الموسوعة الحديثية


- مع الغُلامِ عَقيقَتُهُ، فأهريقوا عنه دَمًا، وأميطوا عنه الأذى. وسمِعتُهُ يَقولُ: صَدَقَتُكَ على المِسكينِ صَدَقةٌ، وهي على ذي الرَّحِمِ ثنتانِ: صَدَقةٌ، وصِلةٌ.
الراوي : سلمان بن عامر الضبى | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 16234 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري معلقاً بعد حديث (5471) مختصراً، وأخرجه موصولاً أبو داود (2839) مختصراً، والترمذي (1515، 658) مفرقاً، والنسائي (4214، 2582) مفرقاً، وابن ماجه (1844، 3164) مفرقاً، وأحمد (16234) واللفظ له
حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَهُ على شُكرِ اللهِ الذي أوْلاهُم النِّعَمَ بتَقديمِ القُرباتِ للهِ سُبحانَه، ومن تِلك النِّعمِ: نعمةُ الذُّرِّيَّةِ، وقد أمَرَ الشَّرعُ بالعَقيقةِ عِندَ المولودِ، وهي مِن مَظاهِرِ شُكرِ اللهِ تَعالى، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "معَ الغُلامِ عَقيقَتُهُ"، وفي روايةِ أبي داودَ: "الغُلامُ مُرتَهَنٌ بعَقيقتِهِ"، مَرْهُونٌ بها لا تَنْفَكُّ عنه حتَّى تُذبَحَ، والعَقيقَةُ: هي الذَّبيحَةُ الَّتي تُذبَحُ عن المَولودِ في يَومِ سابِعِهِ، والرَّهِينُ: الحَبِيسُ، كأنَّ المَعْنى: أنَّه لا يَنتَفِعُ الوَالِدانِ بالصَّبِيِّ، ولا يَتمتَّعانِ به إلَّا إذا ذُبِحَتْ عنه عَقيقَتُهُ. وقيلَ: هذا خاصٌّ بالشَّفاعةِ، أي: لا يَشْفَعُ الولَدُ لِوالِدَيْهِ إذا ماتَ ما لم يَعُقَّا عنهُ؛ "فأَهْرِيقوا عنه دمًا"، أي: اذْبَحوا عنه عَقيقتَه، "وأمِيطُوا عنه الأذَى"، بحَلْقِ الشَّعرِ الَّذي وُلِدَ به، وإزالةِ أثَرِ الولادةِ، وما يَخرُجُ على جَسَدِهِ مِن أثَرِها.
قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "صَدَقَتُكَ على المِسْكينِ صَدَقةٌ"، لها أجْرُ التَّصدُّقِ عليه، مرَّةً واحِدةً، "وهي على ذِي الرَّحمِ ثِنْتانِ: صَدَقةٌ وصِلةٌ"، أي: لها أجْرُ صِلةِ الرَّحمِ وأجْرُ التَّصدُّقِ عليه، والمَقْصودُ بـ (ذي الرَّحِمِ) الأقارِبُ الفُقَراءُ، ذُكورًا وإناثًا، أمَّا الأغنياءُ منهم فصِلتُهُم تكونُ بالهَدايا، والتَّزاوُرِ، وبَشاشةِ الوجهِ، والنُّصحِ للجَميعِ، وإطلاقُ لَفظِ (الصَّدَقةِ) يَشمَلُ الفرْضَ مِن الزَّكاةِ لِمَن لا تجِبُ عليه النَّفَقةُ، والمُستحبَّ من مُطلَقِ الصَّدَقاتِ، كما قال تَعالى في الصَّدَقاتِ وإيتاءِ الأمْوالِ: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [البقرة: 177]، أي: القَرابةَ واليَتامى المَحاويجَ منهما، ولم يُقيَّدْ لعَدَمِ الإلْباسِ؛ لأنَّ إيتاءَ الأغنياءِ هِبةٌ لا صَدَقةٌ، وقدَّمَ ذوي القُرْبى؛ لأنَّ إيتاءَهم أفضَلُ؛ لأنَّها صَدَقةٌ وصِلةٌ. وقيلَ: هذا إذا لم يَقْتضِ الحالُ العَكسَ؛ بأنْ يكونَ غيرُ القريبِ أشدَّ حاجةً، وتضرُّرًا مِن القَريبِ، فيكونُ التَّصدُّقُ عليه أوْلى.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على الاستِكْثارِ مِن الخَيرِ بيْنَ الأقاربِ بكُلِّ أوجُهِ الخَيرِ.
وفيه: الحَثُّ على الاهتِمامِ بذوي الأرْحامِ، وأنَّ التَّصدُّقَ عليهم أفضَلُ مِن التَّصدُّقِ على غَيرِهِم( ).