الموسوعة الحديثية


- كانت له امرَأتانِ، مُلَيكةُ، وأُمُّ عَفيفٍ، فرجَمَتْ إحْداهما الأُخرى بحَجَرٍ، فأصابَتْ قُبُلَها وهي حامِلٌ، فألقَتْ جَنينًا وماتَتْ، فرُفِعَ ذلك إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقَضى رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالدِّيَةِ على عاقِلةِ القاتِلةِ، وقَضى في الجَنينِ [غُرَّةً عَبدًا، أو أَمَةً، أو مِئةً مِنَ الشاءِ، أو عَشْرًا]  مِنَ الإبِلِ، فقامَ أبوها، أو رَجُلٌ مِن عَصَبَتِها، فقال: يا رسولَ اللهِ، ما شرِبَ ولا أكَلَ، ولا صاحَ ولا استهَلَّ، ومِثلُ ذلك دَمُهُ يُطَلُّ؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لسنا مِن أساجيعِ الجاهليَّةِ في شيءٍ.
الراوي : حمل بن مالك بن النابغة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 4526 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدِّيةُ هي المالُ المؤَدَّى إلى المَجْنيِّ عليه، أو وَليِّه بسَببِ الجِنايةِ على النَّفسِ أو ما دُونَها، وقد بين النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمورَها وحدودَها، وفي هذا الحديثِ بيان بعض ذلك، حيثُ يُخبِرُ حَمَلُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: "كانتْ له امْرَأَتانِ مُلَيْكةُ، وأُمُّ عَفيفٍ"، أي كانت لحَمَلٍ زوجتانِ، اسمهما: مُلَيْكَةُ بِنْتُ عُوَيْمِرٍ، وأُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ، فرَجَمَت إحْداهما الأُخْرى بحَجَرٍ، فأصابَتْ قُبُلَها"، أي: أصابَها الحَجَرُ مَوْضِعَ فَرْجِها، "وهي حاملٌ، فألقَتْ جَنينًا وماتَت"، فأسقَطَتْ جَنينَها على أَثَرِ تلك الضرْبةِ ثم ماتَتْ بعدَه، "فرُفِعَ ذلك إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" ليَقضيَ في شَأنِها، "فقَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالدِّيَةِ على عاقِلةِ القاتِلةِ"، والعاقِلةُ: هُم أقارِبُ الإنْسانِ وأهلُه وعَصَبَتُه من جِهَةِ الأبِ، "وقَضى في الجَنينِ"، ودِيةُ الجَنينِ: غُرَّةً عَبدًا، أو أَمَةً، أو مئةً منَ الشاءِ، أو عَشْرًا منَ الإبلِ"، والغُرَّةُ: الجُزءُ الأبيضُ الذي يكونُ في وَجهِ الفَرَسِ، وهي علَمٌ على العبدِ أوِ الأَمَةِ، والمَعنى: أنَّه قَضَى على القاتِلةِ بأنْ تَغْرَمَ عَبْدًا أو أَمَةً، "فقامَ أبوها، أو رجُلٌ من عَصَبَتِها"، والعَصَبةُ: الأقاربُ الذُّكورُ من جِهةِ الأبِ، "فقال: يا رسولَ اللهِ، ما شرِبَ ولا أكَلَ، ولا صاحَ ولا استَهَلَّ"، بمَعنى أنَّه وُلِدَ مَيِّتًا، ولم تَظهَرْ عليه عَلاماتُ الحياةِ منَ الأكلِ، أوِ الشُّربِ، أوِ الصُّراخِ، "ومِثلُ ذلك دَمُهُ يُطَلُّ؟" يكونُ هَدْرًا لا تكونُ فيه دِيَةٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنكِرًا عليه: "لَسْنا من أساجيعِ الجاهليةِ في شيءٍ"؛ لمُشابَهَتِه لهم في كَلامِهم الذي يُزَيِّنونَه بِسَجْعِهم، فيَرُدُّونَ به الحقَّ ويُقِرُّونَ الباطِلَ. ومثلُ هذا الكلامِ المَسْجوعِ لا يؤَثِّرُ في نَفْسِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليُغيِّرَ الحُكمَ، بل هو كلامٌ ساقطٌ والأَوْلى تَركُه وعدمُ قولِه. وفي الحَديثِ: بَيانُ مَشروعيَّةِ الدِّيةِ في القَتلِ، وأنَّها تكونُ فِدْيةً عن قَتْلِ القَاتلِ بالقَتيلِ. وفيه: بيانُ أنَّ العاقِلةَ والعَصَبةَ تَتحمَّلُ بعضَ أنْواعِ الدِّيَاتِ في قَتْلِ الخَطأِ وشِبْهِ العَمدِ تَضامُنًا وتَكافُلًا معَ بَعضِهم.