الموسوعة الحديثية


- إنِّي عندَ اللهِ مكتوبٌ خاتمُ النَّبييِّنَ ، وإنَّ آدمَ لمنجَدلٌ في طينتِه ، وسأخبرُكم بأوَّلِ أمري : دَعوةُ إبراهيمَ ، وبِشارةُ عيسَى ، ورؤيا أمِّي الَّتي رأَت - حين وضعَتني - وقد خرج لها نورٌ أضاءَت لها منه قصورُ الشَّامِ .
الراوي : العرباض بن سارية | المحدث : الألباني | المصدر : هداية الرواة | الصفحة أو الرقم : 5691 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البغوي في ((شرح السنة)) (3626) واللفظ له، وأخرجه أحمد (17163)، وابن حبان (6404) باختلاف يسير
في هذا الحَديثِ يُبَيِّنُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ سُبحانَه قَدَّرَ كُلَّ شَيءٍ قَبلَ خَلقِ الأكوانِ، وكَتَبَ المَقاديرَ، فحَدَّدَ الأنبياءَ والمُرسَلينَ، أوَّلَهم وآخِرَهم. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنِّي عِندَ اللهِ مَكتوبٌ خاتَمُ النبيِّينَ" فقَدَّرَ اللهُ ذلك في الأزَلِ، "وإنَّ آدَمَ لَمُنجَدِلٌ في طينَتِه" مِنَ الجَدلِ، وهو الإلقاءُ على الأرضِ الصُّلبةِ، أيْ: والحالُ أنَّه لساقِطٌ ومُلقًى على الأرضِ قَبلَ نَفخِ الرُّوحِ فيه، ولم تُعَلَّقْ به، "وسأُخبِرُكم بأوَّلِ أمْري"، بمَعنى: سأُخبِرُكم بأوَّلِ ما ظَهَرَ مِن نُبُوَّتي ورِفعَتي في الدُّنيا: "دَعوةُ إبراهيمَ"، فالنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعوةُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ حينَ بَنى الكَعبةَ، فقالَ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [البقرة: 129]، فابعَثْ رَسولًا مِنَ العَرَبِ، فاستَجابَ اللهُ دُعاءَه، "وبِشارةُ عيسى"، وهي قَولُه تَعالى: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]، "ورُؤيا أُمِّي التي رَأتْ"، يَحتَمِلُ أنْ تَكونَ الرُّؤيا مَناميَّةً، ويَحتَمِلُ اليَقَظةَ، "حينَ وَضَعَتْني"، عِندَ وِلادَتي، "وقد خَرَجَ لها نورٌ أضاءَتْ لها منه قُصورُ الشَّامِ"، وذلك النُّورُ عِبارةٌ عن ظُهورِ نُبُوَّتِه ما بَينَ المَشرِقِ والمَغرِبِ، واضمَحَلَّ بها ظُلمةُ الكُفرِ والضَّلالةِ، وأضاءَ نورُ هِدايَتِه قُصورَ الشَّامِ، حيث كان يُوجَدُ الرُّومُ وقُصورُهم، وكانوا أهلَ كِتابٍ مِنَ النَّصارى، فكَأنَّ نورَ الحَقِّ أضاءَ على أهلِ رِسالةِ عيسى عليه السَّلامُ بَعدَما بَدَّلوه وحَرَّفوه، وهو آخِرُ نَبيٍّ قَبلَ محمدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفي الحَديثِ: بَيانُ مَكانةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِندَ اللهِ. وفيه: أنَّ الأقدارَ مَحتومةٌ ومُقَدَّرةٌ عِندَ اللهِ.