الموسوعة الحديثية


- جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ ، فقال : يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن شهدتُ أن لا إله إلا اللهُ ، و أنك رسولُ اللهِ ، و صلَّيتُ الصلواتِ الخمسِ ، و أدَّيتُ الزكاةَ ، و صمتُ رمضانَ ، وقُمتُه ، فممَّن أنا ؟ قال : من الصِّدِّيقين و الشُّهداءِ
الراوي : عمرو بن مرة الجهني | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 1003 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (8/150)، وابن خزيمة (2212)، وابن حبان (3438)
في هذا الحَديثِ يُبيِّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهَمَّ الأعمالِ التي تُدخِلُ الجَنَّةَ، وتُقرِّبُ إلى اللهِ تَعالى، فقد رَوى عَمرُو بنُ مُرَّةَ الجُهَنيُّ رَضيَ اللهُ عنه وهو صاحبُ الرُّؤيا المشهورةِ في مَبعثِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأيتَ إنْ شَهِدتُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ"، فأَخلَصتُ التَّوحيدَ للهِ، وأفرَدتُه بالعُبوديَّةِ وَحدَه دُونَ سِواهُ، مع العِلْمِ والعَمَلِ بشُروطِها، "وأنَّكَ رَسولُ اللهِ"، فشَهِدتُ أنَّ اللهَ أرسَلَكَ بالحَقِّ لِهِدايةِ الناسِ، وهذا مِن تَمامِ التَّوحيدِ والإيمانِ باللهِ عزَّ وجلَّ، "وصَلَّيتُ الصَّلواتِ الخَمسَ"، بالمُواظَبةِ على أدائِها كما يَنبَغي, وذلك بإتقانِ الوُضوءِ, وتأدِيةِ أركانِها، مِنَ الرُّكوعِ والسُّجودِ وغَيرِ ذلك، بطُمَأنينةٍ وخُشوعٍ، مع الشُّروطِ اللَّازِمةِ, والحِفاظِ على مَواقيتِها في أوَّلِ وَقتِها، وعَدَمِ الخُروجِ عن وَقتِها المُحدَّدِ، "وأدَّيتُ الزَّكاةَ"، بإخراجِها بطِيبِ نَفْسٍ، دُونَ كَراهةٍ أو تَضجُّرٍ إنْ وَجَبتْ ببُلوغِ النِّصابِ والحَوْلِ، "وصُمتُ رَمَضانَ، وقُمتُه"؛ إيمانًا بالله تَعالى واحتِسابًا لِلأجرِ، "فمِمَّن أنا؟ قالَ: مِنَ الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ"، والصِّدِّيقونَ همُ الذين كَمُلَ تَصديقُهم بما جاءَتْ به الرُّسُلُ، فعَلِموا الحَقَّ وصَدَّقوه بيَقينِهم، وبالقيامِ به قَولًا وعَمَلًا وحالًا ودَعوةً إلى اللهِ، والشُّهَداءُ همُ الذين قاتَلوا في سَبيلِ اللهِ؛ لِإعلاءِ كَلِمةِ اللهِ، دون غرَضٍ مِن أغراضِ الدُّنيا، فقُتِلوا، وهؤلاء مِنَ الذين صَلَحَ ظاهِرُهم وباطِنُهم، فصَلَحتْ أعمالُهم، وكُلُّ مَن أطاعَ اللهَ تَعالى كانَ مع هؤلاء في صُحبَتِهم، وهم أعلى أهلِ الجَنَّةِ دَرَجاتٍ، قالَ تَعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
وفي الحَديثِ الحَثُّ على العَمَلِ الصَّالِحِ؛ فهو يَرفَعُ الدَّرَجاتِ.
وفيه: أنَّ أعْلى مراتبِ العُبوديَّةِ على الإطلاقِ بعدَ مَرتبةِ النُّبوِّةِ، هي مرتبةُ الصِّدِّيقيَّة.
وفيه: توطينُ النفْسِ على الالتزامِ والطاعةِ المطلقَةِ لأمْرِ اللهِ يُوصلُ العبدَ إلى مَرتبةِ الصِّدِّيقيَّةِ.
وفيه: بيانُ مَنزلةِ الشُّهداءِ عِندَ اللهِ تعالى .