لما قدم كعبُ بنُ الأشرفِ مكةَ ؛ أتوْهُ فقالوا : نحنُ أهلُ السقايةِ والسدانةِ ، وأنت سيدُ أهلِ يثربَ ، فنحنُ خيرٌ أم هذا الصنيبيرُ المنبترُ من قومِه يزعمُ أنَّهُ خيرٌ منا ؟ فقال : أنتم خيرٌ منه ، فنزلتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ، وأُنزلت عليهِ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوْا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبِتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوْا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوْا سَبِيلًا
الراوي :
عبدالله بن عباس | المحدث :
الألباني
|
المصدر :
صحيح الموارد
الصفحة أو الرقم: 1448 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج :
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (11707)، وابن حبان (6572)، والطبراني (11/251) (11645)
كان كعبُ بنُ الأشرفِ شاعِرًا مِن يَهودِ العرَبِ، وكان يَهْجو النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ويُحرِّضُ عليه كفَّارَ قُريشٍ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "لمَّا قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرفِ مكَّةَ، أتَوْهُ"، أي: جاءه أهلُ مكَّةَ، "فقالوا: نحن أهلُ السِّقايةِ والسِّدانةِ"، أي: نتولَّى ونَملِكُ سِقايةَ الحجيجِ، ونَخدُمُ الكعبةَ وما فيها، ونتولَّى أُمورَها، "وأنت سيِّدُ أهلِ يَثرِبَ"، وهو اسمُ المدينةِ النَّبويَّةِ القديمُ في الجاهليَّةِ، "فنحن خيرٌ أمْ هذا" والمعنى: هلْ دِينُنا وما نحنُ عليه خيرٌ أمْ دِينُه وما هو عليه؟ "الصُّنَيْبِيرُ"، أي: الضَّعيفُ الفردُ الذى لا غناءَ عنده ولا امتناعَ، "المُنْبَتِرُ"، أي: المُنقطِعُ والمنفردِ، "مِن قَومِه، يَزعُمُ أنَّه خيرٌ منَّا؟ فقال: أنتمْ خيرٌ منه، فنزَلَت على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}
[الكوثر: 3] ، والمعنى: إنَّ كارِهَك وعدُوَّك هو المقطوعُ والمُبعَدُ عن رحمةِ اللهِ وفضْلِه، وهو المنفرِدُ الوحيدُ عندَ اللهِ، والأبترُ: هو مَن مات أولادُه الذُّكورُ، فلمَّا مات أبناءُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا له: الأبترُ، فتَوهَّموا -لِجَهلِهم- أنَّه إذا مات بنوه انقطَعَ ذِكْرُه، "وأُنزِلَت عليه: {أَلَمْ تَرَ إِلَّى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}
[النساء: 51] ، والجِبتُ والطَّاغوتُ يَقعانِ على الصَّنمِ والكاهنِ والسَّاحرِ والشَّيطانِ، وكلِّ ما عُبِدَ مِن دونِ اللهِ، "{وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا}
[النساء: 51] "، أي: يقولونَ: إنَّ الكفَّارَ والمشركين أصوبُ رأيًا، وعلى الهدايةِ والحقِّ، وطريقتُهم أكثرُ هديًا مِن طريقِ الذين آمَنوا باللهِ ورسولِه.
وكان ذلك مُناسبةَ نُزولِ هاتينِ الآيتينِ، وقيل: إنَّ سورةَ الكوثرِ نزَلَت في أبي لهبٍ، أو في أبي جَهلٍ؛ وذلك حين مات ابنٌ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذهَبَ إلى المشركين، فقال: بُتِرَ محمَّدٌ اللَّيلةَ، فأنزَلَ اللهُ في ذلك: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}
[الكوَثر: 3] ، وقال بعضُ العلماءِ: هذا يعُمُّ جميعَ مَن اتَّصفَ بأنَّه شانئٌ وكارهٌ ومُعادٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك ممَّن ذُكِرَ، وغيرهم.
وفي الحَديثِ: بيانُ تأييدِ اللهِ لِنَبيِّه ونصْرِه له على عدُوِّه .