الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - ويلٌ للأمراءِ ويلٌ للعرفاءِ ويلٌ للأمناءِ لَيأتيَنَّ على أحدِهم يومٌ ودَّ أنه معلقٌ بالنجمِ وإنه لم يلِ عملًا
خلاصة حكم المحدث : فيه عمر بن سعيد البصري وهو ضعيف وليث بن أبي سليم مدلس
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : /202
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - الترهيب من الإمارة إمامة وخلافة - الشرطي إمامة وخلافة - العريف إمامة وخلافة - ذم الإمارة إمامة وخلافة - العرافة وتعيين العرفاء والوكلاء
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

2 - عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان قاعداً وحوله نفر من المهاجرين والأنصار وهم كثير إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس! إنما مثل أحدكم ومثل ما له ومثل أهله ومثل عمله كرجل له أخوة ثلاثة فقال لأخيه الذي هو ما له حين حضرته الوفاة ونزل به الموت: ماذا عندك فقد نزل بي ما قد ترى؟ فقال له أخوة الذي هو ما له: ما عندي لك غناء ولا عندي لك نفع إلا مادمت حيا فخذ مني الآن ما أردت فإني إذا فارقتك سيذهب بي إلى مذهب غير مذهبك وسيأخذني غيرك فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال: هذا أخوه الذي هو ماله فأي أخ ترونه قالوا لا نسمع طائلا يا رسول الله ثم قال لأخيه الذي هو أهله: قد نزل بي الموت وحضرني ماقد ترى فماذا عندك من الغناء؟ قال: عندي أن أمرضك وأقوم عليك وأعانيك فإذا مت غسلتك وحنطتك وكفنتك ثم حملتك في الحاملين وشيعتك أحملك مرة وأميط أخرى ثم أرجع عنك فأثني بخير عند من سألني عنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أهله أي أخ ترونه؟ قالوا لا نسمع طائلاً يا رسول الله ثم قال لأخيه الذي هو عمله: ماذا عندك وماذا لديك؟ قال أشيعك إلى قبرك فأونس وحشتك وأذهب همك وأجادل عنك وأقعد في كفنك وأشول بخطاياك فقال النبي صلى الله عليه وسلم أي أخ تروا هذا الذي هو عمله؟ قالوا خير أخ يا رسول الله قال والأمر هكذا. قالت عائشة: فقام عبد الله بن كرز الليثي فقال: يا رسول الله! تأذن لي أن أقول على هذا شعراً؟ قال نعم. قالت عائشة فما بات إلا ليلته تلك حتى غدا عبد الله بن كرز واجتمع المسلمون من تمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت وما فيه. قالت عائشة: فجاء ابن كرز فقام على رأس النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اية ابن كرز؟ فقال ابن كرز: فإني ومالي وأهلي والذي قدمت * يدي كداع إليه صحبه ثم قائل * لأصحابه إذ هم ثلاثة أخوة * أعينوا على أمر بي اليوم نازل * فراق طويل غير ذي مثنوية * فماذا لديكم بالذي بي غائل * فقال امرؤ منهم: أنا الصاحب الذي * أطيعك فيما شئت قبل النزائل * فأما إذا أجد الفراق فإنني * لما بيننا من خلة غير واصل * ابذل حينئذ فلا يستطيعني * كذاك أحيانا صروف التداول * فخذ ما أردت الآن منث فإنني * سيسلك بي مهيل من مهائل * فإن تبقني لا أبق فاستيقننه * تعجل صلاحاً قبل حتف معاجل * وقال امرؤ قد كنت جدا أحبه * وأوثره من بينهم بالتفاضل * غناي أني جاهد لك ناصح * إذا جد جد الكرب غير مقاتل * ولكنني باك عليك ومعول * ومثنى بخير عند من هو سائلي * ومتبع الماشين امشي مشيعاً * أعين برفق عقبة كل حامل * إلى بيت مثواك الذي أنت مدخل * ورجع حينئذ بما هو شاغلي * كأن لم يكن بيني وبينك خلة * ولا حسن ود مرة في التباذل * وذلك أهل المر ذاك غناؤهم * وليسوا وإن كانوا حراصاً بطائل * وقال امرؤ منهم أنا الأخ لا ترى أخا لك مثلي عند جهد الزلازل * لدى القبر تلقاني هنالك قاعدا * أجادل عنك في رجاع التجادل * وأقعد يوم الوزن في الكفة التي * تكون عليها جاهد في التثاقل * فلا تنسني واعلم مكاني فأنني * عليك شفيق ناصح غير خاذل * فذلك ما قدمت من كل صالح * تلاقيه أن أحسنت يوم التفاضل. قالت عائشة فما بقي عند النبي صلى الله عليه وسلم ذو عين تطرف إلا دمعت قالت: ثم كان ابن كرز يمر على مجالس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يستنشدونه فينشدهم فلا يبقى من المهاجرين والأنصار أحد إلا بكى
خلاصة حكم المحدث : [فيه] عبد الله بن عبد العزيز الزهري حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به وليس له أصل من حديث الزهري
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : العقيلي | المصدر : الضعفاء الكبير
الصفحة أو الرقم : 2/277
التصنيف الموضوعي: جنائز وموت - التشديد عند الموت وسكرات الموت رقائق وزهد - الزهد في الدنيا رقائق وزهد - ذكر الموت آداب عامة - ضرب الأمثال دفن ومقابر - أحوال الميت في القبر
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

3 - إنَّ اللهَ يُحبُّ حِفظ الوُدِّ القديمِ

4 - إنَّ اللهَ يحبُّ حفظَ الودِّ القديمِ

5 - إِنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ حفْظَ الوُدِّ القديمِ
خلاصة حكم المحدث : ضعيف جداً
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : ضعيف الجامع
الصفحة أو الرقم : 1721
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - الترغيب في الصحبة بر وصلة - حسن العهد رقائق وزهد - الحب في الله عقيدة - إثبات صفات الله تعالى بر وصلة - التودد إلى الإخوان
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

6 - زَعَمُوا أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ معهُ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجٍ، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا، حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وقَفَلَ ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ؛ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشَيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فأقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وإنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وليسَ فيه أحَدٌ، فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي، فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي، وكانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ ما نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بهَا شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ مِن قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، ويَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أرَى مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أمْرَضُ، إنَّما يَدْخُلُ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ لا أشْعُرُ بشَيءٍ مِن ذلكَ حتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ؛ مُتَبَرَّزُنَا، لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أوْ في التَّنَزُّهِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ بنْتُ أبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ في مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ! أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! فَقَالَتْ: يا هَنْتَاهْ، ألَمْ تَسْمَعِي ما قالوا؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَقُلتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قَالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي علَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ؛ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ولَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ولقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بهذا؟! قَالَتْ: فَبِتُّ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ عليه بالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لهمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أهْلُكَ يا رَسولَ اللَّهِ، ولَا نَعْلَمُ -واللَّهِ- إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: يا بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ فِيهَا شيئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لا والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ منها أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِي؟! فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، وقدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنَا واللَّهِ أعْذِرُكَ منه؛ إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فيه أمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ -وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى ذلكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، واللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ؛ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَثَارَ الحَيَّانِ -الأوْسُ والخَزْرَجُ- حتَّى هَمُّوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، وبَكَيْتُ يَومِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، فأصْبَحَ عِندِي أبَوَايَ، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا حتَّى أظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبيْنَا هُما جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، إذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ إذْ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَجَلَسَ، ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مِن يَومِ قِيلَ فِيَّ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي شَيءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: يا عَائِشَةُ، فإنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ؛ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، وقُلتُ لأبِي: أجِبْ عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قَالَ، قَالَتْ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلتُ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ علَى فِرَاشِي وأَنَا أرْجُو أنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، ولَكِنْ واللَّهِ ما ظَنَنْتُ أنْ يُنْزِلَ في شَأْنِي وحْيًا، ولَأَنَا أحْقَرُ في نَفْسِي مِن أنْ يُتَكَلَّمَ بالقُرْآنِ في أمْرِي، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ في يَومٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه -وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه-: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ.

7 - عن عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأها اللهُ منه قال الزُّهريُّ : وكلُّهم حدَّثني طائفةً مِن حديثِها وبعضُهم أوعى مِن بعضٍ وأثبَتُ له اقتصاصًا وقد وعَيْتُ عن كلِّ واحدٍ منهم الحديثَ الَّذي حدَّثني عن عائشةَ وبعضُ حديثِهم يُصدِّقُ بعضًا زعَموا أنَّ عائشةَ رضِي اللهُ عنها قالت : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أنْ يخرُجَ سفَرًا أقرَع بَيْنَ أزواجِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها معه فأقرَع بَيْنَنا في غَزاةٍ غزاها فخرَج سهمي فخرَجْتُ معه بعدَما أُنزِل الحجابُ وأنا أُحمَلُ في هَوْدجي وأنزِلُ فيه فسِرْنا حتَّى إذا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن غزوتِه تلك قفَل ودنَوْنا مِن المدينةِ فآذَن ليلةً بالرَّحيلِ فقُمْتُ فمشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ فلمَّا قضَيْتُ شأني أقبَلْتُ إلى الرَّحْلِ فلمَسْتُ صدري فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظفارٍ قدِ انقطَع فرجَعْتُ فالتمَسْتُ عِقدي فحبَسني ابتغاؤُه فأقبَل الَّذينَ يرحَلونَ بي فاحتمَلوا هَوْدجي فرحَلوه على بعيري الَّذي كُنْتُ أركَبُ وهم يحسَبونَ أنِّي فيه وكان النِّساءُ إذ ذاكَ خِفافًا لَمْ يثقُلْنَ ولَمْ يغشَهنَّ اللَّحمُ وإنَّما يأكُلْنَ العُلقةَ مِن الطَّعامِ فلَمْ يستنكِرِ القومُ حينَ رفَعوه ثِقَلَ الهَوْدجِ فاحتمَلوه وكُنْتُ جاريةً حديثةَ السِّنِّ فبعَثوا الجمَلَ وساروا فوجَدْتُ عِقدي بعدَما استمرَّ الجيشُ فجِئْتُ منزِلَهم وليس فيه أحَدٌ فأقمَتْ منزِلي الَّذي كُنْتُ به وظنَنْتُ أنَّهم سيفقِدوني فيرجِعونَ إلَيَّ فبَيْنا أنا جالسةٌ غلَبَتْني عينايَ فنِمْتُ وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ مِن وراءِ الجيشِ فأصبَح عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ وكان يراني قبْلَ الحجابِ فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجِلْبابي واللهِ ما تكلَّمْتُ بكلمةٍ ولا سمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه حتَّى أناخ راحلتَه فوطِئ يدَها فركِبْتُها فانطلَق يقودُ بي الرَّاحلةَ حتَّى أتَيْنا الجيشَ بعدَما نزَلوا معرِّسينَ في نحرِ الظَّهيرةِ فهلَك مَن هلَك وكان الَّذي تولَّى كِبْرَ الإفكِ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلولٍ فقدِمْنا المدينةَ فاشتكَيْتُ بها شهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أصحابِ الإفكِ ويَريبني في وجَعي أنِّي لا أرى مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللُّطْفَ الَّذي كُنْتُ أرى منه حينَ أمرَضُ إنَّما يدخُلُ فيُسلِّمُ ثمَّ يقولُ : ( كيفَ تِيكُمْ ) ؟ ولا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك حتَّى نقِهْتُ فخرَجْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ قِبَلَ المَناصِعِ وكان مُتبرَّزَنا لا نخرُجُ إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلكَ قبْلَ أنْ نتَّخِذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا وأمرُنا أمرُ العرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أو في التَّبرُّزِ فأقبَلْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ نمشي فعثَرَتْ في مِرْطِها فقالت : تعِس مِسطَحٌ فقُلْتُ : بِئس ما قُلْتِ أتسُبُّينَ رجُلًا شهِد بدرًا ؟ فقالت : يا هَنْتاه ألَمْ تسمَعي ما قالوا ؟ فأخبَرَتْني بما يقولُ أهلُ الإفكِ فازدَدْتُ مرَضًا على مرضٍ فلمَّا رجَعْتُ إلى بيتي دخَل علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( كيف تِيكم ) ؟ فقُلْتُ : ائذَنْ لي آتي أبويَّ قالت : وأنا حينَئذٍ أُريدُ أنْ أستيقِنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما فأذِن لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتَيْتُ أبويَّ فقُلْتُ لِأُمِّي : ما يتحدَّثُ به النَّاسُ ؟ فقالت : يا بُنيَّةُ هوِّني على نفسِك الشَّأنَ فواللهِ لقلَّما كانتِ امرأةٌ قطُّ وضيئةٌ عندَ رجُلٍ يُحِبُّها ولها ضرائرُ إلَّا أكثَرْنَ عليها فقُلْتُ : سُبحانَ اللهِ لقد تحدَّث النَّاسُ بهذا ؟ قالت : نَعم فبِتُّ تلكَ اللَّيلةَ حتَّى أصبَحْتُ لا يرقَأُ لي دَمْعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ ثمَّ أصبَحْتُ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علِيَّ بنَ أبي طالبٍ وأُسامةَ بنَ زيدٍ حينَ استَلْبَث الوحيُ يستشيرُهما في فِراقِ أهلِه فأمَّا أُسامةُ فأشار عليه بالَّذي يعلَمُ في نفسِه مِن الوُدِّ لهم فقال : أهلُك يا رسولَ اللهِ ولا نعلَمُ واللهِ إلَّا خيرًا وأمَّا علِيٌّ فقال : يا رسولَ اللهِ لَمْ يُضيِّقِ اللهُ عليكَ والنِّساءُ سواها كثيرٌ وسَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَريرةَ فقال : ( يا بَريرةُ هل رأَيْتِ فيها شيئًا ما يريبُكِ ) ؟ فقالت : لا والَّذي بعَثكَ بالحقِّ إنْ رأَيْتُ منها أمرًا أغمِصُه عليها أكثَرَ مِن أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تنامُ عنِ العجينِ فتأتي الدَّاجنُ فتأكُلُه فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن يومِه فاستعذَر مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابنِ سَلولٍ فقال : ( مَن يعذِرُني مِن رجُلٍ بلَغ أذاه في أهلي وواللهِ ما علِمْتُ على أهلي إلَّا خيرًا وقد ذكَروا رجُلًا ما علِمْتُ عليه إلَّا خيرًا وما كان يدخُلُ على أهلي إلَّا معي ) فقام سعدُ بنُ مُعاذٍ فقال : يا رسولَ اللهِ وأنا واللهِ أعذِرُك منه إنْ كان مِن الأوسِ ضرَبْنا عُنُقَه وإنْ كان مِن إخوانِنا مِن الخَزرجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا فيه أمرَك فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وكان قبْلَ ذلكَ رجُلًا صالِحًا ولكِنِ احتمَلَتْه الحَميَّةُ فقال : كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تقتُلُه ولا تقدِرُ على ذلكَ فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ فقال كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنقتُلَنَّه فإنَّكَ مُنافِقٌ تُجادِلُ عنِ المُنافِقينَ فثار الحيَّانِ الأوسُ والخَزرجُ حتَّى همُّوا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ فجعَل يُخفِّضُهم حتَّى سكَتوا ومكَثْتُ يومي لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ فأصبَح عندي أبواي وقد بكَيْتُ ليلتي ويومي حتَّى أظُنَّ أنَّ البكاءَ فالِقٌ كبِدي قالت : فبَيْنا هما جالسانِ عندي وأنا أبكي إذِ استأذَنَتِ امرأةٌ مِن الأنصارِ فأذِنْتُ لها فجلَسَتْ تبكي معي فبَيْنا نحنُ كذلك إذ دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجلَس ولَمْ يجلِسْ عندي مِن يومِ قيل لي ما قيل قبْلَها وقد مكَث شهرًا لا يُوحَى إليه في شأني شيءٌ قالت : فتشهَّد ثمَّ قال : ( يا عائشةُ أمَّا بعدُ فإنَّه قد بلَغني عنكِ كذا وكذا فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ فاستغفِري اللهَ وتُوبي إليه فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بذَنبِه ثمَّ تاب تاب اللهُ عليه ) فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مقالتَه قلَص دمعي حتَّى ما أُحِسُّ منه بقَطرةٍ وقُلْتُ لِأَبي : أجِبْ عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ لِأمِّي : أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما قال قالت : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت : وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرَأُ كثيرًا مِن القُرآنِ فقُلْتُ : إي واللهِ لقد علِمْتُ أنَّكم سمِعْتُم ما تحدَّث النَّاسُ ووقَر في أنفسِكم وصدَّقْتُم به ولئِنْ قُلْتُ لكم : إنِّي بريئةٌ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لا تُصدِّقوني بذلكَ وإنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لَتُصدِّقُنِّي واللهِ ما أجِدُ لي ولكم مَثَلًا إلَّا أبا يوسُفَ إذ قال : {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثمَّ تحوَّلْتُ على فِراشي وأنا أرجو أنْ يُبرِّئَني اللهُ ولكِنْ واللهِ ما ظنَنْتُ أنْ ينزِلَ في شأني وحيٌ ولَأنا أحقَرُ في نفسي مِن أنْ يُتكلَّمَ بالقُرآنِ في أمري ولكنِّي كُنْتُ أرجو أنْ يرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّومِ رؤيا تُبرِّئُني فواللهِ ما رام في مجلسِه ولا خرَج أحَدٌ مِن البيتِ حتَّى أُنزِل عليه فأخَذه ما كان يأخُذُه مِن البُّرَحاءِ حتَّى إنَّه لَينحدِرُ منه مِثلُ الجُمَانِ مِن العَرَقِ في يومٍ شاتٍ فلمَّا سُرِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يضحَكُ فكان أوَّلَ كلمةٍ تكلَّم بها أنْ قال : ( يا عائشةُ احمَدي اللهَ فقد برَّأكِ اللهُ ) فقالت لي أُمِّي : قومي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ : لا واللهِ لا أقومُ إليه ولا أحمَدُ إلَّا اللهَ فأنزَل اللهُ تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآياتِ فلمَّا أنزَل اللهُ هذا في براءتي قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِي اللهُ عنه وكان يُنفِقُ على مِسطَحٍ لقَرابتِه منه : واللهِ لا أُنفِقُ على مِسطَحٍ شيئًا أبدًا بعدَما قال لِعائشةَ فأنزَل اللهُ : {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] إلى قولِه : {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] فقال أبو بكرٍ : واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يغفِرَ اللهُ لي فرجَع إلى مِسطَحٍ بالَّذي كان يُجري عليه وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَل زينبَ بنتَ جَحْشٍ عن أمري فقالت : يا رسولَ اللهِ [ أحمي ] سَمْعي وبصَري وكانت تُساميني فعصَمها اللهُ بالوَرَعِ

8 - عن ابنِ شِهابٍ، حَدَّثَني عُرْوةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وسَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَلْقَمةُ بنُ وَقَّاصٍ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ بنِ مَسْعودٍ، عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن قَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ما قالوا، فبَرَّأَها اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِن ذلك، وكلُّهم قد حَدَّثني بطائِفةٍ مِن حَديثِها، وبعضُهم كانَ أَوْعى لحَديثِها مِن بعضٍ، وأَحسَنَ اقْتِصاصًا، وبعضُهم يُصدِّقُ حَديثَ بعضٍ، قالَتْ: كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أرادَ سَفَرًا أَقرَعَ بَيْنَ نِسائِه، فأَيَّتُهنَّ خَرَجَ سَهْمُها خَرَجَ بِها معَه، قالَتْ: فأَقرَعَ بَيْنَنا في غَزاةٍ غَزاها، فخَرَجَ سَهْمي، فخَرَجْتُ معَه بَعْدَما أَنزَلَ آيةَ الحِجابِ، فأنا أُحمَلُ في هَوْدَجي، وأَنزِلُ فيه، حتَّى إذا فَرَغَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنْ غَزْوتِه تلك وقَفَلَ ودَنَونا مِن المَدينةِ، أَذِنَ لَيْلَه بالرَّحيلِ، فمَشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجَيْشَ، فلمَّا قَضيْتُ شَأني أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فالتَمَسْتُ صَدْري، فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفارٍ قد انْقَطَعَ، فرَجَعْتُ فالْتَمَسْتُ عِقْدي، فحَبَسَني ابْتِغاؤُه، فأَقبَلَ الَّذين يَرْحَلونَ بي، فاحْتَمَلوا هَوْدَجي فرَحَلوه على بَعيري الَّذي كُنْتُ أركَبُهُ، وهُمْ يَحسَبونَ أنَّني فيه، وكانَ النِّساءُ إذ ذاك خِفافًا لم يَثقُلْنَ ولم يَهبُلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأكُلْنَ العُلْقةَ مِن الطَّعامِ، فلم يَسْتنكِرِ القَوْمُ حينَ رَفَعوه ثِقَلَ الهَوْدَجِ فاحْتَمَلوه، وكُنْتُ جارِيةً حَديثةَ السِّنِّ، فبَعَثوا الجَمَلَ وساروا، فوَجَدْتُ العِقْدَ بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فجِئْتُ مَنزِلَهم وليس فيه داعٍ ولا مُجيبٌ، فتَيَمَّمْتُ مَنزِلي الَّذي كُنْتُ فيه، وظَنَنْتُ أنَّهم سَيَفْقِدونِّي فيَرجِعونَ إليَّ، قالَتْ: فبَيْنَما أنا جالِسةٌ في مَنزِلي غَلَبَتْني عَيْني، وكانَ صَفْوانُ بنُ المُعطَّلِ السُّلَميُّ، ثُمَّ الذَّكْوانيُّ رَضِيَ اللهُ عنه قد عَرَّسَ مِن وَراءِ الجَيْشِ، فأَدلَجَ عنْدَ مَنزِلي، فرأى سَوادَ إنْسانٍ نائِمٍ، فأتاني، وكانَ يَراني قَبْلَ نُزولِ الحِجابِ، فما اسْتَيْقَظْتُ إلَّا باسْتِرْجاعِه حينَ رآني، فواللهِ ما كَلَّمَني، ولا سَمِعْتُ مِنه كَلِمةً غَيْرَ اسْتِرْجاعِه، ثُمَّ أَناخَ راحِلتَه، فوَطِئَ على يَدِها فرَكِبْتُها، فانْطَلَقَ يَقودُ بي الرَّاحِلةَ حتَّى أَتَيْنا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلوا مُعَرِّسينَ نَحْرَ الظَّهيرةِ -كَذا في هذه الرِّوايةِ، وفي غَيْرِها: موغِرينَ- فهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الَّذي تَوَلَّى كِبْرَ الإفْكِ عَبْدَ اللهِ بنَ أُبَيِّ [ابنَ] سَلولَ، فقَدِمْنا المَدينةَ، فاشْتَكَيْتُ بها شَهْرًا، والنَّاسُ يُفيضونَ في قَوْلِ أصْحابِ الإفْكِ ، لا أَشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك، ويَريبُني في وَجَعي أنِّي لا أرى مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الَّذي كُنْتُ أراه مِنه حينَ أَمرَضُ، إنَّما يَدخُلُ فيُسلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيف تِيكُم؟ فذلك يَريبُني ولا أَشعُرُ حتَّى نَقَهْتُ، فخَرَجْتُ أنا وأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أبي رُهْمٍ قِبَلَ المَناصِعِ ، وهو مُتَبَرَّزُنا، لا نَخرُجُ إلَّا مِن لَيْلٍ إلى لَيْلٍ، وذلك قَبْلَ أن نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَريبًا مِن بُيوتِنا، وأمْرُنا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّنَزُّهِ، وأَقبَلْتُ أنا وأُمُّ مِسْطَحٍ نَمْشي فعَثَرَتْ في مِرْطِها فقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ!فقُلْتُ لها: بِئْسَ ما قُلْتِ! أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: يا هَنْتَاهْ! أَلَمْ تَسمَعي ما قالَ؟ قُلْتُ: وماذا قالَ؟ فأَخبَرَتْني بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فازْدَدْتُ مَرَضًا إلى مَرضِي، فلمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ علَيَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: كيف تيكم؟ فقُلْتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قالَتْ: وأنا حينَئذٍ أُريدُ أن أَسْتيقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهما، قالَت: فأَتَيْتُ أَبَوَيَّ فقُلْتُ لأُمِّي: ما يُحدِّثُ [به] النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّني على نفْسِك، فوَاللهِ لَقَلَّ ما كانَتِ امْرَأةٌ قَطُّ وَظِبَةً عنْدَ رَجُلٍ ولها ضَرائِرُ إلَّا أَكثَرْنَ عليها، فقُلْتُ: وقد تَحدَّثَ النَّاسُ بِهذا؟! قالَتْ: فبِتُّ تلك اللَّيْلةَ حتَّى أَصبَحْتُ ولا يَرْقى لي دَمْعٌ، ولا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ حتَّى أَصبَحْتُ . فدَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ [علِيَّ بنَ أبي طالِبٍ] وأُسامةَ بنَ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما حينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ يَسْتَشيرُهما في فِراقِ أهْلِه، فأمَّا أُسامةُ فأَشارَ عليه بالَّذي يَعرِفُ مِن بَراءةِ أهْلِه، وبالَّذي يَعلَمُ في نفْسِه مِن الوُدِّ لهم، فقالَ أُسامةُ: أهْلُك يا رَسولَ اللهِ، ولا نَعلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأمَّا علِيٌّ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، لم يُضَيِّقِ اللهُ تَعالى عليك، والنِّساءُ سِواها كَثيرٌ، وسَلِ الجارِيةَ تَصدُقْك، قالَتْ: فدَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَريرةَ، فقالَ لها: هل عَلِمْتِ مِن عائِشةَ شَيئًا يَريبُكِ؟ فقالَتْ بَريرةُ: لا والَّذي بَعَثَك بالحَقِّ، ما رَأيْتُ مِنها أمْرًا أَغمِضُه عليها أَكثَرَ مِن أنَّها جارِيةٌ حَديثةُ السِّنِّ، تَنامُ عن العَجينِ حتَّى تأتيَ الدَّاجِنُ فتَأكُلُه، قالَتْ: فقامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منِ يومِه فاسْتَعْذَرَ مِن عَبْدِ اللهِ بن أُبَيٍّ[ابنِ] سَلولَ، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مَعشَرَ المُسلِمينَ، مَن يَعذِرُني مِن رَجُلٍ قد بَلَغَ أذاه في أهْلي، فواللهِ ما عَلِمْتُ على أهْلي إلَّا خَيْرًا، ولقد ذَكَروا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدخُلُ على أهْلي إلَّا مَعي، فقامَ سَعْدُ بنُ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه، [فقالَ]: أنا أَعذِرُك مِنه يا رَسولَ اللهِ، إن كانَ مِن الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَه، وإن كانَ مِن إخْوانِنا مِن الخَزْرَجِ أمَرْتَنا ففَعَلْنا أمْرَك، فقامَ سَعْدُ بنُ عُبادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلك رَجُلًا صالِحًا، ولكنِ احْتَمَلَتْه الحَمِيَّةُ ، فقالَ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لا تَقتُلُه، ولا تَقدِرُ على قَتْلِه، فقَامَ أُسيدُ بنُ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه -وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ- فقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبادةَ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّه؛ فإنَّك مُنافِقٌ تُجادِلُ عن المُنافِقينَ، فثارَ الحَيَّانِ ؛ الأَوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا بالقِتالِ، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهم حتَّى سَكَنوا. وبَكَيْتُ يَوْمي لا يَرْقى لي دَمْعٌ، ولا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ حتَّى ظَنَنْتُ أنَّ البُكاءَ فالِقٌ كَبِدي، فبَيْنا أنا على ذلك إذ اسْتَأذَنَتِ امْرَأةٌ مِن الأنْصارِ، فأَذِنْتُ لها، فجَلَسَتْ تَبْكي معي، فبَيْنا نحن كذلك إذ دَخَلَ [علينا] رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فجَلَسَ -ولم يَجلِسْ عنْدي مُنْذُ قيلَ لي ما قيلَ قَبْلَها، وقد مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحى إليه في شَأني- فتَشَهَّدَ ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، يا عائِشةُ، فإنَّه قد بَلَغَني عنكِ كَذا وكَذا، فإن كُنْتِ بَريئةً فسَيُبَرِّئُك اللهُ تَعالى، وإن كُنْتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِري اللهَ وتوبي إليه؛ فإنَّ العَبْدَ إذا اعْتَرَفَ بذَنْبٍ ثُمَّ تابَ تابَ اللهُ عليه ، فلمَّا قَضى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ [مَقالتَه] قلَصَ دَمْعي حتَّى ما أُحِسُّ مِنه قَطْرةً، فقُلْتُ لأبي: أَجِبْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما قالَ، قالَ: واللهِ ما أَدْري ما أَقولُ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ!فقُلْتُ لأُمِّي، فقالَتْ مِثلَ ذلك، فقُلْتُ وأنا جارِيةٌ حَديثةُ السِّنِّ لا أَقرَأْ كَثيرًا مِن القُرْآنِ: واللهِ لقد عَلِمْتُ أنَّكم قد سَمِعتُم ما يُحدَّثُ به، وقَرَّ في أنْفُسِكم فصَدَّقْتُم، ولئِنْ قُلْتُ: إنِّي بَريئةٌ، واللهُ تَعالى يَعلَمُ أنِّي بَريئةٌ لا تُصَدِّقوني بِذلك، ولئِنِ اعْتَرَفْتُ لكم بأمْرٍ يَعلَمُ اللهُ أنِّي مِنه بَريئةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللهِ لا أَجِدُ لي ولكم مَثَلًا إلَّا كما قالَ أبو يوسُفَ إذ قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ على فِراشي وأنا أَرْجو أن يُبَرِّئَني اللهُ تَعالى ببَراءتي، ولكِنْ ما طَمِعْتُ أن يُنزَلَ في شَأني وَحْيٌ يُتْلى، ولأنا كُنْتُ أَحقَرُ في نفْسي مِن أن يُنزَلَ فيَّ قُرْآنٌ يُتْلى، ولكن كُنْتُ أَرْجو أن يَرى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيا تُبَرِّئُني، قالَتْ: فواللهِ ما رامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَجلِسِه، ولا خَرَجَ أحَدٌ مِن البَيْتِ حتَّى أَنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عليه، فأخَذَه ما كانَ يَأخُذُه مِن البُرَحاءِ حتَّى إنَّه لَيَنْحدِرُ مِنه مِثلُ الجُمانِ مِن العَرَقِ في يَوْمٍ شاتٍ، قالَتْ: فسُرِّيَ [عن] رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضحَكُ، فكانَ أوَّلُ كَلِمةٍ تَكلَّمَ بِها قالَ: يا عائِشةُ، احْمَدي اللهَ تعالى فقد بَرَّأَك اللهُ تعالى، فقُلْتُ: بحَمْدِ اللهِ لا بحَمْدِكم، فقالَتْ أُمِّي: قومي إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقُلْتُ:  [لا] واللهِ لا أَقومُ إليه، ولا أَحمَد إلَّا اللهَ عَزَّ وجَلَّ، وأَنزَلَ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الآياتِ كلَّها، فلمَّا أَنزَلَ اللهُ تَعالى براءتي قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنه -وكانَ يُنفِقُ على مِسْطَحٍ- فقالَ: واللهِ ما أُنفِقُ على مِسْطَحٍ شَيئًا أبَدًا بَعْدَما قالَ لعائِشةَ ما قالَ، فأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ}إلى آخِرِ الآيِة، فقالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: بَلى [إنِّي] أُحِبُّ أن يَغفِرَ [اللهُ] لي، فرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الَّذي كانَ يُجْري عليه، قالَتْ: وكانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَألَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ رَضِيَ اللهُ عنها عن أمْري، فقالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ وما رَأيُك؟  فقالَتْ: أَحْمي سَمْعي وبَصَري، واللهِ ما عَلِمْتُ عليها إلَّا خَيْرًا، قالَتْ عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: وهي الَّتي كانَت تُساميني مِن أزْواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فعَصَمَها اللهُ عَزَّ وجَلَّ بالوَرَعِ، وطَفِقَتْ أخْتُها حَمْنةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحارِبُ عنها، فهَلَكَتْ فيمَن هَلَكَ. قالَ الزُّهْريُّ رَحِمَه اللهُ: فهذا ما انْتَهى إلينا مِن حَديثِ هؤلاء الرَّهْطِ.

9 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَما نَزَلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ رَكِبْتُ، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا دَاعٍ، ولَا مُجِيبٌ فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما كَلَّمَنِي كَلِمَةً ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ علَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي، أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّطَفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذي يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وهو مُتَبَرَّزُنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وقدْ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلتُ: وما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، ودَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ فَقُلتُ: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجِئْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، ولَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى أصْبَحْتُ أبْكِي، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَأْمِرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أهْلَكَ ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالَتْ بَرِيرَةُ: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَومَئذٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أنَا أعْذِرُكَ منه، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: فأصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا لا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، ولَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي، وأَنَا أبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ، قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: فَقُلتُ وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ، حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به فَلَئِنْ، قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إلَّا قَوْلَ أبِي يُوسُفَ، قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم لا تَحْسِبُوهُ) العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم والسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى والمَسَاكِينَ والمُهَاجِرِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا، ألَا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ: يا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أوْ رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ مِن أصْحَابِ الإفْكِ .

10 - كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ معهُ. قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَذلكَ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وَأُنْزَلُ فيه مَسِيرَنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن غَزْوِهِ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ مِن شَأْنِي أَقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِيَ الذي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ. قالَتْ: وَكَانَتِ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَليسَ بهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أنَّ القَوْمَ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قدْ عَرَّسَ مِن وَرَاءِ الجَيْشِ فَادَّلَجَ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَقَدْ كانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ عَلَيَّ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بجِلْبَابِي ، وَوَاللَّهِ ما يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ علَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بيَ الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ، بَعْدَ ما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ في شَأْنِي، وَكانَ الذي تَوَلَّى كِبْرَهُ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ، حِينَ قَدِمْنَا المَدِينَةَ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ ، وَلَا أَشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ، وَهو يَرِيبُنِي في وَجَعِي أَنِّي لا أَعْرِفُ مِن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ اللُّطْفَ، الذي كُنْتُ أَرَى منه حِينَ أَشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَذَاكَ يَرِيبُنِي ، وَلَا أَشْعُرُ بالشَّرِّ، حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ ما نَقَهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وَهو مُتَبَرَّزُنَا، وَلَا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ وَذلكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّنَزُّهِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهي بنْتُ أَبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِ، فأقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي، حِينَ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قدْ شَهِدَ بَدْرًا، قالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ، أَوْ لَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قُلتُ: وَمَاذَا قالَ؟ قالَتْ: فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إلى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ قُلتُ: أَتَأْذَنُ لي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ فَقالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ قُلتُ: سُبْحَانَ اللهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أَهْلِهِ، قالَتْ فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ لهمْ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقالَ: أَيْ بَرِيرَةُ هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ مِن عَائِشَةَ؟ قالَتْ له بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَ أَذَاهُ في أَهْلِ بَيْتي فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وَما كانَ يَدْخُلُ علَى أَهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: أَنَا أَعْذِرُكَ منه، يا رَسُولَ اللهِ، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وَهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وَهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ فَثَارَ الحَيَّانِ الأوْسُ وَالْخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قالَتْ: وَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتي المُقْبِلَةَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ لي ما قيلَ، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي بشيءٍ، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وإنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبٍ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِيما قالَ فَقالَ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُلتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ إنِّي وَاللَّهِ لقَدْ عَرَفْتُ أنَّكُمْ قدْ سَمِعْتُمْ بهذا حتَّى اسْتَقَرَّ في نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ به، فإنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي وإنِّي، وَاللَّهِ ما أَجِدُ لي وَلَكُمْ مَثَلًا إلَّا كما قالَ أَبُو يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}. قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وَأَنَا، وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، وَلَكِنْ، وَاللَّهِ ما كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ في شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كانَ أَحْقَرَ في نَفْسِي مِن أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ مِن أَهْلِ البَيْتِ أَحَدٌ حتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ عِنْدَ الوَحْيِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، في اليَومِ الشَّاتِ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَهو يَضْحَكُ، فَكانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أَنْ قالَ: أَبْشِرِي يا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، فَقُلتُ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، هو الذي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، قالَتْ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم} عَشْرَ آيَاتٍ فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الآيَاتِ بَرَاءَتِي، قالَتْ: فَقالَ أَبُو بَكْرٍ وَكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ منه وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لا أُنْفِقُ عليه شيئًا أَبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى} إلى قَوْلِهِ: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}. قالَ حِبَّانُ بنُ مُوسَى: قالَ عبدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ: هذِه أَرْجَى آيَةٍ في كِتَابِ اللَّهِ. فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ إنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وَقالَ: لا أَنْزِعُهَا منه أَبَدًا. قالَتْ عَائِشَةُ: وَكانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن أَمْرِي ما عَلِمْتِ؟ أَوْ ما رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا. قالَتْ عَائِشَةُ: وَهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أَزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ. قالَ الزُّهْرِيُّ: فَهذا ما انْتَهَى إلَيْنَا مِن أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ. وقالَ في حَديثِ يُونُسَ: احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ .
 

1 - ويلٌ للأمراءِ ويلٌ للعرفاءِ ويلٌ للأمناءِ لَيأتيَنَّ على أحدِهم يومٌ ودَّ أنه معلقٌ بالنجمِ وإنه لم يلِ عملًا
خلاصة حكم المحدث : فيه عمر بن سعيد البصري وهو ضعيف وليث بن أبي سليم مدلس
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : /202 التخريج : أخرجه أبو يعلى (4745) واللفظ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3880)
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - الترهيب من الإمارة إمامة وخلافة - الشرطي إمامة وخلافة - العريف إمامة وخلافة - ذم الإمارة إمامة وخلافة - العرافة وتعيين العرفاء والوكلاء
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

2 - عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان قاعداً وحوله نفر من المهاجرين والأنصار وهم كثير إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس! إنما مثل أحدكم ومثل ما له ومثل أهله ومثل عمله كرجل له أخوة ثلاثة فقال لأخيه الذي هو ما له حين حضرته الوفاة ونزل به الموت: ماذا عندك فقد نزل بي ما قد ترى؟ فقال له أخوة الذي هو ما له: ما عندي لك غناء ولا عندي لك نفع إلا مادمت حيا فخذ مني الآن ما أردت فإني إذا فارقتك سيذهب بي إلى مذهب غير مذهبك وسيأخذني غيرك فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال: هذا أخوه الذي هو ماله فأي أخ ترونه قالوا لا نسمع طائلا يا رسول الله ثم قال لأخيه الذي هو أهله: قد نزل بي الموت وحضرني ماقد ترى فماذا عندك من الغناء؟ قال: عندي أن أمرضك وأقوم عليك وأعانيك فإذا مت غسلتك وحنطتك وكفنتك ثم حملتك في الحاملين وشيعتك أحملك مرة وأميط أخرى ثم أرجع عنك فأثني بخير عند من سألني عنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أهله أي أخ ترونه؟ قالوا لا نسمع طائلاً يا رسول الله ثم قال لأخيه الذي هو عمله: ماذا عندك وماذا لديك؟ قال أشيعك إلى قبرك فأونس وحشتك وأذهب همك وأجادل عنك وأقعد في كفنك وأشول بخطاياك فقال النبي صلى الله عليه وسلم أي أخ تروا هذا الذي هو عمله؟ قالوا خير أخ يا رسول الله قال والأمر هكذا. قالت عائشة: فقام عبد الله بن كرز الليثي فقال: يا رسول الله! تأذن لي أن أقول على هذا شعراً؟ قال نعم. قالت عائشة فما بات إلا ليلته تلك حتى غدا عبد الله بن كرز واجتمع المسلمون من تمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت وما فيه. قالت عائشة: فجاء ابن كرز فقام على رأس النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اية ابن كرز؟ فقال ابن كرز: فإني ومالي وأهلي والذي قدمت * يدي كداع إليه صحبه ثم قائل * لأصحابه إذ هم ثلاثة أخوة * أعينوا على أمر بي اليوم نازل * فراق طويل غير ذي مثنوية * فماذا لديكم بالذي بي غائل * فقال امرؤ منهم: أنا الصاحب الذي * أطيعك فيما شئت قبل النزائل * فأما إذا أجد الفراق فإنني * لما بيننا من خلة غير واصل * ابذل حينئذ فلا يستطيعني * كذاك أحيانا صروف التداول * فخذ ما أردت الآن منث فإنني * سيسلك بي مهيل من مهائل * فإن تبقني لا أبق فاستيقننه * تعجل صلاحاً قبل حتف معاجل * وقال امرؤ قد كنت جدا أحبه * وأوثره من بينهم بالتفاضل * غناي أني جاهد لك ناصح * إذا جد جد الكرب غير مقاتل * ولكنني باك عليك ومعول * ومثنى بخير عند من هو سائلي * ومتبع الماشين امشي مشيعاً * أعين برفق عقبة كل حامل * إلى بيت مثواك الذي أنت مدخل * ورجع حينئذ بما هو شاغلي * كأن لم يكن بيني وبينك خلة * ولا حسن ود مرة في التباذل * وذلك أهل المر ذاك غناؤهم * وليسوا وإن كانوا حراصاً بطائل * وقال امرؤ منهم أنا الأخ لا ترى أخا لك مثلي عند جهد الزلازل * لدى القبر تلقاني هنالك قاعدا * أجادل عنك في رجاع التجادل * وأقعد يوم الوزن في الكفة التي * تكون عليها جاهد في التثاقل * فلا تنسني واعلم مكاني فأنني * عليك شفيق ناصح غير خاذل * فذلك ما قدمت من كل صالح * تلاقيه أن أحسنت يوم التفاضل. قالت عائشة فما بقي عند النبي صلى الله عليه وسلم ذو عين تطرف إلا دمعت قالت: ثم كان ابن كرز يمر على مجالس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يستنشدونه فينشدهم فلا يبقى من المهاجرين والأنصار أحد إلا بكى
خلاصة حكم المحدث : [فيه] عبد الله بن عبد العزيز الزهري حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به وليس له أصل من حديث الزهري
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : العقيلي | المصدر : الضعفاء الكبير
الصفحة أو الرقم : 2/277 التخريج : أخرجه الشجري في ((الأمالي الخميسية)) (2935)، والرامهرمزي في ((أمثال الحديث)) (صـ111)، وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (1484) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: جنائز وموت - التشديد عند الموت وسكرات الموت رقائق وزهد - الزهد في الدنيا رقائق وزهد - ذكر الموت آداب عامة - ضرب الأمثال دفن ومقابر - أحوال الميت في القبر
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

3 - إنَّ اللهَ يُحبُّ حِفْظَ الودِّ القديمِ
خلاصة حكم المحدث : [فيه] عبد الله بن إبراهيم الغفاري عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن عدي | المصدر : الكامل في الضعفاء
الصفحة أو الرقم : 5/315 التخريج : أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في ((الفتوة)) (ص 9)، وقوام السنة في ((الترغيب والترهيب)) (1094) كلاهما بلفظه.
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - الترغيب في الصحبة بر وصلة - الألفة رقائق وزهد - الحب في الله عقيدة - إثبات صفات الله تعالى بر وصلة - التودد إلى الإخوان
|أصول الحديث

4 - إنَّ اللهَ يُحبُّ حِفظ الوُدِّ القديمِ
خلاصة حكم المحدث : ضعيف
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : محمد جار الله الصعدي | المصدر : النوافح العطرة
الصفحة أو الرقم : 73 التخريج : أخرجه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (10312)، وأبو عبد الرحمن السلمي في ((الفتوة)) (ص 9)، وقوام السنة في ((الترغيب والترهيب)) (1094) جميعهم بلفظه.
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - الترغيب في الصحبة بر وصلة - الألفة رقائق وزهد - الحب في الله عقيدة - إثبات صفات الله تعالى بر وصلة - التودد إلى الإخوان
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

5 - إنَّ اللهَ يحبُّ حفظَ الودِّ القديمِ
خلاصة حكم المحدث : ضعيف جداً
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الضعيفة
الصفحة أو الرقم : 3125 التخريج : أخرجه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (10312)، وأبو عبد الرحمن السلمي في ((الفتوة)) (ص 9)، وقوام السنة في ((الترغيب والترهيب)) (1094) جميعهم بلفظه.
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - الترغيب في الصحبة رقائق وزهد - الحب في الله عقيدة - إثبات صفات الله تعالى نكاح - حسن العهد بر وصلة - التودد إلى الإخوان
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

6 - إِنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ حفْظَ الوُدِّ القديمِ
خلاصة حكم المحدث : ضعيف جداً
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : ضعيف الجامع
الصفحة أو الرقم : 1721 التخريج : أخرجه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (10312)، وأبو عبد الرحمن السلمي في ((الفتوة)) (ص 9)، وقوام السنة في ((الترغيب والترهيب)) (1094) جميعهم بلفظه.
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - الترغيب في الصحبة بر وصلة - حسن العهد رقائق وزهد - الحب في الله عقيدة - إثبات صفات الله تعالى بر وصلة - التودد إلى الإخوان
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

7 - عن عائشةَ في قصَّةِ الإفكِ وفيها فقال حسَّانُ بنُ ثابتٍ يُكذِّبُ نفسَه حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ وتُصبِحُ غَرْثى من لحومِ الغَوافلِ فإن كُنْتُ قد قُلْتُ الَّذي قد زعَمْتُمُ فلا حمَلَت سوطي إليَّ أناملي وكيف ووُدِّي ما حَييتُ ونُصْرَتي لآلِ رسولِ اللهِ زَيْنِ المحافلِ أأشتُمُ خيرَ النَّاسِ بعلًا ووالدًا ونفسًا لقد أُنزِلْتُ شرَّ المنازلِ
خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح غير حوثرة بن أشرس وهو ثقة‏‏
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : 9/54 التخريج : أخرجه أبو يعلى الموصلي (4931) بلفظه تاما.
التصنيف الموضوعي: توبة - حادثة الإفك شعر - إنشاد الشعر مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث

8 - زَعَمُوا أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ معهُ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجٍ، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا، حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وقَفَلَ ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ؛ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشَيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فأقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وإنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وليسَ فيه أحَدٌ، فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي، فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي، وكانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ ما نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بهَا شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ مِن قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، ويَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أرَى مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أمْرَضُ، إنَّما يَدْخُلُ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ لا أشْعُرُ بشَيءٍ مِن ذلكَ حتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ؛ مُتَبَرَّزُنَا، لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أوْ في التَّنَزُّهِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ بنْتُ أبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ في مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ! أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! فَقَالَتْ: يا هَنْتَاهْ، ألَمْ تَسْمَعِي ما قالوا؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَقُلتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قَالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي علَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ؛ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ولَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ولقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بهذا؟! قَالَتْ: فَبِتُّ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ عليه بالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لهمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أهْلُكَ يا رَسولَ اللَّهِ، ولَا نَعْلَمُ -واللَّهِ- إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: يا بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ فِيهَا شيئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لا والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ منها أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِي؟! فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، وقدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنَا واللَّهِ أعْذِرُكَ منه؛ إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فيه أمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ -وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى ذلكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، واللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ؛ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَثَارَ الحَيَّانِ -الأوْسُ والخَزْرَجُ- حتَّى هَمُّوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، وبَكَيْتُ يَومِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، فأصْبَحَ عِندِي أبَوَايَ، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا حتَّى أظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبيْنَا هُما جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، إذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ إذْ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَجَلَسَ، ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مِن يَومِ قِيلَ فِيَّ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي شَيءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: يا عَائِشَةُ، فإنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ؛ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، وقُلتُ لأبِي: أجِبْ عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قَالَ، قَالَتْ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلتُ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ علَى فِرَاشِي وأَنَا أرْجُو أنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، ولَكِنْ واللَّهِ ما ظَنَنْتُ أنْ يُنْزِلَ في شَأْنِي وحْيًا، ولَأَنَا أحْقَرُ في نَفْسِي مِن أنْ يُتَكَلَّمَ بالقُرْآنِ في أمْرِي، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ في يَومٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه -وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه-: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2661 التخريج : أخرجه مسلم (2770)، وأحمد (25623)، والنسائي في ((الكبرى)) (8882) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك مناقب وفضائل - زينب بنت جحش مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

9 - عن عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأها اللهُ منه قال الزُّهريُّ : وكلُّهم حدَّثني طائفةً مِن حديثِها وبعضُهم أوعى مِن بعضٍ وأثبَتُ له اقتصاصًا وقد وعَيْتُ عن كلِّ واحدٍ منهم الحديثَ الَّذي حدَّثني عن عائشةَ وبعضُ حديثِهم يُصدِّقُ بعضًا زعَموا أنَّ عائشةَ رضِي اللهُ عنها قالت : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أنْ يخرُجَ سفَرًا أقرَع بَيْنَ أزواجِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها معه فأقرَع بَيْنَنا في غَزاةٍ غزاها فخرَج سهمي فخرَجْتُ معه بعدَما أُنزِل الحجابُ وأنا أُحمَلُ في هَوْدجي وأنزِلُ فيه فسِرْنا حتَّى إذا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن غزوتِه تلك قفَل ودنَوْنا مِن المدينةِ فآذَن ليلةً بالرَّحيلِ فقُمْتُ فمشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ فلمَّا قضَيْتُ شأني أقبَلْتُ إلى الرَّحْلِ فلمَسْتُ صدري فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظفارٍ قدِ انقطَع فرجَعْتُ فالتمَسْتُ عِقدي فحبَسني ابتغاؤُه فأقبَل الَّذينَ يرحَلونَ بي فاحتمَلوا هَوْدجي فرحَلوه على بعيري الَّذي كُنْتُ أركَبُ وهم يحسَبونَ أنِّي فيه وكان النِّساءُ إذ ذاكَ خِفافًا لَمْ يثقُلْنَ ولَمْ يغشَهنَّ اللَّحمُ وإنَّما يأكُلْنَ العُلقةَ مِن الطَّعامِ فلَمْ يستنكِرِ القومُ حينَ رفَعوه ثِقَلَ الهَوْدجِ فاحتمَلوه وكُنْتُ جاريةً حديثةَ السِّنِّ فبعَثوا الجمَلَ وساروا فوجَدْتُ عِقدي بعدَما استمرَّ الجيشُ فجِئْتُ منزِلَهم وليس فيه أحَدٌ فأقمَتْ منزِلي الَّذي كُنْتُ به وظنَنْتُ أنَّهم سيفقِدوني فيرجِعونَ إلَيَّ فبَيْنا أنا جالسةٌ غلَبَتْني عينايَ فنِمْتُ وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ مِن وراءِ الجيشِ فأصبَح عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ وكان يراني قبْلَ الحجابِ فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجِلْبابي واللهِ ما تكلَّمْتُ بكلمةٍ ولا سمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه حتَّى أناخ راحلتَه فوطِئ يدَها فركِبْتُها فانطلَق يقودُ بي الرَّاحلةَ حتَّى أتَيْنا الجيشَ بعدَما نزَلوا معرِّسينَ في نحرِ الظَّهيرةِ فهلَك مَن هلَك وكان الَّذي تولَّى كِبْرَ الإفكِ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلولٍ فقدِمْنا المدينةَ فاشتكَيْتُ بها شهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أصحابِ الإفكِ ويَريبني في وجَعي أنِّي لا أرى مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللُّطْفَ الَّذي كُنْتُ أرى منه حينَ أمرَضُ إنَّما يدخُلُ فيُسلِّمُ ثمَّ يقولُ : ( كيفَ تِيكُمْ ) ؟ ولا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك حتَّى نقِهْتُ فخرَجْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ قِبَلَ المَناصِعِ وكان مُتبرَّزَنا لا نخرُجُ إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلكَ قبْلَ أنْ نتَّخِذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا وأمرُنا أمرُ العرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أو في التَّبرُّزِ فأقبَلْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ نمشي فعثَرَتْ في مِرْطِها فقالت : تعِس مِسطَحٌ فقُلْتُ : بِئس ما قُلْتِ أتسُبُّينَ رجُلًا شهِد بدرًا ؟ فقالت : يا هَنْتاه ألَمْ تسمَعي ما قالوا ؟ فأخبَرَتْني بما يقولُ أهلُ الإفكِ فازدَدْتُ مرَضًا على مرضٍ فلمَّا رجَعْتُ إلى بيتي دخَل علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( كيف تِيكم ) ؟ فقُلْتُ : ائذَنْ لي آتي أبويَّ قالت : وأنا حينَئذٍ أُريدُ أنْ أستيقِنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما فأذِن لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتَيْتُ أبويَّ فقُلْتُ لِأُمِّي : ما يتحدَّثُ به النَّاسُ ؟ فقالت : يا بُنيَّةُ هوِّني على نفسِك الشَّأنَ فواللهِ لقلَّما كانتِ امرأةٌ قطُّ وضيئةٌ عندَ رجُلٍ يُحِبُّها ولها ضرائرُ إلَّا أكثَرْنَ عليها فقُلْتُ : سُبحانَ اللهِ لقد تحدَّث النَّاسُ بهذا ؟ قالت : نَعم فبِتُّ تلكَ اللَّيلةَ حتَّى أصبَحْتُ لا يرقَأُ لي دَمْعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ ثمَّ أصبَحْتُ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علِيَّ بنَ أبي طالبٍ وأُسامةَ بنَ زيدٍ حينَ استَلْبَث الوحيُ يستشيرُهما في فِراقِ أهلِه فأمَّا أُسامةُ فأشار عليه بالَّذي يعلَمُ في نفسِه مِن الوُدِّ لهم فقال : أهلُك يا رسولَ اللهِ ولا نعلَمُ واللهِ إلَّا خيرًا وأمَّا علِيٌّ فقال : يا رسولَ اللهِ لَمْ يُضيِّقِ اللهُ عليكَ والنِّساءُ سواها كثيرٌ وسَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَريرةَ فقال : ( يا بَريرةُ هل رأَيْتِ فيها شيئًا ما يريبُكِ ) ؟ فقالت : لا والَّذي بعَثكَ بالحقِّ إنْ رأَيْتُ منها أمرًا أغمِصُه عليها أكثَرَ مِن أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تنامُ عنِ العجينِ فتأتي الدَّاجنُ فتأكُلُه فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن يومِه فاستعذَر مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابنِ سَلولٍ فقال : ( مَن يعذِرُني مِن رجُلٍ بلَغ أذاه في أهلي وواللهِ ما علِمْتُ على أهلي إلَّا خيرًا وقد ذكَروا رجُلًا ما علِمْتُ عليه إلَّا خيرًا وما كان يدخُلُ على أهلي إلَّا معي ) فقام سعدُ بنُ مُعاذٍ فقال : يا رسولَ اللهِ وأنا واللهِ أعذِرُك منه إنْ كان مِن الأوسِ ضرَبْنا عُنُقَه وإنْ كان مِن إخوانِنا مِن الخَزرجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا فيه أمرَك فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وكان قبْلَ ذلكَ رجُلًا صالِحًا ولكِنِ احتمَلَتْه الحَميَّةُ فقال : كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تقتُلُه ولا تقدِرُ على ذلكَ فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ فقال كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنقتُلَنَّه فإنَّكَ مُنافِقٌ تُجادِلُ عنِ المُنافِقينَ فثار الحيَّانِ الأوسُ والخَزرجُ حتَّى همُّوا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ فجعَل يُخفِّضُهم حتَّى سكَتوا ومكَثْتُ يومي لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ فأصبَح عندي أبواي وقد بكَيْتُ ليلتي ويومي حتَّى أظُنَّ أنَّ البكاءَ فالِقٌ كبِدي قالت : فبَيْنا هما جالسانِ عندي وأنا أبكي إذِ استأذَنَتِ امرأةٌ مِن الأنصارِ فأذِنْتُ لها فجلَسَتْ تبكي معي فبَيْنا نحنُ كذلك إذ دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجلَس ولَمْ يجلِسْ عندي مِن يومِ قيل لي ما قيل قبْلَها وقد مكَث شهرًا لا يُوحَى إليه في شأني شيءٌ قالت : فتشهَّد ثمَّ قال : ( يا عائشةُ أمَّا بعدُ فإنَّه قد بلَغني عنكِ كذا وكذا فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ فاستغفِري اللهَ وتُوبي إليه فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بذَنبِه ثمَّ تاب تاب اللهُ عليه ) فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مقالتَه قلَص دمعي حتَّى ما أُحِسُّ منه بقَطرةٍ وقُلْتُ لِأَبي : أجِبْ عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ لِأمِّي : أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما قال قالت : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت : وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرَأُ كثيرًا مِن القُرآنِ فقُلْتُ : إي واللهِ لقد علِمْتُ أنَّكم سمِعْتُم ما تحدَّث النَّاسُ ووقَر في أنفسِكم وصدَّقْتُم به ولئِنْ قُلْتُ لكم : إنِّي بريئةٌ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لا تُصدِّقوني بذلكَ وإنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لَتُصدِّقُنِّي واللهِ ما أجِدُ لي ولكم مَثَلًا إلَّا أبا يوسُفَ إذ قال : {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثمَّ تحوَّلْتُ على فِراشي وأنا أرجو أنْ يُبرِّئَني اللهُ ولكِنْ واللهِ ما ظنَنْتُ أنْ ينزِلَ في شأني وحيٌ ولَأنا أحقَرُ في نفسي مِن أنْ يُتكلَّمَ بالقُرآنِ في أمري ولكنِّي كُنْتُ أرجو أنْ يرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّومِ رؤيا تُبرِّئُني فواللهِ ما رام في مجلسِه ولا خرَج أحَدٌ مِن البيتِ حتَّى أُنزِل عليه فأخَذه ما كان يأخُذُه مِن البُّرَحاءِ حتَّى إنَّه لَينحدِرُ منه مِثلُ الجُمَانِ مِن العَرَقِ في يومٍ شاتٍ فلمَّا سُرِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يضحَكُ فكان أوَّلَ كلمةٍ تكلَّم بها أنْ قال : ( يا عائشةُ احمَدي اللهَ فقد برَّأكِ اللهُ ) فقالت لي أُمِّي : قومي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ : لا واللهِ لا أقومُ إليه ولا أحمَدُ إلَّا اللهَ فأنزَل اللهُ تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآياتِ فلمَّا أنزَل اللهُ هذا في براءتي قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِي اللهُ عنه وكان يُنفِقُ على مِسطَحٍ لقَرابتِه منه : واللهِ لا أُنفِقُ على مِسطَحٍ شيئًا أبدًا بعدَما قال لِعائشةَ فأنزَل اللهُ : {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] إلى قولِه : {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] فقال أبو بكرٍ : واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يغفِرَ اللهُ لي فرجَع إلى مِسطَحٍ بالَّذي كان يُجري عليه وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَل زينبَ بنتَ جَحْشٍ عن أمري فقالت : يا رسولَ اللهِ [ أحمي ] سَمْعي وبصَري وكانت تُساميني فعصَمها اللهُ بالوَرَعِ
خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 7099 التخريج : أخرجه البخاري (2661) بلفظه، ومسلم (2770)، وأحمد (25623) كلاهما بزيادة في آخره.
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق حدود - التشديد في قذف المحصنات رقائق وزهد - الترهيب من مساوئ الأعمال مناقب وفضائل - أهل البيت صلوات الله عليهم مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

10 - عن عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأها اللهُ منه قال الزُّهريُّ : وكلُّهم حدَّثني طائفةً مِن حديثِها وبعضُهم أوعى مِن بعضٍ وأثبَتُ له اقتصاصًا وقد وعَيْتُ عن كلِّ واحدٍ منهم الحديثَ الَّذي حدَّثني عن عائشةَ وبعضُ حديثِهم يُصدِّقُ بعضًا زعَموا أنَّ عائشةَ رضِي اللهُ عنها قالت : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أنْ يخرُجَ سفَرًا أقرَع بَيْنَ أزواجِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها معه فأقرَع بَيْنَنا في غَزاةٍ غزاها فخرَج سهمي فخرَجْتُ معه بعدَما أُنزِل الحجابُ وأنا أُحمَلُ في هَوْدجي وأنزِلُ فيه فسِرْنا حتَّى إذا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن غزوتِه تلك قفَل ودنَوْنا مِن المدينةِ فآذَن ليلةً بالرَّحيلِ فقُمْتُ فمشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ فلمَّا قضَيْتُ شأني أقبَلْتُ إلى الرَّحْلِ فلمَسْتُ صدري فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظفارٍ قدِ انقطَع فرجَعْتُ فالتمَسْتُ عِقدي فحبَسني ابتغاؤُه فأقبَل الَّذينَ يرحَلونَ بي فاحتمَلوا هَوْدجي فرحَلوه على بعيري الَّذي كُنْتُ أركَبُ وهم يحسَبونَ أنِّي فيه وكان النِّساءُ إذ ذاكَ خِفافًا لَمْ يثقُلْنَ ولَمْ يغشَهنَّ اللَّحمُ وإنَّما يأكُلْنَ العُلقةَ مِن الطَّعامِ فلَمْ يستنكِرِ القومُ حينَ رفَعوه ثِقَلَ الهَوْدجِ فاحتمَلوه وكُنْتُ جاريةً حديثةَ السِّنِّ فبعَثوا الجمَلَ وساروا فوجَدْتُ عِقدي بعدَما استمرَّ الجيشُ فجِئْتُ منزِلَهم وليس فيه أحَدٌ فأقمَتْ منزِلي الَّذي كُنْتُ به وظنَنْتُ أنَّهم سيفقِدوني فيرجِعونَ إلَيَّ فبَيْنا أنا جالسةٌ غلَبَتْني عينايَ فنِمْتُ وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ مِن وراءِ الجيشِ فأصبَح عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ وكان يراني قبْلَ الحجابِ فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجِلْبابي واللهِ ما تكلَّمْتُ بكلمةٍ ولا سمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه حتَّى أناخ راحلتَه فوطِئ يدَها فركِبْتُها فانطلَق يقودُ بي الرَّاحلةَ حتَّى أتَيْنا الجيشَ بعدَما نزَلوا معرِّسينَ في نحرِ الظَّهيرةِ فهلَك مَن هلَك وكان الَّذي تولَّى كِبْرَ الإفكِ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلولٍ فقدِمْنا المدينةَ فاشتكَيْتُ بها شهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أصحابِ الإفكِ ويَريبني في وجَعي أنِّي لا أرى مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللُّطْفَ الَّذي كُنْتُ أرى منه حينَ أمرَضُ إنَّما يدخُلُ فيُسلِّمُ ثمَّ يقولُ : ( كيفَ تِيكُمْ ) ؟ ولا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك حتَّى نقِهْتُ فخرَجْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ قِبَلَ المَناصِعِ وكان مُتبرَّزَنا لا نخرُجُ إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلكَ قبْلَ أنْ نتَّخِذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا وأمرُنا أمرُ العرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أو في التَّبرُّزِ فأقبَلْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ نمشي فعثَرَتْ في مِرْطِها فقالت : تعِس مِسطَحٌ فقُلْتُ : بِئس ما قُلْتِ أتسُبُّينَ رجُلًا شهِد بدرًا ؟ فقالت : يا هَنْتاه ألَمْ تسمَعي ما قالوا ؟ فأخبَرَتْني بما يقولُ أهلُ الإفكِ فازدَدْتُ مرَضًا على مرضٍ فلمَّا رجَعْتُ إلى بيتي دخَل علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( كيف تِيكم ) ؟ فقُلْتُ : ائذَنْ لي آتي أبويَّ قالت : وأنا حينَئذٍ أُريدُ أنْ أستيقِنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما فأذِن لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتَيْتُ أبويَّ فقُلْتُ لِأُمِّي : ما يتحدَّثُ به النَّاسُ ؟ فقالت : يا بُنيَّةُ هوِّني على نفسِك الشَّأنَ فواللهِ لقلَّما كانتِ امرأةٌ قطُّ وضيئةٌ عندَ رجُلٍ يُحِبُّها ولها ضرائرُ إلَّا أكثَرْنَ عليها فقُلْتُ : سُبحانَ اللهِ لقد تحدَّث النَّاسُ بهذا ؟ قالت : نَعم فبِتُّ تلكَ اللَّيلةَ حتَّى أصبَحْتُ لا يرقَأُ لي دَمْعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ ثمَّ أصبَحْتُ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علِيَّ بنَ أبي طالبٍ وأُسامةَ بنَ زيدٍ حينَ استَلْبَث الوحيُ يستشيرُهما في فِراقِ أهلِه فأمَّا أُسامةُ فأشار عليه بالَّذي يعلَمُ في نفسِه مِن الوُدِّ لهم فقال : أهلُك يا رسولَ اللهِ ولا نعلَمُ واللهِ إلَّا خيرًا وأمَّا علِيٌّ فقال : يا رسولَ اللهِ لَمْ يُضيِّقِ اللهُ عليكَ والنِّساءُ سواها كثيرٌ وسَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَريرةَ فقال : ( يا بَريرةُ هل رأَيْتِ فيها شيئًا ما يريبُكِ ) ؟ فقالت : لا والَّذي بعَثكَ بالحقِّ إنْ رأَيْتُ منها أمرًا أغمِصُه عليها أكثَرَ مِن أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تنامُ عنِ العجينِ فتأتي الدَّاجنُ فتأكُلُه فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن يومِه فاستعذَر مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابنِ سَلولٍ فقال : ( مَن يعذِرُني مِن رجُلٍ بلَغ أذاه في أهلي وواللهِ ما علِمْتُ على أهلي إلَّا خيرًا وقد ذكَروا رجُلًا ما علِمْتُ عليه إلَّا خيرًا وما كان يدخُلُ على أهلي إلَّا معي ) فقام سعدُ بنُ مُعاذٍ فقال : يا رسولَ اللهِ وأنا واللهِ أعذِرُك منه إنْ كان مِن الأوسِ ضرَبْنا عُنُقَه وإنْ كان مِن إخوانِنا مِن الخَزرجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا فيه أمرَك فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وكان قبْلَ ذلكَ رجُلًا صالِحًا ولكِنِ احتمَلَتْه الحَميَّةُ فقال : كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تقتُلُه ولا تقدِرُ على ذلكَ فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ فقال كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنقتُلَنَّه فإنَّكَ مُنافِقٌ تُجادِلُ عنِ المُنافِقينَ فثار الحيَّانِ الأوسُ والخَزرجُ حتَّى همُّوا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ فجعَل يُخفِّضُهم حتَّى سكَتوا ومكَثْتُ يومي لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ فأصبَح عندي أبواي وقد بكَيْتُ ليلتي ويومي حتَّى أظُنَّ أنَّ البكاءَ فالِقٌ كبِدي قالت : فبَيْنا هما جالسانِ عندي وأنا أبكي إذِ استأذَنَتِ امرأةٌ مِن الأنصارِ فأذِنْتُ لها فجلَسَتْ تبكي معي فبَيْنا نحنُ كذلك إذ دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجلَس ولَمْ يجلِسْ عندي مِن يومِ قيل لي ما قيل قبْلَها وقد مكَث شهرًا لا يُوحَى إليه في شأني شيءٌ قالت : فتشهَّد ثمَّ قال : ( يا عائشةُ أمَّا بعدُ فإنَّه قد بلَغني عنكِ كذا وكذا فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ فاستغفِري اللهَ وتُوبي إليه فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بذَنبِه ثمَّ تاب تاب اللهُ عليه ) فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مقالتَه قلَص دمعي حتَّى ما أُحِسُّ منه بقَطرةٍ وقُلْتُ لِأَبي : أجِبْ عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ لِأمِّي : أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما قال قالت : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت : وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرَأُ كثيرًا مِن القُرآنِ فقُلْتُ : إي واللهِ لقد علِمْتُ أنَّكم سمِعْتُم ما تحدَّث النَّاسُ ووقَر في أنفسِكم وصدَّقْتُم به ولئِنْ قُلْتُ لكم : إنِّي بريئةٌ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لا تُصدِّقوني بذلكَ وإنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لَتُصدِّقُنِّي واللهِ ما أجِدُ لي ولكم مَثَلًا إلَّا أبا يوسُفَ إذ قال : {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثمَّ تحوَّلْتُ على فِراشي وأنا أرجو أنْ يُبرِّئَني اللهُ ولكِنْ واللهِ ما ظنَنْتُ أنْ ينزِلَ في شأني وحيٌ ولَأنا أحقَرُ في نفسي مِن أنْ يُتكلَّمَ بالقُرآنِ في أمري ولكنِّي كُنْتُ أرجو أنْ يرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّومِ رؤيا تُبرِّئُني فواللهِ ما رام في مجلسِه ولا خرَج أحَدٌ مِن البيتِ حتَّى أُنزِل عليه فأخَذه ما كان يأخُذُه مِن البُّرَحاءِ حتَّى إنَّه لَينحدِرُ منه مِثلُ الجُمَانِ مِن العَرَقِ في يومٍ شاتٍ فلمَّا سُرِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يضحَكُ فكان أوَّلَ كلمةٍ تكلَّم بها أنْ قال : ( يا عائشةُ احمَدي اللهَ فقد برَّأكِ اللهُ ) فقالت لي أُمِّي : قومي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ : لا واللهِ لا أقومُ إليه ولا أحمَدُ إلَّا اللهَ فأنزَل اللهُ تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآياتِ فلمَّا أنزَل اللهُ هذا في براءتي قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِي اللهُ عنه وكان يُنفِقُ على مِسطَحٍ لقَرابتِه منه : واللهِ لا أُنفِقُ على مِسطَحٍ شيئًا أبدًا بعدَما قال لِعائشةَ فأنزَل اللهُ : {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] إلى قولِه : {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] فقال أبو بكرٍ : واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يغفِرَ اللهُ لي فرجَع إلى مِسطَحٍ بالَّذي كان يُجري عليه وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَل زينبَ بنتَ جَحْشٍ عن أمري فقالت : يا رسولَ اللهِ [ أحمي ] سَمْعي وبصَري وكانت تُساميني فعصَمها اللهُ بالوَرَعِ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 7099 التخريج : أخرجه ابن حبان (7099)، والبخاري (2661) كلاهما بلفظه، ومسلم (2770) بزيادة في آخره.
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق حدود - التشديد في قذف المحصنات رقائق وزهد - الترهيب من مساوئ الأعمال مناقب وفضائل - أهل البيت صلوات الله عليهم مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

11 - حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأها اللهُ، وكلٌّ حدَّثني بطائفةٍ مِن الحديثِ، وبعضُهم أوعى لحديثِها مِن بعضٍ وأسَدُّ اقتصاصًا، وقد وعَيْتُ مِن كلِّ واحدٍ الحديثَ الَّذي حدَّثني به، وبعضُهم يُصدِّقُ بعضًا، ذكَروا أنَّ عائشةَ قالت: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أنْ يخرُجَ سفرًا أقرَع بينَ نسائِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم معه، قالت: فأقرَع بينَنا في غزوةٍ غزاها فخرَج سهمي فخرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وذلك بعدَ أنْ أُنزِل الحجابُ فأنا أُحمَلُ في هَودجي وأنزِلُ فيه مسيرَنا حتَّى إذا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن غزوتِه تلك وقفَل ودنَوْنا مِن المدينةِ آذَن بالرَّحيلِ ليلةً فقُمْتُ [ حينَ آذَنوا ] في الرَّحيلِ، فمشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ فلمَّا قضَيْتُ شأني رجَعْتُ فلمَسْتُ صدري فإذا عِقدٌ مِن جَزْعِ ظَفارِ قد وقَع فرجَعْتُ فالتمَسْتُ عِقدي فحبَسني ابتغاؤُه وأقبَل الرَّهطُ الَّذينَ يرحَلونَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فحمَلوا هَودجي ورحَلوه على البعيرِ الَّذي كُنْتُ أركَبُ وهم يحسَبون أنِّي فيه قالت عائشةُ: وكان النِّساءُ إذ ذاك خِفافًا لم يغشَهنَّ اللَّحمُ فرحَلوه ورفَعوه فلمَّا بعَثوا وسار الجيشُ وجَدْتُ عِقدي بعدَما استمرَّ الجيشُ فجِئْتُ منازلَهم وليس بها داعي ولا مجيبٌ، فأقَمْتُ منزلي الَّذي كُنْتُ فيه فبَيْنا أنا جالسةٌ غلَبتْني عيني فنِمْتُ وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ عرَّس فأدلَج فأصبَح عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ فعرَفني حينَ رآني وكان رآني قبْلَ أنْ ينزِلَ الحجابُ فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجلبابي واللهِ ما كلَّمني بكلمةٍ ولا سمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه حتَّى أناخ راحلتَه فوطِئ على يدِها فركِبْتُه ثمَّ انطلَق يقودُ بي الرَّاحلةَ حتَّى أتَيْنا الجيشَ بعدَما نزَلوا موغِرينَ في نحرِ الظَّهيرةِ فهلَك في شأني مَن هلَك، وكان الَّذي تولَّى كِبْرَه منهم عبدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ ابنِ سلولٍ فقدِمْتُ المدينةَ فاشتكَيْتُ حينَ قدِمْتُها شهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أهلِ الإفكِ ولا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك وهو يُريبُني مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنِّي لا أرى منه اللُّطفَ الَّذي كُنْتُ أراه منه حينَ أشتكي إنَّما يدخُلُ عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ: ( كيف تِيكُم ؟ ) فيُريبُني ذلك ولا أشعُرُ حتَّى خرَجْتُ بعدَما نقَهْتُ مِن مرَضي ومعي أمُّ مِسطَحٍ قِبَلَ المَناصِعِ وهي مُتبرَّزُنا ولا نخرُجُ إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلك أنَّا نكرَهُ أنْ نتَّخذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا، وأمرُنا أمرُ العربِ الأُوَلِ في التَّبرُّزِ، وكنَّا نتأذَّى بالكُنُفِ قُرْبَ بيوتِنا فانطلَقْتُ ومعي أمُّ مِسطَحٍ وهي بنتُ أبي رُهمِ بنِ المطَّلبِ بنِ عبدِ منافٍ، وأمُّها بنتُ صخرِ بنِ عامرٍ خالةِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُها مِسطَحُ بنُ أُثاثةَ بنِ عبَّادِ بنِ المطَّلبِ، فأقبَلْنا حينَ فرَغْنا مِن شأنِنا لنأتيَ البيتَ فعثَرتْ أمُّ مِسطَحٍ في مِرطِها فقالت: تعِس مِسطَحٌ فقُلْتُ لها: بئس ما قُلْتِ، أتسُبِّينَ رجلًا قد شهِد بدرًا ؟! فقالت: أيْ هَنتاه، أوَلم تسمَعي ما قال ؟ قُلْتُ: وما قال فأخبَرتْني بقولِ أهلِ الإفكِ فازدَدْتُ مرضًا إلى مرَضي ورجَعْتُ إلى بيتي فدخَل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسلَّم ثمَّ قال: ( كيف تِيكُم ؟ ) فقُلْتُ: أتأذَنُ لي أنْ آتيَ أبوَيَّ ؟ وأنا حينَئذٍ أُريدُ أنْ أتيقَّنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما فأذِن لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجِئْتُ أبويَّ فقُلْتُ لأمِّي: يا أمَّتاه ما يتَّحدثُ النَّاسُ ؟ قالت: أيْ بنيَّةُ هوِّني عليكِ فواللهِ لَقَلَّ امرأةٌ وضيئةٌ كانت عندَ رجلٍ يُحِبُّها ولها ضرائرُ إلَّا أكثَرْنَ عليها قالت: فقُلْتُ: سبحانَ اللهِ أوَتحدَّث النَّاسُ بذلك ؟ ! قالت: فمكَثْتُ تلك اللَّيلةَ لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ ، أُصبِحُ وأبكي ودعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ وهو حينَئذٍ يُريدُ أنْ يستشيرَهما في فِراقِ أهلِه وذلك حينَ استَلْبَث الوحيُ فأمَّا أسامةُ بنُ زيدٍ فأشار على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالَّذي يعلَمُ مِن براءةِ أهلِه وما له في نفسِه لهم مِن الوُدِّ فقال: هم أهلُك ولا نعلَمُ إلَّا خيرًا وأمَّا عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضوانُ اللهِ عليه فقال: لم يُضيِّقِ اللهُ عليك والنِّساءُ سواها كثيرٌ وإنْ تسأَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ قالت: فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَريرةَ فقال: ( أيْ بَريرةُ، هل رأَيْتِ مِن عائشةَ شيئًا يُريبُكِ ؟ ) قالت بَريرةُ: يا رسولَ اللهِ والَّذي بعَثك بالحقِّ ما رأَيْتُ عليها أمرًا قطُّ أغمضه عليها أكثرَ مِن أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تنامُ عن عجينِ أهلِها فيدخُلُ الدَّاجنُ فيأكُلُه فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستعذَر مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ ابنِ سلولٍ فقال وهو على المنبرِ: ( يا معشرَ المسلِمينَ مَن يعذِرُني مِن رجلٍ بلَغ أذاه في أهلِ بيتي ؟ فواللهِ ما علِمْتُ مِن أهلي إلَّا خيرًا ولقد ذكَروا رجلًا ما علِمْتُ منه إلَّا خيرًا وما كان يدخُلُ على أهلي إلَّا معي ) فقام سعدُ بنُ معاذٍ الأنصاريُّ فقال: أنا أعذِرُك منه يا رسولَ اللهِ إنْ كان مِن الأوسِ ضرَبْنا عُنقَه وإنْ كان مِن الخزرجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا أمرَك فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وهو سيِّدُ الخزرجِ وكان رجلًا صالحًا ولكنِ احتمَلتْه الحميَّةُ فقال: واللهِ ما تقتُلُه ولا تقدِرُ على قتلِه فقام أُسيدُ بنُ حُضيرٍ وهو ابنُ عمِّ سعدِ بنِ مُعاذٍ فقال: كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لنقتُلَنَّه فإنَّك منافقٌ تجادِلُ عن المنافقينَ فثار الحيَّانِ: الأوسُ والخزرجُ حتَّى همُّوا أنْ يقتتِلوا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخفِّضُهم حتَّى سكَتوا وسكَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبكَيْتُ يومي لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحلُ بنومٍ وأبواي يظنُّانِ أنَّ البكاءَ فالقٌ كبِدي فبينما هما جالسانِ عندي إذ استأذَنتْ عليَّ امرأةٌ مِن الأنصارِ فأذِنْتُ لها فجلَستْ معي فبينما نحنُ على حالِنا ذلك إذ دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسلَّم ثمَّ جلَس ولم يكُنْ جلَس قبْلَ يومي ذلك مذُ كان مِن أمري ما كان ولبِث شهرًا لا يُوحى إليه قالت: فتشهَّد ثمَّ قال: ( أمَّا بعدُ فقد بلَغني يا عائشةُ عنكِ كذا وكذا فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ بذنبٍ فاستغفِري اللهَ وتوبي فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بالذَّنبِ ثمَّ تاب تاب اللهُ عليه ) فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مقالتَه قلَص دمعي حتَّى ما أُحِسُّ منه بقطرةٍ فقُلْتُ لأبي: أجِبْ عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: واللهِ ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ لأمِّي: أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: واللهِ لا أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ فقُلْتُ ] ـ وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرَأُ كثيرًا مِن القرآنِ: إنِّي واللهِ لقد عرَفْتُ أنَّكم سمِعْتُم بذاك حتَّى استقرَّ في أنفسِكم وصدَّقْتُم به فإنْ قُلْتُ لكم: إنِّي بريئةٌ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لم تُصدِّقوني وإنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لتُصَدِّقوني وإنِّي واللهِ لا أجِدُ مثَلي ومَثَلَكم إلَّا كما قال أبو يوسفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثمَّ تحوَّلْتُ فاضطجَعْتُ على فراشي وأنا واللهِ حينَئذٍ أعلَمُ أنِّي بريئةٌ وأنَّ اللهَ جلَّ وعلا يُبرِّئُني ببراءتي ولكنْ لم أظُنَّ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يُنزِلُ في شأني وحيًا يُتلَى ولَشأني كان أحقَرَ في نفسي مِن أنْ يتكلَّمَ اللهُ جلَّ وعلا فيَّ بأمرٍ يُتلى ولكنْ أرجو أنْ يرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في منامِه رؤيا يُبرِّئُني اللهُ بها قالت: فواللهِ ما رام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مجلسَه ولا خرَج مِن البيتِ أحدٌ حتَّى أنزَل اللهُ على نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخَذه ما كان يأخُذُه مِن البُرحاءِ عندَ الوحيِ مِن ثِقَلِ القولِ الَّذي أُنزِل عليه فلمَّا سُرِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أوَّلَ كلمةٍ تكلَّم بها أنْ قال: ( يا عائشةُ أمَا واللهِ فقد برَّأكِ اللهُ ) فقالت لي أمِّي: قومي إليه فقُلْتُ: واللهِ لا أقومُ إليه ولا أحمَدُ إلَّا اللهَ الَّذي هو أنزَل براءتي فأنزَل اللهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] العشْرَ الآياتِ، قالت: فأنزَل اللهُ هذه الآياتِ في براءتي وكان أبو بكرٍ رضوانُ اللهِ عليه يُنفِقُ على مِسطَحٍ لقرابتِه منه وفقرِه فقال: واللهِ لا أُنفِقُ عليه أبدًا بعدَ الَّذي قال لعائشةَ ما قال فأنزَل اللهُ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] إلى قولِه: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] فقال أبو بكرٍ: واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يغفِرَ اللهُ لي فرجَع إلى مِسطَحٍ بالنَّفقةِ الَّتي كان يُنفِقُ عليه فقال: واللهِ لا أنزِعُها منه أبدًا قالت: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَل زينبَ بنتَ جحشٍ عن أمري: ( ما علِمْتِ وما رأَيْتِ ؟ ) فقالت: أحمي سمعي وبصري ما علِمْتُ إلَّا خيرًا قالت: وهي الَّتي كانت تُساميني مِن أزواجِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعصَمها اللهُ بالورَعِ وطفِقتْ أختُها حَمنةُ بنتُ جحشٍ تُحارِبُ لها فهلَكتْ فيمَن هلَك قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إليَّ مِن أمرِ هؤلاء الرَّهطِ
خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 4212 التخريج : أخرجه البخاري (2661)، ومسلم (2770)، وأحمد (25623) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق اعتصام بالسنة - توقف النبي في بعض الأمور عند عدم نزول الوحي مريض - مشروعية عيادة المريض وفضلها مغازي - استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

12 - عن عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ قال لَها أَهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأَها اللَّهُ منهُ فَكلُّهم حدَّثني بطائفةٍ من حديثِها وبعضُهم كانَ أوعى لحديثِها من بعضٍ وأثبتَ لَها اقتِصاصًا وقد وعيتُ من كلِّ رجلٍ منهمُ الحديثَ الَّذي حدَّثني عن عائشةَ وبعضُهم يصدِّقُ بعضًا وإن كانَ بعضُهم أوعى من بعضٍ زعموا أنَّ عائشةَ زوجَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالت كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أرادَ سفرًا أقرعَ بينَ أزواجِه فأيَّتُهنَّ خرجَ سَهمُها خرجَ بِها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ معَه قالت عائشةُ فأقرعَ بيننَا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في غزوةٍ غزاها فخرجَ سَهمي فخرجَ بي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في غزوتِه تلكَ أذنَ اللَّهُ بالرَّحيلِ فخرجتُ حينَ أذَّنوا بالرَّحيلِ فمشيتُ حتَّى جاوزتُ الجيشَ فلمَّا قضيتُ شأني أقبلتُ إلى رحلي فلمستُ صدري فإذا عقدٌ لي جزعِ ظفارَ قدِ انقطعَ فخرجتُ فالتمستُ عِقدي وحبسني ابتغاؤُه وأقبلَ الرَّهطُ الَّذينَ كانوا يرحلونَ بي فحملوا هَودَجي فرحلوهُ على بعيري الَّذي كنتُ أركبُ وَهم يحسَبونَ أنِّي فيهِ وَكانَ النِّساءُ إذ ذاكَ خفافًا لم يثقُلنَ ولم يحمِلنَ اللَّحمَ إنَّما يأكلنَ العلقةَ منَ الطَّعامِ فلم يستَنكرِ القومُ خفَّةَ الهَودجِ حينَ حملوهُ وَكنتُ جاريةً حديثةَ السِّنِّ فبعثوا الجملَ فساروا فوجدتُ عِقدي بعدَ ما استمرَّ الجيشُ فجئتُ منازلَهم وليسَ بِها داعٍ ولا مجيبٌ فتيمَّمتُ منزلي الَّذي كنتُ بهِ وظننتُ أنَّهم سيفقدوني فيرجِعوا إليَّ فبينا أنا جالسةٌ إذ غلبتني عينايَ فنمتُ وَكانَ صفوانُ بنُ المعطَّلِ الصَّفوانيُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ من وراءِ الجيشِ فأدلجَ فأصبحَ عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ فعرفني حينَ رآني قبلَ الحجابِ فاستيقظتُ باسترجاعِه حينَ عرفني فخمَّرتُ وجهي بجلبابي واللَّهِ ما كلَّمتُه كلمةً ولا سمعتُ منهُ كلمةً غيرَ استرجاعِه حينَ عرفني حتَّى أناخَ راحلتَه ووطئَ على يدِها فرَكبتُها وانطلقَ يقودُ بيَ الرَّاحلةَ حتَّى أتينا الجيشَ بعدَ ما نزلوا معرِّسينَ في نحرِ الظَّهيرةِ وَهلَك فيَّ من هلَك وَكانَ الَّذي تولَّى كِبْرَ الإفكِ عبدُ اللَّهِ بنُ أبيِّ بنِ سلولٍ فقدِمنا المدينةَ فشَكيتُ شَهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أصحابِ الإفكِ وأنا لا أشعرُ بالشَّيءِ حتَّى نقِهتُ فخرجتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ قِبَلَ المناصعِ وَكانَ متبرَّزَنا لا نخرجُ إليها إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلِك قبلَ أن نتَّخذَ الكُنُفَ قريبًا من بيوتِنا وإنَّما أمرُنا أمرُ العربِ الأوَّلِ في البرِّيَّةِ قبلَ الغائطِ وَكنَّا نتأذَّى بالكُنُفِ أن نتَّخذَها عندَ بيوتِنا فأقبلتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ قبلَ بيتي حينَ فرغنا من شأنِنا وأمُّ مسطحٍ وَهيَ ابنةُ أبي إبراهيمَ بنِ المطَّلبِ بنِ عبدِ منافٍ وأمُّها بنتُ صخرِ بنِ عامرٍ خالةُ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ وابنُها مِسطَحُ بنُ أثاثةَ بنِ عبَّادِ بنِ عبدِ المطَّلبِ فعثَرتْ أمُّ مسطحٍ في مِرطِها فقالت تعِسَ مسطَحٌ فقلتُ لَها بئسَ ما قلتِ وماذا قال فأخبرتْني بقولِ أَهلِ الإفكِ فازددتُ مرضًا على مرضي فلمَّا دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قال كيفَ تِيكم فقلتُ لهُ أتأذنُ لي أن آتيَ أبويَّ وأنا حينئذٍ أريدُ أن أستيقِنَ الخبرَ مِن قِبَلِهما فأذنَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأتيتُ أبويَّ فقلتُ لأمِّي يا أمَّتاهُ ما يتحدَّثُ بهِ النَّاسُ فقالت يا بنيَّةُ هوِّني عليكِ هذا الشَّأنَ فواللَّهِ لقلَّما كانتِ امرأةٌ وضيئةً عندَ رجلٍ يحبُّها ولَها ضرائرُ إلَّا أَكثرنَ عليها فقلتُ سبحانَ اللَّهِ ولقد تحدَّثَ النَّاسُ بِها قالت فبَكيتُ تلكَ اللَّيلةَ حتَّى أصبحتُ ثمَّ أصبحتُ ودعا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ حينَ استلبثَ الوحيُ يستشيرُهما في فراقِ أَهلِه فأمَّا أسامةُ فإنَّهُ أشارَ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بالَّذي يعلَمُ من براءةِ أَهلِه وبالَّذي يعلَمُ منَ الوُدِّ لَهم قال يا رسولَ اللَّهِ أَهلُكَ ولا نعلمُ إلَّا خيرًا وأمَّا عليٌّ فقال يا رسولَ اللَّهِ لم يضيِّقِ اللَّهُ عليكَ والنِّساءُ بكثيرٍ سواها سلِ الجاريةَ تصدُقْكَ فدعا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بَريرةَ فقال يا بَريرةُ هل رأيتِ على عائشةَ شيئًا تُنكرينَه عليها قالت لا والَّذي بعثَك بالحقِّ ما رأيتُ على عائشةَ شيئًا أغمِصُه عليها غيرَ أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تَنامُ عن عجينِ أَهلِها فتأتي الدَّاجِنُ فتأكلُه قالت عائشةُ فقامَ على المنبرِ حينَ استلبثَ الوحيُ يستعذِرُ من عبدِ اللَّهِ بنِ أبيِّ بنِ سلولٍ فقال يا معشرَ المسلمينَ مَن يعذِرُني مِن رجلٍ بلغَ أذاهُ في أَهلي فواللَّهِ ما علمتُ على أَهلي إلَّا خيرًا وما كانَ يدخلُ على أَهلي إلَّا وهوَ معي فقامَ سعدُ بنُ معاذٍ الأنصاريُّ فقال يا رسولَ اللَّهِ أنا واللَّهِ أعذِرُك منهُ إن كانَ منَ الأوسِ ضربتُ عنقَه وإن كانَ من إخوانِنا الخزرجِ أمرتَنا ففعلنا أمرَك فقامَ سعدُ بنُ عبادةَ الخزرجيُّ وهوَ سيِّدُ الخزرجِ وَكانَ قبلَ ذلِك رجلًا صالِحًا ولَكنِ احتملتهُ الحميَّةُ فقال لسعدِ بنِ معاذٍ كذبتَ لعمرُ اللَّهِ لا تقتلُه ولا تقدِرُ على قتلِه فقامَ سعدُ بنُ معاذٍ فقال لِسعدِ بنِ عبادةَ كذبتَ لَعَمرُ اللَّهِ لنقتلنَّهُ فإنَّكَ منافقٌ تجادلُ عنِ المنافقينَ فثارَ الحيَّانِ الأوسُ والخزرجُ حتَّى همُّوا أن يقتتِلوا ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ على المنبرِ فلم يزل رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يخفِّضُهم حتَّى سَكتوا قالت عائشةُ وبَكيتُ يومي ذلِك لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أَكتحلُ بنومٍ ولا أظنُّ البُكاءَ إلَّا فالقَ كبِدي قالت فبينا أنا أبكي وأبوايَ عندي إذِ استأذنَتْ عليَّ امرأةٌ منَ الأنصارِ فأذنَتْ لَها أمِّي فجلست تبكي معنا فبينا نحنُ على ذلِك إذ دخلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فسلَّمَ ثمَّ جلسَ ولم يجلِسْ عندي منذُ قيلَ لي ما قيلَ قبلَها وقد لبثَ شَهرًا لا يوحَى إليهِ في شأني بشيءٍ قالت فتشَهَّدَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ جلسَ ثمَّ قال يا عائشةُ أما بعدُ فقدْ بلغني عنكِ كذا وَكذا فإن كنتِ بريئةً فسيبرِّئُكِ اللَّهُ وإن كنتِ ألممتِ بذنبٍ فاستغفِري اللَّهَ وتوبي إليهِ فإنَّ العبدَ إذا اعترفَ بذنبِهِ ثمَّ تابَ تابَ اللَّهُ عليهِ قالت فلمَّا قضى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مقالتَه وقلُصَ دمعي حتَّى ما أحسُّ منهُ قطرةً فقلتُ لأبي أجِب عنِّي رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فيما قال قالَ واللَّهِ ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ لأمِّي أجيبي عنِّي رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فيما قال فقالت واللَّهِ ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ وإنِّي لجاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرأُ شيئًا منَ القرآنِ واللَّهِ لقد علِمتُ أنَّكم سمعتُم بِهذا الحديثِ واستقرَّ في أنفسِكم ولئنْ قلتُ لكم إنِّي بريئةٌ واللَّهُ لَيعلمُ أنِّي بريئةٌ وأعلمُ أنَّهُ مبرِّئي ببراءةٍ إنِّي بريئةٌ لا تصدِّقونَ ولئن أعترفْ لكم بأمرٍ واللَّهُ يعلمُ أنِّي منهُ بريئةٌ لتصدِّقُنِّي فواللَّهِ ما أجدُ لي ولَكم مَثلًا إلَّا أنَّ أبا يوسفَ قال {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} زادَ ابنُ دَيزيلَ في حديثِه ونسيتُ اسمَ يعقوبَ لما بي منَ الحزنِ وإحراقِ القلبِ ثمَّ رجعَ إلى حديثِهما قالت ثمَّ تحوَّلتُ إلى فراشي فنمتُ وأنا أعلمُ أنِّي بريئةٌ واللَّهُ مبرِّئي ببراءتي ولَكنْ واللَّهِ ما علمتُ أنَّ اللَّهَ ينزِّلُ في شأني قرآنًا يُتلَى ولَشأني أحقرُ في نفسي من أن ينزِّلَ اللَّهُ فيَّ وحيًا يُتلى قالت فواللَّهِ ما رامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مجلسَه ذاكَ ولا خرجَ أحدٌ من أَهلِ البيتِ حتَّى أخذَه ما كانَ يأخُذُه منَ البُرَحاءِ حتَّى إنَّهُ لينحدِرُ مثلَ الجُمانِ منَ العرقِ في اليومِ الشَّاتي قالت فلمَّا سُرِّيَ عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وهوَ يبتسمُ كانَ أوَّلَ كلمةٍ تَكلَّمَ بِها أن قال يا عائشةُ أمَّا اللَّهُ فقد برَّأَك فقال لي أبي قُومي إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ لا أقومُ ولا أحمدُ إلَّا اللَّهَ تعالى قالت أُنزِلَ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العشرُ الآياتُ كلُّها قالت فلمَّا أنزلَ اللَّهُ في براءتي هذا قال أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ وَكانَ ينفِقُ على مِسطحِ بنِ أثاثةَ لقرابتِه منهُ واللَّهِ لا أنفقُ على مسطحٍ شيئًا أبدًا بعدَ الَّذي قال لعائشةَ ما قال قالت فأنزلَ اللَّهُ { وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ } فقال أبو بَكرٍ بلى واللَّهِ إنِّي لأحبُّ أن يُغفَرَ لي فرجَّعَ إلى مسطحٍ نفقتَه الَّتي كانَ ينفقُ عليهِ فقال واللَّهِ لا أنزِعُها منهُ أبدًا قالت عائشةُ وَكانت زينبُ بنتُ جحشٍ هيَ الَّتي تساميني من بينِ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فعصمَها اللَّهُ بالورَعِ فطفِقت أختُها حمنةُ تحارِبُ لَها فَهلَكت فيمن هلَكَ قال ابنُ شِهابٍ فبلغني أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لمَّا سألَ بريرةَ عن شأنِ عائشةَ قالت يا رسولَ اللَّهِ تسألُني عن عائشةَ فواللَّهِ لَعائشةُ أطيبُ من طيِّبِ الذَّهبِ ولئن كانَ ما يقولُ النَّاسُ حقًّا ليخبرنَّكَ اللَّهُ
خلاصة حكم المحدث : غريب
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البيهقي | المصدر : شعب الإيمان
الصفحة أو الرقم : 5/2380 التخريج : أخرجه البخاري (2661)، ومسلم (2770)، وأحمد (25623) جميعهم بنحوه.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك زينة اللباس - الحجاب صدقة - فضل الصدقة والحث عليها مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق
|أصول الحديث

13 - عن ابنِ شِهابٍ، حَدَّثَني عُرْوةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وسَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَلْقَمةُ بنُ وَقَّاصٍ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ بنِ مَسْعودٍ، عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن قَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ما قالوا، فبَرَّأَها اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِن ذلك، وكلُّهم قد حَدَّثني بطائِفةٍ مِن حَديثِها، وبعضُهم كانَ أَوْعى لحَديثِها مِن بعضٍ، وأَحسَنَ اقْتِصاصًا، وبعضُهم يُصدِّقُ حَديثَ بعضٍ، قالَتْ: كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أرادَ سَفَرًا أَقرَعَ بَيْنَ نِسائِه، فأَيَّتُهنَّ خَرَجَ سَهْمُها خَرَجَ بِها معَه، قالَتْ: فأَقرَعَ بَيْنَنا في غَزاةٍ غَزاها، فخَرَجَ سَهْمي، فخَرَجْتُ معَه بَعْدَما أَنزَلَ آيةَ الحِجابِ، فأنا أُحمَلُ في هَوْدَجي، وأَنزِلُ فيه، حتَّى إذا فَرَغَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنْ غَزْوتِه تلك وقَفَلَ ودَنَونا مِن المَدينةِ، أَذِنَ لَيْلَه بالرَّحيلِ، فمَشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجَيْشَ، فلمَّا قَضيْتُ شَأني أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فالتَمَسْتُ صَدْري، فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفارٍ قد انْقَطَعَ، فرَجَعْتُ فالْتَمَسْتُ عِقْدي، فحَبَسَني ابْتِغاؤُه، فأَقبَلَ الَّذين يَرْحَلونَ بي، فاحْتَمَلوا هَوْدَجي فرَحَلوه على بَعيري الَّذي كُنْتُ أركَبُهُ، وهُمْ يَحسَبونَ أنَّني فيه، وكانَ النِّساءُ إذ ذاك خِفافًا لم يَثقُلْنَ ولم يَهبُلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأكُلْنَ العُلْقةَ مِن الطَّعامِ، فلم يَسْتنكِرِ القَوْمُ حينَ رَفَعوه ثِقَلَ الهَوْدَجِ فاحْتَمَلوه، وكُنْتُ جارِيةً حَديثةَ السِّنِّ، فبَعَثوا الجَمَلَ وساروا، فوَجَدْتُ العِقْدَ بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فجِئْتُ مَنزِلَهم وليس فيه داعٍ ولا مُجيبٌ، فتَيَمَّمْتُ مَنزِلي الَّذي كُنْتُ فيه، وظَنَنْتُ أنَّهم سَيَفْقِدونِّي فيَرجِعونَ إليَّ، قالَتْ: فبَيْنَما أنا جالِسةٌ في مَنزِلي غَلَبَتْني عَيْني، وكانَ صَفْوانُ بنُ المُعطَّلِ السُّلَميُّ، ثُمَّ الذَّكْوانيُّ رَضِيَ اللهُ عنه قد عَرَّسَ مِن وَراءِ الجَيْشِ، فأَدلَجَ عنْدَ مَنزِلي، فرأى سَوادَ إنْسانٍ نائِمٍ، فأتاني، وكانَ يَراني قَبْلَ نُزولِ الحِجابِ، فما اسْتَيْقَظْتُ إلَّا باسْتِرْجاعِه حينَ رآني، فواللهِ ما كَلَّمَني، ولا سَمِعْتُ مِنه كَلِمةً غَيْرَ اسْتِرْجاعِه، ثُمَّ أَناخَ راحِلتَه، فوَطِئَ على يَدِها فرَكِبْتُها، فانْطَلَقَ يَقودُ بي الرَّاحِلةَ حتَّى أَتَيْنا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلوا مُعَرِّسينَ نَحْرَ الظَّهيرةِ -كَذا في هذه الرِّوايةِ، وفي غَيْرِها: موغِرينَ- فهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الَّذي تَوَلَّى كِبْرَ الإفْكِ عَبْدَ اللهِ بنَ أُبَيِّ [ابنَ] سَلولَ، فقَدِمْنا المَدينةَ، فاشْتَكَيْتُ بها شَهْرًا، والنَّاسُ يُفيضونَ في قَوْلِ أصْحابِ الإفْكِ ، لا أَشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك، ويَريبُني في وَجَعي أنِّي لا أرى مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الَّذي كُنْتُ أراه مِنه حينَ أَمرَضُ، إنَّما يَدخُلُ فيُسلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيف تِيكُم؟ فذلك يَريبُني ولا أَشعُرُ حتَّى نَقَهْتُ، فخَرَجْتُ أنا وأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أبي رُهْمٍ قِبَلَ المَناصِعِ ، وهو مُتَبَرَّزُنا، لا نَخرُجُ إلَّا مِن لَيْلٍ إلى لَيْلٍ، وذلك قَبْلَ أن نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَريبًا مِن بُيوتِنا، وأمْرُنا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّنَزُّهِ، وأَقبَلْتُ أنا وأُمُّ مِسْطَحٍ نَمْشي فعَثَرَتْ في مِرْطِها فقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ!فقُلْتُ لها: بِئْسَ ما قُلْتِ! أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: يا هَنْتَاهْ! أَلَمْ تَسمَعي ما قالَ؟ قُلْتُ: وماذا قالَ؟ فأَخبَرَتْني بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فازْدَدْتُ مَرَضًا إلى مَرضِي، فلمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ علَيَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: كيف تيكم؟ فقُلْتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قالَتْ: وأنا حينَئذٍ أُريدُ أن أَسْتيقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهما، قالَت: فأَتَيْتُ أَبَوَيَّ فقُلْتُ لأُمِّي: ما يُحدِّثُ [به] النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّني على نفْسِك، فوَاللهِ لَقَلَّ ما كانَتِ امْرَأةٌ قَطُّ وَظِبَةً عنْدَ رَجُلٍ ولها ضَرائِرُ إلَّا أَكثَرْنَ عليها، فقُلْتُ: وقد تَحدَّثَ النَّاسُ بِهذا؟! قالَتْ: فبِتُّ تلك اللَّيْلةَ حتَّى أَصبَحْتُ ولا يَرْقى لي دَمْعٌ، ولا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ حتَّى أَصبَحْتُ . فدَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ [علِيَّ بنَ أبي طالِبٍ] وأُسامةَ بنَ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما حينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ يَسْتَشيرُهما في فِراقِ أهْلِه، فأمَّا أُسامةُ فأَشارَ عليه بالَّذي يَعرِفُ مِن بَراءةِ أهْلِه، وبالَّذي يَعلَمُ في نفْسِه مِن الوُدِّ لهم، فقالَ أُسامةُ: أهْلُك يا رَسولَ اللهِ، ولا نَعلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأمَّا علِيٌّ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، لم يُضَيِّقِ اللهُ تَعالى عليك، والنِّساءُ سِواها كَثيرٌ، وسَلِ الجارِيةَ تَصدُقْك، قالَتْ: فدَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَريرةَ، فقالَ لها: هل عَلِمْتِ مِن عائِشةَ شَيئًا يَريبُكِ؟ فقالَتْ بَريرةُ: لا والَّذي بَعَثَك بالحَقِّ، ما رَأيْتُ مِنها أمْرًا أَغمِضُه عليها أَكثَرَ مِن أنَّها جارِيةٌ حَديثةُ السِّنِّ، تَنامُ عن العَجينِ حتَّى تأتيَ الدَّاجِنُ فتَأكُلُه، قالَتْ: فقامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منِ يومِه فاسْتَعْذَرَ مِن عَبْدِ اللهِ بن أُبَيٍّ[ابنِ] سَلولَ، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مَعشَرَ المُسلِمينَ، مَن يَعذِرُني مِن رَجُلٍ قد بَلَغَ أذاه في أهْلي، فواللهِ ما عَلِمْتُ على أهْلي إلَّا خَيْرًا، ولقد ذَكَروا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدخُلُ على أهْلي إلَّا مَعي، فقامَ سَعْدُ بنُ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه، [فقالَ]: أنا أَعذِرُك مِنه يا رَسولَ اللهِ، إن كانَ مِن الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَه، وإن كانَ مِن إخْوانِنا مِن الخَزْرَجِ أمَرْتَنا ففَعَلْنا أمْرَك، فقامَ سَعْدُ بنُ عُبادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلك رَجُلًا صالِحًا، ولكنِ احْتَمَلَتْه الحَمِيَّةُ ، فقالَ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لا تَقتُلُه، ولا تَقدِرُ على قَتْلِه، فقَامَ أُسيدُ بنُ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه -وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ- فقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبادةَ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّه؛ فإنَّك مُنافِقٌ تُجادِلُ عن المُنافِقينَ، فثارَ الحَيَّانِ ؛ الأَوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا بالقِتالِ، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهم حتَّى سَكَنوا. وبَكَيْتُ يَوْمي لا يَرْقى لي دَمْعٌ، ولا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ حتَّى ظَنَنْتُ أنَّ البُكاءَ فالِقٌ كَبِدي، فبَيْنا أنا على ذلك إذ اسْتَأذَنَتِ امْرَأةٌ مِن الأنْصارِ، فأَذِنْتُ لها، فجَلَسَتْ تَبْكي معي، فبَيْنا نحن كذلك إذ دَخَلَ [علينا] رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فجَلَسَ -ولم يَجلِسْ عنْدي مُنْذُ قيلَ لي ما قيلَ قَبْلَها، وقد مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحى إليه في شَأني- فتَشَهَّدَ ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، يا عائِشةُ، فإنَّه قد بَلَغَني عنكِ كَذا وكَذا، فإن كُنْتِ بَريئةً فسَيُبَرِّئُك اللهُ تَعالى، وإن كُنْتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِري اللهَ وتوبي إليه؛ فإنَّ العَبْدَ إذا اعْتَرَفَ بذَنْبٍ ثُمَّ تابَ تابَ اللهُ عليه ، فلمَّا قَضى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ [مَقالتَه] قلَصَ دَمْعي حتَّى ما أُحِسُّ مِنه قَطْرةً، فقُلْتُ لأبي: أَجِبْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما قالَ، قالَ: واللهِ ما أَدْري ما أَقولُ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ!فقُلْتُ لأُمِّي، فقالَتْ مِثلَ ذلك، فقُلْتُ وأنا جارِيةٌ حَديثةُ السِّنِّ لا أَقرَأْ كَثيرًا مِن القُرْآنِ: واللهِ لقد عَلِمْتُ أنَّكم قد سَمِعتُم ما يُحدَّثُ به، وقَرَّ في أنْفُسِكم فصَدَّقْتُم، ولئِنْ قُلْتُ: إنِّي بَريئةٌ، واللهُ تَعالى يَعلَمُ أنِّي بَريئةٌ لا تُصَدِّقوني بِذلك، ولئِنِ اعْتَرَفْتُ لكم بأمْرٍ يَعلَمُ اللهُ أنِّي مِنه بَريئةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللهِ لا أَجِدُ لي ولكم مَثَلًا إلَّا كما قالَ أبو يوسُفَ إذ قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ على فِراشي وأنا أَرْجو أن يُبَرِّئَني اللهُ تَعالى ببَراءتي، ولكِنْ ما طَمِعْتُ أن يُنزَلَ في شَأني وَحْيٌ يُتْلى، ولأنا كُنْتُ أَحقَرُ في نفْسي مِن أن يُنزَلَ فيَّ قُرْآنٌ يُتْلى، ولكن كُنْتُ أَرْجو أن يَرى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيا تُبَرِّئُني، قالَتْ: فواللهِ ما رامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَجلِسِه، ولا خَرَجَ أحَدٌ مِن البَيْتِ حتَّى أَنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عليه، فأخَذَه ما كانَ يَأخُذُه مِن البُرَحاءِ حتَّى إنَّه لَيَنْحدِرُ مِنه مِثلُ الجُمانِ مِن العَرَقِ في يَوْمٍ شاتٍ، قالَتْ: فسُرِّيَ [عن] رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضحَكُ، فكانَ أوَّلُ كَلِمةٍ تَكلَّمَ بِها قالَ: يا عائِشةُ، احْمَدي اللهَ تعالى فقد بَرَّأَك اللهُ تعالى، فقُلْتُ: بحَمْدِ اللهِ لا بحَمْدِكم، فقالَتْ أُمِّي: قومي إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقُلْتُ:  [لا] واللهِ لا أَقومُ إليه، ولا أَحمَد إلَّا اللهَ عَزَّ وجَلَّ، وأَنزَلَ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الآياتِ كلَّها، فلمَّا أَنزَلَ اللهُ تَعالى براءتي قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنه -وكانَ يُنفِقُ على مِسْطَحٍ- فقالَ: واللهِ ما أُنفِقُ على مِسْطَحٍ شَيئًا أبَدًا بَعْدَما قالَ لعائِشةَ ما قالَ، فأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ}إلى آخِرِ الآيِة، فقالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: بَلى [إنِّي] أُحِبُّ أن يَغفِرَ [اللهُ] لي، فرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الَّذي كانَ يُجْري عليه، قالَتْ: وكانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَألَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ رَضِيَ اللهُ عنها عن أمْري، فقالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ وما رَأيُك؟  فقالَتْ: أَحْمي سَمْعي وبَصَري، واللهِ ما عَلِمْتُ عليها إلَّا خَيْرًا، قالَتْ عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: وهي الَّتي كانَت تُساميني مِن أزْواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فعَصَمَها اللهُ عَزَّ وجَلَّ بالوَرَعِ، وطَفِقَتْ أخْتُها حَمْنةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحارِبُ عنها، فهَلَكَتْ فيمَن هَلَكَ. قالَ الزُّهْريُّ رَحِمَه اللهُ: فهذا ما انْتَهى إلينا مِن حَديثِ هؤلاء الرَّهْطِ.

14 - حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأها اللهُ، وكلٌّ حدَّثني بطائفةٍ مِن الحديثِ، وبعضُهم أوعى لحديثِها مِن بعضٍ وأسَدُّ اقتصاصًا، وقد وعَيْتُ مِن كلِّ واحدٍ الحديثَ الَّذي حدَّثني به، وبعضُهم يُصدِّقُ بعضًا، ذكَروا أنَّ عائشةَ قالت: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أنْ يخرُجَ سفرًا أقرَع بينَ نسائِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم معه، قالت: فأقرَع بينَنا في غزوةٍ غزاها فخرَج سهمي فخرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وذلك بعدَ أنْ أُنزِل الحجابُ فأنا أُحمَلُ في هَودجي وأنزِلُ فيه مسيرَنا حتَّى إذا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن غزوتِه تلك وقفَل ودنَوْنا مِن المدينةِ آذَن بالرَّحيلِ ليلةً فقُمْتُ [ حينَ آذَنوا ] في الرَّحيلِ، فمشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ فلمَّا قضَيْتُ شأني رجَعْتُ فلمَسْتُ صدري فإذا عِقدٌ مِن جَزْعِ ظَفارِ قد وقَع فرجَعْتُ فالتمَسْتُ عِقدي فحبَسني ابتغاؤُه وأقبَل الرَّهطُ الَّذينَ يرحَلونَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فحمَلوا هَودجي ورحَلوه على البعيرِ الَّذي كُنْتُ أركَبُ وهم يحسَبون أنِّي فيه قالت عائشةُ: وكان النِّساءُ إذ ذاك خِفافًا لم يغشَهنَّ اللَّحمُ فرحَلوه ورفَعوه فلمَّا بعَثوا وسار الجيشُ وجَدْتُ عِقدي بعدَما استمرَّ الجيشُ فجِئْتُ منازلَهم وليس بها داعي ولا مجيبٌ، فأقَمْتُ منزلي الَّذي كُنْتُ فيه فبَيْنا أنا جالسةٌ غلَبتْني عيني فنِمْتُ وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ عرَّس فأدلَج فأصبَح عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ فعرَفني حينَ رآني وكان رآني قبْلَ أنْ ينزِلَ الحجابُ فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجلبابي واللهِ ما كلَّمني بكلمةٍ ولا سمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه حتَّى أناخ راحلتَه فوطِئ على يدِها فركِبْتُه ثمَّ انطلَق يقودُ بي الرَّاحلةَ حتَّى أتَيْنا الجيشَ بعدَما نزَلوا موغِرينَ في نحرِ الظَّهيرةِ فهلَك في شأني مَن هلَك، وكان الَّذي تولَّى كِبْرَه منهم عبدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ ابنِ سلولٍ فقدِمْتُ المدينةَ فاشتكَيْتُ حينَ قدِمْتُها شهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أهلِ الإفكِ ولا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك وهو يُريبُني مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنِّي لا أرى منه اللُّطفَ الَّذي كُنْتُ أراه منه حينَ أشتكي إنَّما يدخُلُ عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ: ( كيف تِيكُم ؟ ) فيُريبُني ذلك ولا أشعُرُ حتَّى خرَجْتُ بعدَما نقَهْتُ مِن مرَضي ومعي أمُّ مِسطَحٍ قِبَلَ المَناصِعِ وهي مُتبرَّزُنا ولا نخرُجُ إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلك أنَّا نكرَهُ أنْ نتَّخذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا، وأمرُنا أمرُ العربِ الأُوَلِ في التَّبرُّزِ، وكنَّا نتأذَّى بالكُنُفِ قُرْبَ بيوتِنا فانطلَقْتُ ومعي أمُّ مِسطَحٍ وهي بنتُ أبي رُهمِ بنِ المطَّلبِ بنِ عبدِ منافٍ، وأمُّها بنتُ صخرِ بنِ عامرٍ خالةِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُها مِسطَحُ بنُ أُثاثةَ بنِ عبَّادِ بنِ المطَّلبِ، فأقبَلْنا حينَ فرَغْنا مِن شأنِنا لنأتيَ البيتَ فعثَرتْ أمُّ مِسطَحٍ في مِرطِها فقالت: تعِس مِسطَحٌ فقُلْتُ لها: بئس ما قُلْتِ، أتسُبِّينَ رجلًا قد شهِد بدرًا ؟! فقالت: أيْ هَنتاه، أوَلم تسمَعي ما قال ؟ قُلْتُ: وما قال فأخبَرتْني بقولِ أهلِ الإفكِ فازدَدْتُ مرضًا إلى مرَضي ورجَعْتُ إلى بيتي فدخَل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسلَّم ثمَّ قال: ( كيف تِيكُم ؟ ) فقُلْتُ: أتأذَنُ لي أنْ آتيَ أبوَيَّ ؟ وأنا حينَئذٍ أُريدُ أنْ أتيقَّنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما فأذِن لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجِئْتُ أبويَّ فقُلْتُ لأمِّي: يا أمَّتاه ما يتَّحدثُ النَّاسُ ؟ قالت: أيْ بنيَّةُ هوِّني عليكِ فواللهِ لَقَلَّ امرأةٌ وضيئةٌ كانت عندَ رجلٍ يُحِبُّها ولها ضرائرُ إلَّا أكثَرْنَ عليها قالت: فقُلْتُ: سبحانَ اللهِ أوَتحدَّث النَّاسُ بذلك ؟ ! قالت: فمكَثْتُ تلك اللَّيلةَ لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ ، أُصبِحُ وأبكي ودعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ وهو حينَئذٍ يُريدُ أنْ يستشيرَهما في فِراقِ أهلِه وذلك حينَ استَلْبَث الوحيُ فأمَّا أسامةُ بنُ زيدٍ فأشار على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالَّذي يعلَمُ مِن براءةِ أهلِه وما له في نفسِه لهم مِن الوُدِّ فقال: هم أهلُك ولا نعلَمُ إلَّا خيرًا وأمَّا عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضوانُ اللهِ عليه فقال: لم يُضيِّقِ اللهُ عليك والنِّساءُ سواها كثيرٌ وإنْ تسأَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ قالت: فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَريرةَ فقال: ( أيْ بَريرةُ، هل رأَيْتِ مِن عائشةَ شيئًا يُريبُكِ ؟ ) قالت بَريرةُ: يا رسولَ اللهِ والَّذي بعَثك بالحقِّ ما رأَيْتُ عليها أمرًا قطُّ أغمضه عليها أكثرَ مِن أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تنامُ عن عجينِ أهلِها فيدخُلُ الدَّاجنُ فيأكُلُه فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستعذَر مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ ابنِ سلولٍ فقال وهو على المنبرِ: ( يا معشرَ المسلِمينَ مَن يعذِرُني مِن رجلٍ بلَغ أذاه في أهلِ بيتي ؟ فواللهِ ما علِمْتُ مِن أهلي إلَّا خيرًا ولقد ذكَروا رجلًا ما علِمْتُ منه إلَّا خيرًا وما كان يدخُلُ على أهلي إلَّا معي ) فقام سعدُ بنُ معاذٍ الأنصاريُّ فقال: أنا أعذِرُك منه يا رسولَ اللهِ إنْ كان مِن الأوسِ ضرَبْنا عُنقَه وإنْ كان مِن الخزرجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا أمرَك فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وهو سيِّدُ الخزرجِ وكان رجلًا صالحًا ولكنِ احتمَلتْه الحميَّةُ فقال: واللهِ ما تقتُلُه ولا تقدِرُ على قتلِه فقام أُسيدُ بنُ حُضيرٍ وهو ابنُ عمِّ سعدِ بنِ مُعاذٍ فقال: كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لنقتُلَنَّه فإنَّك منافقٌ تجادِلُ عن المنافقينَ فثار الحيَّانِ: الأوسُ والخزرجُ حتَّى همُّوا أنْ يقتتِلوا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخفِّضُهم حتَّى سكَتوا وسكَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبكَيْتُ يومي لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحلُ بنومٍ وأبواي يظنُّانِ أنَّ البكاءَ فالقٌ كبِدي فبينما هما جالسانِ عندي إذ استأذَنتْ عليَّ امرأةٌ مِن الأنصارِ فأذِنْتُ لها فجلَستْ معي فبينما نحنُ على حالِنا ذلك إذ دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسلَّم ثمَّ جلَس ولم يكُنْ جلَس قبْلَ يومي ذلك مذُ كان مِن أمري ما كان ولبِث شهرًا لا يُوحى إليه قالت: فتشهَّد ثمَّ قال: ( أمَّا بعدُ فقد بلَغني يا عائشةُ عنكِ كذا وكذا فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ بذنبٍ فاستغفِري اللهَ وتوبي فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بالذَّنبِ ثمَّ تاب تاب اللهُ عليه ) فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مقالتَه قلَص دمعي حتَّى ما أُحِسُّ منه بقطرةٍ فقُلْتُ لأبي: أجِبْ عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: واللهِ ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ لأمِّي: أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: واللهِ لا أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ فقُلْتُ ] ـ وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرَأُ كثيرًا مِن القرآنِ: إنِّي واللهِ لقد عرَفْتُ أنَّكم سمِعْتُم بذاك حتَّى استقرَّ في أنفسِكم وصدَّقْتُم به فإنْ قُلْتُ لكم: إنِّي بريئةٌ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لم تُصدِّقوني وإنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لتُصَدِّقوني وإنِّي واللهِ لا أجِدُ مثَلي ومَثَلَكم إلَّا كما قال أبو يوسفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثمَّ تحوَّلْتُ فاضطجَعْتُ على فراشي وأنا واللهِ حينَئذٍ أعلَمُ أنِّي بريئةٌ وأنَّ اللهَ جلَّ وعلا يُبرِّئُني ببراءتي ولكنْ لم أظُنَّ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يُنزِلُ في شأني وحيًا يُتلَى ولَشأني كان أحقَرَ في نفسي مِن أنْ يتكلَّمَ اللهُ جلَّ وعلا فيَّ بأمرٍ يُتلى ولكنْ أرجو أنْ يرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في منامِه رؤيا يُبرِّئُني اللهُ بها قالت: فواللهِ ما رام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مجلسَه ولا خرَج مِن البيتِ أحدٌ حتَّى أنزَل اللهُ على نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخَذه ما كان يأخُذُه مِن البُرحاءِ عندَ الوحيِ مِن ثِقَلِ القولِ الَّذي أُنزِل عليه فلمَّا سُرِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أوَّلَ كلمةٍ تكلَّم بها أنْ قال: ( يا عائشةُ أمَا واللهِ فقد برَّأكِ اللهُ ) فقالت لي أمِّي: قومي إليه فقُلْتُ: واللهِ لا أقومُ إليه ولا أحمَدُ إلَّا اللهَ الَّذي هو أنزَل براءتي فأنزَل اللهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] العشْرَ الآياتِ، قالت: فأنزَل اللهُ هذه الآياتِ في براءتي وكان أبو بكرٍ رضوانُ اللهِ عليه يُنفِقُ على مِسطَحٍ لقرابتِه منه وفقرِه فقال: واللهِ لا أُنفِقُ عليه أبدًا بعدَ الَّذي قال لعائشةَ ما قال فأنزَل اللهُ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] إلى قولِه: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] فقال أبو بكرٍ: واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يغفِرَ اللهُ لي فرجَع إلى مِسطَحٍ بالنَّفقةِ الَّتي كان يُنفِقُ عليه فقال: واللهِ لا أنزِعُها منه أبدًا قالت: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَل زينبَ بنتَ جحشٍ عن أمري: ( ما علِمْتِ وما رأَيْتِ ؟ ) فقالت: أحمي سمعي وبصري ما علِمْتُ إلَّا خيرًا قالت: وهي الَّتي كانت تُساميني مِن أزواجِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعصَمها اللهُ بالورَعِ وطفِقتْ أختُها حَمنةُ بنتُ جحشٍ تُحارِبُ لها فهلَكتْ فيمَن هلَك قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إليَّ مِن أمرِ هؤلاء الرَّهطِ

15 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَما نَزَلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ رَكِبْتُ، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا دَاعٍ، ولَا مُجِيبٌ فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما كَلَّمَنِي كَلِمَةً ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ علَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي، أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّطَفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذي يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وهو مُتَبَرَّزُنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وقدْ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلتُ: وما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، ودَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ فَقُلتُ: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجِئْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، ولَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى أصْبَحْتُ أبْكِي، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَأْمِرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أهْلَكَ ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالَتْ بَرِيرَةُ: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَومَئذٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أنَا أعْذِرُكَ منه، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: فأصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا لا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، ولَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي، وأَنَا أبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ، قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: فَقُلتُ وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ، حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به فَلَئِنْ، قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إلَّا قَوْلَ أبِي يُوسُفَ، قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم لا تَحْسِبُوهُ) العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم والسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى والمَسَاكِينَ والمُهَاجِرِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا، ألَا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ: يا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أوْ رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ مِن أصْحَابِ الإفْكِ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4750 التخريج : أخرجه مسلم (2770)، والبزار (153)، والطبراني (23/ 56)، (123) جميعهم باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق وحي - صفة نزول الوحي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

16 - كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ معهُ. قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَذلكَ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وَأُنْزَلُ فيه مَسِيرَنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن غَزْوِهِ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ مِن شَأْنِي أَقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِيَ الذي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ. قالَتْ: وَكَانَتِ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَليسَ بهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أنَّ القَوْمَ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قدْ عَرَّسَ مِن وَرَاءِ الجَيْشِ فَادَّلَجَ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَقَدْ كانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ عَلَيَّ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بجِلْبَابِي ، وَوَاللَّهِ ما يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ علَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بيَ الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ، بَعْدَ ما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ في شَأْنِي، وَكانَ الذي تَوَلَّى كِبْرَهُ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ، حِينَ قَدِمْنَا المَدِينَةَ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ ، وَلَا أَشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ، وَهو يَرِيبُنِي في وَجَعِي أَنِّي لا أَعْرِفُ مِن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ اللُّطْفَ، الذي كُنْتُ أَرَى منه حِينَ أَشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَذَاكَ يَرِيبُنِي ، وَلَا أَشْعُرُ بالشَّرِّ، حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ ما نَقَهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وَهو مُتَبَرَّزُنَا، وَلَا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ وَذلكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّنَزُّهِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهي بنْتُ أَبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِ، فأقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي، حِينَ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قدْ شَهِدَ بَدْرًا، قالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ، أَوْ لَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قُلتُ: وَمَاذَا قالَ؟ قالَتْ: فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إلى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ قُلتُ: أَتَأْذَنُ لي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ فَقالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ قُلتُ: سُبْحَانَ اللهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أَهْلِهِ، قالَتْ فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ لهمْ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقالَ: أَيْ بَرِيرَةُ هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ مِن عَائِشَةَ؟ قالَتْ له بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَ أَذَاهُ في أَهْلِ بَيْتي فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وَما كانَ يَدْخُلُ علَى أَهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: أَنَا أَعْذِرُكَ منه، يا رَسُولَ اللهِ، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وَهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وَهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ فَثَارَ الحَيَّانِ الأوْسُ وَالْخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قالَتْ: وَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتي المُقْبِلَةَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ لي ما قيلَ، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي بشيءٍ، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وإنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبٍ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِيما قالَ فَقالَ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُلتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ إنِّي وَاللَّهِ لقَدْ عَرَفْتُ أنَّكُمْ قدْ سَمِعْتُمْ بهذا حتَّى اسْتَقَرَّ في نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ به، فإنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي وإنِّي، وَاللَّهِ ما أَجِدُ لي وَلَكُمْ مَثَلًا إلَّا كما قالَ أَبُو يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}. قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وَأَنَا، وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، وَلَكِنْ، وَاللَّهِ ما كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ في شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كانَ أَحْقَرَ في نَفْسِي مِن أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ مِن أَهْلِ البَيْتِ أَحَدٌ حتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ عِنْدَ الوَحْيِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، في اليَومِ الشَّاتِ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَهو يَضْحَكُ، فَكانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أَنْ قالَ: أَبْشِرِي يا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، فَقُلتُ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، هو الذي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، قالَتْ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم} عَشْرَ آيَاتٍ فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الآيَاتِ بَرَاءَتِي، قالَتْ: فَقالَ أَبُو بَكْرٍ وَكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ منه وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لا أُنْفِقُ عليه شيئًا أَبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى} إلى قَوْلِهِ: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}. قالَ حِبَّانُ بنُ مُوسَى: قالَ عبدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ: هذِه أَرْجَى آيَةٍ في كِتَابِ اللَّهِ. فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ إنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وَقالَ: لا أَنْزِعُهَا منه أَبَدًا. قالَتْ عَائِشَةُ: وَكانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن أَمْرِي ما عَلِمْتِ؟ أَوْ ما رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا. قالَتْ عَائِشَةُ: وَهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أَزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ. قالَ الزُّهْرِيُّ: فَهذا ما انْتَهَى إلَيْنَا مِن أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ. وقالَ في حَديثِ يُونُسَ: احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2770 التخريج : أخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770).
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق وحي - صفة نزول الوحي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

17 - كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أن يُسافِرَ أقرَع بينَ نسائِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها معه فخرَج سهمُ عائشةَ في غزوةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بني المُصْطَلِقِ مِن خُزاعةَ فلمَّا انصرَف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكان قريبًا مِنَ المدينةِ وكانت عائشةُ جُوَيريَةً حديثةَ السِّنِّ قليلةَ اللَّحمِ خفيفةً وكانت تلزَمُ خِدرَها فإذا أراد النَّاسُ الرَّحيلَ ذهَبَتْ ثمَّ رجَعَتْ فدخَلَتْ مِحَفَّتَها فيُرَحَّلُ بعيرُها ثمَّ تُحْمَلُ مِحَفَّتُها فتوضَعُ على البَعيرِ فكان أوَّلَ ما قال فيها المنافقون وغيرُهم ممَّنِ اشترَك في أمرِ عائشةَ إنَّها خرجَتْ تتوضَّأُ حينَ دنَوا مِنَ المدينةِ فانسَلَّ مِن عُنُقِها عِقْدٌ لها مِن جَزْعِ أظْفَارٍ فارتحَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والنَّاسُ وهي في بُغاءِ العِقدِ ولم تعلَمْ برحيلِهم فشدُّوا على بعيرِها المِحَفَّةَ وهم يُرَوْنَ أنَّها فيها كما كانت تكونُ فرجَعَتْ عائشةُ إلى منزلِها فلم تجِدْ في العَسْكَرِ أحدًا فغلَبَتْها عيناها وكان صَفْوانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ صاحبُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تخلَّف تلك اللَّيلةَ عَنِ العَسْكَرِ حتَّى أصبَح قالت فمرَّ بي فرآني فاسترجَع وأعظَمَ مكاني حينَ رآني وقد كنْتُ أعرِفُه ويعرِفُني قبلَ أن يُضرَبَ علينا الحِجابُ قالت فسألني عن أمري فستَرْتُ وجهي عنه بجِلْبابي وأخبَرْتُه بأمري فقرَّب بعيرَه فوَطِئَ على ذِراعِه فولَّاني قفاه حتَّى رَكِبْتُ وسوَّيْتُ ثيابي ثمَّ بعَثَه فأقبَل يسيرُ بي حتَّى دخَلْنا المدينةَ نِصفَ النَّهارِ أو نحوَه فهنالك قال فيَّ وفيه مَن قال مِن أهلِ الإفكِ وأنا لا أعلَمُ شيئًا مِن ذلك ولا ممَّا يخوضُ النَّاسُ فيه مِن أمري وكنْتُ تلك اللَّياليَ شاكيةً وكان أوَّلَ ما أنكَرْتُ مِن أمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كان يعودُني قبلَ ذلك إذا مرِضْتُ وكان تلك اللَّياليَ لا يدخُلُ عليَّ ولا يعودُني إلَّا أنَّه كان يقولُ وهو مارٌّ كيف تِيكُمْ فيسألُ عنِّي أهلَ البيتِ فلمَّا بلَغ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أكثَرَ النَّاسُ فيه مِن أمري غمَّه ذلك وقد شكَوْتُ قَبلَ ذلك إلى أمِّي ما رأيْتُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الجَفْوةِ فقالت لي يا بُنَيَّةُ اصبِري فواللهِ ما كانتِ امرأةٌ حَسْناءُ لها ضرائرُ إلَّا رمَيْنها قالت فوجَدْتُ حِسًّا تلك اللَّيلةَ الَّتي بعَث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن صُبحِها إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ وأسامةَ بنِ زيدٍ يستشيرُهما في أمري وكنَّا ذلك الزَّمانَ ليس لنا كُنُفٌ نذهَبُ فيها إنَّما كنَّا نذهَبُ كما يذهَبُ العربُ ليلًا إلى ليلٍ فقلْتُ لأمِّ مِسْطَحِ بنِ أُثاثةَ خُذي الإداوةَ فامْلَئيها ماءً فاذهَبي بها إلى المَناصِعِ وكانت هي وابنُها مِسْطَحٌ بينَهما وبينَ أبي بكرٍ قَرابةٌ وكان أبو بكرٍ يُنفِقُ عليهما فكانا يكونان عندَه ومع أهلِه فأخَذَتِ الإداوةَ وخرَجَتْ نحوَ المَناصِعِ فعثَرَتْ أمُّ مِسْطَحٍ فقالت تعِسَ مِسْطَحٌ فقلْتُ بئسَ ما قلْتِ قالت ثمَّ مشَيْنا فعثَرَتْ أيضًا فقالت تعِسَ مِسْطَحٌ فقلْتُ لها بئسَ ما قلْتِ لصاحبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصاحبِ بَدْرٍ فقالت إنَّكِ لَغافلةٌ عمَّا فيه النَّاسُ مِن أمرِك فقلْتُ أجَلْ فما ذاك فقالت إنَّ مِسْطَحًا وفلانًا وفُلانةً فيمن استَزَلَّهُمُ الشَّيطانُ مِنَ المنافقين يجتمِعون في بيتِ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ بنِ سَلولٍ أخي بني الحارثِ بنِ الخزرجِ يتحدَّثون عنكِ وعن صَفْوانَ بنِ المُعَطَّلِ يَرْمونكِ به قالت فذهَب عنِّي ما كنْتُ أجِدُ مِنَ الغائطِ فرَجَعْتُ على يدَيَّ فلمَّا أصبَحْنا مِن تلك اللَّيلةِ بعَث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ وأسامةَ بنِ زيدٍ فأخبرَهما بما قيل فيَّ واستشارَهما في أمري فقال أسامةُ واللهِ يا رسولَ اللهِ ما علِمْنا على أهلِك سوءًا وقال عليٌّ له يا رسولَ اللهِ ما أكثَرَ النِّساءَ وإنْ أرَدْتَ أن تعلَمَ الخبرَ فتوعَّدِ الجاريةَ يعني بَريرةَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعليٍّ فشأنُك بالخادمِ فسَأَلَها عليٌّ عنِّي فلم تُخْبِرْه والحمدُ للهِ إلَّا بخيرٍ قالت واللهِ ما عَلِمْتُ على عائشةَ سوءًا إلَّا أنَّها جُوَيريَةٌ تُصبِحُ عن عجينِ أهلِها فتدخُلُ الشَّاةُ الدَّاجِنُ فتأكُلُ مِنَ العجينِ قالت ثمَّ خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ سمِعَ ما قالت بَريرةُ لِعَليٍّ إلى النَّاسِ فلمَّا اجتمَعوا إليه قال يا معشرَ المسلمين مَن لي مِن رجالٍ يُؤذونَني في أهلي فما علِمْتُ على أهلي سوءًا ويَرْمون رجُلًا مِن أصحابي ما علِمْتُ عليه سوءًا ولا خرَجْتُ مَخْرجًا إلَّا خرَج معي فيه قال سعدُ بنُ معاذٍ الأنصاريُّ الأشْهَلِيُّ مِنَ الأوسِ يا رسولَ اللهِ إنْ كان ذلك مِن أحَدٍ مِنَ الأوسِ كَفَيْنَاكَهُ وإنْ كان مِنَ الخزرجِ أمَرْتَنا فيه بأمرِك وقام سعدُ بنُ عُبادةَ الأنصاريُّ ثمَّ الخَزْرَجِيُّ فقال لسعدِ بنِ معاذٍ كذَبْتَ واللهِ وهذا الباطلُ فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ الأنصاريُّ ثمَّ الأشْهَلِيُّ ورجالٌ مِنَ الفريقين فاستبُّوا وتنازَعوا حتَّى كاد أن يعظُمَ الأمرُ بينَهم فدخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيتي وبعَث إلى أبويَّ فأتَياه فحمِد اللهَ وأثنى عليه بما هو أهلُه ثمَّ قال لي يا عائشةُ إنَّما أنتِ مِن بناتِ آدمَ فإنْ كنْتِ أخطأْتِ فتوبي إلى اللهِ واستَغْفِريه فقلْتُ لأبي أجِبْ عنِّي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال لا أفعَلُ هو نبيُّ اللهِ والوحيُ يأتيه فقلْتُ لأمِّي أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت لي كما قال أبي فقلْتُ واللهِ لئن أقْرَرْتُ على نفسي بباطلٍ لتُصَدِّقُنَّني ولئن برَّأْتُ نفسي واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ لتُكَذِّبُنَّني فما أجِدُ لي ولكم مَثَلًا إلَّا قولَ أبي يوسفَ { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } ونَسيتُ اسمَ يعقوبَ لِما بي مِنَ الحُزنِ والبُكاءِ واحتراقِ الجوفِ فتغشَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما كان يتغشَّاه مِنَ الوحيِ ثمَّ سُرِّيَ عنه فمسَح وجهَه بيدِه ثمَّ قال أبْشِري يا عائشةُ قد أنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ براءتَك فقالت عائشةُ واللهِ ما كنْتُ أظُنُّ أن ينزِلَ القرآنُ في أمري ولكنِّي كنْتُ أرجو لِما يعلَمُ اللهُ مِن براءتي أن يرى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أمري رؤيا فيُبَرِّئَني اللهُ بها عندَ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال لي أبوايَ عندَ ذلك قومي فقبِّلي رأسَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقلْتُ واللهِ لا أفعَلُ بحمدِ اللهِ لا بحَمْدِكم قال وكان أبو بكرٍ يُنفِقُ على مِسْطَحٍ وأمِّه فلمَّا رماني حلَف أبو بكرٍ أن لا ينفَعَه بشيءٍ أبدًا قال فلمَّا تلا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ } بكى أبو بكرٍ قال بلى يا ربِّ وأعاد النَّفقةَ على مِسْطَحٍ وأمِّه قالت وقعَد صَفْوانُ بنُ المُعَطَّلِ لحسَّانَ بنِ ثابتٍ بالسَّيفِ فضرَبه ضربةً فقال صَفْوانُ لحسَّانَ حينَ ضرَبَه تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ عَنْكَ فَإِنَّنِي... غُلَامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حِمَايَ وأَنْتَقِمْ... مِنَ الْبَاهِتِ الرَّامِي الْبُرَاةِ الطَّوَاهِرِ. ثمَّ صاح حسَّانُ فاستغاث النَّاسُ على صَفْوانَ فلمَّا جاء النَّاسُ فرَّ صَفْوانُ فجاء حسَّانُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستَعْداه على صَفْوانَ في ضَرْبتِه إيَّاه فسألَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يهَبَ له ضربةَ صَفْوانَ إيَّاه فوهَبها للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعاوَضَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حائطًا مِن نخلٍ عظيمٍ وجاريةٍ روميَّةٍ ويُقالُ قِبطيَّةٌ تُدعى سِيرينَ فولَدَتْ لحسَّانَ ابنَه عبدَ الرَّحمنِ الشَّاعرَ قال أبو أُوَيسٍ أخبَرَني بذلك حُسَينُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُبيدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ عَن عِكرمةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالت عائشةُ ثمَّ باع حسَّانُ ذلك الحائطَ مِن معاويةَ بنِ أبي سفيانَ في ولايتِه بمالٍ عظيمٍ قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها وبلَغَني واللهِ أعلمُ أنَّ الَّذي قال اللهُ فيه { والَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أنَّه عبدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلولٍ أحدُ بني الحارثِ بن ِالخزرجِ قالت عائشةُ فقيل في أصحابِ الإفكِ الأشعارُ وقال أبو بكرٍ في مِسْطَحٍ في رَمْيِه عائشةَ فكان يُدعى عَوفًا يَا عَوْفُ وَيْحَكَ هَلَّا قُلْتَ عَارِفَةً... مِنَ الْكَلَامِ وَلَمْ تَبْغِي بِهِ طَمَعَا فَأَدْرَكَتْكَ حُمَيَّا مَعْشَرٍ أُنُفٍ... فَلَمْ يَكُنْ قَاطِعًا يَا عَوْفُ مَنْ قَطَعَا هَلَّا حَرِبْتَ مِنَ الْأَقْوَامِ إِذْ حَسَدُوا... فَلَا تَقُولُ وَإِنْ عَادَيْتَهُمْ قَذَعَا لَمَّا رَمَيْتَ حَصَانًا غَيْرَ مُقْرِفَةٍ... أَمِينَةَ الْجَيْبِ لَمْ نَعْلَمْ لَهَا خَضَعَا فِيمَنْ رَمَاهَا وَكُنْتُمْ مَعْشَرًا أُفُكًا... فِي سَيِّئِ الْقَوْلِ مِنْ لَفْظِ الْخَنَا شَرَعَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرًا فِي بَرَاءَتِهَا... وَبَيْنَ عَوْفٍ وَبَيْنَ اللَّهِ مَا صَنَعَا فَإِنْ أَعِشْ أَجْزِ عَوْفًا فِي مَقَالَتِهِ... سُوءَ الْجَزَاءِ بِمَا أَلْفَيْتُهُ تَبَعَا. وقالَت أمُّ سعدِ بنِ معاذٍ في الَّذين رمَوا عائشةَ مِنَ الشِّعرِ تَشْهَدُ الْأَوْسُ كُلُّهَا وَفَتَاهَا... بِحِقْدٍ وَذَلِكَ مَعْلُومُ نِسَاءُ الْخَزْرَجِيِّينَ يَشْهَدْنَ... وَالْخُمَاسِيُّ مِنْ نَسْلِهَا وَالْعَظِيمُ أَنَّ بِنْتَ الصِّدِّيقِ كَانَتْ حَصَانًا... عَفَّةَ الْجَيْبِ دِينُهَا مُسْتَقِيمُ تَتَّقِي اللَّهَ فِي الْمَغِيبِ عَلَيْهَا... نِعْمَةُ اللَّهِ سِرُّهَا مَا يَرِيمُ خَيْرُ هَدْيِ النِّسَاءِ حَالًا وَنَفْسًا... وَأَبًا لِلْعُلَا نَمَاهَا كَرِيمُ لِلْمَوَالِي إِذَا رَمَوهَا بِإِفْكٍ... أَخَذَتْهُمْ مَقَامِعٌ وَجَحِيمُ لَيْتَ مَنْ كَانَ قَدْ قَفَاهَا بِسُوءٍ... فِي حُطَامٍ حَتَّى يَبُولَ اللَّئِيمُ وَعَوَانٍ مِنَ الْحُرُوبِ تَلَظَّى... ثَغْسًا قُوتُهَا عَقَارٌ صَرِيمُ لَيْتَ سَعْدًا وَمَنْ رَمَاهَا بِسُوءٍ... فِي كَظَاظٍ حَتَّى يَتُوبَ الظَّلُومُ. وقال حسَّانُ وهو يُبَرِّئُ عائشةَ - رَضِيَ اللَّهُ عنها - فيما قيل فيها، ويعتذِرُ إليها: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ خَلِيلَةُ خَيْرِ النَّاسِ دِينًا وَمَنْصِبًا... نَبِيِّ الْهُدَى وَالْمَكْرُمَاتِ الْفَوَاضِلِ عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهَا غَيْرُ زَائِلِ مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيَمَهَا... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلٍّ سُوءٍ وَبَاطِلِ فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ جَاءَ عَنِّي قُلْتُهُ... فَلَا رَفَعَتْ صَوْتِي إِلَىَّ أَنَامِلِي وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِطٍ... بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قَوْلُ امْرِئٍ غَيْرِ هَائِلِ وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي... لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ لَهُ رَتْبٌ عَالٍ عَلَى النَّاسِ فَضْلُهَا... تَقَاصَرُ عَنْهَا سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ.قال أبو يونسَ وحدَّثَني أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَر بالَّذين رمَوا عائشةَ فجُلِدوا الحدَّ ثمانين وقال حسَّانُ بنُ ثابتٍ في الشِّعرِ حين جُلِدوا لَقَدْ ذَاقَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ أَهْلَهُ... وَحَمْنَةُ إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَحُ تَعَاطَوْا بِرَجْمِ الْغَيْبِ زَوْجَ نَبِيِّهِمْ... وَسَخْطَةَ ذِي الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فَأَنْزَحُوا فَآذَوْا رَسُولَ اللَّهِ فِيهَا وَعَمَّمُوا... مَخَازِيَ سُوءٍ حَلَّلُوهَا وَفُضِّحُوا
خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح إلا أن بعض هذا يخالف ما في الصحيح‏‏
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : 9/235 التخريج : أخرجه الطبراني (23/111) (151) واللفظ له، وأخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770) بلفظ مقارب
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مغازي - غزوة بني المصطلق مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

18 - كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أراد سفراً أقرَعَ بين أزواجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خرج سهمُها خرج بِها معَهُ، قال عروَةُ وعَمرةُ: فخرجَ سهمُ عائشةَ ابنتَ أبي بكرٍ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في غَزوَةِ النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ بَني المصطَلقِ مِن خزاعَةَ، فلمَّا انصرفَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فكانَ قريباً مِنَ المدينَةِ، قال عُروَةُ وعمرَةُ: وكانَت عائشةُ جُويرِيَةً حديثَةَ السِّنِّ، قليلةَ اللَّحمِ خفيفَةً، وكانَت تلزَمُ خِدرَها، فإذا أراد النَّاسُ الرحيلَ ذهبَت فتَوضَّأتْ ورجعَت فدخلَت مَحفَّتَها فتوضَع على البعيرِ وهيَ في المَحفَّةِ ، فكان أوَّلَ ما قال فيها المنافِقونَ وغيرُهم مِمَّن اشتركوا في أمرِ عائشةَ أنَّها خرجَت تتوضَّأُ حين دنَوا من المدينَةِ فانسلَّ مِن عنقِها عِقدٌ لها مِن جزِعِ ظِفارٍ ، فارتَحلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ والنَّاسُ وهي في بِغاءِ العِقدِ ولم تعلَم برحيلهِم، فشدُّوا على بعيرِها المحفَّةَ وهم يرَونَ أنَّها فيها كما كانَت تكونُ، فرجَعت عائشَةُ إلى منزلِها فلم تجِدْ في العسكَرِ أحداً، وغلبَتها عَيناها، قال عروةُ وعَمرةُ: قالَت عائشةُ: وكان صفوانُ بن المعطَّلِ السُّلَميُّ صاحبُ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تخلَّفَ تلكَ الليلةَ عن العسكرِ حتَّى أصبحَ، قالَت: فمرَّ بي، فرآني، فاستَرجع وأعظَم مكاني حينَ رآني وحدي، وقد كنتُ أعرِفُهُ ويعرفُني قبلَ أَن يُضرَبَ علَينا الحِجابُ، قالت: فسأَلني عَن أَمري، فسَترتُ وَجهي عنهُ بِجِلبابي وأخبرتُهُ بأمري، فقرَّبَ لي بعيرَه ووطِئَ على ذراعِهِ وولَّاني قَفاهُ حتى ركِبتُ وسوَّيتُ ثيابي، ثُمَّ بعثَهُ ، فأقبل يسيرُ بي حتَّى دخَلنا المدينَةَ نِصفَ النَّهارِ، أو نحوَهُ، فهنالِكَ قال فيَّ وفيه مَن قال مِن أهلِ الإفكِ وأنا لا أعلَمُ شيئاً مِن ذلكَ ولا مِمَّا يخوضُ فيه النَّاسُ مِن أمري، فَكُنت تلك الليالي شاكيَةً، فكان أوَّلَ ما أنكَرتُ مِن أمرِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ كانَ يعودُني قبل ذلكَ إذا مرِضتُ، فكانَ تلك اللَّيالي لا يدخُلُ عليَّ ولا يعودُني، إلا إنَّهُ يقولُ وهو مارٌّ: كيفَ تيكُم؟ فيسألُ عنِّي بَعضَ أهل البيتِ، فلمَّا بلغَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عَليه وسلَّمَ ما أكثَر فيه النَّاسُ مِن أَمري غمَّهُ ذلِكَ، قالَت: وكنتُ شكوتُ إلى أُمِّي قبلَ ذلكَ ما رأيتُ من النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ من الجفوَةِ فقالَت لي يا بنيَّةُ اصبري، فواللَّهِ لقَلَّ ما كانَت امرأةٌ حسناءُ يُحبُّها زوجُها لها ضرائرُ إلا رمَينَها، قالَت: فوجدتُ تلكَ اللَّيلةَ التي بعَث النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مِن صُبحها إلى علِي بنِ أبي طالبٍ، وأسامةَ بنِ زيدٍ، فاستشارَهُما في أَمري، وكنَّا ذلك الزَّمانِ ليسَ لنا كنُفٌ نذهب فيها، وإنَّما كنَّا نذهُبُ كما يذهَبُ العربُ ليلًا إلى ليلٍ، فقلتُ لأمِّ مسطحِ بن أثاثةَ، وهي امرأةٌ من بني المطلِّبِ بن عبدِ منافٍ، خذي الإداوَةَ فاملَئيها ماءً فاذهبي بنا إلى المناصِعِ ، وكانَت هي وابنُها مِسطحٌ بينَهم وبينَ أبي بكرٍ قرابَةٌ، وكان أبو بكرٍ يُنفقُ عليهِم، وكانوا يكونون معَهُ ومع أهلهِ، فأخَذَت الإداوَةَ وخرَجنا نحوَ المناصِعِ ، وإنِّي لما شَقَّ عليَّ من الغائطِ، فعثَرتْ أمُّ مِسطَحٍ فقالَت: تَعِسَ مسطَحٌ، فقلت لها: بئسَ ما قلتِ، ثُمَّ مشَينا فعثرَت أيضا، فقالَت: تعِسَ مِسطحٌ فقلتُ لها بئسَ ما قلتِ لصاحِبِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وصاحِبِ بدرٍ، فقالَت إنَّكِ لغافلةٌ عمَّا فيه النَّاسُ مِن أمرِكِ، فقلتُ أجَل، فما ذاكَ؟ قالت: إنَّ مِسطَحًا وفلانًا، وفلانَةً، وغيرَهم، مِمَّنِ استزَلُّوهم مِن المنافِقينَ مُجتمعينَ في بيتِ عبدِ اللَّهِ بنِ أُبيِّ بنِ سَلولَ أخي بني الحارِثِ بنِ الخزرَجِ الأنصارِيِّ يتحدَّثونَ عنكِ وعَن صفوانِ بنِ المعطَّلِ، ويرمونَكِ بهِ، قالَت: فذهَب عنِّي ما كنتُ أجِد من الغائطِ، ورجعتُ عَودي على بَدئي إلى بَيتي، فلمَّا أصبَحنا مِن تلكَ اللَّيلةِ بعَث النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، وإلى أسامةَ بنِ زَيدٍ، فأخبرَهُما بما قيل فِيَّ، واستشارَهُما في أمري، فقال له أسامَةُ: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ ما علِمنا علَى أهلِكَ سوءًا، وقال له علِيٌّ: يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرَ النِّساءَ، وإن أردتَ أن تعلَم الخبرَ فتواعَدِ الخادِمَ واضربْها تُخبِركَ، يعني بَريرةَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لعلِيِّ فشأنَكَ أنت بالخادِمِ، فسألها علِيٌّ عنِّي وتواعدَها فلم تُخبرْهُ والحمدُ لله إلَّا بخيرٍ، ثُمَّ ضربها وسألَها عنِّي فقالَت: واللَّه ما علِمتُ على عائشةَ سوءًا، إلا أنَّها جاريةٌ تصبِحُ عن عجينِ أهلِها فتدخُلُ الشَّاةُ الداجِنُ أو الدَّجاجُ فيأكلونَ منَ العجينِ، قالَت: ثُمَّ خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ حينَ سمعَ ما قالَت فيَّ بريرةُ لعليٍّ، فخرجَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى النَّاسِ، فلمَّا اجتَمعوا إليهِ قال: يا معشَر المسلِمينَ مَن لي مِن رجالٍ يُؤذونَني في أهلي، وما علِمتُ على أهلي سوءًا، ويَرمونَ رجُلًا مِن أصحابي ما علِمتُ عليه سوءًا، ولا خَرَجتُ مخرجًا إلَّا خرجَ مَعي، فقال سعدُ بنُ مُعاذٍ الأنصارِيُّ ثُمَّ الأشهلِيُّ من الأوسِ: يا رسولَ اللَّهِ، لو كانَ ذلكَ في أحدٍ من الأوسِ كفَيناكاهُ، فقامَ سَعدُ بن عُبادَةَ الأنصاريُّ ثُمَّ الخزرجِيُّ فقالَ لسعدِ بنِ معاذٍ كذبتَ واللَّهِ وهذا الباطِلُ، فقام أُسَيدُ بنُ الحُضيرِ الأنصارِيُّ ثُمَّ الأشهلِيُّ ورجالٌ من الفَريقينِ جميعًا فاستَّبوا وتنازَعوا حتَّى كادَ أن يعظُم الأمرُ بينهُم فدخلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ بيتَهُ وبعثَ إلى أبوَيَّ، فأتياهُ فحمِدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ بِما هو أهلُهُ ثُمَّ قال لي يا عائشَةُ إنَّما أنتِ مِن بني آدمَ، فإن كنتِ أخطأتِ فتوبي إلى اللَّهِ واستَغفريهِ، فقلتُ لأبي أجِب عنِّي رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: إنِّي لا أفعَلُ، هوَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ والوحْيُ يأتيهِ، فقلتُ لأمِّي أجيبي عنِّي رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَت لي كما قال لي أبي، فقلتُ: واللَّهِ لئن أقرَرتُ على نفسي بباطِلٍ لتُصدِّقُنَّني ولئن برَّأتُ نفسي واللَّهُ يعلَم أنِّي لبريئَةٌ لتُكذِّبُنَّني، فما أجدُ لي ولكُم إلَّا ما قالَ أبو يوسُفَ حينَ يقولُ فَصَبَرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ونسيتُ اسمَ يعقوبَ لما بي مِن الحُزنِ والبُكاءِ واحتراقِ الجَوفِ فتغَشَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ما كانَ يغشاهُ منَ الوحيِ ، ثُمَّ سُرِّيَ عنهُ فمسحَ وجهَهُ بيديهِ ثُمَّ قال أبشِري يا عائشَةُ، قد أنزلَ اللَّهُ براءتَكِ، فقالَت عائشةُ فواللَّهِ ما كنتُ أظنُّ أنَّ يُنزَّلَ القُرآنُ في أمري، ولكنِّي كنتُ أرجو لما يعلَمُ اللَّهُ مِن بَراءتي أَن يُريَ اللَّهُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في أمري رُؤيا يبرِّئُني اللَّهُ بها عندَ نَبيِّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال لي أبواي عند ذلك قومي فقَبِّلي رأسَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقُلتُ واللَّهِ لا أفعَلُ، بِحَمدِ اللَّهِ كان ذلكَ لا بحمدِكُمْ، فقالَت: وكان أبو بكرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ ينفقُ على مسطَحٍ وأمِّهِ، فلمَّا رماني حلَف أبو بكرٍ رضيَ اللَّهُ عنه أن لا يَنفعَهُ بشيءٍ أبدًا، قالَت: فلمَّا تلا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علينا قولَ اللَّهِ تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ فبكَى أبو بكرٍ رضيَ اللَّهُ عنه وقال: بلَى يا ربِّ، وعاد النَّفقةَ علَى مسطَحٍ وأمِّهِ، قالَت: وقعدَ صفوانُ بن المعطَّلِ لحسَّانَ بنِ ثابتٍ بالسَّيفِ فضربَهُ ضربَةً وقال صفوانُ لحسَّانَ في الشِّعرِ حينَ ضربَهُ: تَلقَّ ذُبابَ السَّيفِ عنكَ فإنَّني * غلامٌ إذا هُوجِيتُ لستُ بشاعِرِ * ولكنَّني أحْمي حِماتي وَأنتَقِمْ * مِن الباهتِ الرَّامي البَراءِ الطَّواهرِ. وصاح حسَّانُ واستغاث النَّاسَ على صفوانَ، فلمَّا جاء النَّاسُ فرَّ صفوانُ وجاء حسَّانُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ فاستَعداهُ على صَفوانَ في ضربتِهِ إيَّاهُ فسألَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ أن يهَب له ضربَةَ صفوانَ إياه فوهبَها للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فعاضَه منها حائطًا من نخلً عظيم وجاريةٍ روميَّةٍ يقالُ أو قبطيَّةٍ تُدعى سيرينَ فوُلدَ لحسَّانَ ابنُهُ عبدُ الرَّحمنِ الشَّاعرُ قال أبو أُوَيسٍ: أخبرَني ذلكَ حُسَينُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنُ عبيدِ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ بنُ عبد المطَّلبِ عَن عِكرمةَ عَن عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ قالَت عائِشةُ: ثُم باعَ حسَّانُ ذلكَ الحائطَ من معاويةَ بن أبي سُفيان في ولايتِهِ بمالٍ عَظيمٍ قالَت عائشَةُ بلغني واللَّهُ أعلَمُ أنَّ الذي قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيهِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ إنَّهُ عبدُ اللَّهِ بنُ أبيِّ بنِ سلولَ أحَدُ بني الحارثِ بنِ الخزرَجِ، قالَت عائشَةُ: فقيلَ في أصحابِ الإفكِ أشعارٌ، فقالَ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضيَ اللَّهُ عنه: يا عوفُ ويحكَ هلَّا قلتَ عارفَةً * من الكَلامِ ولَم تَبتَغْ بهِ طَمَعًا * هلَّا جزَيتَ منَ الأقوامِ إذ حشَدوا * ولَم تَقول وإن عادَيتَهُم قَذعا * لَمَّا رميتَ حصانًا غيرَ مُقرِفَةٍ * أمينَةُ الجيبِ لَم يعلَم لَها خَضَعا * فيمَن رماها وكنتُم معشَرًا أُفُكًا * في سيِّئِ القَولِ مِن لفظِ الخنَا شُرُعَا * فأنزلَ اللَّهُ عذرًا في براءتِها * وبينَ عوفٍ وبينَ اللَّهِ ما صنَعا * فإن أعِش أجزِ عَوفًا في مقالتِهِ * شرَّ الجزاءِ بِما ألفَيتَهُ تَبعَا. وقالَت أمُّ سعدِ بنُ معاذٍ الأَشهَلِيُّ ثُمَّ الأوسِيُّ في الَّذين رمَوا عائشَةَ: تشهَدُ الأوسُ كهلُهَا وفَتاهَا * والخَماسِيُّ مِن نَسلِها والعَظيمُ * ونِساءُ الخَزرَجِيِّينَ يَشهَدنَ * بِحقٍّ فذلِكُم مَعلُومُ * أن ابنَتَ الصِّدِّيقِ كانَت حَصانًا * عفَّةَ الجَيبِ دينُها مُستَقيمُ * تَّتقي اللَّهَ في المغيبِ علَيها * نِعمةَ اللَّهِ سِترُها ما يَريمُ * خيرُ هذي النِّساءِ حالًا ونفسًا * وأبًا لِلعُلا نَماها كَريمُ * لِلمَوالي الأُولى رمَوها بإفكٍ * أخذَتْهم مقامِعٌ وجَحيمُ * ليتَ مَن كانَ قد بَغاها بِسَوءٍ * في حُطام حتَّى يتوبَ اللَّئيمُ * وعوانٍ مِن الحُروبِ تَلظَّى * بَينَنا فَوقها عَذابٌ صَريمُ * ليتَ سعدًا ومَن رمَاها بسَوءٍ * في كَظَاظٍ حتَّى يتوبَ الظُّلومُ. وقالَ حسَّانُ بنُ ثابِتٍ الأنصارِيُّ ثُمَّ النجَّاريُّ وهو يُبرِّئُ عائشَةَ مِمَّا قيلَ فيها ويعتَذرُ إليها فقَال في الشِّعرِ لها: حَصانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بِريبَةٍ * وتُصبِحُ غَرثَى مِن لُحومِ الغَوافِلِ * خَليلةُ خَيرِ النَّاسِ دينًا ومنصبًا * نَبِيُّ الهدى والمُكرَماتِ الفَواضِلِ * عَقيلَةُ حَيٍّ مِن لُؤيِّ بنِ غالِبِ * كِرامِ المساعي مَجدُها غيرُ زائلِ * مهذَّبةٌ قد طَيَّبَ اللَّهُ خَيمَها * وطَهَّرَها مِن كُلِّ سوءٍ وباطِلٍ * فإن كانَ ما قد جاءَ عنِّيَ قلتُهُ * فلا رفَعَت سَوطي إليَّ أنامِلي * وإنَّ الذي قد قيلَ ليس بِلائطٍ * بكَ الدَّهرَ بَل قولُ امرِئٍ غيرِ ماجِلِ * وكيفَ وَوُدِّي ما حَييتُ ونُصرَتي * لآلِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ زينِ المحافِلِ * لهُ رُتبٌ عالٍ على النَّاسِ فَضلُها * تقاصَرَ عنها سورَةُ المتطاوِلِ. قالوا أبو أُويسٍ: فأخبَرني أبي أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أمر بالَّذينَ رمَوا عائشَةَ فجَلدوا الحدَّ جميعًا ثمانين، وقالَ حسَّانُ في الشِّعرِ لَهُم حينَ جُلِدوا: لقَد ذاقَ عَبدُ اللَّهِ ما كان أهلَهُ * وحَمنَةُ إذ قالُوا هَجيرًا ومِسطَحُ تعاطَوا بِرجْمِ الغَيبِ زَوجَ نَبيِّهِمْ * وسُخطَةِ ذي العَرشِ الكريمِ فأبحَروا قال لنا أبو عليٍّ يحيى بن يعقوبَ: الصَّواب: وقَبَّحوا. وآذَوا رسولَ اللَّهِ فيها فعَمَّموا * مَخازيَ ذُلٍّ جلَّلوها وفضَّحوا * وصُبَّ عليهِم مُحمَداتٌ كأنَّها * شَآبيبُ قَطرٍ مِن ذُري المُزنِ تُدلِجُ. قال أبو علي: الشَّآبيبُ جمعُ شُؤبوبٍ، وهي الحُلبَةُ من الوابِلِ الشَّديدَةُ، ومُحمداتُ السِّياطِ المفتولَةِ. قال أبو أُوَيسٍ: وحدَّثَني الحسَنُ بنُ زَيدٍ بنِ الحسَنِ بنِ علِيٍّ بنِ أبي طالِبٍ عَن عَبدِ اللَّهِ ابنِ أبي بَكرٍ بنِ مُحمَّدٍ بن عَمرٍو بن حَزمٍ الأنصارِيِّ ثُمَّ النَّجَّاريِّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم جلدَ عبدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ بن سَلولَ، ومِسطَحًا، وحمنَةَ، الحدودَ ثَمانينَ، ثَمانينَ، ثَمانينَ، في رميهِمْ عائشَةَ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. وقالَ أبو أُوَيسٍ قال الحسَنُ بنُ زيدٍ قالَ عبدُ اللَّهِ بن أبي بَكرٍ بلغَني أنَّ الَّذي قالَ اللَّهُ تعالى فيه في القُرآنِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ إنَّهُ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلولَ. قالَ أبو أُوَيسٍ وحدَّثَني يزيدُ بنُ بَكرٍ الكنانِيُّ ثُمَّ الَّليثِيُّ عَن القاسِم بنِ مُحمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ، أو عَن سعيدِ بن المسيَّبِ بنِ حَزنٍ المخزومِيِّ أنَّ الَّذي أنزَلَ اللَّهُ فيه وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ إنَّهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلولَ
خلاصة حكم المحدث : غريب حسن من حديث أبي أويس وهو صحيح عن أبي المنذر هشام بن عروة، ما نعرفه بهذا الطول مع الأشعار، وهذه الزيادات إلا من هذا الوجه، والحديث أصله صحيح، وقد رواه الزهري وهو صحيح مشهور عن الزهري
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : النخشبي | المصدر : فوائد الحنائي الحنائيات
الصفحة أو الرقم : 2/1177 التخريج : أخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770)، وأحمد (25624)، باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق نكاح - العدل والقسمة بين النساء شهادات - القرعة في المشكلات مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه