤُمُّ فيه النَّاسَ، "وقُمْنا خَلفَه" في صُفوفِ المُصَلِّينَ، وأُمامةُ "في مَكانِها الذي هي فيه"، يعني: أنَّ أُمامةَ ظَلَّتْ على كَتِفِه ولم يَضَعْها على الأرضِ، "فكَبَّرَ" النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَكبيرةَ الإحرامِ لِافتِتاحِ الصَّلاةِ "فكَبَّرْنا" فأحرَمْنا بَعدَه، "حتى إذا أرادَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَركَعَ أخَذَها فوَضَعَها" على الأرضِ؛ حتى لا تَسقُطَ عِندَ الرُّكوعِ، ويَكونَ أمكَنَ لِرُكوعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "ثم رَكَعَ وسَجَدَ، حتى إذا فَرَغَ مِن سُجودِه ثم قامَ" لِيَقِفَ لِأداءِ الرَّكعةِ التَّاليةِ "أخَذَها فرَدَّها في مَكانِها"، فحَمَلَها مَرَّةً أُخرى على عُنُقِه وكَتِفِه، "فما زالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصنَعُ بها ذلك في كُلِّ رَكعةٍ حتى فَرَغَ مِن صَلاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، وهذا مِن رَحمَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالصِّغارِ، وخُصوصًا عِندَ تَعلُّقِهم به، وهذا بَيانُ أنَّ تلك الحَرَكاتِ والأفعالَ المُتعَدِّدةَ لم تُفسِدِ الصَّلاةَ. وفي الحَديثِ: حضورُ الصَّبيِّ المَسجِدَ إذا كانَ معه مَن يَحمِلُه.