الموسوعة الحديثية


- لَمَّا حَضَرَتْ أبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أبَا جَهْلٍ، وعَبْدَ اللَّهِ بنَ أبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ، فَقالَ: أيْ عَمِّ قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقالَ أبو جَهْلٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ: أتَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْرِضُهَا عليه، ويُعِيدَانِهِ بتِلْكَ المَقالَةِ، حتَّى قالَ أبو طَالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهُمْ: علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، وأَبَى أنْ يَقُولَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فأنْزَلَ اللَّهُ: {ما كانَ للنبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} وأَنْزَلَ اللَّهُ في أبِي طَالِبٍ، فَقالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : المسيب بن حزن | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 4772
| التخريج : أخرجه البخاري (4772)، ومسلم (24)
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة التوبة تفسير آيات - سورة القصص جنائز وموت - تلقين الميت الشهادة قرآن - أسباب النزول إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

 أنَّ أبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، دَخَلَ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِنْدَهُ أبو جَهْلٍ، فَقَالَ: أيْ عَمِّ، قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ. فَقَالَ أبو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ: يا أبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ، حتَّى قَالَ آخِرَ شَيءٍ كَلَّمَهُمْ بهِ: علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ما لَمْ أُنْهَ عنْه. فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] ، ونَزَلَتْ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] .
الراوي : المسيب بن حزن | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3884 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (24)، والنسائي (2035)، وأحمد (23674) باختلاف يسير.


أمرُ الهِدايةِ بيَدِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وواجِبُ المُسلِمِ أنْ يَبذُلَ جُهدَه في دَعْوةِ العِبادِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وتَعريفِهم بالإسْلامِ، ويَدَعَ أمرَ الهِدايةِ له سُبحانَه وتعالَى؛ فهو وَحْدَه مُقلِّبُ القُلوبِ، والهادي إلى سَواءِ السَّبيلِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ المُسيِّبُ بنُ حَزْنٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أبا طالِبٍ عمَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا حضَرَتْه عَلاماتُ الوَفاةِ قبْلَ نَزْعِ الرُّوحِ، دخَل عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان عندَه أبو جَهلٍ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا عَمِّ، قُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، كَلِمةً أشهَدُ لكَ بها عندَ اللهِ، فقال أبو جَهلٍ عَمْرُو بنُ هِشامِ بنِ المُغيرةِ عَدوُّ اللهِ ورَسولِه، وعبدُ اللهِ بنُ أبي أُمَيَّةَ بنِ المُغيرةِ رَضيَ اللهُ عنه -قبْلَ إسْلامِه يومَ الفَتحِ، واستُشهِدَ في غَزْوةِ حُنَينٍ-: يا أبا طَالِبٍ، تَترُكُ مِلَّةَ عبدِ المُطَّلِبِ؟! والمُرادُ بها عِبادةُ الأصْنامِ والأوْثانِ، فلم يَزالَا يُكلِّمانِه حتَّى قال آخِرَ شَيءٍ كلَّمَهم به: أنا على مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لَأستَغْفِرَنَّ لكَ ما لم أُنْهَ عنه»، أي: ما لم يَنْهَني ربِّي عن الاسْتِغْفارِ لكَ، فنزَل قولُ اللهِ تعالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] ، أي: ما كان يَنْبَغي للنَّبيِّ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والَّذين آمَنوا به أنْ يَدْعوا بالمَغفِرةِ للمُشرِكينَ، ولو كان هؤلاء المُشرِكونَ الَّذين يَستَغْفِرونَ لهم ذَوي قَرابةٍ لهم، مِن بعْدِ ما ظهَر لهم أنَّهم ماتوا على الشِّركِ، واستَحَقُّوا بذلك عذابَ النَّارِ، ونزَلَ في أبي طَالِبٍ قولُ اللهِ تعالَى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] ، أي: أحبَبْتَ هِدايَتَه، أو أحبَبْتَه لقَرابَتِه، أي: ليس ذلك إليكَ؛ إنَّما عليكَ البَلاغُ، واللهُ يَهْدي مَن يشاءُ، وله الحِكْمةُ البالِغةُ، والحُجَّةُ الدَّامِغةُ.
وفي الحَديثِ: كَمالُ شَفَقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَحمتِه، وحِرصُه على هِدايةِ النَّاسِ أجْمَعينَ، لا سيَّما عمُّه أبو طالبٍ.
وفيه: أنَّ على المَرءِ أنْ يَتخيَّرَ أصْحابَه وأهلَ مَجلِسِه؛ فإنَّ شُؤمَ صاحِبِ السُّوءِ يضُرُّ بالدُّنْيا والآخِرةِ جَميعًا.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها