الموسوعة الحديثية


- أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ لمَّا قسَّمَ الذَّهَبِيَّةَ بين أربعةٍ غضبتْ قريشٌ والأنصارُ وقالوا : يعطيه صناديدَ أهلِ نجدٍ ويدعُنَا ؟ فقالَ : إنَّما أتألُفُهم ، فأقبلَ رجلٌ غائرُ العينينِ . وذكرَ حديثَ اللامِزْ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : ابن تيمية | المصدر : الصارم المسلول | الصفحة أو الرقم : 2/358
التصنيف الموضوعي: صدقة - الصدقة على المؤلفة قلوبهم اعتصام بالسنة - الخوارج والمارقين جهاد - التألف على الإسلام غنائم - إعطاء المؤلفة قلوبهم
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدْعو إلى اللهِ، ويُقرِّبُ قُلوبَ النَّاسِ إلى الإسلامِ، وقد كان يُعطي بعضَ السَّادةِ المالَ؛ لِيُرغِّبَهم في الدِّينِ، وليأتيَ قومُهم مِن بَعدِهم ويَدخُلوا في الإسلامِ، ويترُكُ إعْطاءَ البعضِ الآخَرِ لإيمانِهم.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو سعيدٍ الخُدْريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا قسَمَ الذُّهَيْبةَ" وهي قطعةٌ مِن الذهبِ الخامِ أرسَلَها عليُّ بنُ أبي طالبٍ مِن اليمنِ، فوزَّعَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "بينَ أربعةٍ" مِن رؤوسِ الأقوامِ، وهم: الأَقرعُ بنُ حابِسٍ الحنظليُّ ثمَّ المُجاشعيُّ، وعُيَينةُ بنُ بدرٍ الفَزَاريُّ، وزيدٌ الطائيُّ ثمَّ أحدُ بَني نبهانَ، وعلقمةُ بنُ عُلاثةَ العامريُّ ثمَّ أحدُ بَني كلابٍ، وقد كانوا حديثي عهدٍ بكفرٍ، فلمَّا خَصَّهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا العطاءِ، "غَضِبتْ قُريشٌ والأنصارُ وقالوا: يُعطيهِ صناديدَ أهلِ نَجْدٍ"؛ أيْ: رُؤساءَهم "ويدَعُنا؟!" ولا يُعطينا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ موضِّحًا لهم سببَ ذلِكَ: "إنَّما أَتألَّفُهم" بالإعطاءِ؛ لِيَثْبُتوا على الإسلامِ رَغْبةً فيما يَصِلُ إليهم مِن المالِ، "فأقبَلَ رجُلٌ" قيلَ: اسمُه حُرْقُوصُ بنُ زُهيرٍ ذو الخُوَيصِرةِ "غائرُ العينينِ" فهما داخِلتانِ في مَحْجِرَيْهما، "وذكَرَ حديثَ اللامِزِ" يَقصِدُ حديثَ البخاريِّ، والَّذي فيه: "بيْنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقسِمُ، جاءَ عبدُ اللهِ بنُ ذي الخُوَيصِرةِ التَّميميُّ، فقالَ: اعْدِلْ يا رسولَ اللهِ، فقال: «وَيْلَكَ، ومَن يَعدِلُ إذا لم أعْدِلْ» قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: دَعْني أضرِبُ عُنُقَهُ، قالَ: "دَعْهُ، فإنَّ له أصْحابًا، يَحقِرُ أحَدُكُم صَلاتَهُ معَ صَلاتِهِ، وصيامَهُ معَ صيامِهِ، يَمرُقونَ من الدِّينِ كما يَمرُقُ السَّهمُ من الرَّميَّةِ، يَنظُرُ في قُذَذِهِ فلا يُوجَدُ فيه شَيءٌ، ثم يَنظُرُ في نَصْلِهِ فلا يُوجَدُ فيه شَيءٌ، ثم يَنظُرُ في رِصافِهِ فلا يُوجَدُ فيه شَيءٌ، ثم يَنظُرُ في نَضِيِّهِ فلا يُوجَدُ فيه شَيءٌ"، والمرادُ أنَّهم يخرُجونَ من الدِّينِ بسُرعةٍ كمُرُوقِ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، وذلِكَ مِثلَما يدخُلُ السهمُ في جَسدِ الصيدِ وينفُذُ مِن الجهةِ الأُخرى، وهذا نَعْتُ الخَوارِجِ الذين لا يَدينونَ للأئمَّةِ، ويَخرُجونَ عليهم، ويُكفِّرونَ الناسَ بالكَبائرِ التي دون الشِّركِ والكُفرِ، ويَقتُلونَ أهلَ الإسلامِ ويَترُكونَ أهلَ الأوثانِ، "قد سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ، آيَتُهُم رَجُلٌ إحْدى يَدَيهِ، أو قالَ: ثَدْيَيهِ، مِثلُ ثَدْيِ المَرأةِ، أو قالَ: مِثلُ البَضْعةِ تَدَرْدَرُ"، أي: ترجرجُ تَجيءُ وتذهبُ، "يَخرُجونَ على حينِ فُرْقةٍ من النَّاسِ"، قال أبو سَعيدٍ: أشهَدُ سَمِعتُ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأشهَدُ أنَّ عليًّا، قَتَلَهم، وأنا معه، جِيءَ بالرَّجُلِ على النَّعْتِ الَّذي نَعَتَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: فنَزَلَتْ فيه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58] ".
وفي الحَديثِ: أنَّ الحُكمَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما خوَّلَه اللهُ، وليس لأحَدٍ أنْ يُعارِضَهُ، وهذا في حياتِهِ وبَعدَ مَماتِهِ.
وفيه: بَيانُ أنَّ مِن صِفةِ وعادةِ المُنافِقينَ التَّشْكيكَ في أحْوالِ وأفْعالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومُخالَفةَ هَدْيِهِ في كُلِّ عَصرٍ، مع التَّلبيسِ على النَّاسِ في تَوجيهِ الأفْعالِ والأحْوالِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها