الموسوعة الحديثية


- فيَّ واللهِ وفي أوسِ بنِ الصَّامتِ أنزَل اللهُ جلَّ وعلا صدرَ سورةِ المجادلةِ قالت: كُنْتُ عندَه وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلُقُه وضجِر قالت: فدخَل علَيَّ يومًا فراجَعْتُه في شيءٍ فغضِب وقال: أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي ثمَّ خرَج فجلَس في نادي قومِه ساعةً ثمَّ دخَل عليَّ فإذا هو يُريدُني على نفسي قالت: قُلْتُ: كلَّا والَّذي نفسُ خُويلةَ بيدِه لا تخلُصُ إليَّ وقد قُلْتَ ما قُلْتَ حتَّى يحكُمَ اللهُ ورسولُه فينا بحُكمِه قالت: فواثَبني فامتنَعْتُ منه فغلَبْتُه بما تغلِبُ به المرأةُ الشَّيخَ الضَّعيفَ فألقَيْتُه تحتي ثمَّ خرَجْتُ إلى بعضِ جاراتي فاستعَرْتُ منها ثيابًا ثمَّ خرَجْتُ حتَّى جِئْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجلَسْتُ بينَ يدَيهِ فذكَرْتُ له ما لقيتُ منه فجعَلْتُ أشكو إليه ما ألقى مِن سوءِ خُلُقِه قالت: فجعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ( يا خُوَيلةُ ابنُ عمِّكِ شيخٌ كبيرٌ فاتَّقي اللهَ فيه ) قالت: فواللهِ ما برِحْتُ حتَّى نزَل القرآنُ فتغشَّى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما كان يغشاه ثمَّ سُرِّي عنه فقال: ( يا خُويلةُ قد أنزَل اللهُ جلَّ وعلا فيكِ وفي صاحبِك ) قالت: ثمَّ قرَأ عليَّ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] إلى قولِه: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 4] فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( مُرِيه فلْيُعتِقْ رقبةً ) قالت: وقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ ما عندَه ما يُعتِقُ قال: ( فلْيصُمْ شهرينِ مُتتابعينِ ) قالت: فقُلْتُ: واللهِ يا رسولَ اللهِ إنَّه شيخٌ كبيرٌ ما به مِن صيامٍ قال: ( فلْيُطعِمْ ستِّينَ مسكينًا وَسْقًا مِن تمرٍ ) فقُلْتُ: واللهِ يا رسولَ اللهِ ما ذلك عندَه قالت: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فإنَّا سنُعينُه بعَرَقٍ مِن تمرٍ ) قالت: فقُلْتُ: وأنا يا رسولَ اللهِ سأُعينُه بعَرَقٍ آخَرَ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أصَبْتِ وأحسَنْتِ فاذهَبي فتصدَّقي به عنه ثمَّ استوصي بابنِ عمِّكِ خيرًا ) قالت: ففعَلْتُ
الراوي : خويلة بنت ثعلبة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 4279 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

ظاهرَ منِّي زَوجي أوسُ بنُ الصَّامتِ فَجِئْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أشكو إِليهِ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يجادِلُني فيهِ ويقولُ اتَّقي اللَّهَ فإنَّهُ ابنُ عمِّكِ فما بَرِحْتُ حتَّى نزلَ القرآنُ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا إلى الفَرضِ فقالَ يُعتِقُ رقَبةً قالَت لا يَجِدُ قالَ فيَصومُ شَهْرينِ مُتَتابِعَينِ قالَتْ يا رسولَ اللَّهِ إنَّهُ شيخٌ كبيرٌ ما بهِ مِن صيامٍ قالَ فَليُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا قالَتْ ما عندَهُ مِن شيءٍ يتَصدَّقُ بهِ قالَت فأُتِيَ ساعتَئذٍ بعَرَقٍ من تَمرٍ قُلتُ يا رسولَ اللَّهِ فإنِّي أعينُهُ بِعَرَقٍ آخرَ قالَ قد أحسَنتِ اذهَبي فأطعِمي بِها عنهُ ستِّينَ مسكينًا وارجِعي إلى ابنِ عمِّكِ قالَ والعَرَقُ ستُّونَ صاعًا
الراوي : خولة بنت مالك بن ثعلبة ويقال لها خويلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2214 | خلاصة حكم المحدث : حسن دون قوله: "والعرق"

هذا الحديثُ يُبيِّنُ فيه النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحكامَ كفَّارةِ الظِّهارِ، حيث تقولُ خُوَيْلَةُ بنتُ مالِكِ بنِ ثَعْلَبَةَ رضِيَ اللهُ عنها: "ظَاهَرَ منِّي زَوْجِي أَوْسُ بنُ الصَّامِتِ"، أي: قال لها: أنتِ عليَّ كَظَهرِ أُمِّي، وكان هذا القولُ قبلَ الإسلامِ طلاقًا، ولم يَعُدَّه الإسلامُ طلاقًا، بل جعَل فيه الكفَّارةَ، تقولُ خُوَيْلَةُ: "فجِئتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَشكُو إليه"، أي: ما كان مِن ظِهارِ أَوْسٍ لها، "ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُجادِلُني فيه"، أي: يَنصَحُها ويَعِظُها، "ويقولُ: اتَّقِي اللهَ؛ فإنَّه ابنُ عَمِّكِ"، تقولُ خُوَيْلَةُ: "فما بَرِحْتُ"، أي: لم أَنصَرِفْ مِن عندِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "حتَّى نزَل القُرآنُ"، أي: بقولِه تعالى: "{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] إلى الفَرْضِ"، أي: إلى ما فرَض الله تعالى مِن الكفَّارةِ في قولِه تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] وما بعدَها، فقال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يُعتِقُ رَقَبَةً"، أي: إنَّ كفَّارةَ ذلك أن يُحرِّرَ زوجُها الذي ظاهَرَ منها عبدًا أو أَمَةً، قالت خُوَيْلَةُ: "لا يَجِدُ"، أي: ليس عندَه رَقَبَةٌ يُحرِّرها، ولا مالٌ يَملِكه يَقدِرُ به على شراءِ رقبةٍ، قال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فيَصُوم شهرَيْن مُتَتابِعَيْنِ"، أي: لا يَفصِل بينَ الشَّهرَيْنِ بأيَّامِ فِطْرٍ لغيرِ عُذرٍ، قالت خُوَيْلة: "يا رسولَ الله، إنَّه شيخٌ كبيرٌ، ما بِه مِن صيامٍ"، أي: لا يَقدِر على صيامِ الشَّهرَيْنِ، قال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسكينًا"، قالت خُوَيْلَةُ: "ما عِندَه مِن شيءٍ يتصدَّق به"، أي: ليس عندَه مِن المالِ الَّذِي يستطيعُ أن يتصدَّقَ به على هذا العددِ.
قالت خُوَيْلة: "فأُتِيَ"، أي: فَجِيءَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأُحْضِرَ له "ساعَتَئِذٍ"، أي: حين بيَّنَتْ له عَجْزَ زوجِها عن أداءِ الكفَّاراتِ الثلاثِ "بِعَرَقٍ" وهو مِكْيالٌ أو وِعاءٌ؛ قِيلَ: قَدْرُه سِتُّون صاعًا، "مِن تَمْرٍ"، قالت خُوَيْلَةُ: "يا رسولَ الله، فإنِّي أُعِينُه"، أي: مِن مالِي "بِعَرَقٍ آخَرَ"، أي: مِن التَّمرِ، قال لها النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "قد أَحْسَنتِ"، أي: بإعانتِك إيَّاه بعَرَق آخرَ، "اذْهَبِي فأَطعِمِي بها عنه سِتِّينَ مِسكينًا، وارْجِعِي إلى ابنِ عَمِّكِ"، أي: زَوْجِك.
قال أحدُ الرُّواةِ: "والعَرَقُ: سِتُّونَ صاعًا". وقِيلَ: إنَّ المشهورَ في العَرَقِ أنَّه مِكْتَلٌ يَسَعُ خمسةَ عَشَرَ صاعًا.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّأليفِ بينَ الزَّوجَيْنِ، وتقديمُ المساعدةِ والعَوْنِ الَّذِي يُحافِظ على تَماسُكِ الزَّواجِ.
وفيه: إعانةُ المرأةِ لزوجِها على ما عَجِز عنه مِن الكفَّاراتِ.