الموسوعة الحديثية


- جَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا في البَيْتِ، فَقالَ: أيْنَ ابنُ عَمِّكِ؟ قالَتْ: كانَ بَيْنِي وبيْنَهُ شيءٌ، فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِندِي فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِإِنْسَانٍ: انْظُرْ أيْنَ هُوَ؟ فَجَاءَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هو في المَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُضْطَجِعٌ، قدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عن شِقِّهِ، وأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَمْسَحُهُ عنْه، ويقولُ: قُمْ أبَا تُرَابٍ، قُمْ أبَا تُرَابٍ.
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 441 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
للمسجِدِ حُرمةٌ ومكانةٌ جَليلةٌ في قُلوبِ المسلِمينَ، وقد علَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يُباحُ فيه وما لا يُباحُ.وفي هذا الحَديثِ يَحكي سَهْلُ بنُ سَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاء بيتَ ابنتِه فاطِمةَ رَضيَ اللهُ عنها ذاتَ يَومٍ؛ ليَتفَقَّدَ أحوالَ ابنَتِه وعَلاقَتها مع زَوْجِها، فلمْ يَجِدْ عَلِيًّا في البيتِ في ذلك الوَقْتِ الذي جَرَتْ فيه العادةُ بوُجودِ الرِّجالِ في مَنازِلِهم، فسألَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أينَ ابنُ عَمِّك؟ ولم يقُلْ: أين زَوْجُك، ولا ابنُ عَمِّ أبيكِ؛ استِعطافًا لها على تذَكُّرِ القَرابةِ القَريبةِ بيْنَهما، فأخبَرَتْه أنَّه قد حَدَث بيْنَها وبيْنَه نِزاعٌ واختِلافٌ أدَّى إلى إثارةِ الغَضَبِ في نفْسِها ونفْسِه، فخرَج؛ وذلك حَسْمًا لمادَّةِ الكلامِ، ولأنَّ الخروجَ والابتِعادَ يُسكِّنُ سَوْرةَ الغضَبِ، ولذلك لم يَقْضِ وَقْتَ القَيلولةِ عندَها في البَيتِ، والقَيْلولةُ هي نَوْمُ نِصفِ النَّهارِ أو النومُ بعْدَ الظَّهيرةِ، فأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنسانًا مِن أصحابِه أن يَبحَثَ عن عليٍّ ويَعرِفَ مكانَه، فبحَث عنه ووجَدَه في المسجِدِ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فوجَدَ عَلِيًّا نائمًا ومائلًا على جَنبِه في المسجِدِ، وقد سقَطَ ثَوبُه عن جانبِه وأصابه تُرابٌ، فجَعَلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يمسَحُ عنه التُّرابَ بِيَدِه الشَّريفةِ، ويقول: قُمْ أبا تُرابٍ، قُمْ أبا ترابٍ.وهي كُنْيةٌ أطلَقها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على علِيٍّ رَضيَ اللهُ عنه؛ لأنَّه نامَ على التُّرابِ وتَعفَّرَ ثَوبُه وجسَدُه به، وفيها مِن التَّلطُّفِ به ومؤانَسَتِه في غضَبِه، وتَسليةِ أمْرِه مِن عِتابِه بطريقِ التَّعريضِ لا التَّصريحِ؛ لأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لم يُعاتِبْ عليًّا على مُغاضَبتِه لأهْلِه، بلْ قال له: «قُمْ»، وعَرَّضَ له بالانصِرافِ إلى أهْلِه، وهو مِن حُسنِ خُلُقِه، وجميلِ عِشْرتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي الحديثِ: دُخولُ الوالِدِ بَيتَ ابنَتِه بغيرِ إذْنِ زَوْجِها، حيثُ يُعلَمُ رِضاهُ.وفيه: المُمازَحةُ للغاضِبِ؛ بالتَّكْنِيةِ بغيرِ كُنْيَتِه، إذا كان لا يَكرَهُ ذلك ولا يُغْضِبُه، بل يُؤْنِسُه مِن حَرَجِه.وفيه: التَّكنيةُ بغَيرِ الولدِ.وفيه: فَضيلةٌ عظيمةٌ لعليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه.وفيه: مَشروعيَّةُ النَّومِ في المسجِدِ مُطْلقًا.