الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - وأنتَ تجعلُ الحَزْنَ إذا شئتَ سهلًا [في حديث: اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جَعَلْتَ سَهْلًا، وأنت إذا شِئْتَ جَعَلْتَ الحَزْنَ سَهْلًا ]

2 - حَديثٌ رَواه مُحمَّدُ بنُ أبي عُمَرَ العَدَنيُّ، عن بِشْرِ بنِ السَّرِيِّ، عن حَمَّادِ بنِ سَلَمةَ، عن ثابِتٍ، عن أَنَسٍ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه كانَ يَدْعو: اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جَعَلْتَ سَهْلًا، وأنت إن شِئْتَ جَعَلْتَ الحَزْنَ سَهْلًا؟
خلاصة حكم المحدث : هذا خَطَأٌ، حَدَّثَناه القَعْنَبيُّ، عن حَمَّادٍ، عن ثابِتٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مُرسَل، ولم يَذكُرْ أَنَس. وبَلَغَني أنَّ جَعْفَرَ بنَ عَبْدِ الواحِدِ لَقَّنَ القَعْنَبيَّ: عن أَنَسٍ، ثُمَّ أُخبِرَ بذلك، فدَعا عليه. قالَ: هو حَمَّادٌ، عن ثابِتٍ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مُرسَل، وكانَ بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ ثَبْت، فلَيتَه ألَّا يكونَ أُدخِلَ على ابنِ أبي عُمَرَ.
الراوي : أنس | المحدث : أبو حاتم الرازي | المصدر : علل ابن أبي حاتم
الصفحة أو الرقم : 2074
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - فضل الدعاء وإثم تركه أدعية وأذكار - الدعاء عند الكرب فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أحوال النبي
| أحاديث مشابهة

3 - كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقومُ يومَ الجمعةِ إذا خطب إلى خشبةٍ ذاتِ فرضتينِ أراها من دومٍ، وكان يتّكئ عليها ويستنِدُ إليها، فقال له أصحابه إن الناسَ قد كثُروا فلو أمرتَ بمنبرٍ تقومُ عليهِ يراكَ الناسُ، قال : ما شئْتُم قال سهلٌ : ولم يكن بالمدينةِ إلا نَجّار واحدٌ، فانطلقتُ أنا وذلكَ النَجّارُ إلى الغابةِ، فقطعْناهُ من أثْلَتِهِ، فلما صعد النبي صلى الله عليه وسلم عليه حنّتِ الخشبةُ حنينَ النّاقَةِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا تعجبونَ لهذهِ الخشبَةِ ؟ فرَقّ الناسُ وكثُرَ بُكاؤُهُم، فنزَلَ إليها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فوضَع يدهُ عليها فسكنتْ، فأمرَ بها فدفنتْ تحت المنبرِ أو جعلتْ في السقفِ

4 - كان رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقومُ يومَ الجمعةِ إذا خطبَ إلى خشَبةٍ ذاتِ فرضَتينِ أُراها من دَومٍ وكان يتَّكئُ عليها ويستنِدُ إليها فقال له أصحابُهُ إنَّ النَّاسَ قد كثُروا فلو أمرتَ بمنبرٍ تقومُ عليهِ يراكَ الناسُ قال ما شئتُم قال سهلٌ ولم يكُن بالمدينةِ إلا نجَّارٌ واحدٌ فانطلقتُ أنا وذلك النَّجَّارُ إلى الغابةِ فقطعناهُ من أثلتِهِ فلما صعِدَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّتِ الخشبَةُ حَنين الناقةِ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ألا تعجَبونَ لهذِهِ الخشبةِ فرقَّ الناسُ وكثرَ بكاؤهُم فنزل إليها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فوضع يدَهُ عليها فسكنَت فأمرَ بها فدُفِنَت تحتَ المنبرِ أو جُعِلَت في السَّقفِ

5 - أنَّ عبدَ اللهِ وعُبَيدَ اللهِ ابنَيْ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ خرَجا في جيشٍ إلى العراقِ، فلمَّا قفَلا، مَرَّا على عاملٍ لعُمَرَ، فرحَّب بهما وسهَّل، وهو أميرُ البَصْرةِ، فقال: لو أَقدِرُ لكما على أمْرٍ أنفَعُكما به لفعَلْتُ، ثم قال: بلى، ههنا مالٌ مِن مالِ اللهِ أُريدُ أن أَبعَثَ به إلى أميرِ المؤمنِينَ، فأُسلِفُكماه فتبتاعانِ متاعًا مِن متاعِ العراقِ، ثم تَبِيعانِهِ بالمدينةِ، فتُؤدِّيانِ رأسَ المالِ إلى أميرِ المؤمنِينَ، ويكونُ لكما الرِّبْحُ، فلمَّا قَدِمَا المدينةَ، باعا، فرَبِحَا، فلمَّا دفَعاها إلى عُمَرَ، قال لهما: أكُلَّ الجيشِ قد أسلَف كما أسلَفكما؟ قالا: لا، فقال عُمَرُ: ابنَا أميرِ المؤمنينَ، فأسلَفكما، أدِّيَا المالَ ورِبْحَهُ، فأمَّا عبدُ اللهِ فسكَت، وأمَّا عُبَيدُ اللهِ فقال: ما ينبغي لك هذا يا أميرَ المؤمنينَ، لو هلَك المالُ أو نقَص، لضَمِنَّاه، فقال: أدِّيَاه، فسكَت عبدُ اللهِ، وراجَعه عُبَيدُ اللهِ، فقال رجُلٌ مِن جُلَساءِ عُمَرَ: يا أميرَ المؤمنينَ، لو جعَلْتَهُ قِراضًا، فقال عُمَرُ: قد جعَلْتُهُ قِراضًا، فأخَذ عُمَرُ رأسَ المالِ ونِصْفَ رِبْحِهِ، وأخَذ عبدُ اللهِ وعُبَيدُ اللهِ نِصْفَ رِبْحِ ذلك المالِ.

6 - أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقوم الجمعة إذا خطب إلى خشبة ذات فرضتين – قال : أراها من دوم كانت في مصلاه – وكان يتكئ إليها، فقال له أصحابه : يا رسول اللهِ ! إن الناس قد كثروا فلو اتخذت شيئا تقوم عليه إذا خطبت يراك الناس، فقال : ما شئتم. قال سهل : ولم يكن بًالمدينة إلا نجار واحد، قال : فذهبت أنا وذلك النجار إلى الغابة فقطعنا هذا المنبر من أثلة، قال : فقام رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فحنت الخشبة، فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم : ألا تعجبون من حنين هذه الخشبة، فأقبل الناس عليها فرقوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم، فنزل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فأتاها فوضع يده عليها فسكنت فأمر رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بها فدفنت تحت منبره أو جعلت في السقف

7 - خرجَ عبدُ اللَّهِ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ابنا عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ في جَيشٍ إلى العِراقِ، فلمَّا قفلا مرَّا علَى أبي موسَى الأشعريِّ وَهوَ أميرُ البصرةِ فرحَّبَ بِهِما وسَهَّلَ وقالَ: لو أقدرُ لَكُما على أمرٍ أنفعُكُما بِهِ لفعلتُ ثُمَّ قال: بلَى ها هنا مالٌ من مالِ اللَّهِ تعالى أريدُ أن أبعثَ بِهِ إلى أميرِ المؤمنينَ فأسلِّفُكُماهُ فتَبتاعانِ بِهِ من مَتاعِ العراقِ ثمَّ تبيعانِهِ بالمدينةِ فتؤدِّيانِ رأسَ المالِ إلى أميرِ المؤمنينَ ويَكونُ لَكُما الرِّبحُ فقالا: ودِدنا ففعلَ وَكَتبَ إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ أن يأخُذَ منهُما المالَ فلمَّا قدما على عمرَ قالَ: أَكُلَّ الجيشِ أسلفَهُ كما أسلفَكُما ؟ فقالا: لا فقالَ عمرُ: ابنَي أميرِ المؤمنينَ فأسلفَكُما أدِّيا المالَ وربحَهُ قالَ: فأمَّا عبدُ اللَّهِ فسَكَتَ وأمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فقالَ: ما يَنبَغي لَكَ يا أميرَ المؤمنينَ لو هلَكَ المالُ أو نَقصَ لضَمنَّاهُ فقالَ: أدِّياهُ فسَكَتَ عبدُ اللَّهِ وراجعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فقالَ رجلٌ من جُلَساءِ عمرَ: يا أميرَ المؤمنينَ لو جعلتَه قِراضًا فقالَ عمرُ: قد جعلتُهُ قراضًا فأخذَ عمرُ رأسَ المالِ ونِصفَ ربحِهِ وأخذَ عُبَيْدُ اللَّهِ وعبدُ اللَّهِ نِصفَ ربحِ ذلِكَ المالِ

8 - أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم كان يقومُ يومَ الجمعةِ إذا خطب إلى خشبةٍ ذاتِ فَرْضتَيْن، قال : أراها من دَوْمٍ، وكانت في مُصلَّاه فكان يتَّكئُ إليها فقال له أصحابُه : يا رسولَ اللهِ إنَّ النَّاسَ قد كثُروا فلو اتَّخذتَ شيئًا تقومُ عليه إذا خطبتَ يراك النَّاسُ. فقال : ما شئتم. قال سهلٌ : ولم يكُنْ بالمدينة إلَّا نجَّارٌ واحدٌ، فذهبتُ أنا وذلك النَّجَّارُ إلى الخافِقَيْن فقطعنا هذا المنبرَ من أثَلَةٍ. قال : فقام عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم فحنَّت الخشبةُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم : ألا تعجبون لحنينِ هذه الخشبةِ ؟ فأقبل النَّاسُ وفرَقوا من حنينِها حتَّى كثُر بكاؤُهم، فنزل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم حتَّى أتاها فوضع يدَه عليها فسكنت، فأمر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم بها فدُفِنت تحت منبرِه أو جُعِلت في السَّقفِ

9 - خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، حتَّى إذَا كَانُوا ببَعْضِ الطَّرِيقِ قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ بالغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ. فَوَاللَّهِ ما شَعَرَ بهِمْ خَالِدٌ حتَّى إذَا هُمْ بقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وسَارَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى إذَا كانَ بالثَّنِيَّةِ الَّتي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به رَاحِلَتُهُ ، فَقالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فَقالوا: خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، وما ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ ، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قالَ: فَعَدَلَ عنْهمْ حتَّى نَزَلَ بأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ علَى ثَمَدٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حتَّى نَزَحُوهُ، وشُكِيَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ ما زَالَ يَجِيشُ لهمْ بالرِّيِّ حتَّى صَدَرُوا عنْه، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ جَاءَ بُدَيْلُ بنُ ورْقَاءَ الخُزَاعِيُّ في نَفَرٍ مِن قَوْمِهِ مِن خُزَاعَةَ، وكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ تِهَامَةَ ، فَقالَ: إنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ وعَامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ، ومعهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ ، وهُمْ مُقَاتِلُوكَ وصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وإنَّ قُرَيْشًا قدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ وأَضَرَّتْ بهِمْ، فإنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، ويُخَلُّوا بَيْنِي وبيْنَ النَّاسِ، فإنْ أظْهَرْ: فإنْ شَاؤُوا أنْ يَدْخُلُوا فِيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فَعَلُوا، وإلَّا فقَدْ جَمُّوا ، وإنْ هُمْ أبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ علَى أمْرِي هذا حتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، ولَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أمْرَهُ، فَقالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ ما تَقُولُ. قالَ: فَانْطَلَقَ حتَّى أتَى قُرَيْشًا، قالَ: إنَّا قدْ جِئْنَاكُمْ مِن هذا الرَّجُلِ وسَمِعْنَاهُ يقولُ قَوْلًا، فإنْ شِئْتُمْ أنْ نَعْرِضَهُ علَيْكُم فَعَلْنَا، فَقالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لا حَاجَةَ لَنَا أنْ تُخْبِرَنَا عنْه بشَيءٍ، وقالَ ذَوُو الرَّأْيِ منهمْ: هَاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ، قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ كَذَا وكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بما قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ فَقالَ: أيْ قَوْمِ، ألَسْتُمْ بالوَالِدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: أوَلَسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فَهلْ تَتَّهِمُونِي؟ قالوا: لَا، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنِّي اسْتَنْفَرْتُ أهْلَ عُكَاظٍ ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بأَهْلِي ووَلَدِي ومَن أطَاعَنِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنَّ هذا قدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا ودَعُونِي آتِيهِ، قالوا: ائْتِهِ، فأتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَحْوًا مِن قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذلكَ: أيْ مُحَمَّدُ، أرَأَيْتَ إنِ اسْتَأْصَلْتَ أمْرَ قَوْمِكَ، هلْ سَمِعْتَ بأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وإنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فإنِّي واللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وإنِّي لَأَرَى أوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أنْ يَفِرُّوا ويَدَعُوكَ، فَقالَ له أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: امْصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ ، أنَحْنُ نَفِرُّ عنْه ونَدَعُهُ؟! فَقالَ: مَن ذَا؟ قالوا: أبو بَكْرٍ، قالَ: أمَا والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لكَ عِندِي لَمْ أجْزِكَ بهَا لَأَجَبْتُكَ، قالَ: وجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكُلَّما تَكَلَّمَ أخَذَ بلِحْيَتِهِ، والمُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ علَى رَأْسِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعهُ السَّيْفُ وعليه المِغْفَرُ ، فَكُلَّما أهْوَى عُرْوَةُ بيَدِهِ إلى لِحْيَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بنَعْلِ السَّيْفِ، وقالَ له: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحْيَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقالَ: مَن هذا؟ قالوا: المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، فَقالَ: أيْ غُدَرُ، ألَسْتُ أسْعَى في غَدْرَتِكَ؟! وكانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا في الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وأَخَذَ أمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فأسْلَمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا الإسْلَامَ فأقْبَلُ، وأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ منه في شَيءٍ. ثُمَّ إنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أصْحَابَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَيْنَيْهِ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما تَنَخَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إلى أصْحَابِهِ، فَقالَ: أيْ قَوْمِ، واللَّهِ لقَدْ وفَدْتُ علَى المُلُوكِ، ووَفَدْتُ علَى قَيْصَرَ ، وكِسْرَى، والنَّجَاشِيِّ، واللَّهِ إنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ ما يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحَمَّدًا؛ واللَّهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، وإنَّه قدْ عَرَضَ علَيْكُم خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابِهِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا فُلَانٌ، وهو مِن قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ البُدْنَ ، فَابْعَثُوهَا له فَبُعِثَتْ له، واسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ما يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إلى أصْحَابِهِ، قالَ: رَأَيْتُ البُدْنَ قدْ قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فَما أَرَى أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ. فَقَامَ رَجُلٌ منهمْ يُقَالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، فَقالَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ عليهم، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا مِكْرَزٌ، وهو رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَما هو يُكَلِّمُهُ إذْ جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو. قالَ مَعْمَرٌ: فأخْبَرَنِي أيُّوبُ، عن عِكْرِمَةَ: أنَّه لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِن أمْرِكُمْ. قالَ مَعْمَرٌ: قالَ الزُّهْرِيُّ في حَديثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، فَقالَ: هَاتِ اكْتُبْ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَاتِبَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قالَ سُهَيْلٌ: أمَّا الرَّحْمَنُ ، فَوَاللَّهِ ما أدْرِي ما هو، ولَكِنِ اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ» كما كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: واللَّهِ لا نَكْتُبُهَا إلَّا «بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ»، ثُمَّ قالَ: هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لو كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ ما صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، ولَا قَاتَلْنَاكَ، ولَكِنِ اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ إنِّي لَرَسولُ اللَّهِ، وإنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ» -قالَ الزُّهْرِيُّ: وذلكَ لِقَوْلِهِ: لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا- فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى أنْ تُخَلُّوا بيْنَنَا وبيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ به، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً ، ولَكِنْ ذلكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: وعلَى أنَّه لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وإنْ كانَ علَى دِينِكَ إلَّا رَدَدْتَهُ إلَيْنَا، قالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! كيفَ يُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟! فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ دَخَلَ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ في قُيُودِهِ، وقدْ خَرَجَ مِن أسْفَلِ مَكَّةَ حتَّى رَمَى بنَفْسِهِ بيْنَ أظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: هذا -يا مُحَمَّدُ- أوَّلُ ما أُقَاضِيكَ عليه أنْ تَرُدَّهُ إلَيَّ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قالَ: فَوَاللَّهِ إذًا لَمْ أُصَالِحْكَ علَى شَيءٍ أبَدًا، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فأَجِزْهُ لِي ، قالَ: ما أنَا بمُجِيزِهِ لَكَ، قالَ: بَلَى فَافْعَلْ، قالَ: ما أنَا بفَاعِلٍ، قالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قدْ أجَزْنَاهُ لَكَ، قالَ أبو جَنْدَلٍ: أيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، ألَا تَرَوْنَ ما قدْ لَقِيتُ؟! وكانَ قدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا في اللَّهِ ، قالَ: فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: فأتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلتُ: ألَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: إنِّي رَسولُ اللَّهِ، ولَسْتُ أعْصِيهِ، وهو نَاصِرِي، قُلتُ: أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قالَ: قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به، قالَ: فأتَيْتُ أبَا بَكْرٍ فَقُلتُ: يا أبَا بَكْرٍ، أليسَ هذا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه لَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وهو نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ؛ فَوَاللَّهِ إنَّه علَى الحَقِّ، قُلتُ: أليسَ كانَ يُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ ونَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، أفَأَخْبَرَكَ أنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به. قالَ الزُّهْرِيُّ: قالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذلكَ أعْمَالًا. قالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِن قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قالَ: فَوَاللَّهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ؛ نَحَرَ بُدْنَهُ ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا له في الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُما مُعَاوِيَةُ بنُ أبِي سُفْيَانَ، والأُخْرَى صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أبو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ وهو مُسْلِمٌ، فأرْسَلُوا في طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقالوا: العَهْدَ الذي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إلى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا به حتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِن تَمْرٍ لهمْ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ لأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: واللَّهِ إنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هذا يا فُلَانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقالَ: أجَلْ ، واللَّهِ إنَّه لَجَيِّدٌ، لقَدْ جَرَّبْتُ به، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ: أَرِنِي أنْظُرْ إلَيْهِ، فأمْكَنَهُ منه، فَضَرَبَهُ حتَّى بَرَدَ ، وفَرَّ الآخَرُ حتَّى أتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ رَآهُ: لقَدْ رَأَى هذا ذُعْرًا ، فَلَمَّا انْتَهَى إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قُتِلَ واللَّهِ صَاحِبِي وإنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أبو بَصِيرٍ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، قدْ -واللَّهِ- أوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ ؛ قدْ رَدَدْتَنِي إليهِم، ثُمَّ أنْجَانِي اللَّهُ منهمْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ! لو كانَ له أحَدٌ. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّهُ إليهِم، فَخَرَجَ حتَّى أتَى سِيفَ البَحْرِ ، قالَ: ويَنْفَلِتُ منهمْ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لا يَخْرُجُ مِن قُرَيْشٍ رَجُلٌ قدْ أسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، حتَّى اجْتَمعتْ منهمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ ما يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّأْمِ إلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وأَخَذُوا أمْوَالَهُمْ، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُنَاشِدُهُ باللَّهِ والرَّحِمِ، لَمَّا أرْسَلَ، فمَن أتَاهُ فَهو آمِنٌ، فأرْسَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتَّى بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أنَّه نَبِيُّ اللَّهِ، ولَمْ يُقِرُّوا بـ«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وحَالُوا بيْنَهُمْ وبيْنَ البَيْتِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2731
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار صلح - الصلح مع المشركين صلح - كتابة الصلح فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - صلح الحديبية
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

10 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
 

1 - اللَّهمَّ لا سهلَ إلَّا ما جعلتَه سهلًا, وأنت إن شئتَ جعلتَ الحزْنَ سهلًا
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : [أنس بن مالك] | المحدث : الزرقاني | المصدر : مختصر المقاصد
الصفحة أو الرقم : 159 التخريج : أخرجه ابن حبان (974)، وأبو نعيم في ((تاريخ أصبهان)) (2/276)، والديلمي في ((الفردوس)) (2019) واللفظ له.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - ما يفعل من استصعبت عليه زوجته أو أحد من أهله أو دابته أدعية وأذكار - الدعاء عند الكرب
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - وأنتَ تجعلُ الحَزْنَ إذا شئتَ سهلًا [في حديث: اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جَعَلْتَ سَهْلًا، وأنت إذا شِئْتَ جَعَلْتَ الحَزْنَ سَهْلًا ]

3 - اللهمَّ لا سهلَ إلا ما جعلتَه سهلًا، و أنت تجعلُ الحَزْنَ إذا شئتَ سهلًا
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم : 2886 التخريج : أخرجه ابن حبان (974)، وابن السني في ((عمل اليوو والليلة)) (351)، والبيهقي في ((الدعوات الكبير)) (266)
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - ما يفعل من استصعبت عليه زوجته أو أحد من أهله أو دابته أدعية وأذكار - الدعاء عند الكرب
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

4 - «اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعَلْتَه سَهلًا وأنت تجعَلُ الحَزْنَ سَهلًا».

5 - اللَّهمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعَلْتَه سَهلًا وأنتَ تجعَلُ الحَزْنَ سَهلًا إذا شِئْتَ
خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 974 التخريج : أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (351)، والبيهقي في ((الدعوات الكبير)) (266)، والضياء المقدسي في ((الأحاديث المختارة)) (1685) واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الدعاء إذا تعسرت عليه المعيشة أدعية وأذكار - دعاء المرء لنفسه
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

6 - «اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعَلْتَ سَهلًا، وأنت فاجعَلْ الحَزْنَ إذا شِئْتَ سَهلًا».

7 - اللَّهمَّ لا سَهلَ إلَّا ما جَعَلتَه سَهلًا، وأنتَ تَجعَلُ الحَزْنَ إذا شِئتَ سَهلًا.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الفتوحات الربانية
الصفحة أو الرقم : 4/25 التخريج : أخرجه ابن حبان (974)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (351)، والبيهقي في ((الدعوات الكبير)) (266)
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - ما يفعل من استصعبت عليه زوجته أو أحد من أهله أو دابته أدعية وأذكار - الدعاء عند الكرب
|أصول الحديث | شرح الحديث

8 - اللَّهمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعَلْتَه سَهلًا وأنتَ تجعَلُ الحَزْنَ سَهلًا إذا شِئْتَ

9 - اللَّهمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعلتَه سَهلًا وأنتَ تجعلُ الحزنَ إذا شِئتَ سَهْلًا.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند
الصفحة أو الرقم : 73 التخريج : أخرجه ابن حبان (974)، وأبو نعيم في ((تاريخ أصبهان)) (2/276)، والبيهقي في ((الدعوات الكبير)) (266) واللفظ له.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الدعاء إذا تعسرت عليه المعيشة أدعية وأذكار - دعاء المرء لنفسه
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

10 - اللَّهمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعَلْتَه سَهلًا وأنتَ تجعَلُ الحَزْنَ سَهلًا إذا شِئْتَ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 974 التخريج : أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (351)، والبيهقي في ((الدعوات الكبير)) (266)، والضياء المقدسي في ((الأحاديث المختارة)) (1685) واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الدعاء إذا تعسرت عليه المعيشة أدعية وأذكار - دعاء المرء لنفسه
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

11 - «كان يدعو: اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعَلْتَ سَهلًا، وأنت تجعَلُ الحَزْنَ إذا شِئْتَ سَهلًا».
خلاصة حكم المحدث : أورده في المختارة وقال [هذه أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومُسلِم]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الضياء المقدسي | المصدر : الأحاديث المختارة
الصفحة أو الرقم : 1684
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - ما يفعل من استصعبت عليه زوجته أو أحد من أهله أو دابته أدعية وأذكار - دعوات النبي صلى الله عليه وسلم أدعية وأذكار - دعاء المرء لنفسه أدعية وأذكار - دعاء من أصابه هم أو حزن

12 - «كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدعو فيَقولُ: اللَّهُمَّ لا سَهلَ إلَّا ما جعَلْتَه سَهلًا، وأنت تجعَلُ الحَزْنَ إذا شِئْتَ سَهلًا».
خلاصة حكم المحدث : أورده في المختارة وقال [هذه أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومُسلِم]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الضياء المقدسي | المصدر : الأحاديث المختارة
الصفحة أو الرقم : 1685
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - ما يفعل من استصعبت عليه زوجته أو أحد من أهله أو دابته أدعية وأذكار - دعوات النبي صلى الله عليه وسلم أدعية وأذكار - دعاء المرء لنفسه أدعية وأذكار - دعاء من أصابه هم أو حزن

13 - حَديثٌ رَواه مُحمَّدُ بنُ أبي عُمَرَ العَدَنيُّ، عن بِشْرِ بنِ السَّرِيِّ، عن حَمَّادِ بنِ سَلَمةَ، عن ثابِتٍ، عن أَنَسٍ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه كانَ يَدْعو: اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جَعَلْتَ سَهْلًا، وأنت إن شِئْتَ جَعَلْتَ الحَزْنَ سَهْلًا؟
خلاصة حكم المحدث : هذا خَطَأٌ، حَدَّثَناه القَعْنَبيُّ، عن حَمَّادٍ، عن ثابِتٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مُرسَل، ولم يَذكُرْ أَنَس. وبَلَغَني أنَّ جَعْفَرَ بنَ عَبْدِ الواحِدِ لَقَّنَ القَعْنَبيَّ: عن أَنَسٍ، ثُمَّ أُخبِرَ بذلك، فدَعا عليه. قالَ: هو حَمَّادٌ، عن ثابِتٍ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مُرسَل، وكانَ بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ ثَبْت، فلَيتَه ألَّا يكونَ أُدخِلَ على ابنِ أبي عُمَرَ.
الراوي : أنس | المحدث : أبو حاتم الرازي | المصدر : علل ابن أبي حاتم
الصفحة أو الرقم : 2074
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - فضل الدعاء وإثم تركه أدعية وأذكار - الدعاء عند الكرب فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أحوال النبي
| أحاديث مشابهة

14 - كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقومُ يومَ الجمعةِ إذا خطب إلى خشبةٍ ذاتِ فرضتينِ أراها من دومٍ، وكان يتّكئ عليها ويستنِدُ إليها، فقال له أصحابه إن الناسَ قد كثُروا فلو أمرتَ بمنبرٍ تقومُ عليهِ يراكَ الناسُ، قال : ما شئْتُم قال سهلٌ : ولم يكن بالمدينةِ إلا نَجّار واحدٌ، فانطلقتُ أنا وذلكَ النَجّارُ إلى الغابةِ، فقطعْناهُ من أثْلَتِهِ، فلما صعد النبي صلى الله عليه وسلم عليه حنّتِ الخشبةُ حنينَ النّاقَةِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا تعجبونَ لهذهِ الخشبَةِ ؟ فرَقّ الناسُ وكثُرَ بُكاؤُهُم، فنزَلَ إليها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فوضَع يدهُ عليها فسكنتْ، فأمرَ بها فدفنتْ تحت المنبرِ أو جعلتْ في السقفِ

15 - كان رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقومُ يومَ الجمعةِ إذا خطبَ إلى خشَبةٍ ذاتِ فرضَتينِ أُراها من دَومٍ وكان يتَّكئُ عليها ويستنِدُ إليها فقال له أصحابُهُ إنَّ النَّاسَ قد كثُروا فلو أمرتَ بمنبرٍ تقومُ عليهِ يراكَ الناسُ قال ما شئتُم قال سهلٌ ولم يكُن بالمدينةِ إلا نجَّارٌ واحدٌ فانطلقتُ أنا وذلك النَّجَّارُ إلى الغابةِ فقطعناهُ من أثلتِهِ فلما صعِدَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّتِ الخشبَةُ حَنين الناقةِ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ألا تعجَبونَ لهذِهِ الخشبةِ فرقَّ الناسُ وكثرَ بكاؤهُم فنزل إليها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فوضع يدَهُ عليها فسكنَت فأمرَ بها فدُفِنَت تحتَ المنبرِ أو جُعِلَت في السَّقفِ
خلاصة حكم المحدث : صحيح رجاله رجال مسلم
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : موافقة الخبر الخبر
الصفحة أو الرقم : 1/243 التخريج : أخرجه ابن سعد (563)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/ 559) به، والبخاري (377) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: جمعة - الخطبة على المنبر رقائق وزهد - الحزن والبكاء فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - تكليم النبي للجمادات وانقيادها له فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مساجد ومواضع الصلاة - وصف منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

16 - أنَّ عبدَ اللهِ وعُبَيدَ اللهِ ابنَيْ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ خرَجا في جيشٍ إلى العراقِ، فلمَّا قفَلا، مَرَّا على عاملٍ لعُمَرَ، فرحَّب بهما وسهَّل، وهو أميرُ البَصْرةِ، فقال: لو أَقدِرُ لكما على أمْرٍ أنفَعُكما به لفعَلْتُ، ثم قال: بلى، ههنا مالٌ مِن مالِ اللهِ أُريدُ أن أَبعَثَ به إلى أميرِ المؤمنِينَ، فأُسلِفُكماه فتبتاعانِ متاعًا مِن متاعِ العراقِ، ثم تَبِيعانِهِ بالمدينةِ، فتُؤدِّيانِ رأسَ المالِ إلى أميرِ المؤمنِينَ، ويكونُ لكما الرِّبْحُ، فلمَّا قَدِمَا المدينةَ، باعا، فرَبِحَا، فلمَّا دفَعاها إلى عُمَرَ، قال لهما: أكُلَّ الجيشِ قد أسلَف كما أسلَفكما؟ قالا: لا، فقال عُمَرُ: ابنَا أميرِ المؤمنينَ، فأسلَفكما، أدِّيَا المالَ ورِبْحَهُ، فأمَّا عبدُ اللهِ فسكَت، وأمَّا عُبَيدُ اللهِ فقال: ما ينبغي لك هذا يا أميرَ المؤمنينَ، لو هلَك المالُ أو نقَص، لضَمِنَّاه، فقال: أدِّيَاه، فسكَت عبدُ اللهِ، وراجَعه عُبَيدُ اللهِ، فقال رجُلٌ مِن جُلَساءِ عُمَرَ: يا أميرَ المؤمنينَ، لو جعَلْتَهُ قِراضًا، فقال عُمَرُ: قد جعَلْتُهُ قِراضًا، فأخَذ عُمَرُ رأسَ المالِ ونِصْفَ رِبْحِهِ، وأخَذ عبدُ اللهِ وعُبَيدُ اللهِ نِصْفَ رِبْحِ ذلك المالِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أبو زيد بن أسلم | المحدث : شعيب الأرناووط | المصدر : تخريج شرح السنة
الصفحة أو الرقم : 8/258-259 التخريج : أخرجه مالك (2534)، والشافعي في ((مسنده-ترتيب سنجر)) (1481)، والبيهقي في ((المعرفة)) (12065) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - التسمية بأمير المؤمنين شركة - جواز المضاربة قراض - السلف في القراض إمامة وخلافة - أموال الرعية قراض - ما يجوز في القراض ولا يجوز
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

17 - أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقوم الجمعة إذا خطب إلى خشبة ذات فرضتين – قال : أراها من دوم كانت في مصلاه – وكان يتكئ إليها، فقال له أصحابه : يا رسول اللهِ ! إن الناس قد كثروا فلو اتخذت شيئا تقوم عليه إذا خطبت يراك الناس، فقال : ما شئتم. قال سهل : ولم يكن بًالمدينة إلا نجار واحد، قال : فذهبت أنا وذلك النجار إلى الغابة فقطعنا هذا المنبر من أثلة، قال : فقام رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فحنت الخشبة، فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم : ألا تعجبون من حنين هذه الخشبة، فأقبل الناس عليها فرقوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم، فنزل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فأتاها فوضع يده عليها فسكنت فأمر رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بها فدفنت تحت منبره أو جعلت في السقف
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 2/559 التخريج : أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (1/ 250)، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (4196)، وابن بشران في ((أماليه-الجزء الأول)) (421) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: جمعة - الخطبة على المنبر جمعة - الخطبة قائما رقائق وزهد - الحزن والبكاء فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مساجد ومواضع الصلاة - وصف منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

18 - خرجَ عبدُ اللَّهِ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ابنا عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ في جَيشٍ إلى العِراقِ، فلمَّا قفلا مرَّا علَى أبي موسَى الأشعريِّ وَهوَ أميرُ البصرةِ فرحَّبَ بِهِما وسَهَّلَ وقالَ: لو أقدرُ لَكُما على أمرٍ أنفعُكُما بِهِ لفعلتُ ثُمَّ قال: بلَى ها هنا مالٌ من مالِ اللَّهِ تعالى أريدُ أن أبعثَ بِهِ إلى أميرِ المؤمنينَ فأسلِّفُكُماهُ فتَبتاعانِ بِهِ من مَتاعِ العراقِ ثمَّ تبيعانِهِ بالمدينةِ فتؤدِّيانِ رأسَ المالِ إلى أميرِ المؤمنينَ ويَكونُ لَكُما الرِّبحُ فقالا: ودِدنا ففعلَ وَكَتبَ إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ أن يأخُذَ منهُما المالَ فلمَّا قدما على عمرَ قالَ: أَكُلَّ الجيشِ أسلفَهُ كما أسلفَكُما ؟ فقالا: لا فقالَ عمرُ: ابنَي أميرِ المؤمنينَ فأسلفَكُما أدِّيا المالَ وربحَهُ قالَ: فأمَّا عبدُ اللَّهِ فسَكَتَ وأمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فقالَ: ما يَنبَغي لَكَ يا أميرَ المؤمنينَ لو هلَكَ المالُ أو نَقصَ لضَمنَّاهُ فقالَ: أدِّياهُ فسَكَتَ عبدُ اللَّهِ وراجعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فقالَ رجلٌ من جُلَساءِ عمرَ: يا أميرَ المؤمنينَ لو جعلتَه قِراضًا فقالَ عمرُ: قد جعلتُهُ قراضًا فأخذَ عمرُ رأسَ المالِ ونِصفَ ربحِهِ وأخذَ عُبَيْدُ اللَّهِ وعبدُ اللَّهِ نِصفَ ربحِ ذلِكَ المالِ

19 - أنَّ النبي صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ يقومُ يوم الجمعةَ إذا خطبَ إلى خشبةٍ ذاتَ فُرضَتَينِ - قالَ أراه كانت من دومةٍ كانت في مصلَّاهُ - فكانَ يتَّكئُ عليْها فقالَ لَهُ أصحابُهُ يا رسولَ اللَّهِ إنَّ النَّاسَ قد كثُروا فلوِ اتَّخذتَ شيئًا تقومُ عليْهِ إذا خطبتَ نراكَ فقالَ ما شئتُم. قالَ سَهلٌ ولم يَكن بالمدينةِ إلَّا نجَّارٌ واحدٌ فذَهبتُ أنا وذلِكَ النَّجَّارُ إلى الخانقَينِ فقطعنا هذا المنبرَ من أثَلةٍ قالَ فقامَ عليه النبي صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فحنَّتُ الخشبةُ فقالَ النبي صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ ألا تعجَبونَ لحنينِ هذِهِ الخشبةِ فأقبلَ النَّاسُ وفرَقوا من حنينِها حتَّى كثرَ بُكاؤُهم فنزلَ النبي صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ حتى أتاها فوضعَ يدَهُ عليْها فسَكتَتْ فأمرَ بها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فدُفِنت تحتَ منبرِهِ أو جُعِلت في السَّقفِ
خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد، ورجاله كلهم يخرج لهم البخاري، إلا سعد بن سعيد بن قيس – وهو: أخو يحيى بن سعيد -؛ فإن البخاري استشهد به، وخرج له مسلم، وتكلم بعضهم في [حفظه]
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : ابن رجب | المصدر : فتح الباري لابن رجب
الصفحة أو الرقم : 5/464 التخريج : أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (1/ 250) واللفظ له، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (4196) باختلاف يسير، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/ 559) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - تكليم النبي للجمادات وانقيادها له فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - رحمته فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - كل المخلوقات تعلم أنه رسول الله إلا الكفرة
|أصول الحديث

20 - أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم كان يقومُ يومَ الجمعةِ إذا خطب إلى خشبةٍ ذاتِ فَرْضتَيْن، قال : أراها من دَوْمٍ، وكانت في مُصلَّاه فكان يتَّكئُ إليها فقال له أصحابُه : يا رسولَ اللهِ إنَّ النَّاسَ قد كثُروا فلو اتَّخذتَ شيئًا تقومُ عليه إذا خطبتَ يراك النَّاسُ. فقال : ما شئتم. قال سهلٌ : ولم يكُنْ بالمدينة إلَّا نجَّارٌ واحدٌ، فذهبتُ أنا وذلك النَّجَّارُ إلى الخافِقَيْن فقطعنا هذا المنبرَ من أثَلَةٍ. قال : فقام عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم فحنَّت الخشبةُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم : ألا تعجبون لحنينِ هذه الخشبةِ ؟ فأقبل النَّاسُ وفرَقوا من حنينِها حتَّى كثُر بكاؤُهم، فنزل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم حتَّى أتاها فوضع يدَه عليها فسكنت، فأمر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم بها فدُفِنت تحت منبرِه أو جُعِلت في السَّقفِ
خلاصة حكم المحدث : حسن
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 232 التخريج : أخرجه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/ 559) واللفظ له، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (1/ 250)، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (4196) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: جمعة - الاعتماد على قوس ونحوه حال الخطبة جمعة - الخطبة على المنبر جمعة - الخطبة قائما فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - رحمته فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

21 - أنَّ حارثةَ تزوَّج إلى طيِّئٍ امرأةً من بني نبهانَ فأولدها جبلةَ وأسماءَ وزيدًا فتُوِفِّيت أمُّهم وبقوا في حجرِ جدِّهم لأمِّهم فأراد حارثةُ حملَهم فأبى جدُّهم لأمِّهم وقال بل عندنا خيرٌ لهم فتراضوْا بأنْ حمل جبلةَ وأسماءَ وخلَّف زيدًا فجاءت خيلٌ من تِهامةَ وأغارت على طيِّئٍ فسبت زيدًا فصاروا به إلى سوقِ عكاظٍ فرآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من قبلِ أن يُبعثَ فقال لخديجةَ يا خديجةُ رأيتُ في السُّوقِ غلامًا من صفتِه كيْت وكيْت يصِفُ عقلًا وأدبًا وجمالًا لو أنَّ لي مالًا لاشتريتُه فأمَرتْ ورقةَ بنَ نوفلٍ فاشتراه من مالِها فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يا خديجةُ هَبي لي هذا الغلامَ بطيبةٍ من نفسِك قالت يا محمَّدُ إنِّي أرَى غلامًا وضِيًّا وأحبُّ أن أتبنَّاه وأخافُ أن تبيعَه أو تهبَه قال يا..... ما أردتُ إلَّا لأتبنَّاه فقالت به فُديتَ يا محمَّدُ قال فربَّياه وتبنَّياه وكان يقالُ له زيدُ بنُ محمَّدٍ فجاء رجلٌ من الحيِّ فرأَى زيدًا فعرفه فقال ألستَ أنت زيدَ بنَ حارثةَ قال لا أنا زيدُ بنُ محمَّدٍ قال بل أنت زيدُ بنُ حارثةَ نسبةُ أباك وعمِّك وإخوتك كيْت وكيْت قد أتعبوا الأبدانَ وأنفقوا الأموالَ في سبيلِك فقال زيدٌ ألِكْني إلى قومي وإن كنتُ نائيًا فإنِّي قَطينُ البيتِ عند المشاعِرِ فكُفُّوا من الوَجدِ الَّذي قد شجاكمُ ولا تُعملِوا في الأرضِ نصَّ الأباعرِ فإنِّي بحمدِ اللهِ في خيرِ أُسرةٍ خيارِ معَدٍّ كابرًا بعد كابرِ قال فمضَى الرَّجلُ فأخبر حارثةَ ولحارثةَ في ذلك شعرٌ بكِيتُ على زيدٍ ولم أدرِ ما فعَلْ أحيٌّ فيُرجَى أم أتَى دونه الأجلْ فواللهِ ما أدري وإنِّي لسائلٌ أغالَك سهلُ الأرضِ أم غالَك الجبَلْ فيا ليتَ شعري هل لك الدَّهرَ رجعةٌ فحسبي من الدُّنيا رجوعُك لي بَجَلْ تُذكِّرُنيه الشَّمسُ عند طلوعِها وتُعرضُ ذكراه إذا عسعس الطِّفِلْ وإن هبَّت الأرياحُ هيَّجنَ ذِكرَه فيا طولَ أحزاني عليه ويا وجَلْ سأعملُ نصَّ العيسِ في الأرضِ جاهدًا ولا أسأمُ التَّطوافَ أو تسأمُ الإبِلْ حياتي أو تأتي عليَّ منيَّتي وكلُّ امرئٍ فانٍ وإن غرَّه الأملْ ثمَّ إنَّ حارثةَ أقبل إلى مكَّةَ في إخوتِه وولدِه وبعضِ عشيرتِه فإذا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في فِناءِ الكعبةِ في نفرٍ من أصحابِه وزيدٌ فيهم فلمَّا نظروا إلى زيدٍ عرَفوه وعرفهم فقالوا يا زيدُ فلم يُجِبْهم انتظارًا منه لرأيِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من هؤلاء يا زيدُ قال يا رسول اللهِ هذا أبي وهذان عمَّاي وهذا أخي وهؤلاء عشيرتي فقال لي قُمْ فسلِّمْ عليهم يا زيدُ فسلَّمتُ عليهم وسلَّموا عليَّ فقالوا امضِ معنا يا زيدُ فقلتُ ما أُريدُ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - بدلًا ولن أُؤثرَ عليه واحدًا قالوا يا محمَّدُ إنَّا معطوك بهذا الغلامِ دِياتٍ فسَمِّ ما شئتَ فإنَّا حامِلوه إليك قال إن أُسلِّم أن تشهدوا أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي خاتمُ أنبيائِه ورسلِه فأبَوْا وتلكَّؤوا وتلجلجوا وقالوا أتقبَلُ ما عرضنا عليك يا محمَّدُ قال لهم ها هنا خَصلةٌ غيرُ هذه قد جعلتُ الأمرَ إليه إن شاء فليُقِمْ وإن شاء فلْيرحلْ قالوا يا محمَّدُ ما بقي شيءٌ قد قضَيْتَ فظنُّوا أنَّهم قد صاروا من زيدٍ إلى حاجتِهم قالوا يا زيدُ قد أذِن لك الآن محمَّدٌ فانطلِقْ معنا قال هيهاتَ هيهاتَ ما أُريدُ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بدلًا ولا أُؤثرُ عليه والدًا فأداروه وألاصوه واستعطفوه وذكَّروه وجْدَ من ورائِهم فأبَى وحلف أن لا يلحقَهم قال حارثةُ يا بُنيَّ أمَّا أنا فإنِّي مؤنِسُك بنفسي أنا أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه فآمن حارثةُ بنُ شُراحيلَ وأبَى الباقون ورجعوا إلى البريَّةِ ثمَّ إنَّ أخاه جبْلةَ رجع فآمن بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
خلاصة حكم المحدث : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
الراوي : زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : ابن منده | المصدر : تاريخ دمشق
الصفحة أو الرقم : 19/529
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أخبار النبي قبل بعثته مناقب وفضائل - حارثة بن شراحيل مناقب وفضائل - زيد بن حارثة

22 - عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ حَارِثَةُ بْنُ شَرَاحِيلَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي طَيِّئٍ مِنْ نَبْهَانَ فَأَوْلَدَهَا جَبَلَةَ وَأَسْمَاءَ وَزَيْدًا، فَتُوُفِّيَتْ وَأَخْلَفَتْ أَوْلَادَهَا فِي حِجْرِ جَدِّهِمْ لِأَبِيهِمْ، وَأَرَادَ حَارِثَةُ حَمْلَهُمْ، فَأَتَى جَدُّهُمْ فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، فَتَرَاضَوْا إِلَى أَنْ حَمَلَ جَبَلَةَ وَأَسْمَاءَ وَخَلَّفِ زَيْدًا، وَجَاءَتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ فَأَغَارَتْ عَلَى طَيِّئٍ، فَسَبَتْ زَيْدًا فَصَيَّرُوهُ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلِ أَنِ يُبْعَثَ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «يَا خَدِيجَةُ، رَأَيْتُ فِي السُّوقِ غُلَامًا مِنْ صِفَتِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ» ـ يَصِفُ عَقْلًا وَأَدَبًا وَجَمَالًا ـ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَاشْتَرَيْتُهُ" فَأَمَرَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ مَالِهَا، فَقَالَ: «يَا خَدِيجَةُ، هَبِي لِي هَذَا الْغُلَامَ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِكِ» فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، أَرَى غُلَامًا وَضِيئًا وَأَخَافُ أَنْ تَبِيعَهُ أَوْ تَهِبَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُوَفَّقَةُ، مَا أَرَدْتُ إِلَّا لَأَتَبَنَّاهُ» فَقَالَتْ: نَعَمْ، يَا مُحَمَّدُ فَرَبَّاهُ وَتَبَنَّاهُ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ فَنَظَرَ إِلَى زَيْدٍ فَعَرَفَهُ، فَقَالَ: أَنْتَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، قَالَ: لَا، أَنَا زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: لَا، بَلْ أَنْتَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مِنْ صِفَةِ أَبِيكَ وَعُمُوَمَتِكَ وَأَخْوَالِكَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، قَدْ أَتْعَبُوا الْأَبْدَانَ وَأَنْفِقُوا الْأَمْوَالَ فِي سَبِيلِكَ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَحِنُّ إِلَى قَوْمِي وَإِنْ كُنْتُ نَائِيًا... فَإِنِّي قَطِينُ الْبَيْتِ عِنْدَ الْمَشَاعِرِ وَكُفُّوا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَدْ شَجَاكُمْ... وَلَا تَعْمَلُوا فِي الْأَرْضِ فِعْلَ الْأَبَاعِرِ فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهَ فِي خَيْرَ أُسْرَةٍ... خِيَارَ مَعْدٍ كَابِرًا بَعْدَ كَابِرِ فَقَالَ حَارِثَةُ لَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ: بَكَيْتُ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ... أَحَيٌّ فَيُرْجَى أَمْ أَتَى دُونَهُ الْأَجَلْ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلٌ... أَغَالَكَ سَهْلُ الْأَرْضِ أَمْ غَالَكَ الْجَبَلْ فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَكَ الدَّهْرَ رَجْعَةٌ... فَحَسْبِي مِنَ الدُّنْيَا رُجُوعُكَ لِي بَجَلْ تُذَكِّرُنِيهِ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا... وَيَعْرِضُ لِي ذِكْرَاهُ إِذْ عَسْعَسَ الطَّفَلْ وَإِذْ هَبَّتِ الْأَرْوَاحُ هَيَّجْنَ ذِكْرَهُ... فَيَا طُولَ أَحْزَانِي عَلَيْهِ وَيَا وَجَلْ سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ فِي الْأَرْضِ جَاهِدًا... وَلَا أَسْأَمُ التَّطْوَافَ أَوْ تَسْأَمُ الْإِبِلْ فَيَأْتِيَ أَوْ تَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي... وَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الْأَمَلْ فَقَدِمَ حَارِثَةُ بْنُ شَرَاحِيلَ إِلَى مَكَّةَ فِي إِخْوَتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَنَاءِ الْكَعْبَةِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى زَيْدٍ عَرَفُوهُ وَعَرَفَهُمْ وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِمْ إِجْلَالًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا زَيْدُ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ يَا زَيْدُ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبِي، وَهَذَا عَمِّي، وَهَذَا أَخِي، وَهَؤُلَاءِ عَشِيرَتِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ يَا زَيْدُ» فَقَامَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا لَهُ: امْضِ مَعَنَا يَا زَيْدُ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَلًا وَلَا غَيْرِهِ أَحَدًا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا مُعْطُوكَ بِهَذَا الْغُلَامِ دِيَاتٍ، فَسَمِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّا حَامِلُوهُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: «أَسْأَلُكُمْ أَنْ تَشْهَدُوا أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي خَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَأُرْسِلُهُ مَعَكُمْ» فَتَابُوا وَتَلَكَّئُوا وَتَلَجْلَجُوا، فَقَالُوا: تَقْبَلُ مِنَّا مَا عَرَضْنَا عَلَيْكَ مِنَ الدَّنَانِيرِ، فَقَالَ لَهُمْ: «هَا هُنَا خَصْلَةٌ غَيْرُ هَذِهِ قَدْ جَعَلْتُ الْأَمْرَ إِلَيْهِ، فَإِنْ شَاءٍٍٍٍَ فَلْيَقُمْ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَدْخُلْ» قَالُوا: مَا بَقِيَ شَيْءٌ؟ قَالُوا: يَا زَيْدُ، قَدْ أَذِنَ لَكَ الْآنَ مُحَمَّدٌ فَانْطَلِقْ مَعَنَا، قَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مَا أُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَلًا وَلَا أُؤْثِرُ عَلَيْهِ وَالِدًا وَلَا وَلَدًا، فَأَدَارُوهُ وَأَلَاصُوهُ وَاسْتَعْطَفُوهُ وَأَخْبَرُوهُ مِنْ وَرَائِهِ مِنْ وُجْدِهِمْ، فَأَبَى وَحَلَفَ أَنْ لَا يَلْحَقَهُمْ، قَالَ حَارِثَةُ: أَمَّا أَنَا فَأُوَاسِيكَ بِنَفْسِي أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَبَى الْبَاقُونَ
خلاصة حكم المحدث : [سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما]
الراوي : أسامة بن زيد | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 5020
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مبعث النبي مناقب وفضائل - خديجة بنت خويلد مناقب وفضائل - زيد بن حارثة إيمان - حب الرسول نكاح - حسن العشرة بين الأزواج

23 - خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، حتَّى إذَا كَانُوا ببَعْضِ الطَّرِيقِ قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ بالغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ. فَوَاللَّهِ ما شَعَرَ بهِمْ خَالِدٌ حتَّى إذَا هُمْ بقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وسَارَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى إذَا كانَ بالثَّنِيَّةِ الَّتي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به رَاحِلَتُهُ ، فَقالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فَقالوا: خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، وما ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ ، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قالَ: فَعَدَلَ عنْهمْ حتَّى نَزَلَ بأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ علَى ثَمَدٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حتَّى نَزَحُوهُ، وشُكِيَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ ما زَالَ يَجِيشُ لهمْ بالرِّيِّ حتَّى صَدَرُوا عنْه، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ جَاءَ بُدَيْلُ بنُ ورْقَاءَ الخُزَاعِيُّ في نَفَرٍ مِن قَوْمِهِ مِن خُزَاعَةَ، وكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ تِهَامَةَ ، فَقالَ: إنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ وعَامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ، ومعهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ ، وهُمْ مُقَاتِلُوكَ وصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وإنَّ قُرَيْشًا قدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ وأَضَرَّتْ بهِمْ، فإنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، ويُخَلُّوا بَيْنِي وبيْنَ النَّاسِ، فإنْ أظْهَرْ: فإنْ شَاؤُوا أنْ يَدْخُلُوا فِيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فَعَلُوا، وإلَّا فقَدْ جَمُّوا ، وإنْ هُمْ أبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ علَى أمْرِي هذا حتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، ولَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أمْرَهُ، فَقالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ ما تَقُولُ. قالَ: فَانْطَلَقَ حتَّى أتَى قُرَيْشًا، قالَ: إنَّا قدْ جِئْنَاكُمْ مِن هذا الرَّجُلِ وسَمِعْنَاهُ يقولُ قَوْلًا، فإنْ شِئْتُمْ أنْ نَعْرِضَهُ علَيْكُم فَعَلْنَا، فَقالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لا حَاجَةَ لَنَا أنْ تُخْبِرَنَا عنْه بشَيءٍ، وقالَ ذَوُو الرَّأْيِ منهمْ: هَاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ، قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ كَذَا وكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بما قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ فَقالَ: أيْ قَوْمِ، ألَسْتُمْ بالوَالِدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: أوَلَسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فَهلْ تَتَّهِمُونِي؟ قالوا: لَا، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنِّي اسْتَنْفَرْتُ أهْلَ عُكَاظٍ ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بأَهْلِي ووَلَدِي ومَن أطَاعَنِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنَّ هذا قدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا ودَعُونِي آتِيهِ، قالوا: ائْتِهِ، فأتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَحْوًا مِن قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذلكَ: أيْ مُحَمَّدُ، أرَأَيْتَ إنِ اسْتَأْصَلْتَ أمْرَ قَوْمِكَ، هلْ سَمِعْتَ بأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وإنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فإنِّي واللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وإنِّي لَأَرَى أوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أنْ يَفِرُّوا ويَدَعُوكَ، فَقالَ له أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: امْصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ ، أنَحْنُ نَفِرُّ عنْه ونَدَعُهُ؟! فَقالَ: مَن ذَا؟ قالوا: أبو بَكْرٍ، قالَ: أمَا والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لكَ عِندِي لَمْ أجْزِكَ بهَا لَأَجَبْتُكَ، قالَ: وجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكُلَّما تَكَلَّمَ أخَذَ بلِحْيَتِهِ، والمُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ علَى رَأْسِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعهُ السَّيْفُ وعليه المِغْفَرُ ، فَكُلَّما أهْوَى عُرْوَةُ بيَدِهِ إلى لِحْيَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بنَعْلِ السَّيْفِ، وقالَ له: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحْيَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقالَ: مَن هذا؟ قالوا: المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، فَقالَ: أيْ غُدَرُ، ألَسْتُ أسْعَى في غَدْرَتِكَ؟! وكانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا في الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وأَخَذَ أمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فأسْلَمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا الإسْلَامَ فأقْبَلُ، وأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ منه في شَيءٍ. ثُمَّ إنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أصْحَابَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَيْنَيْهِ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما تَنَخَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إلى أصْحَابِهِ، فَقالَ: أيْ قَوْمِ، واللَّهِ لقَدْ وفَدْتُ علَى المُلُوكِ، ووَفَدْتُ علَى قَيْصَرَ ، وكِسْرَى، والنَّجَاشِيِّ، واللَّهِ إنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ ما يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحَمَّدًا؛ واللَّهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، وإنَّه قدْ عَرَضَ علَيْكُم خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابِهِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا فُلَانٌ، وهو مِن قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ البُدْنَ ، فَابْعَثُوهَا له فَبُعِثَتْ له، واسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ما يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إلى أصْحَابِهِ، قالَ: رَأَيْتُ البُدْنَ قدْ قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فَما أَرَى أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ. فَقَامَ رَجُلٌ منهمْ يُقَالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، فَقالَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ عليهم، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا مِكْرَزٌ، وهو رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَما هو يُكَلِّمُهُ إذْ جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو. قالَ مَعْمَرٌ: فأخْبَرَنِي أيُّوبُ، عن عِكْرِمَةَ: أنَّه لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِن أمْرِكُمْ. قالَ مَعْمَرٌ: قالَ الزُّهْرِيُّ في حَديثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، فَقالَ: هَاتِ اكْتُبْ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَاتِبَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قالَ سُهَيْلٌ: أمَّا الرَّحْمَنُ ، فَوَاللَّهِ ما أدْرِي ما هو، ولَكِنِ اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ» كما كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: واللَّهِ لا نَكْتُبُهَا إلَّا «بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ»، ثُمَّ قالَ: هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لو كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ ما صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، ولَا قَاتَلْنَاكَ، ولَكِنِ اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ إنِّي لَرَسولُ اللَّهِ، وإنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ» -قالَ الزُّهْرِيُّ: وذلكَ لِقَوْلِهِ: لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا- فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى أنْ تُخَلُّوا بيْنَنَا وبيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ به، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً ، ولَكِنْ ذلكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: وعلَى أنَّه لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وإنْ كانَ علَى دِينِكَ إلَّا رَدَدْتَهُ إلَيْنَا، قالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! كيفَ يُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟! فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ دَخَلَ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ في قُيُودِهِ، وقدْ خَرَجَ مِن أسْفَلِ مَكَّةَ حتَّى رَمَى بنَفْسِهِ بيْنَ أظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: هذا -يا مُحَمَّدُ- أوَّلُ ما أُقَاضِيكَ عليه أنْ تَرُدَّهُ إلَيَّ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قالَ: فَوَاللَّهِ إذًا لَمْ أُصَالِحْكَ علَى شَيءٍ أبَدًا، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فأَجِزْهُ لِي ، قالَ: ما أنَا بمُجِيزِهِ لَكَ، قالَ: بَلَى فَافْعَلْ، قالَ: ما أنَا بفَاعِلٍ، قالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قدْ أجَزْنَاهُ لَكَ، قالَ أبو جَنْدَلٍ: أيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، ألَا تَرَوْنَ ما قدْ لَقِيتُ؟! وكانَ قدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا في اللَّهِ ، قالَ: فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: فأتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلتُ: ألَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: إنِّي رَسولُ اللَّهِ، ولَسْتُ أعْصِيهِ، وهو نَاصِرِي، قُلتُ: أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قالَ: قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به، قالَ: فأتَيْتُ أبَا بَكْرٍ فَقُلتُ: يا أبَا بَكْرٍ، أليسَ هذا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه لَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وهو نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ؛ فَوَاللَّهِ إنَّه علَى الحَقِّ، قُلتُ: أليسَ كانَ يُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ ونَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، أفَأَخْبَرَكَ أنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به. قالَ الزُّهْرِيُّ: قالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذلكَ أعْمَالًا. قالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِن قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قالَ: فَوَاللَّهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ؛ نَحَرَ بُدْنَهُ ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا له في الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُما مُعَاوِيَةُ بنُ أبِي سُفْيَانَ، والأُخْرَى صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أبو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ وهو مُسْلِمٌ، فأرْسَلُوا في طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقالوا: العَهْدَ الذي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إلى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا به حتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِن تَمْرٍ لهمْ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ لأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: واللَّهِ إنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هذا يا فُلَانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقالَ: أجَلْ ، واللَّهِ إنَّه لَجَيِّدٌ، لقَدْ جَرَّبْتُ به، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ: أَرِنِي أنْظُرْ إلَيْهِ، فأمْكَنَهُ منه، فَضَرَبَهُ حتَّى بَرَدَ ، وفَرَّ الآخَرُ حتَّى أتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ رَآهُ: لقَدْ رَأَى هذا ذُعْرًا ، فَلَمَّا انْتَهَى إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قُتِلَ واللَّهِ صَاحِبِي وإنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أبو بَصِيرٍ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، قدْ -واللَّهِ- أوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ ؛ قدْ رَدَدْتَنِي إليهِم، ثُمَّ أنْجَانِي اللَّهُ منهمْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ! لو كانَ له أحَدٌ. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّهُ إليهِم، فَخَرَجَ حتَّى أتَى سِيفَ البَحْرِ ، قالَ: ويَنْفَلِتُ منهمْ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لا يَخْرُجُ مِن قُرَيْشٍ رَجُلٌ قدْ أسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، حتَّى اجْتَمعتْ منهمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ ما يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّأْمِ إلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وأَخَذُوا أمْوَالَهُمْ، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُنَاشِدُهُ باللَّهِ والرَّحِمِ، لَمَّا أرْسَلَ، فمَن أتَاهُ فَهو آمِنٌ، فأرْسَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتَّى بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أنَّه نَبِيُّ اللَّهِ، ولَمْ يُقِرُّوا بـ«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وحَالُوا بيْنَهُمْ وبيْنَ البَيْتِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2731
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار صلح - الصلح مع المشركين صلح - كتابة الصلح فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - صلح الحديبية
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

24 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 4872
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام صلح - كتابة الصلح مغازي - صلح الحديبية مغازي - غزوة الحديبية مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| شرح حديث مشابه

25 - خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بِضعَ عشْرَةَ مائةً مِن أصحابِه، حتَّى إذا كانوا بِذي الحُلَيفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الهَدْيَ وأشْعَره، وأحْرَم بالعُمرةِ، وبعَث بينَ يدَيه عينًا له مِن خُزاعَةَ يُخبِرُه عن قُريشٍ، وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، حتَّى إذا كان بغَديرِ الأَشْطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ ، أتاه عُيَيْنَةُ الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكتُ كعْبَ بنَ لُؤيٍّ وعامِرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جُموعًا، وهم قاتِلوك أو مُقاتِلوك - وقال أبو أحمَدَ بنُ زيادٍ: وهم مُقاتِلوك - قالَا جميعًا: وصادُّوكَ عن البيْتِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أَشيروا عليَّ، أتَرون أنْ نَميلَ إلى ذَراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم، فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوْتورين مَحْروبين، وإنْ نَجَوا تكُنْ عُنقًا قطَعها اللهُ، أم ترَون أنْ نَؤُمَّ البَيتَ، فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه؟ قال أبو بَكرٍ رَضي اللهُ عنه: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، إنَّما جِئنا مُعتمِرين، ولم نَجِئْ لِقتالِ أحَدٍ، ولكنْ مَن حال بَيننا وبين البيتِ قاتَلْناه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فرُوحُوا إذًا. قال الزُّهْريُّ في حديثِه: فرَاحوا حتَّى إذا كانوا ببَعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّ خالِدَ بنَ الوَليدِ بالغَميمِ في خَيلٍ لقُريشٍ طَليعةً ، فخُذوا ذاتَ اليَمينِ، فواللهِ ما شعَر بهم خالِدٌ حتَّى إذا هو بقَتَرةِ الجَيشِ، فانطَلَق يَركُضُ نَذيرًا لقُريشٍ، وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يَهبِطُ عليهم مِنها برَكَتْ راحِلَتُه، فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فقالوا: خلَأَتِ القَصواءُ ! خَلَأتِ القَصواءُ . قال أبو أحمَدَ بنُ زيادٍ في حَديثِه: لَمَّا بلَغ قولَه: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فرُوحُوا إذًا، قال الزُّهريُّ: قال أبو هُريرةَ: ما رأَيتُ أحَدًا كان أكثَرَ مُشاوَرةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال المِسْوَرُ ومَرْوانُ في حَديثِهما: فرَاحوا حتَّى إذا كانوا ببَعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّ خالِدَ بنَ الوَليدِ بالغَميمِ في خَيلٍ لقُريشٍ - رجَع الحديثُ إلى مَوْضِعه - فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ما خَلَأتِ القَصواءُ ، وما ذلِك لها بخُلُقٍ، ولكنْ حبَسَها حابِسُ الفيلِ ، ثمَّ قال: والَّذي نَفسي بيَدِه، لا يَسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطيتُهم إيَّاها، ثمَّ زجَرَها فوَثَبتْ به، قال: فعَدَل حتَّى نزَل بأَقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبَرُّضًا، فلَمْ يُلبِّثْه النَّاسُ أنْ نزَحوه، فشَكَوْا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم العطَشَ، فانتَزَع سَهمًا مِن كِنانَتِه ثمَّ أمَرَهم أن يَجعَلوه فيه، قال: فواللهِ ما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه، فبينما هم كذلك إذْ جاءه بُدَيلُ بنُ وَرْقاءَ الخُزاعيُّ في نفَرٍ مِن خُزاعَةَ، وكانوا عَيْبَةَ نُصْحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن أهْلِ تِهامَةَ ، فقال: إنِّي ترَكتُ كعْبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ، معَهم العُوذُ المَطافيلُ ، وهم مُقاتِلوك وصادُّوكَ عن البَيتِ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّا لَم نجِئْ لقِتالِ أحَدٍ، ولكنَّا جِئنا مُعتمِرين، وإنَّ قُريشًا قد نَهِكَتْهم الحربُ وأضَرَّتْ بهم، فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مَدَّةً ويُخَلُّوا بَيني وبين النَّاسِ، فإنْ أظهَرْ فإنْ شَاؤوا أنْ يَدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا، وإلَّا فقد جَمُّوا ، وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نَفسي بيَدِه، لأُقاتِلَنَّهم على أَمري هذا حتَّى تَنفَرِدَ سالِفَتي، أو لَيُنْفِذَنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ أمرَه، فقال بُدَيلٌ: سأُبلِّغُهم ما تقولُ، فانطلَق حتَّى أتَى قُريشًا فقال: إنَّا قد جِئناكم مِن عِندِ هذا الرَّجلِ، وسَمِعناه يَقولُ قولًا، فإن شِئتم أن نَعرِضَه عليكم فَعَلْنا، فقال سُفهاؤُهم: لا حاجَةَ لنا في أنْ تُحدِّثَنا عنه بشَيءٍ، وقال ذَوُو الرَّأيِ مِنهم: هاتِ ما سَمِعتَه يقولُ، قال: سَمِعتُه يَقولُ كَذا وكذا، فحدَّثَهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقام عُروَةُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفيُّ فقال: أيْ قَومِ، ألستُم بالوالِدِ؟ قالوا: بلَى، قال: ألسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بلَى، قال: هل تتَّهِموني؟ قالوا: لا، قال: ألستُم تَعلمون أنِّي استَنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئتُكم بأَهلي ووَلَدي ومَن أطاعَني؟ قالوا: بلى، قال: فإنَّ هذا قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشْدٍ فاقبَلوها ودَعوني آتيهِ، قالوا: ائتِهِ، فأتاه، فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نحْوًا مِن قوْلِه لِبُديلٍ، فقال عُروةُ عن ذلك: أيْ محمَّدُ، أرأيتَ إنِ استَأصَلْتَ قوْمَك، هل سَمِعْتَ بأحَدٍ مِن العَرَبِ اجتاحَ أصْلَه قَبلَك؟ وإن تَكنِ الأُخرى، فواللهِ إنِّي لأَرى وُجوهًا وأَرى أَوْشَابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يَفِرُّوا ويَدَعوك، فقال له أبو بَكرٍ رَضي اللهُ عنه: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ! أنحن نَفِرُّ عنه وندَعُه؟! قال: مَن ذا؟ قال: أبو بَكْرٍ،قال: أما والَّذي نَفسي بيَدِه، لَولا يَدٌ كانت لك عِندي لَم أجْزِكَ بها لأجَبْتُك، قال: وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، كلَّما كلَّمه أخَذ بلِحْيتِه، والمُغيرةُ بنُ شُعبةَ قائمٌ على رأْسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ومعه السَّيفُ وعليه المِغفَرُ ، فكلَّما أهوى عُروَةُ إلى لِحيَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ وقال: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحيَةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فرفَع عُروةُ رأسَه فقال: مَن هذا؟ قالوا: المُغيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، قال: أيْ غُدَرُ! أوَلَستُ أسْعى في غَدْرتِك؟! قال: وكان المُغيرَةُ صحِبَ قوْمًا في الجاهليَّةِ فقَتَلهم، وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أمَّا الإسلامُ فأقْبَلُ، وأمَّا المالُ فلَستُ منه في شيءٍ، ثمَّ إنَّ عُروَةَ جعَل يَرْمُقُ صحابَةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فواللهِ ما تنخَّم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقعَتْ في كَفِّ رَجلٍ مِنهم يدْلُكُ بها وَجْهَه وجِلْدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدروا لأمْرِه، وإذا توضَّأ ثاروا يَقتتِلون على وَضوئِه، وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تَعظيمًا له، قال: فرجَع عُروَةُ إلى أصْحابِه فقال: أيْ قوْمِ، واللهِ لقد وَفَدْتُ على المُلوكِ؛ وفَدْتُ على قَيْصَرَ وكِسْرَى والنَّجاشيِّ، واللهِ إنْ رأيتُ ملِكًا قَطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ مُحمَّدًا، واللهِ إنْ تنخَّمَ نُخامَةً إلَّا وقعَتْ في كفِّ رَجلٍ مِنهم فدَلَك بها وَجْهَه وجِلْدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدروا أمرَه، وإذا توضَّأ كادوا يَقتَتِلون على وَضوئِه، وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عِنده، وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تَعظيمًا له، وإنَّه قد عرَض علَيكم خُطَّةَ رُشْدٍ فاقبلوها، فقال رجلٌ مِن بَني كِنانَةَ: دَعوني آتيه، فقالوا: ائتِه، فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأصحابِه قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: هذا فُلانٌ وهو مِن قوْمٍ يُعظِّمون البُدْنَ فابعَثوها له، فبُعثتْ له، فاستقبَله القومُ يُلبُّون، فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ! ما يَنبَغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ، فرجَع لأصحابِه فقال: رأيتُ البُدْنَ قد قُلِّدَتْ وأُشعِرَتْ، فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ، فقام رجلٌ مِنهم يُقالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ فقال: دَعوني آتيه، قالوا: ائتِه، فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: هذا مِكْرزٌ وهو رَجلٌ فاجِرٌ، فجعَل يكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينَما هو يكلِّمُه إذ جاء سُهَيلُ بنُ عَمرْو. قال مَعمَرٌ: وأخبَرني أيُّوبُ عن عِكرمَةَ: أنَّه لَمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: قد سَهُلَ لكم مِن أمرِكم، قال الزُّهريُّ في حَديثِه: فجاء سُهيلُ بنُ عَمرٍو فقال: هاتِ، اكتُبْ بَيننا وبينك كِتابًا، فدعا الكاتِبَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: اكتُبْ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال سُهَيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ، فواللهِ ما أَدري ما هو، ولكن: باسمِك اللَّهمَّ، كما كنتَ تَكتُبُ، فقال المسلِمون: واللهِ لا نَكتُبُها إلَّا بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: اكتُبْ باسمِكَ اللَّهمَّ، ثمَّ قال: هذا ما قاضَى عليه مُحمَّدٌ رسولُ اللهِ، فقال سُهيلٌ: واللهِ لو كنَّا نَعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ، ولكن اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنِّي لرَسولُ اللهِ وإن كذَّبتُموني، اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، قال الزُّهريُّ: وذلك لِقولِه: لا يَسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطيتُهم إيَّاها، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: على أنْ تُخَلُّوا بَيننا وبين البيتِ فنَطوفَ، فقال سُهيلٌ: واللهِ لا تتحدَّثُ العرَبُ أنَّا أُخِذْنا ضَغطَةً ، ولكن لك مِن العامِ المقبِلِ، فكَتَب، فقال سُهيلٌ: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإن كان على دينِك إلَّا ردَدْتَه إلينا، فقال المسلِمون: سبحانَ اللهِ! كيف يُرَدُّ إلى المشرِكين وقد جاء مُسلِمًا؟! فبينا هم كذلك إذْ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عَمرٍو يَرسُفُ في قُيودِه قد خرَج مِن أسفَلِ مكَّةَ حتَّى رمَى بنَفسِه بين أظهُرِ المسلِمين، فقال سُهيلٌ: هذا يا محمَّدُ أوَّلُ مَن أُقاضيكَ عليه أن تَرُدَّه، قال: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّا لَم نقْضِ الكِتابَ بَعدُ، قال: فواللهِ إذًا لا نُصالِحُك على شيءٍ أبدًا، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فأجِزْه لي ، قال: ما أنا بمُجيزِه لك، قال: بلَى فافعَلْ، قال: ما أنا بفاعِلٍ، قال مِكرَزٌ: بلَى قد أجَزْناه، قال أبو جَنْدَلٍ: معاشِرَ المسلِمين، أأُردُّ إلى المشرِكين وقد جئتُ مسلِمًا؟! ألا ترَون ما قد لَقيتُ؟! وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ ، فقال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضي اللهُ عنه: واللهِ ما شَكَكْتُ منذُ أسلَمتُ إلَّا يومَئذٍ، فأتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألسْتَ نبيَّ اللهِ؟ قال: بلَى، قلتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعَدُوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بلى، قال: فلِم نُعطِي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا؟ قال: إنِّي رسولُ اللهِ ولستُ أَعصِيه وهو ناصِري، قلتُ: أوَلستَ كنتَ تحدِّثُنا أنَّا سنَأتي البيتَ فنَطوفُ حقًّا؟ قال: بلَى، أنا أخبرتُك أنَّك تأتيه العامَ؟ قلتُ: لا، قال: فإنَّك آتيه وتَطوفُ به، قال: فأتيتُ أبا بَكرٍ رَضي اللهُ عنه، فقلتُ: يا أبا بَكرٍ، أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا؟ قال: بلَى، قلتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بلَى، قلتُ: فلِم نُعطي الدَّنيَّةَ في دينِنا إذًا؟ قال: أيُّها الرَّجلُ، إنَّه رسولُ اللهِ، وليس يَعصي ربَّه، وهو ناصِرُه، فاستَمْسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ، فواللهِ إنَّه لعَلى الحقِّ، قلتُ: أوَليسَ كان يحدِّثُنا أنَّه سيأتي البيتَ ويَطوفُ به؟ قال: بلَى، أفأخبَرَك أنَّك تأتيه العامَ؟ قلتُ: لا، قال: فإنَّك آتيه وتَطوفُ به، قال الزُّهريُّ: قال عُمرُ: فعَمِلتُ لذلك أعمالًا، فلمَّا فرَغ مِن قضيَّةِ الكِتابِ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: قوموا فانحَروا ثمَّ احلِقوا، قال: فواللهِ ما قام مِنهم رجلٌ حتَّى قال ثلاثَ مِرارٍ، فلمَّا لَم يقُمْ منهم أحَدٌ قام فدخَل على أمِّ سلَمَةَ، فذكَر لها ما لَقي مِن النَّاسِ، فقالت أمُّ سلَمَةَ: يا نبيَّ اللهِ، أتُحِبُّ ذلك؟ اخرُجْ ثمَّ لا تُكلِّمْ أحَدًا كلمَةً حتَّى تَنحَرَ بُدْنَك وتَدعُوَ بحالِقِك فيَحلِقَك، فقام فخرَج، فلم يُكلِّمْ أحَدًا منهم حتَّى فعَل ذلك؛ نحَر بُدْنَه ودَعا حالِقَه فحَلَقَه، فلمَّا رأَوا ذلك قاموا فنَحَروا، وجعَل بعضُهم يَحلِقُ بَعضًا حتَّى كاد بعضُهم يَقتُلُ بعضًا غَمًّا، ثمَّ جاءه نِسوةٌ مؤمِناتٌ، وأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}، حتَّى بلَغ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فطلَّق عمرُ يومئذٍ امرأتَين كانتا له في الشِّركِ، فتزوَّج إحداهما مُعاويَةُ بنُ أبي سُفيانَ، والأُخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ، ثمَّ رجَع إلى المدينَةِ، فجاءه أبو بَصيرٍ؛ رجلٌ مِن قُريشٍ وهو مسلِمٌ، فأرسَلوا في طلَبِه رجُلين، فقالوا: العَهْدَ الَّذي جعَلْتَ لنا، فدفَعَه إلى الرَّجلين، فخرَجا به حتَّى بلَغ به ذا الحُليفَةِ، فنَزَلوا يَأكُلون مِن ثمَرٍ لهم، فقال أبو بَصيرٍ لأحَدِ الرَّجلين: واللهِ إنِّي لأرَى سيفَك جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ فاستلَّه الآخَرُ فقال: أجَل واللهِ إنَّه لجيِّدٌ، لقد جرَّبتُ به ثمَّ جرَّبتُ، فقال أبو بَصيرٍ: أرِني أنظُرْ إليه، فأمكنَه منه، فضرَبه حتَّى بَرَد ، وفَرَّ الآخَرُ حتَّى بلَغ المدينَةَ، فدخَل المسجِدَ يَعدو، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حين رآه: لقد رأَى هذا ذُعرًا ، فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحِبي، وإنِّي لَمقتولٌ، قال: فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ، قد واللهِ أوفَى اللهُ ذِمَّتَك ، قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ويْلُ أمِّه مِسْعَرَ حرْبٍ لو كان له أحَدٌ، فلمَّا سَمِع ذلك عرَف أنَّه سيَرُدُّه إليهم، فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البَحرِ ، ويتفلَّتُ مِنهم أبو جَنْدلِ بنُ سُهيلٍ، فلَحِق بأبي بَصيرٍ، فلا يَخرُجُ مِن قُريشٍ رجلٌ قد أسلَم إلَّا لَحِق بأبي بَصيرٍ، حتَّى اجتمَعَتْ منهم عِصابةٌ، قال: فواللهِ لا يَسمَعون بِعِيرٍ لقُريشٍ خرَجَتْ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقَتَلوهم وأخَذوا أموالَهم، فأرسَلَتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَما أرسَل إليهم مَن أتاه مِنهم، فهو آمِنٌ، فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إليهم، فأَنزَل اللهُ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ}، حتَّى بلَغ: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وكانت حَميَّتُهم أنَّهم لَم يُقِرُّوا بنَبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، وحالُوا بينَهم وبين البَيتِ.
خلاصة حكم المحدث : [له شواهد]
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 4/99
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار حج - تقليد الهدي وإشعاره حج - مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية جهاد - مشورة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مغازي - صلح الحديبية
| شرح حديث مشابه

26 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

27 - خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَمَنَ الحُدَيبيةِ في بضعَ عَشرةَ مِائةً فذَكَرَ الحَديثَ [يَعني حَديثَ: خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَمانَ الحُدَيبيةِ في بضعِ عَشرةَ مِائةً مِن أصحابِه، حَتَّى إذا كانوا بذي الحُلَيفةِ قَلَّدَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الهَديَ وأشعَرَه، وأحرَمَ بالعُمرةِ، وبَعَثَ بَينَ يَدَيه عَينًا له مِن خُزاعةَ يُخبِرُه عن قُرَيشٍ، وسارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قَريبٍ مِن عُسفانَ، أتاه عَينُه الخُزاعيُّ، فقال: إنِّي قد تَرَكتُ كَعبَ بنَ لُؤَيٍّ وعامِرَ بنَ لُؤَيٍّ قد جَمَعوا لَكَ الأحابِشَ -وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ عنِ ابنِ المُبارَكِ وقال: قد جَمَعوا لَكَ الأحابيشَ- وجَمَعوا لَكَ جُموعًا، وهُم مُقاتِلوكَ وصادُّوكَ عنِ البَيتِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أشيروا عليَّ، أتَرَونَ أن نَميلَ إلى ذَراريِّ هؤلاء الذينَ أعانوهُم فنُصيبَهم، فإن قَعَدوا قَعَدوا مَوتورينَ مَحروبينَ، وإن نَجَوا. وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ: عنِ ابنِ المُبارَكِ: مَحزونينَ، وإن يَحنونَ تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَها اللهُ، أو تَرَونَ أن نَؤُمَّ البَيتَ، فمَن صَدَّنا عنه قاتَلناه، فقال أبو بَكرٍ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، يا نَبيَّ اللهِ، إنَّما جِئنا مُعتَمِرينَ، ولَم نَجِئْ نُقاتِلُ أحَدًا، ولَكِن مَن حالَ بَينَنا وبَينَ البَيتِ قاتَلناه. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فروحوا إذًا. قال الزُّهريُّ: وكان أبو هُرَيرةَ يَقولُ: ما رَأيتُ أحَدًا قَطُّ كان أكثَرَ مَشورةً لأصحابِه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال الزُّهريُّ في حَديثِ المِسوَرِ بنِ مَخرَمةَ، ومَروانَ: فراحوا حَتَّى إذا كانوا ببَعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ خالِدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خَيلٍ لقُرَيشٍ طَليعةٌ، فخُذوا ذاتَ اليَمينِ، فواللهِ ما شَعَرَ بهم خالِدٌ حَتَّى إذا هو بقَترةِ الجَيشِ، فانطَلَقَ يَركُضُ نَذيرًا لقُرَيشٍ، وسارَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ التي يَهبِطُ عليهم مِنها بَرَكَت به راحِلَتُه، وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ، عنِ ابنِ المُبارَكِ: بَرَكَت بها راحِلَتُه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حَلْ حَلْ، فألَحَّت، فقالوا: خَلَأتِ القَصواءُ! خَلَأتِ القَصواءُ! فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما خَلَأتِ القَصواءُ، وما ذاكَ لها بخُلُقٍ، ولَكِن حَبَسَها حابِسُ الفيلِ. ثُمَّ قال: والذي نَفسي بيَدِه، لا يَسألوني خُطَّةً يُعَظِّمونَ فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطَيتُهم إيَّاها. ثُمَّ زَجَرَها، فوثَبَت به، قال: فعَدَلَ عنها حَتَّى نَزَلَ بأقصى الحُدَيبيةِ على ثَمَدٍ قَليلِ الماءِ، إنَّما يَتَبَرَّضُه النَّاسُ تَبَرُّضًا، فلَم يُلبِثْه النَّاسُ أن نَزَحوهُ، فشُكيَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العَطَشُ، فانتَزَعَ سَهمًا مِن كِنانَتِه، ثُمَّ أمَرَهم أن يَجعَلوهُ فيه، قال: فواللهِ ما زالَ يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حَتَّى صَدَروا عنه. قال: فبَينَما هُم كَذلك إذ جاءَ بُدَيلُ بنُ ورقاءَ الخُزاعيُّ في نَفَرٍ مِن قَومِه، وكانوا عَيبةَ نُصحٍ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ، وقال: إنِّي تَرَكتُ كَعبَ بنَ لُؤَيٍّ وعامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلوا أعدادَ مياهِ الحُدَيبيةِ، مَعَهمُ العوذُ المَطافيلُ، وهُم مُقاتِلوكَ وصادُّوكَ عنِ البَيتِ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نَجِئْ لقِتالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئنا مُعتَمِرينَ، وإنَّ قُرَيشًا قد نَهَكَتهمُ الحَربُ، فأضَرَّت بهم، فإن شاؤوا مادَدتُهم مُدَّةً ويُخَلُّوا بَيني وبَينَ النَّاسِ، فإن أظهَرْ فإن شاؤوا أن يَدخُلوا فيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فعَلوا، وإلَّا فقد جَمُّوا، وإن هُم أبَوا فوالذي نَفسي بيَدِه لَأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حَتَّى تَنفَرِدَ سالِفَتي أو لَيُنفِذَنَّ اللهُ أمرَه. قال يَحيى، عنِ ابنِ المُبارَكِ: حَتَّى تَنفَرِدَ، قال: فإن شاؤوا مادَدناهُم مُدَّةً. قال بُدَيلٌ: سَأُبَلِّغُهم ما تَقولُ. فانطَلَقَ حَتَّى أتى قُرَيشًا فقال: إنَّا قد جِئناكُم مِن عِندِ هذا الرَّجُلِ، وسَمِعناه يَقولُ قَولًا، فإن شِئتُم نَعرِضْه عليكُم. فقال سُفَهاؤُهم: لا حاجةَ لَنا في أن تُحَدِّثَنا عنه بشَيءٍ، وقال ذو الرَّأيِ مِنهم: هاتِ ما سَمِعتَه يَقولُ. قال: قد سَمِعتُه يَقولُ كَذا وكَذا، فحَدَّثَهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقامَ عُروةُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفيُّ، فقال: أيْ قَومِ، ألَستُم بالوالِدِ؟ قالوا: بَلى. قال: أولَستُ بالولَدِ؟ قالوا: بَلى. قال: فهَل تَتَّهِموني؟ قالوا: لا. قال: ألَستُم تَعلَمونَ أنِّي استَنفَرتُ أهلَ عُكاظَ، فلَمَّا بَلَّحوا عليَّ جِئتُكُم بأهلي ومَن أطاعَني؟ قالوا: بَلى، فقال: إنَّ هذا قد عَرَضَ عليكُم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها، ودَعوني آتِه. فقالوا: ائتِه، فأتاه، قال: فجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له نَحوًا مِن قَولِه لبُدَيلٍ، فقال عُروةُ عِندَ ذلك: أي مُحَمَّدُ، أرَأيتَ إنِ استَأصَلتَ قَومَكَ، هَل سَمِعتَ بأحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجتاحَ أصلَه قَبلَكَ؟ وإن تَكُنِ الأُخرى، فواللهِ إنِّي لَأرى وُجوهًا، وأرى أوباشًا مِنَ النَّاسِ خَليقًا أن يَفِرُّوا ويَدَعوكَ. فقال له أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ تَعالى عنه: امصُصْ بَظرَ اللَّاتِ، نَحنُ نَفِرُّ عنه ونَدَعُه؟ فقال: مَن ذا؟ قالوا: أبو بَكرٍ. قال: أما والذي نَفسي بيَدِه لَولا يَدٌ كانَت لَكَ عِندي لم أَجِزكَ بها لَأجَبتُكَ. وجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكُلَّما كَلَّمَه أخَذَ بلِحيَتِه، والمُغيرةُ بنُ شُعبةَ قائِمٌ على رَأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَعَه السَّيفُ وعليه المِغفَرُ، وكُلَّما أهوى عُروةُ بيَدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضَرَبَ يَدَه بنَصلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يَدَكَ عن لحيةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرَفَعَ عُروةُ رَأسَه، فقال: مَن هذا؟ قالوا: المُغيرةُ بنُ شُعبةَ. قال: أي غُدَرُ، أولَستُ أسعى في غَدرَتِكَ. وكان المُغيرةُ صَحِبَ قَومًا في الجاهِليَّةِ فقَتَلَهم، وأخَذَ أموالَهم، ثُمَّ جاءَ فأسلَمَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ، وأمَّا المالُ فلَستُ مِنه في شَيءٍ. ثُمَّ إنَّ عُروةَ جَعَلَ يَرمُقُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَينِه، قال: فواللهِ ما تَنَخَّمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعَت في كَفِّ رَجُلٍ مِنهم، فدَلَكَ بها وجهَه وجِلدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدَروا أمرَه، وإذا تَوضَّأ كادوا يَقتَتِلونَ على وَضوئِه، وإذا تَكَلَّموا خَفَضوا أصواتَهم عِندَه، وما يُحِدُّونَ إليه النَّظَرَ تَعظيمًا له. فرَجَعَ إلى أصحابِه، فقال: أيْ قَومِ، واللهِ لَقد وفَدتُ على المُلوكِ، ووفَدتُ على قَيصَرَ وكِسرى والنَّجاشيِّ، واللهِ إن رَأيتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُه أصحابُه ما يُعَظِّمُ أصحابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واللهِ إن يَتَنَخَّمْ نُخامةً إلَّا وقَعَت في كَفِّ رَجُلٍ مِنهم، فدَلَكَ بها وجهَه وجِلدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدَروا أمرَه، وإذا تَوضَّأ كادوا يَقتَتِلونَ على وَضوئِه، وإذا تَكَلَّموا خَفَضوا أصواتَهم عِندَه، وما يُحِدُّونَ إليه النَّظَرَ تَعظيمًا له، وإنَّه قد عَرَضَ عليكُم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها. فقال رَجُلٌ مِن بَني كِنانةَ: دَعوني آتِه، فقالوا: ائتِه. فلَمَّا أشرَفَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فُلانٌ، وهو مِن قَومٍ يُعَظِّمونَ البُدنَ، فابعَثوها له. فبُعِثَت له، واستَقبَلَه القَومُ يُلَبُّونَ، فلَمَّا رَأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ، ما يَنبَغي لهؤلاء أن يُصَدُّوا عنِ البَيتِ. قال: فلَمَّا رَجَعَ إلى أصحابِه، قال: رَأيتُ البُدنَ قد قُلِّدَت وأُشعِرَت، فلَم أرَ أن يُصَدُّوا عنِ البَيتِ. فقامَ رَجُلٌ مِنهم يُقالُ له مِكرَزُ بنُ حَفصٍ، فقال: دَعوني آتِه. فقالوا: ائتِه. فلَمَّا أشرَفَ عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا مِكرَزٌ، وهو رَجُلٌ فاجِرٌ. فجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبَينا هو يُكَلِّمُه إذ جاءَه سُهَيلُ بنُ عَمرٍو. قال مَعمَرٌ: وأخبَرَني أيُّوبُ، عن عِكرِمةَ، أنَّه لَمَّا جاءَ سُهَيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سَهُلَ مِن أمرِكُم، قال الزُّهريُّ في حَديثِه: فجاءَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو، فقال: هاتِ اكتُبْ بَينَنا وبَينَكُم كِتابًا. فدَعا الكاتِبَ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اكتُبْ بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ، فقال سُهَيلٌ: أمَّا الرَّحمَنُ، فواللهِ ما أدري ما هو -وقال ابنُ المُبارَكِ: ما هو- ولَكِنِ اكتُبْ: باسمِكَ اللهُمَّ كما كُنتَ تَكتُبُ. فقال المُسلِمونَ: واللهِ ما نَكتُبُها إلَّا بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اكتُب باسمِكَ اللهُمَّ، ثُمَّ قال: هذا ما قاضى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ، فقال سُهَيلٌ: واللهِ لَو كُنَّا نَعلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللهِ ما صَدَدناكَ عنِ البَيتِ ولا قاتَلناكَ، ولَكِنِ اكتُب: مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: واللهِ إنِّي لَرَسولُ اللهِ وإن كَذَّبتُموني، اكتُبْ: مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ. قال الزُّهريُّ: وذلك لقَولِه: لا يَسألوني خُطَّةً يُعَظِّمونَ فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطَيتُهم إيَّاها. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على أن تُخَلُّوا بَينَنا وبَينَ البَيتِ فنَطوفَ به، فقال سُهَيلٌ: واللهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً، ولَكِن لَكَ مِنَ العامِ المُقبِلِ. فكَتَبَ، فقال سُهَيلٌ: على أنَّه لا يَأتيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وإن كان على دينِكَ، إلَّا رَدَدتَه إلينا. فقال المُسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ، كَيفَ يُرَدُّ إلى المُشرِكينَ وقد جاءَ مُسلِمًا؟ فبَينا هُم كَذلك إذ جاءَ أبو جَندَلِ بنُ سُهَيلِ بنِ عَمرٍو يَرسُفُ -وقال يَحيى عنِ ابنِ المُبارَكِ: يَرصُفُ- في قُيودِه، وقد خَرَجَ مِن أسفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمى بنَفسِه بَينَ أظهُرِ المُسلِمينَ. فقال سُهَيلٌ: هذا يا مُحَمَّدُ أوَّلُ ما أُقاضيكَ عليه أن تَرُدَّه إليَّ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نَقضِ الكِتابَ بَعدُ، قال: فواللهِ إذًا لا نُصالِحُكَ على شَيءٍ أبَدًا. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فأجِزْه لي، قال: ما أنا بمُجيزِه لَكَ. قال: بَلى، فافعَلْ، قال: ما أنا بفاعِلٍ. قال مِكرَزٌ: بَلى قد أجَزناه لَكَ. فقال أبو جَندَلٍ: أي مَعاشِرَ المُسلِمينَ، أُرَدُّ إلى المُشرِكينَ وقد جِئتُ مُسلِمًا، ألا تَرَونَ ما قد لَقِيتُ؟ وكان قد عُذِّبَ عَذابًا شَديدًا في اللهِ. فقال عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: فأتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلتُ: ألَستَ نَبيَّ اللهِ؟ قال: بَلى، قُلتُ: ألَسنا على الحَقِّ وعَدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بَلى، قال: قُلتُ: فلمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دينِنا إذًا؟ قال: إنِّي رَسولُ اللهِ، ولَستُ أعصيه، وهو ناصِري. قُلتُ: أولَستَ كُنتَ تُحَدِّثُنا أنَّا سَنَأتي البَيتَ فنطوفُ به؟ قال: بَلى، قال: أفَأخبَرتُكَ أنَّكَ تَأتيه العامَ؟ قُلتُ: لا. قال: فإنَّكَ آتيه ومُتَطَوِّفٌ به، قال: فأتَيتُ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقُلتُ: يا أبا بَكرٍ، أليس هذا نَبيَّ اللهِ حَقًّا؟ قال: بَلى. قُلتُ: ألَسنا على الحَقِّ وعَدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بَلى. قُلتُ: فلمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دينِنا إذًا؟ قال: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه رَسولُ اللهِ، ولَن يَعصيَ رَبَّه عَزَّ وجَلَّ، وهو ناصِرُه، فاستَمسِكْ بغَرزِه -وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ: تَطَوَّفْ بغَرزِه حَتَّى تَموتَ، فواللهِ إنَّه لَعَلى الحَقِّ- قُلتُ: أوليس كان يُحَدِّثُنا أنَّا سَنَأتي البَيتَ ونُطوِّفُ به؟ قال: بَلى. قال: أفَأخبَرَكَ أنَّه يَأتيه العامَ؟ قُلتُ: لا. قال: فإنَّكَ آتيه ومُتَطَوِّفٌ به. قال الزُّهريُّ: قال عُمَرُ: فعَمِلتُ لذلك أعمالًا. قال: فلَمَّا فرَغَ مِن قَضيَّةِ الكِتابِ، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِه: قوموا فانحَروا ثُمَّ احلِقوا، قال: فواللهِ ما قامَ مِنهم رَجُلٌ، حَتَّى قال ذلك ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فلَمَّا لم يَقُمْ مِنهم أحَدٌ قامَ فدَخَلَ على أُمِّ سَلَمةَ، فذَكَرَ لها ما لَقيَ مِنَ النَّاسِ، فقالت أُمُّ سَلَمةَ: يا رَسولَ اللهِ، أتُحِبُّ ذلك؟ اخرُجْ، ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا مِنهم كَلِمةً حَتَّى تَنحَرَ بُدْنَكَ، وتَدعوَ حالِقَكَ فيَحلِقَكَ. فقامَ فخَرَجَ، فلَم يُكَلِّمْ أحَدًا مِنهم حَتَّى فعَلَ ذلك: نَحَرَ هَديَه، ودَعا حالِقَه. فلَمَّا رَأوا ذلك قاموا فنَحَروا، وجَعَلَ بَعضُهم يَحلِقُ بَعضًا حَتَّى كادَ بَعضُهم يَقتُلُ بَعضًا غَمًّا. ثُمَّ جاءَه نِسوةٌ مُؤمِناتٌ، فأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {يا أيُّها الذينَ آمَنوا إذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ} [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ {بعِصَمِ الكَوافِرِ} [الممتحنة: 10]، قال: فطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئِذٍ امرَأتَينِ كانَتا له في الشِّركِ، فتَزَوَّجَ إحداهُما مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ، والأُخرى صَفوانُ بنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ إلى المَدينة فجاءَه أبو بَصيرٍ -رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ- وهو مُسلِمٌ، وقال يَحيى، عنِ ابنِ المُبارَكِ: فقدِمَ عليه أبو بَصيرِ بنُ أُسَيدٍ الثَّقَفيُّ مُسلِمًا مُهاجِرًا، فاستَأجَرَ الأخنَسُ بنُ شُرَيقٍ رَجُلًا كافِرًا مِن بَني عامِرِ بنِ لُؤَيٍّ ومَولًى مَعَه، وكَتَبَ مَعَهما إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسألُه الوفاءَ، فأرسَلوا في طَلَبِه رَجُلَينِ، فقالوا: العَهدُ الذي جَعَلتَ لَنا فيه. فدَفَعَه إلى الرَّجُلَينِ، فخَرَجا به حَتَّى بَلَغا به ذا الحُلَيفةِ، فنَزَلوا يَأكُلونَ مِن تَمرٍ لهم]، ومِن هاهُنا مُلصَقٌ بحَديثِ الزُّهريِّ، عنِ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، قال: وقال أبو بَصيرٍ للعامِريِّ ومَعَه سَيفُه، إنِّي أرى سَيفَكَ هذا يا أخا بَني عامِرٍ جَيِّدًا؟ قال: نَعَم أجَلْ، قال: أرِني أنظُرْ إليه، قال: فأنطاه إيَّاه، فاستَلَّه أبو بَصيرٍ ثُمَّ ضَرَبَ العامِريَّ حَتَّى قَتَلَه، وفَرَّ المَولى يَجمِزُ قِبَلَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدَخَلَ –زَعَموا- على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في المَسجِدِ يَطِنُّ الحَصى مِن شِدَّةِ سَعيِه، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ رَآهُ: لَقد رَأى هذا ذُعرًا، فذَكَرَ نَحوًا مِن حَديثِ عَبدِ الرَّزَّاقِ [فلَمَّا انتَهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِلَ واللهِ صاحِبي، وإنِّي لَمَقتولٌ. فجاءَ أبو بَصيرٍ، فقال: يا نَبيَّ اللهِ، قد واللهِ أوفى اللهُ ذِمَّتَكَ قد رَدَدتَني إليهم، ثُمَّ أنجاني اللهُ مِنهم. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه مِسعَرَ حَربٍ! لَو كان له أحَدٌ. فلَمَّا سَمِعَ ذلك عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّه إليهم، فخَرَجَ حَتَّى أتى سِيفَ البَحرِ، قال: ويَنفَلِتُ أبو جَندَلِ بنُ سُهَيلٍ، فلَحِقَ بأبي بَصيرٍ، فجَعَلَ لا يَخرُجُ مِن قُرَيشٍ رَجُلٌ قد أسلَمَ إلَّا لَحِقَ بأبي بَصيرٍ حَتَّى اجتَمَعَت مِنهم عِصابةٌ، قال: فواللهِ ما يَسمَعونَ بعيرٍ خَرَجَت لقُرَيشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعتَرَضوا لها، فقَتَلوهُم، وأخَذوا أموالَهم]، قال: فلَمَّا رَأى ذلك كُفَّارُ قُرَيشٍ رَكِبَ نَفَرٌ مِنهم إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: إنَّها لا تُغني مُدَّتُكَ شَيئًا، ونَحنُ نُقتَلُ وتُنهَبُ أموالُنا، وإنَّا نَسألُكَ أن تُدخِلَ هؤلاء الذينَ أسلَموا مِنَّا في صُلحِكَ، وتَمنَعَهم وتَحجُزَ عنَّا قِتالَهم، ففَعَلَ ذلك رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وهو الذي كَفَّ أيديَهم عنكُم وأيديَكُم عنهم} [الفتح: 24]، فقَرَأ حَتَّى بَلَغَ {حَميَّةَ الجاهِليَّةِ} [الفتح: 26]
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 18929 التخريج : -