الموسوعة الحديثية


- لَمَّا نزلت آيةُ الدَّيْنِ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ أولَ من جَحَدَ آدمُ عليهِ السلامُ أو أولُ من جحد آدمُ إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لَمَّا خلقَ آدمَ مسح ظهرَه فأخرج منه ما هو من ذُراريٍّ إلى يومِ القيامةِ فجعل يَعرضُ ذريَّتَهُ عليه فرأى فيهم رجلًا يُزهرُ فقال : أَيْ ربِّ مَن هذا قال : هذا ابنُك داودُ قال : أَيْ ربِّ كم عمرُه قال : ستونَ عامًا قال : ربِّ زِدْ في عمرِه قال : لا إلا أن أزيدَه من عمرِكَ وكان عُمْرُ آدمَ ألفَ عامٍ فزادهُ أربعين عامًا فكتبَ اللهُ عزَّ وجلَّ عليه بذلك كتابًا وأشهدَ عليه الملائكةَ فلمَّا احتضرَ آدمُ وأتتهُ الملائكةُ لتقبضَهُ قال : إنه قد بَقِيَ من عُمُري أربعونَ عامًا فقيل : إنك قد وَهَبتَها لابنِك داودَ قال : ما فعلتُ وأبرزَ اللهُ عزَّ وجلَّ عليه الكتابَ وشهدتْ عليه الملائكةُ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 4/71 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (2270) واللفظ له، والطيالسي (2815)، وأبو يعلى (2710)

لمَّا نزلت آيةُ الدَّينِ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ أوَّلَ مَن جحدَ آدمُ ، عليهِ السَّلامُ ، أنَّ اللَّهَ لمَّا خلقَ آدمَ ، مسحَ ظَهْرَهُ فأخرج منهُ ما هوَ ذارئٌ إلى يومِ القيامةِ ، فجعلَ يعرضُ ذرِّيَّتَهُ عليهِ ، فرأى فيهم رجلًا يزهر ، فقالَ : أي ربِّ ، مَن هذا ؟ قالَ : هوَ ابنُكَ داودُ . قالَ : أي ربِّ ، كم عمرُهُ ؟ قالَ : ستُّونَ عامًا ، قالَ : ربِّ زد في عمرِهِ . قالَ : لا إلَّا أن أزيدَه من عمرِكَ . وَكانَ عمرُ آدمَ ألفَ سنةٍ ، فزادَهُ أربعينَ ، فَكَتبَ عليهِ بذلِكَ كتابًا وأشهدَ عليهِ الملائِكَةَ ، فلمَّا احتُضِرَ آدمُ وأتتهُ الملائِكَةُ قالَ : إنَّهُ قد بقيَ من عُمُري أربعونَ عامًا ، فقيلَ لَهُ : إنَّكَ قد وَهَبتَها لابنِكَ داودَ . قالَ : ما فَعلتُ . فأبرزَ اللَّهُ عليهِ الكتابَ ، وأشهَدَ عليهِ الملائِكَةَ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير
الصفحة أو الرقم: 1/338 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أحمد (2270)، والطيالسي (2815)، وأبو يعلى (2710) باختلاف يسير


خلَقَ اللهُ تعالى آدَمَ عليه السَّلامُ بيَدِه، وكَرَّمَه وأسجَدَ له مَلائِكتَه، وخلَقَ مِنه حوَّاءَ، وجعَلَ مِنهما الذُّرِّيَّةَ والنَّسلَ، وأجْرى عليهِم المقاديرَ بحِكمَتِه، وكما فعَلَ آدَمُ عليه السَّلامُ فعَلَتْ ذُرِّيَّتُه مِن بَعدِه؛ مِن النِّسيانِ، وغيرِ ذلك، كما يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما في هذا الحديثِ: "لَمَّا نزَلَت آيةُ الدَّينِ" وهي قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ أوَّلَ مَن جحَدَ آدَمُ عليه السَّلامُ" والجُحودُ هو الإنكارُ والتَّكذيبُ بالأمْرِ، "إنَّ اللهَ لَمَّا خلَقَ آدَمَ، مسَحَ ظَهْرَه"، أي: مسَحَ اللهُ سُبحانه بيَدِه ظَهرَ آدَمَ، "فأخرَجَ منه ما هو ذارئٌ إلى يومِ القيامةِ" والمعنى أنَّ اللهَ سُبحانه أخرَجَ مِن ظَهرِ آدَمَ بقُدرتِه كلَّ نَسَمةٍ هو خالِقُها مِن ذُرِّيَّتِه إلى يومِ القيامةِ، قيل: المقصودُ أنَّ اللهَ أخرَجَ مِثالَه وأمثلَةَ أولادِه في عالَمِ الغيبِ، "فجعَلَ يَعرِضُ ذُرِّيَّتَهُ عليه"، بمعنى يُنشِرُهم أمامَه لِيَراهم، "فرأى فيهم رجلًا يَزْهَرُ"، أي: يَلمَعُ ويَبرُقُ مِن وَضاءتِه ونُورِه، فقال آدَمُ عليه السَّلامُ: "أيْ ربِّ مَن هذا؟" يَقصِدُ الرجُلَ الذي في ذُرِّيَّتِه ويَظهَرُ نُورُه فيهم، فقال اللهُ عزَّ وجلَّ: "هو ابنُك داودُ، قال: أيْ ربِّ كمْ عُمرُه؟" أي: ما مِقْدارُ عُمرِه وكم سيَعيشُ؟ "قال: سِتُّونَ عامًا، قال: ربِّ زِدْ في عُمرِه، قال: لا" إشارةً إلى أنَّه سُبحانه قدَّر له عُمرَه ولنْ يَزيدَه شيئًا، "إلَّا أنْ أَزِيدَه مِن عُمرِكَ، وكان عُمرُ آدَمَ ألْفَ عامٍ، فزادهُ أربعينَ عامًا"، وبذلك يكونُ عُمرُ داودَ عليه السَّلامُ مِئةَ سَنةٍ، وعُمرُ آدَمَ 960 سَنةً، "فكتَبَ عليه بذلك كتابًا وأشهَدَ عليه الملائكةَ"؛ ولعلَّ ذلك لتَعليمِ اللهِ خلْقَه الكتابةَ، أو لعلَّه لعِلْمِ اللهِ سُبحانَه بما سيَكونُ مِن إنكارِ آدَمَ، "فلمَّا احتُضِرَ آدَمُ، وأتَتْهُ الملائكةُ"، أي: جاءتِ الملائكةُ إلى آدَمَ لقَبْضِ رُوحِه وإنهاءِ حَياتِه، "قال: إنَّه قد بَقِيَ مِن عُمُري أربعونَ عامًا"، وفي رِوايةِ التِّرمذيِّ: "فكان آدَمُ يَعُدُّ لِنفْسِه"، أي: يُقدِّرُ ويَحسُبُ لنَفسِه سِنَّه وعُمرَه الَّذي يَعيشُه، "فقِيل له: إنَّك قد وَهَبْتَها لابنِك داودَ" فذَكَّروه بما أعطَى لِداودَ مِن العُمرِ، "قال: ما فعَلْتُ"، وهذا جُحودٌ وإنكارٌ ونِسيانٌ لِمَا وهَبَه مِن عُمرِه لداودَ عليه السَّلامُ، "فأَبْرَزَ اللهُ عليه الكِتابَ، وأشْهَدَ عليه الملائكةَ"، أي: أخْرَجَ اللهُ عزَّ وجلَّ لآدَمَ الكِتابَ الذي قد كتَبَه عليه، وما كان مِن شَهادةٍ عِندَ الملائكةِ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ آدَمَ عليه السَّلامُ لم يتَذكَّرْ سَريعًا ما نَسِيَه، بلْ ظهَرَ مِنه الإنكار.
وفي رِوايةِ التِّرمذيِّ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "ثُمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فمِن يَومِئذٍ"، أي: مِن ذلك الوقتِ، "أُمِرَ بالكِتابِ والشُّهودِ"، أي: شرَعَ اللهُ عزَّ وجلَّ تَوثيقَ المعامَلاتِ بيْن النَّاسِ؛ إمَّا بكتابٍ يُكتَبُ، أو إشهادِ الشُّهودِ؛ حتَّى لا تَضيعَ الحُقوقُ بيْن النِّسيانِ والجُحودِ.
وفي الحديثِ: إرشادٌ إلى الكِتابةِ والشُّهودِ في المعاملاتِ، وبَيانُ أنَّ ذلك مِن السُّننِ والشَّرائعِ التي أُقِرَّت معَ خَلْقَ آدَمُ عليه السَّلامُ .