الموسوعة الحديثية


- أنا أَولى بكلِّ مؤمنٍ مِن نفسِه، فمَن ترَكَ دَيْنًا أو ضَيعةً فإليَّ، ومَن ترَكَ مالًا فلورَثتِه، وأنا مَوْلى مَن لا مَوْلى له: أَرِثُ مالَه، وأفُكُّ عانَه، والخالُ مَوْلى مَن لا مَوْلى له: يَرِثُ مالَه، ويفُكُّ عانَه.
الراوي : المقدام بن معدي كرب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2900 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن ماجه (2738)، وأحمد (17175) باختلاف يسير
قال اللهُ تعالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6]؛ فهو أَرْأَفُ الخَلقِ بهم، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يُصلِّي في بادِئِ الأمْرِ على مَن مات مِنَ المُسلِمينَ وعليه دَيْنٌ، إلَّا أنْ يَقضِيَه عنه أحدٌ؛ لأنَّ الدَّيْنَ مِن حُقوقِ العبادِ الَّتِي يَجِبُ الوَفاءُ بها، فلمَّا فَتَحَ اللهُ تعالى على المُسلِمينَ الفُتوحَ وكَثُر المالُ، كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْضي دَيْنَ مَن ماتَ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أنا أوْلى بكلِّ مُؤمنٍ من نَفْسِه"، ومعناه: أنا أَوْلى به من نَفْسِه في رِعايتِه وهِدايتِه، أو أنا أَحَقُّ بهم وأقْرَبُ إليهم. وقيلَ: مَعْنى الوِلايةِ النُّصْرةُ والتَّوْلِيةُ؛ فأنا أَتَوَلَّى أُمُورَهَمْ بَعدَ وَفَاتِهم وأنْصُرُهم فوقَ ما كان منهم لو عَاشوا؛ فأنا أوْلى في كلِّ شيءٍ من أمورِ الدِّينِ والدُّنيا. "فمَن ترَكَ دَيْنًا أو ضَيْعةً"، أي: مَن مات عن أطفالٍ وأُناسٍ يَعولُهم ويُنفِقُ عليهم، "فإليَّ" فهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْضي عنه ذلك الدَّيْنَ ويَرْعى مَن يَعولُ، وهذا من حُسنِ أخْلاقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومُؤازَرَتِه للمُسلِمينَ، وحِرصِه على عدمِ ضَياعِهم، "ومَن ترَكَ مالًا فلوَرَثَتِه"، يُوزَّعُ بينَهم بحسَبِ الأنْصِبةِ الشرعيةِ التي حدَّدها اللهُ سُبحانَه. "وأنا مَوْلى مَن لا مَوْلى له: أرِثُ مالَه"، وليس المرادُ به هنا حَقيقةَ الميراثِ، وإنَّما أرادَ أنَّ الأمْرَ فيه إليَّ في التَّصدُّقِ به، أو صَرْفِه في مَصالحِ المُسلِمينَ، أو تَمليكِ غيرِه؛ ولذلك قال: "وأفُكُّ عانَه"، يعني: أُؤَدِّي عنه ما يَتعلَّقُ بذِمَّتِه، وأقْضي دُيونَه، وما يَلزَمُه، ويَتعلَّقُ به بسَببِ الجِناياتِ التي سَبيلُها أنْ تَحمِلَها العاقِلةُ، "والخالُ مَوْلى مَن لا مَوْلى له: يَرِثُ مالَه، ويَفُكُّ عانَه"، وذلك إذا لم يُوجَدْ وريثٌ للميِّتِ، ويُوجَدُ له خالٌ فيأخُذُ الخالُ ميراثَه، ويقومُ على أداءِ ما عليه منَ الحُقوقِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ عَظيمِ شَفَقةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على المُسلِمينَ .