الموسوعة الحديثية


- لا تأكلْ مُتَّكئًا ، ولا على غِربالٍ ، ولا تتخذنَّ من المسجد مُصلًّى لا تصلِّي إلا فيه ، ولا تخطَّ رقابَ الناسِ يومَ الجمعةِ ؛ فيجعلك اللهُ لهم جسرًا يومَ القيامةِ
الراوي : أبو الدرداء | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 3122 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/338) باختلاف يسير، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (33) مختصراً، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (45/408) واللفظ له
عَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ الآدابَ العالِيةَ، والأخْلاقَ الفاضِلةَ في كلِّ أحْوالِ حَياتِنا. وفي هذا الحَديثِ بيانُ بعضِ تِلك الآدابِ، حيثُ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهْ عليْه وسلَّمَ: "لا تَأكُلْ مُتَّكِئًا"، والاتِّكاءُ هَيْئةٌ بيْنَ الجُلوسِ والاضْطِجاعِ، يَستَنِدُ فيها على أَحَدِ مِرفَقَيْه، فهذا نَهْيٌ أنْ يَأكُلَ المَرْءُ مائِلًا إلى أَحَدِ شِقَّيْه مُعْتَمِدًا عليْه وحْدَه؛ واختُلِف في صِفةِ الاتِّكاءِ؛ فقيلَ: أنْ يَتمَكَّنَ في الجُلوسِ للأَكْلِ على أيِّ صِفةٍ كان، وقيلَ: أنْ يَعتَمِدَ على يَدِه اليُسْرى مِن الأرْضِ ناصِبًا رِجْلَه اليُمْنى. وقيلَ في سَبَبِ النَّهْيِ: أنَّ الأَكْلَ مُتَّكِئًا كان مِن دأَبِ المُتْرَفينَ، وفِعْلِ المُتَكَبِّرينَ، ومَن يَسْتَكْثِرُ مِن الطَّعامِ. "ولا على غِرْبالٍ"، وهو: الأداةُ التي يُغرْبَلُ بها الشَّعيرُ أو القَمْحُ وغَيرُهُما، أو هو ما يُنخَلُ بِه الدَّقيقُ، ويُفْصَلُ به النَّاعِمُ منه عن الخَشِنِ والقُشورِ. "ولا تَتَّخِذَنَّ مِن المَسْجِدِ مُصلًّى لا تُصلِّي إلَّا فيه"، أي: لا تتَّخِذْ لنَفْسِكَ مِن المَسجِدِ مكانًا مُعيَّنًا لا تُصلِّي إلَّا فيه كالبعِيرِ لا يَبْرُكُ مِن عَطَنِهِ إلَّا في مَبْرَكٍ قَدِيمٍ، فهذا نَهْيٌ عن أنْ يَعْتادَ الرَّجلُ الصَّلاةَ في مَكانٍ ثابتٍ في المسجِدِ ولا يُغيِّرُه كأنَّه بَعيرٌ يَعرِفُ مَكانَ جُلوسِه لا يُغيِّرُه، كما في حَديثِ أبي دَاودَ، عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ شِبلٍ، وفيه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهَى عن "أنْ يُوطِنَ الرجُلُ المكانَ في المسجدِ كما يُوطنُ البعيرُ"؛ ولعلَّ مِن حِكمةِ ذلك: أنَّ في تَغييرِ الأماكنِ تَكثيرًا لِمَواضِعِ الصَّلاةِ والسُّجودِ في المسجِدِ، فتَشهَدُ هذه الأماكِنُ لِمَن صلَّى فيها أو علَيها. "ولا تَخَطَّ رِقابَ النَّاسِ يومَ الجُمُعةِ"، أي: لا تَتَقدَّمْ أثناء خُطبةِ الجُمُعةِ إلى الصُّفوفِ الأُولى بأنْ تَطلُبَ مِن النَّاسِ أنْ يُفْسِحوا لكَ ثمَّ تَعْلو رِقابَهم برِجْلِكَ عندَ المُرورِ؛ ففي ذلك إيذاءٌ لهم، ومَن فَعَلَ ذلك مُتَعَمِّدًا وهو يَعْلمُ فسَيَجْعَلُه اللهُ للنَّاسِ جِسْرًا يومَ القِيامَةِ فيَمُرُّونَ على ظَهْرِه، ويَطَؤُونَه بأقْدامِهم، وهذا جَزاءٌ بالمِثْلِ، والمُسْلِمُ مأْمورٌ أنْ يَجلِسَ إلى المَكانِ الذي يَنْتَهي عِندَه باقي المُصلِّينَ. وقيلَ: إنَّه يُستَثْنى مِن ذلك مَن كان بيْنَ يَدَيْه فُرجةٌ لا يَصِلُ إليْها إلَّا بالتَّخَطِّي.