الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

181 - يَمكُثُ أبَوا الدَّجَّالِ ثَلاثينَ عامًا لا يُولَدُ لهما، ثم يُولَدُ لهما غُلامٌ أعوَرُ، أضَرُّ شَيءٍ وأقَلُّهُ نَفْعًا، تَنامُ عَيناهُ، ولا يَنامُ قَلبُهُ، ثم نعَتَ أبَويْهِ؛ فقالَ: أبوهُ رَجُلٌ طُوالٌ ، مُضطَربُ اللَّحمِ، طَويلُ الأنفِ، كأنَّ أنفَهُ مِنقارٌ، وأُمُّهُ امرَأةٌ فِرضاخيَّةٌ ، عَظيمةُ الثَّديَيْنِ. قالَ: فبَلَغَنا أنَّ مَولودًا مِنَ اليَهودِ وُلِدَ بالمَدينةِ، قالَ: فانطلَقتُ أنا والزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ حتى دخَلْنا على أبَوَيْهِ، فرَأينا فيهما نَعتَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، وإذا هو مُنجَدِلٌ في الشَّمسِ في قَطيفةٍ، له هَمهَمَةٌ ، فسَأَلْنا أبَوَيْهِ، فقالا: مكَثْنا ثَلاثينَ عامًا لا يُولَدُ لنا، ثم وُلِدَ لنا غُلامٌ أعوَرُ، أضَرُّ شَيءٍ وأقَلُّهُ نَفْعًا، فلمَّا خرَجْنا، مَرَرْنا به، فقالَ: ما كُنتما فيه؟ قُلنا: وسَمِعتَ؟ قالَ: نَعَمْ؛ إنَّهُ تَنامُ عَينايَ، ولا يَنامُ قَلبي، فإذا هو ابنُ صَيَّادٍ.

182 - عن عمرَ، أنَّه كان له ابنان يُقالُ لأحدِهما عبدُ اللهِ وللآخرِ عبيدُ اللهِ، وكان يُكنَى أبا شحمةَ، وكان أبو شحمةَ أشبهَ النَّاسِ برسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تلاوةً للقرآنِ، وأنَّه مرِض مرضًا، فجعل أمَّهاتُ المؤمنين يعُدْنه، فبينما هنَّ في عيادتِه قُلن لعمرَ : لو نذرتَ على ولدِك كما نذر عليُّ بنُ أبي طالبٍ على [ ولدَيْه ] الحسنِ والحسينِ فألبسهما اللهُ العافيةَ ؟ فقال عمرُ : عليَّ نذرٌ واجبٌ لئن ألبس اللهُ عزَّ وجلَّ ابني العافيةَ أن أصومَ ثلاثةَ أيَّامٍ، وقالت والدتُه مثلَ ذلك. فلمَّا أن قام من مرضِه أضافته نُسَيكةُ اليهوديَّةُ فأتَوْه بنبيذِ التَّمرِ فشرِب منه، فلمَّا طابت نفسُه خرج يريدُ منزلَه فدخل حائطًا لبني النَّجَّارِ، فإذا هو بامرأةٍ راقدةٍ فكايَدها وجامَعها، فلمَّا قام [ عنها ] شتمته وخرَّقت عليه ثيابَه وانصرفت إلى منزلِها
خلاصة حكم المحدث : موضوع
الراوي : صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي | المحدث : ابن الجوزي | المصدر : الموضوعات لابن الجوزي
الصفحة أو الرقم : 3/613
التصنيف الموضوعي: أشربة - النبيذ مريض - عيادة النساء نذور - النذر في الطاعة طب - بعض الأطعمة والأشربة النافعة في التداوي طهارة - النبيذ
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

183 - ُ عن أبي هريرةَ أو غيره شكّ أبو جعفرُ في قولِ اللهِ عز وجل : { سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } قال : جاءَ جبريلُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعهُ ميكائيلُ، فقال جبريلُ لميكائيلَ : ائتنِي بطستٍ من ماءِ زمزمَ، كيْما أُطهرَ قلبهُ وأشرحَ له صدرهُ، قال : فشقَّ عنه بطنهُ، فغسلهُ ثلاثَ مراتٍ. واختلفَ إليهِ ميكائيلُ بثلاثِ طساسٍ من ماءِ زمزمَ فشرحَ صدرهَ ونزعَ ما كان فيهِ من غِلٍّ، وملأه حلما وعلما، وإيمانا ويقينا وإسلاما، وختمَ بين كتفيهِ بخاتمِ النبوةِ ثم أتاهُ بفرسٍ فحُمِلَ عليهِ، كلُّ خطوةٍ منهُ مُنتهى بصرهِ أو أَقصَى بصرهِ قال : فسارَ وسارَ معهُ جبريلُ عليهما السلام، قال : فأَتى على قومٍ يزرعونَ في يومٍ ويحصدونَ في يومٍ، كلما حصدوا عادَ كما كانَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريلُ، ما هذا ؟ قال : هؤلاءِ المُجاهدونَ في سبيلِ اللهِ، تُضاعفُ لهُم الحسنةُ بسبعمائةِ ضعفٍ، وما أنفقوا من شيء فهو يُخْلِفُه، وهو خيرُ الرازِقينَ ثم أتَى على قومٍ ترضخُ رؤوسهُم بالصخرِ، كلما رضختْ عادتْ كما كانتْ، ولا يُفتّرُ عنهم من ذلكَ شيء فقال : ما هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذينَ تتثاقلُ رؤوسهُم عن الصلاةِ المكتوبة ِ. ثم أَتَى على قومٍ على أقبالهٍم رِقاعٌ وعلى أدبارهِم رِقاعٌ، يسرحُونَ كما تسرحُ الإبلُ والنعم، ويأكلونَ الضريعَ والزقومَ ورضفَ جهنمَ وحجارتُها، قال : ما هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذين لا يؤدُّونَ صدقاتِ أموالهِم، وما ظلمهُم اللهُ شيئا، وما الله بظلّامٍ للعبِيدِ. ثم أَتى على قَوْمٍ بينَ أيديهم لحمٌ نضيجٌ في قدرٍ، ولحمٌ آخرُ نيىء في قدرٍ خبيثٍ، فجعلوا يأكلونَ من النيّىءِ الخبيثِ ويدعونَ النضيجَ الطيبَ، فقال : ما هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ فقال : هذا الرجلُ من أمتكَ، تكونُ عندهُ المرأَةُ الحلال الطيبُ، فيأتي امرأةً خبيثةً فيبيتُ عندها حتى يصبِحَ، والمرأَةُ تقومُ من عندِ زوجها حلالا طيّبا، فتأتِي رجلا خبيثا فتبيتُ معهُ حتى تصبحَ. قال : ثم أتى على خشبةٍ على الطريقِ، لا يمرُّ بها ثوبٌ إلا شقتهُ، ولا شيء إلا خرقتهُ، قال : ما هذا يا جبريلُ ؟ قال : هذا مثل أقوامٍ من أمتكَ، يقعدونَ على الطريقِ يقطعونهُ، ثم تلا : { وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوْعِدُونَ } قال : ثم أتى على رجلٍ قد جمعَ حزمةَ حطبٍ عظيمةٍ لا يستطيعُ حملهُا، وهو يزيدُ عليها، فقال : ما هذا يا جبريلُ ؟ فقال : هذا الرجلُ من أمتكَ يكون عليهِ أماناتُ الناسِ لا يقدرُ على أدائها، وهو يريدُ أن يحملَ عليها. ثم أتى على قومٍ تُقرضُ ألسنتهُم وشفاهُم بمقارِيضَ من حديدٍ، كلما قُرضتْ عادت كما كانتْ، لا يُفتّر عنهم من ذلكَ شيء، قال : ما هؤلاء يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ خطباءُ الفتنةِ. ثم أتى على جحرٍ صغيرٍ يخرجُ منه ثورٌ عظيمٌ، فجعل الثورُ يريدُ أن يرجعَ من حيثُ خرجَ، فلا يستطيعُ، فقال : ما هذا يا جبريلُ ؟ فقال : هذا الرجلُ يتكلّمُ بالكلمةِ العظيمةِ، ثم يندمُ عليها فلا يستطيعُ أن يردها. ثم أتى على وادٍ فوجدَ ريحا طيّبة بارِدةً، وريُْحُ مسكٍ، وسمعَ صوتا، فقال : يا جبريلُ، ما هذه الريحُ الطيبةُ الباردةُ ؟ وما هذا المسكُ ؟ وما هذا الصوتُ ؟ قال : هذا صوتُ الجنةِ، تقول : يا رب، آتنِي ما وعدتَني فقد كثَّرتْ غرفِي، وإستبرقي وحريرِي وسُندسِي، وعبقَريّي ولُؤلؤي ومُرجاني، وفضَّتي وذهبِي، وأكوابي وصحافي، وأباريقي ومراكبي، وعسلي ومائي وخمري ولبني فآتني ما وعدتني. فقال : لكِ كل مسلمٍ ومسلمةٍ، ومؤمنٍ ومؤمنةٍ، ومن أمنَ بي وبرسُلِي وعملَ صالحا ولم يشركْ بي، ولم يتخذْ من دوني أندادا. ومن خشيني فهو آمنٌ، ومن سألني أعطيتُهُ، ومن أقرضَنِي جزيتهُ، ومن توكلَ علي كفيتُهُ، إني أنا اللهُ، لا إله إلا أنا، لا أُخلفُ الميعادَ، وقد أفلحَ المؤمنونَ وتباركَ اللهُ أحسنُ الخالقينَ. قالتْ : قد رضيتُ. قال : ثم أتى على وادٍ فسمعَ صوتا منكرا، ووجدَ ريحا منتنةً ، فقال : ما هذهِ الريحُ يا جبريلُ ؟ وما هذا الصوتِ ؟ فقال : هذا صوتُ جهنمَ، تقول : يا رب، آتني ما وعدتني، فقد كثرتْ سلاسِلِي وأغلالي، وسعيري وحميمي، وضريعي، وغَسّاقي وعذابي، وقد بعدُ قَعْرِي واشتدَّ حَرّي، فآتني كل ما وعدتني. فقال : لكِ كل مشركٍ ومشركةٍ، وكافرٍ وكافرةٍ، وكل خبيثٍ وخبيثةٍ وكل جبّارٍ لا يؤمنُ بيومِ الحسابِ. قالت : قد رضيتُ. قال : ثم سارَ حتى أتى بيتَ المقدسِ، فنزل فربطَ فرسهُ إلى صخرةٍ، ثم دخلَ فصلى مع الملائكةِ، فلما قضيتُ الصلاةَ قالوا : يا جبريلُ، من هذا معكَ ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم. قالوا : أوقدْ أرسلَ محمد ؟ قال : نعم. قالوا : حيّاهُ الله من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيء جاء. قال : ثم لقي أرواحَ الأنبياءِ، فأثنوا على ربهم، فقال إبراهيمُ : الحمدُ للهِ الذي اتخذني خليلا، وأعطاني مُلكا عظيما، وجعلني أمّةً قانتا يُؤْتَمُّ بي، وأنْقَذَنِي من النار، وجعلها عليّ بردا وسلاما. ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربهِ عز وجلَ فقال : الحمدُ للهِ الذي كلمني تكليما، وجعلَ هلاكَ آل فرعونَ ونجاةَ بني إسرائيلَ على يديَّ، وجعلَ من أمتي قوما يهدُونَ بالحقِّ وبه يعدِلونَ. ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربهِ فقال : الحمدُ للهِ الذي جعل لي ملكا عظيما، وعلّمني الزبورَ، وألانَ لي الحديدَ، وسخَّرَ لي الجبالَ يُسبّحنَ والطيرَ، وأعطاني الحكمةَ وفصْلَ الخِطَابِ. ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمدُ للهِ الذي سخّرَ لي الرياحَ، وسخرَ لي الشياطينَ يعملونَ لي ما شئتُ من محاريبَ وتماثيلَ، وجفانٍ كالجوابِ وقدُورٍ راسياتٍ، وعلّمني مَنْطِقَ الطيرِ، وآتاني من كل شيءٍ فضلا، وسخرَ لي جنودَ الشياطينِ والإنسِ والطيرِ، وفضلني على كثيرٍ من عبادهِ المؤمنينَ، وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحدٍ من بعدي، وجعل ملكي ملكا طيبا ليسَ فيه حسابٌ. ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل فقال : الحمدُ للهِ الذي جعلني كلمتهُ، وجعل مثلي مثلُ آدمَ، خلقهَ من ترابٍ ثم قال له : كنْ فيكونَ، وعلمني الكتابَ والحكمةَ والتوراةَ والإنجيلَ، وجعلني أَخلُقُ من الطينِ كهيئةِ الطيرِ فأنفخُ فيهِ فيكون طيرا بإذنِ اللهِ، وجعلني أبْرئُ الأكمهَ والأبرصَ وأحيي الموتَى بإذنهِ، ورفعني وطهرني، وأعاذني وأمي من الشيطانِ الرجيمِ، فلم يكن للشيطانِ علينا سبيلٌ. قال : ثم إنَّ محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فقال : فكلكم أثنى على ربِّهِ، وإنني مثنٍ على ربي فقال : الحمدُ للهِ الذي أرسلني رحمةً للعالمينَ، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وأنزلَ عليّ الفرقانَ فيه بيانٌ لكل شيءٍ، وجعل أمتي خيرَ أمةٍ أخرجتْ للناسِ، وجعل أمتي أمةً وسطا، وجعل أمتي هم الأولينَ وهم الآخرينَ، وشرحَ لي صدري، ووضعَ عني وِزْرِي، ورفعَ لي ذِكْري، وجعلني فاتحا وخاتما. فقال إبراهيم : بهذا فضلكم محمدٌ صلى الله عليه وسلم. قال أبو جعفر الرازي : خاتِمُ النبوة فاتِحُ بالشفاعةِ يومَ القيامةِ. ثم أتي بآنيةٍ ثلاثةٍ مغطاةٌ أفواهها، فأتي بإناءٍ منها فيه ماءٌ فقيل : اشربْ. فشربَ منه يسيرا، ثم دفعَ إليه إناءٌ آخرَ فيه لبنٌ، فقيل له : اشربْ فشربَ منه حتى رُوِيَ. ثم دفعَ إليهِ إناءٍ آخر فيه خمرٌ فقيل له : اشربْ. فقال : لا أُريدُهُ قد رويتُ. فقال له جبريل : أما إنها ستحَرّمُ على أمتكَ، ولو شربتَ منها لم يتبعكَ من أمتك إلا قليلٌ. قال : ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ فاستفتحَ، فقيلَ له : من هذا يا جبريلُ ؟ فقال : محمد. قالوا : أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حيّاهُ اللهُ من أخٍ ومن خَليفَةٍ، فنِعْم الأخُ ونِعَْمَ الخليفةُ، ونعم المجيءُ جاءَ، فدخل فإذا هو برجلٍ تامِّ الخلقِ، لم ينقصْ من خلقهِ شيء كما ينقصْ من خلقِ الناسِ، عن يمينهِ بابٌ يخرجُ منه ريحٌ طيبةٌ، وعن شمالهِ بابٌ يخرجُ منه ريحٌ خبيثةٌ، إذا نظر إلى البابَ الذي عن يمينهِ ضحكَ واستبشرَ، وإذا نظرَ إلى البابِ الذي عن يسارهِ بكى وحزنَ، فقلتُ : يا جبريلُ، من هذا الشيخُ التامُّ الخلقِ الذي لم ينقصْ من خلقهِ شيء ؟ وما هذان البابانِ ؟ فقال : هذا أبوكَ آدمُ، وهذا البابِ الذي عن يمينهِ بابُ الجنةِ، إذا نظرَ إلى من يدخلُ من ذريتهِ ضحك واستبشرَ، والباب الذي عن شمالهِ بابُ جهنمَ، إذا نظرَ إلى من يدخلهُ من ذريتهِ بكى وحزنَ. ثم صعدَ به جبريلُ إلى السماءِ الثانيةِ فاستفتحَ، فقيلَ : من هذا معكَ ؟ فقال : محمدٌ رسولُ اللهِ. قالوا : أو قدْ أرسلَ محمدٌ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فلنعمَ الأخُ ولنعمَ الخليفةُ، ونِعْمَ المجيءُ جاءَ. قال : فدخلَ، فإذا هو بشابينِ فقال : يا جبريلُ، من هذانِ الشابانِ ؟ قال : هذا عيسى بن مريمَ، ويحيى بن زكريا، ابنا الخالةِ عليهما السلامُ. قال : فصعدَ بهِ إلى السماءِ الثالثةِ فاستفتحَ، فقالوا من هذا ؟ قال : جبريلُ. قالوا : ومن معك ؟ قال : محمدٌ. قالوا : أو قدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ. قال : فدخلَ فإذا هو برجلٍ قد فُضِّلَ على الناسِ في الحُسْنِ، كما فضلَ القمرُ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، قال : من هذا يا جبريلُ الذي فُضِّلَ على الناسِ في الحُسْنِ ؟ قال : هذا أخوكَ يُوسُفُ عليهِ السلامُ. قال : ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ الرابعةِ فاستفتحَ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريلُ، قالوا : ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ، قالوا : أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومنْ خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ قال : فدخل، فإذا هو برجلٍ، قال : من هذا يا جبريلُ ؟ قال : هذا إدْريسُ، رفعهُ اللهُ مكانا عليّا. ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ الخامسةِ فاستفتحَ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريلُ. قالوا : ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ، قالوا أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ. ثم دخل فإذا هو برجلٍ جالسٍ وحولهُ قومٌ يقصُ عليهِم، قال : من هذا يا جبريلُ ؟ ومن هؤلاءِ حولهُ ؟ قال : هذا هارُونُ المُحبّبُ في قومهِ، وهؤلاءِ بنو إسرائيلَ. ثم صعدَ به إلى السماءِ السادسةِ فاستَفتحَ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريلُ. قالوا ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ، قالوا : أوقد أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ، فإذا هو برجلٍ جالسٍ، فجاوزهُ فبكى الرجلُ، فقال : يا جبريلُ، من هذا ؟ قال : موسى. قال : فما بالهُ يبْكِي ؟ قال : زعمَ بنو إسرائيلَ أني أكرمُ بني آدمَ على اللهِ عز وجل، وهذا رجلٌ من بني آدمَ قد خلفَنِي في دنيا، وأنا في أخرى، فلو أنه بنفسهِ لم أُبَالِ، ولكن مع كل نبي أمتهِ. قال : ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ السابعةِ فاستفتح، فقيلَ لهُ : من هذا ؟ قال : جبريلُ. قيل : ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ. قالوا : أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ. قال : فدخل، فإذا هو برجلٍ أشْمَطَ جالسٌ عند بابَ الجنةِ على كرسِيّ، وعندهُ قومٌ جلوسٌ بيضُ الوجوهِ أمثالُ القراطيسِ، وقومٌ في ألوانهِم شيء، فقامَ هؤلاءِ الذين في ألوانهِم شيء فدخلوا نهرا فاغْتسلوا فيهِ فخرجوا وقد خَلُصَ من ألوانهِم شيء، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيهِ، فخرجوا وقد خَلُصَ من ألوانهم شيءٌ، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خَلُصَتْ ألوانهم فصارتْ مثل ألوانِ أصحابهم، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم، فقال : يا جبريلُ، من هذا الأشمطُ ؟ ثم من هؤلاءِ البيضُ الوجوهِ ؟ ومن هؤلاءِ الذين في ألوانهم شيء وما هذهِ الأنهارُ التي دخلوا فيها فجاءوا وقد صفتْ ألوانهم ؟ قال : هذا أبوكَ إبراهيمُ، أولُ من شمّطَ على الأرضِ، وأما هؤلاء البيضِ الوجوهِ فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ. وأما هؤلاءِ الذينَ في ألوانهم شيء، فقومٌ خلطوا عملا صالحا وآخرَ سيئا، فتابوا فتابَ اللهٌ عليهم، وأما الأنهارٌ فأولها رحمةُ اللهِ، والثاني نعمةُ اللهِ، والثالثُ سقاهم ربهم شرابا طهورا. قال : ثم انتهى إلى السدرةِ فقيل له : هذهِ السدرةُ ينْتَهِي إليها كلّ أحدٍ خلا من أمتكَ على سنتكَ.. فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهارٌ من ماءٍ غير آسِنٍ ، وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيَّرْ طعمُهُ، وأنهارٌ من خمرٍ لذَّةٍ للشاربينَ، وأنهارٌ من عسلٍ مُصفَّى، وهي شجرةٌ يسيرُ الراكبُ في ظلها سبعينَ عاما لا يقطعها، والورقةُ منها مُغطَّيةٌ للأُمةِ كلها، قال : فغشيها نورُ الخلّاقِ عز وجل، وغشيَتها الملائكةُ أمثالَ الغِرْبانِ حين يقعنَ على الشجرةِ، قال : فكلّمهُ تعالى عند ذلكَ، قالَ له : سلْ، قال : إنكَ اتخذتَ إبراهيمَ خليلا، وأعطيتهُ ملكا عظيما، وكلمتَ موسى تكليما، وأعطيتَ داودَ ملكا عظيما، وألنتَ له الحديدَ، وسخرتَ له الجبالَ، وأعطيتَ سليمانَ ملكا، وسخرتَ له الجنَّ والإنسَ والشياطينَ، وسخرتَ له الرياحَ، وأعطيتهَ ملكا عظيما لا ينبغي لأحدٍ من بعدهِ. وعلمَّتَ عيسى التوراةَ والإنجيلَ، وجعلتهُ يُبرئُ الأكمهَ والأبرصَ ويحيي الموتَى بإذنكَ، وأعذتهُ وأمهُ من الشيطانِ الرجيم، فلم يكنْ للشيطانِ عليهما سبيلٌ. فقال له ربهُ عز وجلَ : وقد اتخذتُكَ خليلا وهو مكتوبٌ في التوراةِ : حبيبُ الرحمنِ وأرسلتكَ إلى الناسِ كافّة بشيرا ونذيرا، وشرحتُ لكَ صدركَ، ووضعتُ عنكَ وزركَ، ورفعتُ لك ذكركَ، فلا أُذْكَر إلا ذُكِرْتَ معي، وجعلتُ أمتكَ خيرُ أمةٍ أخرجتْ للناسِ، وجعلتُ أمتكَ أمةً وسطا، وجعلتُ أمتكَ هم الأولينَ والآخرينَ، وجعلتُ أمتكَ لا تجوزُ لهم خطبةٌ حتى يشهدوا أنكَ عبدي ورسولي، وجعلتُ من أمتكَ أقواما قلوبهُم أناجيلهُم، وجعلتكَ أولَ النبيينَ خلقا وآخرهُم بعثا، وأولهُم يقضى لهُ. وأعطيتكَ سبعا من المثاني لم يعطها نبي قبلكَ، وأعطيتكَ خواتيمَ سورةِ البقرةِ من كنزٍ تحتَ العرشِ لم أعطِها نبيا قبلكَ، وأعطيتكَ الكوثرَ، وأعطيتكَ ثمانيةَ أسهمٍ : الإسلامُ، والهجرةُ، والجهادُ، والصدقةُ، والصلاةُ، وصومُ رمضانَ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهيُ عن المنكرِ. وجعلتكَ فاتحا وخاتما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فضَّلنِي ربي بستٍّ : أعطاني فواتحِ الكلامِ وخواتيمهَ، وجوامعَ الحديثِ، وأرسلني إلى الناسِ كافةً بشيرا ونذيرا. وقذفَ في قلوبِ عدوي الرعبَ من مسيرةِ شهرٍ، وأُحِلّتْ لي الغنائمَ ولم تُحلّ لأحدٍ قبلي، وجُعِلَتْ لي الأرض كلها طهورا ومسجدا. قال : وفرضَ عليهِ خمسينَ صلاةً. فلما رجعَ إلى موسى قال : بمَ أُمِرْتَ يا محمدُ ؟ قال : بخمسينَ صلاةً. قال : ارجعْ إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ فقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شِدّةً، قال : فرجعَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربهِ عز وجل فسألهُ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا. ثم رجعَ إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : بأربعينَ. قال ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأمم ِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً قال : فرجعَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربهِ فسألهُ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا، فرجع إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : أمرتُ بثلاثينَ. فقال له موسى : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً قال : فرجعَ إلى ربهِ فسألهَ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا. فرجعَ إلى موسى فقال. بكم أمرتَ ؟ قال : أمرتُ بعشرينَ. قال : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً. قال : فرجعَ إلى ربهِ فسألهَ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا. فرجعَ إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : أمرتُ بعشرٍ. قال : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً. قال : فرجعَ على حياءٍ إلى ربهِ، فسألهُ التخفيفَ فوضع عنه خمسا. فرجع إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : بخَمْسٍ. فقال : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً، قال : قد رجعتُ إلى ربي حتى استحييْتُ، فما أنا راجعٌ إليهِ. قيل : أما إنكَ كما صبرتَ نفسكَ على خمسِ صلواتٍ، فإنهنّ يُجزينَ عنكَ خمسينَ صلاة، فإن كل حسنةٍ بعشرِ أمثالها، قال : فرضي محمدٌ صلى الله عليه وسلم كل الرضا، قال : وكانَ موسى عليه السلام من أشدهم عليهِ حين مرَّ بهِ، وخيرهِم لهُ حين رجعَ إليهِ

184 - بعَث عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه عُمَيرَ بنَ سَعْدٍ عاملًا على حِمْصَ فمكَث حَولًا لا يأتيه فقال عمرُ لكاتبِه اكتُبْ إلى عُمَيرِ بنِ سَعْدٍ فواللهِ ما أُراه إلَّا خانَنا فإذا جاءك كتابي هذا فأقْبِلْ وأقْبِلْ بما جَبَيتَ مِن فَيءٍ مِنَ المسلمين حينَ تنظُرُ في كتابي هذا فأخَذ عُمَيرٌ جِرابَه فجعَل فيه زادَه وقَصْعَتَه وعلَّق أدواتِه وأخَذ عَنَزَتَه ثمَّ أقبَل يمشي مِن حِمْصَ حتَّى دخَل المدينةَ قال فقدِم وقد شحُب لونُه واغبَرَّ وجهُه وطالت شَعَرتُه فدخَل على عمرَ فقال السَّلامُ عليك يا أميرَ المؤمنين ورحمةُ اللهِ فقال عمرُ ما شأنُك فقال عُمَيرٌ ما ترى مِن شأني ألَسْتَ تَراني صحيحَ البَدَنِ ظاهرَ الدَّمِ معي الدُّنيا أجُرُّها بقرونِها قال وما معك قال فظنَّ عمرُ أنَّه قد جاء بمالٍ فقال معي جِرابي أجعَلُ فيه زادي وقَصْعَتي آكُلُ فيها وأغسِلُ فيها رأسي وثيابي وإداوتي أحمِلُ فيها وَضوئي وشَرابي وعَنَزَتي أتوكَّأُ عليها وأُجاهِدُ بها عدُوِّي إنْ عارضَني فواللهِ ما الدُّنيا إلَّا تَبَعٌ لمَتاعي قال عمرُ فجِئْتَ تمشي قال نعم قال أمَا كان لك أحَدٌ يتبرَّعُ لك بدابَّةٍ تركَبُها قال ما فعَلوا وما سألْتُهم ذلك قال بِئْسَ المسلمون خرَجْتَ مِن عندِهم فقال له عُمَيرٌ اتَّقِ اللهَ يا عمرُ فقد نهاك اللهُ عن الغِيبةِ وقد رأيْتُهم يُصَلُّون صلاةَ الغَداةِ قال فأين ما بعَثْتُك به وأيَّ شيءٍ صنَعْتَ قال وما سُؤْاُلك يا أميرَ المؤمنين فقال عمرُ سبحانَ اللهِ فقال عُمَيرٌ أمَا لو لم أخْشَ أن أغُمَّك ما أخبَرْتُك بعَثْتَني حتَّى أتَيتُ البَلَدَ فجمَعْتُ صُلَحاءَ أهلِها فولَّيْتُهم جِبايةَ فَيئِهم حتَّى إذا جمَعوه وضَعْتُه مَواضِعَه ولو نالَك منه شيءٌ لأتَيْتُك به قال فما جِئْتَنا بشَيءٍ قال لا قال جدِّدوا لعُمَيرٍ عهدًا قال إنَّ ذلك لسيِّئٌ لا عمِلْتُ لك ولا لأحَدٍ بعدَك واللهِ ما سَلِمْتُ بل لم أَسْلَمْ قال قلْتُ لنَصْرانيٍّ أخْزاكَ اللهُ فهذا ما عرَّضْتَني به يا عمرُ وإنَّ أشْقى أيَّامي يومًا خلَفْتُ معك يا عمرُ فاستأذَنَه فأذِنَ له فرجَع إلى منزلِه قال وبينَه وبينَ المدينةِ أميالٌ فقال عمرُ حينَ انصرَف عُمَيرٌ ما أُراه إلَّا قد خانَنا فبعَث رجلًا يُقالُ له الحارثُ فقال انطلِقْ حتَّى تنزِلَ به فإنْ رأيْتَ حالًا شديدةً فادفَعْ هذه المائةَ الدِّنيارِ فانطلَق الحارثُ فإذا بعُمَيرٍ جالسٌ يُفَلِّي قميصَه إلى جَنبِ الحائطِ فسلَّم عليه الرَّجلُ فقال له عُمَيرٌ انزِلْ رحِمَك اللهُ فنزَل ثمَّ سأله فقال له مِن أين جِئْتَ قال مِنَ المدينةِ فقال كيف ترَكْتَ أميرَ المؤمنين قال صالحًا قال كيف ترَكْتَ المسلمين قال صالِحينَ قال أليس يُقيمون الحدودَ قال نعم لقد ضرَب ابنًا له أتى فاحشةً فمات مِن ضَرْبِه فقال عُمَيرٌ اللَّهمَّ أعِزَّ عمرَ فإنِّي لا أعلَمُه إلَّا شديدًا حُبُّه لك قال فنزَل به ثلاثةَ أيَّامٍ وليس لهم إلَّا قُرْصةٌ مِن شعيرٍ كانوا يخُصُّونه بها ويَطْوون حتَّى أتاهم الجَهْدُ فقال له عُمَيرٌ يا هذا إنَّك قد أجَعْتَنا فإن رأيْتَ أن تتحوَّلَ عنَّا فافْعَلْ قال فأخرَج الدَّنانيرَ فوضَعَها إليه فقال بعَث بها إليك أميرُ المؤمنين فاستعِنْ بها فصاح قال لا حاجةَ لي فيها رُدَّها فقالت له امرأتُه إنِ احتَجْتَ إليها وإلَّا فضَعْها مَواضِعَها فقال عُمَيرٌ واللهِ ما لي شيءٌ أجعَلُها فيه فشَقَّتِ امرأتُه أسفلَ دِرْعِها فأعطَتْه خِرقةً فجعَلها فيها ثمَّ خرَج فقسَمها بينَ أبناءِ الشُّهداءِ والفُقراءِ ثمَّ رجَع والرَّسولُ يظُنُّ أنَّه يُعْطيه منها شيئًا فقال له أقْرِئْ أميرَ المؤمنين منِّي السَّلامَ فرجَع الحارثُ إلى عمرَ فقال ما رأيْتَ قال رأيْتُ يا أميرَ المؤمنين حالًا شديدةً قال فما صنَع بالدَّنانيرِ قال لا أدري قال وكتَب إليه عمرُ إذا جاءك كِتابي فلا تضَعْه مِن يدِك حتَّى تُقْبِلَ فأقبَل على عمرَ فدخَل عليه فقال عمرُ ما صنَعْتَ بالدَّنانيرِ قال صنَعْتُ ما صنَعْتُ وما سُؤَالُك عنها قال أتئدُ عليك لَتُخْبِرَنِّي بما صنَعْتَ بها قال قدَّمْتُها لنفسي فقال رحِمَك اللهُ فبلَغ ذلك عمرُ بوَسْقٍ مِن طعامٍ وثَوبين فقال أمَّا الطَّعامُ فلا حاجةَ لي فيه قد ترَكْتُ في المنزلِ صاعَينِ مِن شَعيرٍ إلى أن آكُلَ ذلك قد جاء اللهُ بالرِّزقِ فلم يأخُذِ الطَّعامَ وأمَّا الثَّوبان فقال إنَّ فُلانةً عاريَةٌ فأخَذَهما ورجَع إلى منزلِه فلم يلبَثْ أن هلَك رحِمَه اللهُ فبلَغ ذلك عمرَ فشقَّ عليه وترحَّمَ عليه فخرَج يمشي ومعه المشَّاؤون إلى بقيعِ الغَرْقَدِ فقال لأصحابِه لِيَتَمَنَّ كلُّ رجلٍ منكم أمنيَتَه فقال رجلٌ يا أميرَ المؤمنين ودِدْتُ أنَّ عندي مالًا فأُعْتِقَ لوجهِ اللهِ كذا وكذا وقال آخَرُ ودِدْتُ أنَّ عندي مالًا فأُنفِقَ في سبيلِ اللهِ وقال آخَرُ ودِدْتُ أنَّ عندي قوَّةً فأَمْتَحَ بدَلوٍ ماءَ زَمْزَمَ لحاجِّ بيتِ اللهِ فقال عمرُ ودِدْتُ أنَّ لي رجلًا مِثلَ عُمَيرٍ ودِدْتُ أنَّ لي رجالًا مِثلَ عُمَيرٍ أستعينُ بهم في أعمالِ المسلمين

185 - بَيْنما نحن جُلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذ أتاهُ رجُلٌ مِن بني عامرٍ، وهو سيِّدُ قَومِه وكبيرُهم مِدْرَهُهُمْ، يَتوكَّأُ على عصًا، فقام بيْن يَدَيِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: ونسَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جَدِّه، فقال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إنِّي نُبِّئْتُ أنَّك تَزعُمُ أنَّك رسولُ اللهِ إلى النَّاسِ، أرسلَكَ بما أرسَلَ إبراهيمَ ومُوسى وعيسى وغيرَهم مِن الأنبياءِ، ألَا وإنَّك نَبَوتَ بعظيمٍ، إنَّما كان الأنبياءُ والمُلوكُ في بَيتينِ مِن بني إسرائيلَ: بَيتِ نُبوَّةٍ، وبَيتِ مُلْكٍ، ولا أنت مِن هؤلاء ولا مِن هؤلاءِ، إنَّما أنت مِن العرَبِ ممَّن يَعبُدُ الحِجارةَ والأوثانَ، فما لك والنُّبوَّةَ؟! ولكنْ لكلِّ أمْرٍ حَقيقةٌ، فأْتِني بحقيقةِ قَولِك وبَدْءِ شأْنِك، قال: فأعجَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَسألَتُه، ثمَّ قال: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ للحديثِ الَّذي تَسأَلُ عنه نبَأً ومَجلِسًا، فاجلِسْ، فثَنَى رِجْلَه وبرَكَ كما يَبرُكُ البعيرُ، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ حَقيقةَ قَولي وبُدُوَّ شَأْني دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشْرى أخي عيسى ابنِ مريمَ، وإنِّي كنْتُ بِكْرًا لأُمِّي، وإنَّها حمَلَتْني كأثقَلِ ما تَحمِلُ النِّساءُ حتَّى جعَلَتْ تَشْتكي إلى صَواحبِها ثِقَلَ ما تَجِدُ، وإنَّ أُمِّي رأَتْ في المنامِ أنَّ الَّذي في بَطْنِها نُورٌ، قالت: فجعَلْتُ أتْبَعُ بَصري النُّورَ، فجعَلَ النُّورُ يَسبِقُ بَصَري حتَّى أضاء لي مشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها، ثمَّ إنَّها ولَدَتْني، فلمَّا نشَأْتُ بُغِّضَت إليَّ الأوثانُ ، وبُغِّضَ إليَّ الشِّعرُ، واسْتُرْضِعَ لي في بَني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، فبَينما أنا ذاتَ يومٍ في بَطْنِ وادٍ مع أتْرابٍ لي مِن الصِّبيانِ إذا أنا برَهْطٍ ثلاثٍ، معهم طِسْتٌ مِن ذهَبٍ ملآنَ نُورًا وثَلْجًا، فأخَذوني مِن بيْن أصحابي، وانطلَقَ أصحابي هرَبًا، حتَّى إذا انتَهَوا إلى شَفيرِ الوادي، أقْبَلوا على الرَّهطِ، فقالوا: ما لكمْ ولهذا الغُلامِ؟ إنَّه غُلامٌ ليس مِنَّا، وهو مِن بني سيِّدِ قُريشٍ، وهو مُسْتَرْضعٌ فِينا، غُلامٌ يَتيمٌ، ليس له أبٌ، فماذا يَرُدُّ عليكمْ قَتْلُه؟ ولكنْ إنْ كنتُمْ لا بُدَّ فاعلينَ، فاخْتاروا مِنَّا أيَّنا شِئْتُم، فلْنَأْتِكُم، فاقْتُلونا مكانَه، ودَعُوا هذا الغُلامَ، فلم يُجِيبوهم، فلمَّا رأى الصِّبيانُ أنَّ القومَ لا يُجيبونَهم، انطلَقُوا هرَبًا مُسرعينَ إلى الحيِّ يُؤذِنُوهم لهم ويَسْتصرِخوهم على القومِ، فعَمِدَ إليَّ أحدُهم، فأضْجَعني إلى الأرضِ إضجاعًا لَطيفًا، ثمَّ شَقَّ ما بيْن صَدْري إلى مُنتهى عانَتي، وأنا أنظُرُ لم أجِدْ لذلك مَسًّا، ثمَّ أخرَجَ أحشاءَ بَطْني فغسَلَهُ بذلك الثَّلجِ، فأنهى غَسْلَه، ثمَّ أعادهَا في مكانِها، ثمَّ قام الثَّاني، فقال لصاحبِه: تنَحَّ، ثمَّ أدخَلَ يَدَهُ في جَوفي، فأخرَجَ قَلْبي وأنا أنظُرُ، فصَدَعَهُ، فأخرَجَ منه مُضغةً سَوداءَ رَمى بها، ثمَّ قال بيَدِه يُمنةً مِنْه كأنَّه يَتناوَلُ شيئًا، ثمَّ إذا بالخاتمِ في يَدِه مِن نُورِ النُّبوَّةِ والحِكمةِ، تُخطَفُ أبصارُ النَّاظرينَ دونَه، فختَمَ قَلْبي، فامتلَأَ نُورًا وحِكمةً، ثمَّ أعادَهُ مكانَه، فوجَدْتُ بَرْدَ ذلك الخاتمِ في قَلْبي دَهْرًا، ثمَّ قام الثَّالثُ، فتَنحَّى صاحبُهُ، فأمَرَّ يَدَهُ بيْن ثَدْيِي ومُنْتهى عانَتِي، فالْتأَمَ ذلك الشَّقُّ بإذنِ اللهِ، ثمَّ أخَذَ بِيَدي، فأنْهَضني مِن مكاني إنْهاضًا لطيفًا، ثمَّ قال الأوَّلُ الَّذي شَقَّ بَطْني: زِنُوهُ بعشَرةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بمئةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بألْفٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، قال: دَعُوه؛ فلوْ وَزنْتُموه بأُمَّتِه جميعًا لَرجَحَ بهم، ثمَّ قاموا إليَّ فضَمُّوني إلى صُدورِهم، وقبَّلوا رأْسي وما بيْن عَينيَّ، ثمَّ قالوا: يا حبيبُ، لَمْ تُرَعْ ، إنَّك لو تَدْري ما يُرادُ بك مِن الخيرِ، لَقُرَّتْ عينُك، قال: فبيْنما نحنُ كذلك، إذ أقبَلَ الحيُّ بحَذافيرِهم، وإذا ظِئْري أمامَ الحيِّ تَهتِفُ بأعلى صَوتِها وهي تقولُ: يا ضَعيفاهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ يُقبِّلوني، ويقولون: يا حبَّذا أنت مِن ضَعيفٍ، ثمَّ قالت: يا وحيداهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن وحيدٍ، ما أنت بوحيدٍ؛ إنَّ اللهَ معك وملائكتَه والمُؤمِنينَ مِن أهْلِ الأرضِ، ثمَّ قالت: يا يَتيماهُ، اسْتُضْعِفْتَ مِن بيْن أصحابِك، فقُتِلْتَ لِضَعْفِك، فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم وقَبَّلوا رأْسي، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن يتيمٍ، ما أكرَمَك على اللهِ! لو تَعلَمُ ماذا يُرادُ بك مِن الخيرِ، قال: فوَصَلوا إلى شَفيرِ الوادي، فلمَّا بَصُرَتْ بي ظِئْري، قالت: يا بُنَيَّ، ألَا أراك حيًّا بعْدُ، فجاءت حتَّى أكبَّتْ عليَّ، فضَمَّتني إلى صَدْرِها، فوالَّذي نَفْسي بيَدِهِ، إنِّي لَفِي حِجْرِها قد ضَمَّتني إليها، وإنَّ يَدِي لفي يَدِ بعْضِهم، وظنَنْتُ أنَّ القومَ يُبْصِرُونهم، فإذا هم لا يُبصِرُونهم، فجاء بعْضُ الحيِّ، فقال: هذا الغلامُ أصابَهُ لَمَمٌ ، أو طائفٌ مِن الجِنِّ، فانْطَلِقوا به إلى الكاهِنِ يَنظُرُ إليه ويُداويهِ، فقلْتُ له: ما هذا؟! ليس بي شَيءٌ ممَّا تَذكرونَ، أرى نَفْسي سَليمةً، وفُؤادي صحيحًا، وليس بي قَلَبةٌ، فقال أبي -وهو زَوجُ ظِئْري-: ألَا تَرونَ ابْني كلامُه كلامٌ صحيحٌ، إنِّي لَأرْجو ألَّا يكونَ بابْنِي بأْسٌ، فاتَّفَقَ القومُ على أنْ يَذْهبوا بي إلى الكاهنِ ، فاحْتَملوني حتَّى ذَهَبوا بي إليه، فقَصُّوا عليه قِصَّتي، فقال: اسْكُتوا حتَّى أسمَعَ مِن الغُلامِ؛ فإنَّه أعلَمُ بأمْرِه، فقصَصْتُ عليه أمْري مِن أوَّلِه إلى آخرِهِ، فلمَّا سمِعَ مَقالَتي، ضَمَّني إلى صَدْرِه، ونادى بأعْلى صَوتِه: يا لَلعربِ، اقْتُلوا هذا الغُلامَ واقْتُلوني معه؛ فوَاللَّاتِ والعُزَّى: لئِنْ تَركتُموه، لَيُبدِّلَنَّ دِينَكم، ولَيُسفِّهَنَّ أحلامَكم وأحلامَ آبائِكم، ولَيُخالِفَنَّ أمْرَكم، ولَيأتِيَنَّ بدِينٍ لم تَسْمَعوا بمثْلِه، قال: فانْتَزَعني ظِئْري مِن يَدِه، قال: لَأنتَ أعتَهُ مِنْه وأجَنُّ، ولو علِمْتُ أنَّ هذا يكونُ مِن قولِك، ما أتيتُكَ به، ثمَّ احْتَملوني، ورَدُّوني إلى أهْلي، فأصبَحْتُ مَغمومًا ممَّا فُعِلَ بي، وأصبَحَ أثَرُ الشَّقِّ ما بيْن صَدْري إلى مُنْتهى عانَتِي كأنَّه شِراكٌ، فذلك حقيقةُ قولي وبُدُوُّ شَأْني، فقال العامريُّ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ أمْرَك حَقٌّ، فأَنْبِئني بأشياءَ أسألُكَ عنها، قال: سَلْ عنك -وكان يقولُ للسَّائلينَ قبْلَ ذلك: سَلْ عمَّا بدَا لك، فقال يومئذٍ للعامريِّ: سَلْ عنك؛ فإنَّها لُغةُ بني عامرٍ، فكلَّمَه بمَا يَعرِفُ-، فقال العامريُّ: أخْبِرْني يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ: ماذا يَزيدُ في الشَّرِّ؟ قال: التَّمادي، قال: فهلْ يَنفَعُ البِرُّ بعْدَ الفُجورِ؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ التَّوبةُ تَغسِلُ الحَوبةَ ، وإنَّ الحَسناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، وإذا ذكَرَ العبْدُ ربَّهُ في الرَّخاءِ أعانَهُ عندَ البلاءِ، قال العامريُّ: كيف ذلك يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ذلك بأنَّ اللهَ يقولُ: لا أجمَعُ لِعَبْدي أمْنَينِ، ولا أجمَعُ له خَوفينِ؛ إنْ هو أمِنَني في الدُّنيا أخَفْتُه يومَ أجمَعُ عِبادي في حَظيرةِ القُدسِ، فيَدومُ له أمْنُه، ولا أمْحَقُه فيمَن أمحَقُ، فقال العامريُّ: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إلى ما تَدْعو؟ قال: إلى عِبادةِ اللهِ وحْدَه لا شريكَ له، وأنْ تخلَعَ الأندادَ وتَكفُرَ باللَّاتِ والعُزَّى، وتُقِرَّ بما جاء مِن اللهِ مِن كتابٍ ورسولٍ، وتُصلِّيَ الصَّلواتِ الخمسَ بحَقائقِهنَّ، وتصومَ شَهْرًا مِن السَّنةِ، وتُؤدِّيَ زكاةَ مالِكَ، فيُطهِّرَك اللهُ به، ويَطِيبَ لك مالُكَ، وتُقِرَّ بالبعثِ بعْدَ الموتِ، وبالجنَّةِ والنَّارِ، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، فإنْ أنا فعَلْتُ هذا، فما لي؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: جنَّاتُ عَدْنٍ تَجْري مِن تَحتِها الأنهارُ خالدينَ فيها أبدًا، وذلك جَزاءُ مَن تَزكَّى، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، هلْ مع هذا مِن الدُّنيا شَيءٌ؛ فإنَّه يُعجِبُنا الوطَأةُ في العيشِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ النَّصرُ والتَّمكينُ في البلادِ. قال: فأجاب العامريَّ وأنابَ.

186 - خرج علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحن نتمارى في شيءٍ منَ الدِّينِ فغضب غضبًا شديدًا لم يغضبْ مثلَه ثم انتهرَنا فقال يا أمةَ محمدٍ لا تُهيِّجوا على أنفسِكم وهجَ النارِ ثم قال بهذا أمرتُكم أو ليس عن هذا نهيتُكم أليس قد كان هلك من كان قبلكم بهذا ثم قال ذروا المراءَ لقلةِ خيرِه ذروا المراءَ فإنَّ نفعَه قليلٌ ويُهيِّجُ العداءَ بينَ الإخوانِ ذروا المراءَ فإنَّ المراءَ لا تؤمنُ فتنتُه ذروا المراءَ فإنَّ المراءَ يورثُ الشكَّ ويحبطُ العملَ ذروا المراءَ فإنَّ المؤمنَ لا يُماري ذروا المِراءِ فإنَّ المُماريَ قد تمت خسارتُه ذروا المراءَ فكفاك إثمًا أن لا تزال مُماريًا ذروا المراءَ فإنَّ المُماريَ لا أشفعُ له يومَ القيامةِ ذروا المراءَ فأنا زعيمٌ بثلاثةِ أبياتٍ في الجنةِ في وسَطِها ورياضِها وأعلاها لمن يتركُ المراءَ وهو صادقٌ ذروا المراءَ فإنَّ أولَ ما نهاني عنه ربي عَزَّ وَجَلَّ بعد عبادةِ الأوثانِ وشربِ الخمرِ المراءُ ذروا المراءَ فإنَّ الشيطانَ قد أَيِسَ أن يُعبدَ ولكنه رضيَ منكم بالتَّحريشِ وهو المراءُ في الدِّينِ ذروا المراءَ فإنَّ بني إسرائيلَ افترقوا على إحدى وسبعين فرقةً والنصارى على اثنتين وسبيعن فرقةً وإنَّ أمتي ستفترقُ على ثلاثةٍ وسبعين فرقةً كلِّهم على الضلالةِ إلا السوادَ الأعظمَ قالوا يا رسولَ اللهِ وما السوادُ الأعظمُ قال ما أنا عليه وأصحابي مَنْ لم يمارِ في دينِ اللهِ ولم يكفِّرْ أحدًا من أهلِ التوحيدِ بذنبٍ ثم قال إنَّ الإسلامَ بدأ غريبًا وسيعودُ كما بدأ فطُوبى للغرباءِ قالوا يا رسولَ اللهِ ومَنِ الغرباءُ قال الذين يَصلُحون إذا فسد الناسُ ولا يمارون في دينِ اللهِ ولا يكفِّرون أحدًا مِنْ أهلِ التوحيدِ بذنبٍ
خلاصة حكم المحدث : [فيه] كثير بن مروان وهو صاحب حديث المراء منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به
الراوي : أبو الدرداء وأبو أمامة الباهلي وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع | المحدث : ابن حبان | المصدر : المجروحين
الصفحة أو الرقم : 2/230
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الغربة والغرباء أشراط الساعة - افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة آداب الكلام - المراء والجدال اعتصام بالسنة - السواد الأعظم فتن - من رمى مسلما بكفر
| الصحيح البديل | أحاديث مشابهة

187 - تزوَّجَ رباب بنُ حُذَيْفةَ بنِ سعيدِ بنِ سَهْمٍ أمَّ وائلٍ بنتَ معمرٍ الجمحيَّةَ، فولَدت لَهُ ثلاثةً، فتوُفِّيَت أمُّهم، فورثَها بَنوها، رباعًا وولاءَ مواليها، فَخرجَ بِهِم عَمرُو بنُ العاصِ إلى الشَّامِ، فَماتوا في طاعونِ عَمواسٍ، فورثَهُم عَمرُو، وَكانَ عصبتَهُم، فلمَّا رجعَ عَمرو بنُ العاصِ جاءَ بنو معمرٍ، يخاصمونَهُ في ولاءِ أختِهِم إلى عمرَ، فقالَ عمرُ : أقضي بينَكُم بما سَمِعْتُ من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، سَمِعْتُهُ يقولُ : ما أحرزَ الولَدُ والوالِدُ فَهوَ لعَصبتِهِ، من كانَ قالَ : فقَضى لَنا بِهِ، وَكَتبَ لَنا بِهِ، كتابًا فيهِ شَهادةُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ وزيدِ بنِ ثابتٍ وآخرَ، حتَّى إذا استُخْلِفَ عبدُ الملِكِ بنُ مَروانَ، توُفِّيَ مولًى لَها، وترَكَ ألفَي دينارٍ، فبلغَني أنَّ ذلِكَ القضاءَ قد غُيِّرَ، فخاصَموا إلى هِشامِ بنِ إسماعيلَ، فرفعَنا إلى عبدِ الملِكِ فأتيناهُ بِكِتابِ عمرَ، فقالَ : إن كنتُ لأرى أنَّ هذا مِنَ القضاءِ الَّذي لا يُشَكُّ فيهِ، وما كنتُ أرى أنَّ أمرَ أَهْلِ المدينةِ بلغَ هذا، أن يشُكُّوا في هذا القَضاءِ، فقضى لَنا فيهِ فلم نزَلْ فيهِ بعدُ

188 - يا أبا الحسَنِ ! أفلا أعلِّمُكَ كَلِماتٍ ينفعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ، وينفَعُ بِهِنَّ مَن علَّمتَهُ، ويثبِّتُ ما تعلَّمتَ في صدرِكَ ؟ قالَ: أجَل يا رسولَ اللَّهِ فعلِّمني. قالَ : إذا كانَ ليلةُ الجمعةِ، فإذا استَطعتَ أن تقومَ في ثلثِ اللَّيلِ الآخِرِ فإنَّها ساعةٌ مَشهودةٌ، والدُّعاءُ فيها مُستجابٌ، وقد قالَ أخي يعقوبُ لبَنيهِ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي يقولُ: حتَّى تأتيَ ليلةُ الجمعةِ، فإن لم تَستَطِع فقُم في وسطِها، فإن لم تستطع فقُم في أوَّلِها، فصلِّ أربعَ رَكَعاتٍ، تقرأُ في الرَّكعةِ الأولى بفاتحةِ الكتابِ وسورةِ يس وفي الرَّكعةِ الثَّانيةِ بفاتحةِ الكتابِ وحم الدُّخانِ، وفي الرَّكعةِ الثَّالثةِ بفاتحةِ الكتابِ والم تنزيلُ السَّجدةِ، وفي الرَّكعةِ الرَّابعةِ بفاتحةِ الكتابِ وتبارَكَ المفصَّلِ، فإذا فَرغتَ منَ التَّشَهُّدِ فاحمدِ اللَّهَ، وأحسِن الثَّناءَ علَى اللَّهِ، وصلِّ عليَّ وأحسِن، وعلَى سائرِ النَّبيِّينَ، واستغفِرْ للمؤمنينَ والمُؤْمِناتِ ولإخوانِكَ الَّذينَ سبقوكَ بالإيمانِ، ثمَّ قُل في آخرِ ذلِكَ: اللَّهمَّ ارحَمني بتركِ المعاصي أبدًا ما أبقيتَني، وارحمني أن أتَكَلَّفَ ما لا يَعنيني، وارزُقني حُسنَ النَّظرِ فيما يرضيكَ عنِّي، اللَّهمَّ بديعَ السَّماواتِ والأرضِ ذا الجلالِ والإِكْرامِ والعزَّةِ الَّتي لا تُرامُ، أسألُكَ يا اللَّهُ يا رَحمانُ بجلالِكَ ونورِ وجهِكَ أن تُلْزِمَ قلبي حِفظَ كتابِكَ كما علَّمتَني، وارزُقني أن أتلوَهُ علَى النَّحوِ الَّذي يُرضيكَ عنِّيَ، اللَّهمَّ بديعَ السَّماواتِ والأرضِ ذا الجلالِ والإِكْرامِ والعزَّةِ الَّتي لا ترامُ، أسألُكَ يا اللَّهُ يا رحمانُ بجلالِكَ ونورِ وجهِكَ أن تنوِّرَ بِكِتابِكَ بصري، وأن تُطْلِقَ بهِ لساني، وأن تفرِّجَ بهِ عَن قلبي، وأن تَشرحَ بهِ صدري، وأن تُعمِلَ بهِ بدَني، فإنَّهُ لا يُعينُني علَى الحقِّ غيرُكَ ولا يؤتيهِ إلَّا أنتَ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ العليِّ العظيمِ، يا أبا الحسَنِ فافعل ذلِكَ ثلاثَ جُمَعٍ أو خمس أو سبع تجاب بإذنِ اللَّهِ، والَّذي بَعثَني بالحقِّ ما أخطأَ مؤمنًا قطُّ قالَ عبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ: فواللَّهِ ما لبثَ عليٌّ إلَّا خمسًا أو سبعًا حتَّى جاءَ علَى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في مثلِ ذلِكَ المَجلِسِ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي كنتُ فيما خلا لا آخذُ إلَّا أربعَ آياتٍ أو نحوَهُنَّ، وإذَا قراتهن علَى نفسي تفلَّتنَ وأَنا أتعلَّمُ اليومَ أربعينَ آيةً أو نحوَها، وإذا قرأتُها علَى نَفسي فَكَأنَّما كتابُ اللَّهِ بينَ عينييَّ، ولقد كنتُ أسمَعُ الحديثَ فإذا ردَّدتُهُ تفلَّتَ وأَنا اليومَ أسمعُ الأحاديثَ فإذا تحدَّثتُ بِها لم أخرِم منها حَرفًا، فقالَ لهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عندَ ذلِكَ: مؤمِنٌ وربِّ الكعبةِ يا أبا الحسَنِ.

189 - عنْ عمرَ أنهُ كان لهُ ابنانِ يقال لأحدِهما عبدُ اللهِ والآخرُ عبيدُ اللهِ وكانَ يُكنَّى أبا شحمةَ وكان أبو شحمةَ أشبهَ الناسِ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بتلاوةِ القرآنِ وإنَّهُ مرِضَ مرضًا شديدًا فجعلَ أمهاتِ المؤمنينَ أزواجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يعدْنَهُ فبينا هنَّ في عيادتِهِ قلنَ لعمرَ لوْ نذرتَ على ولدِكَ كما نذرَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ على ولديْهِ الحسنِ والحسينِ فألبسَهُما اللهُ العافيةَ فقال عمرُ عليَّ نذرٌ واجبٌ لئنْ ألبسَ اللهُ عز وجل ابنيَّ العافيةَ أنْ أصومَ ثلاثةَ أيامٍ وقالتْ والدتُهُ مثلَ ذلكَ فلمَّا أنْ قامَ مِنْ مرضِهِ أضافتْهُ مسيكةُ اليهوديةُ فأتوهُ بنبيذِ التمرِ فشربَ مِنهُ فلمَّا طابَتْ نفسُهُ خرجَ يريدُ منزلَهُ فدخلَ حائطًا لبني النجارِ فإذا بامرأةٍ راقدةٍ فكايدَها وجامعَها فلمَّا قامَ عنْهَا شتمتْهُ وفرقَتْ عليهِ ثيابُهُ وانصرفَتْ إلى منزلِها......
خلاصة حكم المحدث : موضوع باطل
الراوي : صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي | المحدث : الجورقاني | المصدر : الأباطيل والمناكير
الصفحة أو الرقم : 2/235
التصنيف الموضوعي: أشربة - النبيذ مريض - عيادة النساء نذور - النذر في الطاعة طب - بعض الأطعمة والأشربة النافعة في التداوي طهارة - النبيذ
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

190 - بينَما نحن عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إِذْ جاءَهُ عليُّ بنُ أبِي طالِبٍ رضِيَ اللهُ عنهُ فقال بِأبِي أنتَ تَفَلَّتَ هذا القُرآنَ من صَدْرِي فمَا أجِدُنِي أقْدِرُ عليه فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يا أبا الحَسَنِ ! أفَلا أُعَلِّمُكَ كلماتٍ يَنفعُكَ اللهُ بِهِنَّ، ويَنفعُ بِهنَّ مَنْ علَّمْتَهُ، ويُثَبِّتُ ما تَعلمْتَهُ في صدْرِكَ ؟. قال أجَلْ يا رسولَ اللهِ ! فعَلِّمْنِي. قال : إذا كان ليلةُ الجمعةِ فإنْ اسْتطعتَ أنْ تقومَ في ثُلُثِ الليلِ الآخِرِ فإنَّها ساعةٌ مَشهودةٌ، والدُّعاءُ فيها مُستجابٌ، وقَدْ قال أخِي يَعقوبُ لِبَنِيهِ : ( سوف أستغفر لكم ربي ) يَقولُ : حتى تأتِيَ ليلةُ الجمعةِ، فإنْ لَمْ تَستطِعْ فقُمْ في وسَطِها، فإنْ لَمْ تَستطِعْ فقُمْ في أوَّلِها، فصَلِّ أربعَ ركعاتٍ، تَقرأُ في الركعةِ الأُولَى بِ ( فاتِحَةِ الكِتابِ ) وسُورةِ ( يس ) وفي الركعةِ الثانيةِ ( بِفاتحةِ الكتابِ ) و ( حم الدُّخان ) وفي الركعةِ الثالِثةِ بِ ( فاتِحةِ الكِتابِ ) و ( الم تَنزيلُ السَّجدة ) وفي الركعةِ الرابعةِ فاتحةُ الكتابِ و ( تَباركَ المفَصَّل )، فإذا فَرَغتَ من التشَهُّدِ فاحْمَدِ اللهَ، وأحْسِنِ الثناءَ على اللهِ، وصلِّ عليَّ وأحْسِنْ، وعلى سائِرِ النَبيَّينَ، واسْتغفِرْ لِلمؤمِنينَ والمؤمِناتِ، ولإِخوانِكَ الذين سَبقُوكَ بِالإيمانِ، ثُمَّ قُلْ في آخِرِ ذلِكَ : اللهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ المعاصِي أبَدًا ما أبْقيتَنِي، وارْحمْنِي أنْ أتَكَلَّفَ ما لا يَعنِينِي، وارْزُقْنِي حُسنَ النَّظرِ فِيما يُرضِيكَ عنِّي، اللهُمَّ بَديعَ السمواتِ والأرضِ ! ذَا الجلالِ والإكرامِ، والعِزَّةِ التي لا تُرامُ، أسألُكَ يا اللهُ يا رَحمنُ بِجلالِكَ ونُورِ وجهِكَ أنْ تُلزِمَ قلْبِي حِفظَ كِتابَكَ كَما علَّمتَنِي، وارْزقُنْيِ أنْ أتْلُوَهُ على النَّحوِ الذي يُرضِيكَ عنِّي، اللهُمَّ بَدِيعَ السمواتِ والأرضِ ! ذَا الجلالِ والإكرامِ، والعِزَّةِ التي لا تُرامُ، أسألُكَ يا اللهُ يا رحمنُ ! بِجلالِكَ ونُورِ وجْهِكَ، أنْ تُنَوِّرَ بِكتابِكَ بَصَرِي، وأنْ تُطلِقَ به لِسانِي، وأنْ تُفَرِّجَ به عن قَلبِي، وأنْ تَشرَحَ به صَدْرِي، وأنْ تَستَعْمِلَ بِه بَدَنِي؛ فإنَّهُ لا يُعينُنِي على الحقِّ غَيرُكَ، ولا يُؤتِينِه إِلَّا أنتَ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بِاللهِ العلِيِّ العظِيمِ. يا أبا الحَسَنِ ! تَفعلُ ذلِكَ ثلاثَ جُمَعٍ، أوْ خَمسًا، أو سَبعًا، ُتجابُ بِإذنِ اللهِ، والَّذِي بَعثَنِي بالحقِّ ما أخطَأَ مُؤمِنًا قَطُّ.. قال ابنُ عباسٍ : فوَاللهِ ما لَبِثَ عليٌّ إلا خمسًا أو سبعًا حتى جاء رسولَ اللهِ في مثلِ ذلِكَ المجلِسِ فقال : يا رسولَ اللهِ ! إنِّي كنتُ فِيما خَلا لا آخُذُ إلا أربَعَ آياتٍ ونَحْوَهُنَّ، فإذا قرأتُهُنَّ على نفْسِي تَفَلَّتْنَ، وأنا أتَعلَّمُ اليومَ أرْبعينَ آيةً ونحوَها فإذا قَرأتُها على نفسِي فكأنَّما كِتابُ اللهِ بين عَيْنِي. ولَقدْ كنتُ أسْمعُ الحدِيثَ فإذا رَدَّدْتُهُ تَفَلَّتَ، وأنا اليومَ أسْمَعُ الأحادِيثَ، فإذا تَحدَّثْتُ بِها لَمْ أخْرِمْ مِنْها حَرْفًا. فقال رسولُ اللهِ عند ذلِكَ : مُؤمِنٌ ورَبِّ الكعبةِ أبا الحَسنِ

191 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتى بفرسٍ يجعَلُ كلَّ خطوٍ منه أقصى بصرِه فسار وسار معه جبريلُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتى على قومٍ يزرَعونَ في يومٍ ويحصُدونَ في يومٍ كلَّما حصَدوا عاد كما كان فقال جبريلُ : مَن هؤلاءِ قال : هؤلاءِ المجاهِدونَ في سبيلِ اللهِ تُضاعَفُ لهم الحسنةُ بسبعِمائةِ ضعفٍ وما أنفَقوا من شيءٍ فهو يُخلِفُه ثُمَّ أتى على قومٍ تُرضَخُ رؤوسُهم بالصَّخرِ كلَّما رُضِخَت عادت كما كانت ولا يفتُرُ عنهم من ذلك شيءٌ قال يا جبريلُ مَن هؤلاءِ ِ قال : أقبالُهم رقاه يسرَحونَ كما تسرَحُ الأنعامُ إلى الضَّريعِ والزَّقُّومِ ورَضْفِ جهنَّمَ قال : ما هؤلاءِ ِ يا جبريلُ قال : هؤلاءِ الَّذين لا يُؤدُّونَ صدقاتِ أموالِهم وما ظلَمهم اللهُ وما اللهُ بظلَّامٍ للعبيدِ ثُمَّ أتى على قومٍ بينَ أيديهم لحمٌ في قدرٍ نضيجٌ ولحمٌ آخرُ نيِّء خبيثٌ فجعَلوا يأكُلونَ الخبيثَ ويَدَعونَ النَّضيجَ الطَّيِّبَ قال : يا جبريل مَن هؤلاءِ ؟ قال الرَّجلُ : الرَّجلُ من أمَّتِك يقومُ من عند امرأتِه حلالًا فيأتي المرأةَ الخبيثةَ فيَبيتُ معها حتَّى يُصبِحَ والمرأةُ تقومُ من عندِ زوجِها حلالاً طيِّبًا فتأتي الرَّجلَ الخبيثَ فتَبيتُ عندَه حتَّى تُصبِحَ ثُمَّ أتى على رجلٍ قد جمَع حزمةً عظيمةً لا يستطيعُ حملَها وهو يُرِيدُ أن يزيدَ عليها فقال : يا جبريلُ مَن هذا ؟ قال : رجلٌ من أمَّتِك عليه أمانةُ النَّاسِ لا يستطيعُ أداءَها وهو يزيدُ عليها ثُمَّ أتى على قومٍ تُقرَضُ شفاهُم ألسنتُهم بمقاريضَ من حديدٍ كلَّما قُرِضَت عادت كما كانت لا يفتُرُ عنهم من ذلك شيءٌ قال : يا جبريلُ ما هؤلاءِ ؟ قال : خطباءُ الفتنةِ ثُمَّ أتى على جُحرٍ صغيرٍ يخرُجُ منه ثورٌ عظيمٌ فيُرِيدُ الثَّورُ أن يدخُلَ من حيث خرَج فلا يستطيعُ فقال : ما هذا يا جبريلُ قال : هذا الرَّجلُ يتكلَّمُ بالكلمةِ العظيمةِ فيندَمُ عليها فيُرِيدُ أن يرُدَّها فلا يستطيعُ ثُمَّ أتى علي وادٍ فوجَد ريحًا طيِّبةً ووجَد ريحَ مسكٍ مع صوتٍ فقال : ما هذا قال : صوتُ الجنَّةِ تقول يا ربِّ إئتِني بأهلي وبما وعَدْتَني فقد كثُر غرسي وحريري وسندسي وإستبرقي وعَبْقَرِي ومرجاني وقصبي وذَهَبي وأكوابي وصِحافي وأباريقي وفواكهي وعسلي وثيابي ولبني وخمري إئتني بما وَعَدْتَني قال : لك كلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ ومؤمنٍ ومؤمنةٍ ومَن آمن بي وبرسلي وعمِل صالحًا ولم يُشرِكْ بي شيئًا ولم يتَّخذْ من دوني أندادًا فهو آمنٌ ومَن سأَلني أعطَيْتُه ومَن أقرَضني جزَيْتُه ومَن توكَّل عليَّ كفَيْتُه إنِّي أنا اللهُ لا إلهَ إلا أنا لا خُلْفَ لميعادي قد أفلَح المؤمِنونَ تبارَك اللهُ أحسنُ الخالِقينَ فقالت : قد رضيتُ ثُمَّ أتى على وادٍ فسمِع صوتًا منكرًا فقال : يا جبريلُ ما هذا الصَّوتُ ؟ قال : هذا صوتُ جهنَّمَ تقولُ يا ربَّ إئتِني بأهلي وبما وعَدْتَني فقد كثُر سلاسلي وأغلالي وسَعيري وحَميمي وغَسَّاقي وغِسْلِيني وقد بعُد قعري واشتدَّ حرِّي ائتِني بما وعَدْتَني قال : لكِ كلُّ مشركٍ ومشركةٍ وخبيثٍ وخبيثةٍ وكلُّ جبَّارٍ لا يُؤمِنُ بيومِ الحسابِ قالت : قد رضيتُ ثُمَّ سار حتَّى أتى ببيت المقدسِ فنزَل فربَط فرسَه إلى صخرةٍ فصلَّى مع الملائكةِ فلَّما قُضِيَتِ الصَّلاةُ قالوا : يا جبريلُ مَن هذا معك ؟ قال : هذا محمَّدٌ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خاتمُ النَّبيِّينَ قالوا : وقد أُرسِل إليه قال : نَعَم قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ وخليفةٍ فنِعْمَ الأخُ ونِعْمَ الخليفةُ ثُمَّ لقوا أرواحَ الأنبياءِ فأثنَوْا على ربِّهم تعالى فقال إبراهيمُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : الحمدُ للهِ الَّذي اتَّخذني خليلًا وأعطاني مُلكًا عظيمًا وجعَلني أمَّةً قانتًا واصطفاني برسالتِه وأنقَذني من النَّارِ وجعَلها عليَّ بردًا وسلامًا ثُمَّ إنَّ موسى عليه السَّلامُ أثنى على ربِّه فقال : الحمدُ للهِ الَّذي كلَّمني تكليمًا واصطفاني وأنزَل على التَّوراةِ وجعَل هلاكَ فرعونَ على يديَّ ونجاةَ بني إسرائيلَ على يديَّ ثُمَّ إنَّ داودَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أثنى على ربِّه فقال : الحمدُ للهِ الَّذي جعَل لي مُلكًا وأنزَل عليَّ الزَّبورَ وألان لي الحديدَ وسخَّر لي الجبالَ يُسبِّحْنَ معي والطَّيرَ وآتاني الحكمةَ وفصلَ الخطابِ ثُمَّ إنَّ سليمانَ عليه السَّلامُ أثنى على ربِّه تبارَك وتعالى فقال : الحمدُ لله الَّذي سخَّر لي الرِّياحَ والجنَّ والإنسَ وسخَّر لي الشياطينَ يعمَلونَ ما شِئْتُ من محاريبَ وتماثيلَ وجِفانٍ كالجوابي وقُدورٍ راسياتٍ وعلَّمني منطقَ الطَّيرِ وأسال لي عينَ القِطْرِ وأعطاني مُلكًا لا ينبَغي لأحدٍ من بعدي ثُمَّ إنَّ عيسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أثنى على ربِّه فقال : الحمدُ للهِ الَّذي علَّمني التَّوراةَ والإنجيلَ وجعَلني أبريء الأكمهَ والأبرصَ وأحي الموتى بإذنِه ورفَعني وطهَّرني من الَّذين كفَروا وأعاذني وأمِّي من الشَّيطانِ الرَّجيمِ ولم يجعَلْ للشَّيطانِ علينا سبيلًا، وأنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أثنى على ربِّه فقال : كلُّكم أثنى على ربِّه وأنا مُثْنٍ على ربِّي الحمدُ للهِ الَّذي أرسَلني رحمةً للعالَمينَ وكافَّةً للنَّاسِ بشيرًا ونذيرًا وأنزل عليَّ القرآنَ فيه تبيانُ كلِّ شيءٍ وجعَل أمَّتي خيرَ أمَّةٍ أُخرِجَت للنَّاسِ وجعَل أمَّتي وسطًا وجعَل أمَّتي هم الأوَّلونَ وهم الآخِرونَ وشرَح لي صدري ووضَع عنِّي وِزْري ورفَع لي ذكري وجعَلني فاتحًا وخاتمًا فقال إبراهيمُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : بهذا فضَلكم محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثُمَّ أتى بآنيةٍ ثلاثةٍ مغطَّاةٍ فدُفِع إليه أناءٌ فيه ماءٌ فقيل له أشرَبْ ثُمَّ دُفِع إليه أناءٌ آخرُ فيه لبنٌ فشرِب حتَّى روَى ثُمَّ دُفِع إليه إناءٌ فيه خمرٌ فقال : قد رويتُ لا أذوقُه فقيل له أصَبْتَ أمَا إنَّها ستُحرَّمُ على أمَّتِك ولو شرِبْتَها لم يتَّبِعْك من أمَّتِك إلَّا قليلٌ ثُمَّ صعِد به إلى السَّماءِ فاستَفْتَح جبريلُ فقيل : مَن هذا ؟ قال : جبريلُ قيل ومَن معك ؟ قال : محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالوا : وقد أُرسِل إليه قال : نَعَم قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ وخليفةٍ فنِعْمَ الأخُ ونِعْمَ الخليفةُ ونِعْمَ المجيءُ جاء فدخَل فإذا بشيخٍ جالسٍ تامِّ الخلقِ لم ينقُصْ من خلقِه شيئًا كما ينقُصُ من خلقِ البشرِ عن يمينِه بابٌ يخرُجُ منه ريحٌ طيِّبةٌ وعن شمالِه بابٌ تخرُجُ منه ريحٌ خبيثةٌ إذا نظَر إلى البابِ الَّذي عن يمينِه ضحِك وإذا نظَر إلى البابِ الَّذي عن يسارِه بكى وحزِن فقال : يا جبريلُ مَن هذا الشَّيخُ وما هذانِ البابانِ ؟ قال : هذا أبوك آدمُ وهذا البابُ عن يمينِه بابُ الجنَّةِ إذا رأى مَن يدخُلُه من ذرِّيَّتِه ضحِك واستَبْشَر وإذا نظَر إلى البابِ عن شمالِه بابِ جهنَّمَ مَن يدخُلُه من ذرِّيَّتِه بكى وحزِن ثُمَّ صعِد إلى السَّماءِ الثَّانيةِ فاستَفْتَح فقال مَن هذا ؟ فقال : جبريلُ قالوا : ومَن معك ؟ قال : محمَّدٌ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالوا وقد أُرسِل إليه قال : نَعَم، قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ وخليفةٍ فنِعْمَ الأخُ ونِعْمَ الخليفةُ ونِعْمَ المجيءُ جاء، فدخَل فإذا هو بشابَّينِ فقال : يا جبريلُ : ما هذان الشابَّانِ ؟ قال : هذا عيسى ويحيى ابنا الخالةِ، ثُمَّ صعِد إلى السَّماءِ الثَّالثةِ فاستَفتَح جبريلُ فقالوا : مَن هذا معك ؟ قال : محمَّدٌ، قالوا : وقد أُرسِل إليه ؟ قال : نَعَم، قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ وخليفةٍ فنِعْمَ الأخُ ونِعْمَ الخليفةُ ونِعْمَ المجيءُ جاء، فدخَل فإذا هو برجلٍ جالسٍ قد فُضِّل على النَّاسِ في الحُسنِ كما فُضِّل القمرُ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، فقال : يا جبريلُ مَن هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسُفُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ صعِد إلى السَّماءِ الرَّابعةِ فاستَفتَح جبريلُ فقالوا : مَن هذا معك ؟ قال : محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا : وقد أُرسِل غليه ؟ قال : نَعَم. قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ وخليفةٍ ونِعْمَ المجيءُ جاء، فدخَل فإذا هو برجلٍ فقال : يا جبريلُ ما هذا الرَّجلُ الجالسُ ؟ قال : هذا أخوك إدريسُ رفَعه اللهُ مكانًا عَلِيًّا، ثُمَّ صعِد به إلى السَّماءِ الخامسةِ فاستَفتَح جبريلُ فقالوا : مَن هذا معك ؟ قال : محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا : وقد أُرسِل إليه ؟ قال : نَعَم، قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ وخليفةٍ فنِعْمَ الأخُ ونِعْمَ الخليفةُ ونِعْمَ المجيءُ جاء، فدخَل فإذا هو برجلٍ جالسٍ يقُصُّ عليهم، قال : يا جبريلُ مَن هذا ؟ ومَن هؤلاءِ الَّذين حولَه ؟ قال : هذا هرونُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المخلَّفُ في قومِه وهؤلاءِ قومُه من بني إسرائيلَ، ثُمَّ صعِد به إلى السَّماءِ السَّادسةِ فاستَفتَح جبريلُ فقالوا : مَن هذا معك ؟ قال : محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا : وقد أُرسِل إليه ؟ قال : نَعَم، قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ فنِعْمَ الأخُ ونِعْمَ الخليفةُ ونِعْمَ المجيءُ جاء، فإذا هو برجلٍ جالسٍ فجاوَزه فبكى الرَّجلُ، فقال : يا جبريلُ مَن هذا ؟ قال : موسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال : ما يُبْكِيه ؟ قال : تزعُمُ بنو إسرائيلَ أنِّي أفضلُ الخلقِ وهذا قد خلَفني فلو أنَّه وحدَه ولكن معه كلُّ أمَّتِه، ثُمَّ صعِد بنا إلى السَّماءِ السَّابعةِ فاستَفتَح جبريلُ فقالوا : مَن معك ؟ قال : محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا : وقد أُرسِل إليه ؟ قال : نَعَمْ، قالوا : حيَّاه اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ فنِعْمَ الأخُ ونِعْمَ الخليفةُ ونِعْمَ المجيءُ جاء، فإذا هو برجلٍ أشمطَ جالسٍ على كرسيٍّ عندَ بابِ الجنَّةِ وعندَه قومٌ جلوسٌ في ألوانِهم شيءٌ، قال عيسى – يَعْني أبا جعفرٍ الرَّازيَّ - : وسمِعْتُه مرَّةً يقولُ : سودُ الوجوهِ، فقام هؤلاءِ الَّذين في ألوانِهم شيءٌ فدخَلوا نهرًا يُقالُ له : نعمةُ اللهِ، فاغتَسَلوا فيه فخرَجوا وقد خلَص من ألوانِهم شيءٌ، فدخَلوا نهرًا آخرَ يُقالُ له رحمةُ اللهِ فاغتَسَلوا فيه فخرَجوا وقد خلَص من ألوانِهم شيءٌ فدخَلوا نهرًا آخرَ فذلك قولُه تعالى {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} فخرَجوا وقد خلَصت ألوانُهم مثلَ ألوانِ أصحابِهم فجلَسوا إلى أصحابِهم، فقال : يا جبريلُ مَن هذا الأشمطُ الجالسُ ومَن هؤلاءِ البِيضُ الوجوهِ ومَن هؤلاءِ الَّذين في ألوانِهم شيءٌ فدخَلوا هذه الأنهارَ فاغتَسَلوا فيها ثُمَّ خرَجوا وقد خلَصت ألوانُهم، قال : هذا أبوك إبراهيمُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوَّلُ مَن شمط على الأرضِ، وهؤلاءِ القومُ البيضُ الوجوهِ قومٌ لم يلبِسوا إيمانَهم بظلمٍ، وهؤلاءِ الَّذين في ألوانِهم شيءٌ قد خلَطوا عملًا صالحًا وآخرَ سيِّئًا تابوا فتاب اللهُ عليهم، ثُمَّ مضى إلى السِّدرةِ فقيل له : هذه السِّدرةُ المنتهى ينتهي كلُّ أحدٍ من أمَّتِك خلا على سبيلِك وهي السِّدرةُ المنتهى يخرُجُ من أصلِها أنهارٌ من ماءٍ غيرِ آسِنٍ وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيَّر طعمُه وأنهارٌ من خمرٍ لذَّةٍ للشَّارِبينَ وأنهارٌ من عسلٍ مصفًّى، وهي شجرةٌ يسيرُ الرَّاكبُ في ظلِّها سبعينَ عامًا، وإنَّ ورقةً منها مُظلَّةٌ الخلقَ فغشِيها نورٌ وغشيها الملائكةُ، قال عيسى : فذلك قولُه {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} فقال تبارَك وتعالى له : سَلْ. فقال : إنَّك اتَّخَذْتَ إبراهيمَ خليلًا وأعطَيْتَه مُلكًا عظيمًا وكلَّمْتَ موسى تكليمًا وأعطَيْتَ داودَ مُلكًا عظيمًا وألَنْتَ له الحديدَ وسخَّرتَ له الجبالَ وأعطَيْتَ سليمانَ مُلكًا عظيمًا وسخَّرْتَ له الجنَّ والإنسَ والشَّياطينَ والرِّياحَ وأعطَيْتَه مُلكًا لا ينبَغي لأحدٍ من بعدِه وعلَّمْتَ عيسى التَّوراةَ والإنجيلَ وجعَلْتَه يُبرِئُ الأكمهَ والأبرصَ وأعَذْتَه وأمَّه من الشَّيطانِ الرَّجيمِ فلم يكُنْ له عليهما سبيلٌ، فقال له ربُّه تبارَك وتعالى : قد اتَّخَذْتُك خليلًا وهو مكتوبٌ في التَّوراةِ محمَّدٌ حبيبُ الرَّحمنِ، وأرسَلْتُك إلى النَّاسِ كافَّةً وجعَلْتُ أمَّتَك هم الأوَّلونَ وهم الآخِرونَ وجعَلْتُ أمَّتَك لا تجوزُ لهم خُطبةٌ حتَّى يشهَدوا أنَّك عبدي ورسولي وجعَلْتُك أوَّلَ النَّبيِّينَ خَلقًا وآخرَهم بعثًا وأعطَيْتُك سبعًا من المثاني ولم أُعطِها نبيًّا قبلَك وأعطَيْتُك خواتيمَ سورةِ البقرةِ من كنزٍ تحتَ العرشِ لم أُعطِها نبيًّا قبلَك وجعَلْتُك فاتحًا وخاتمًا. وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : فضَّلني ربِّي تبارَك وتعالى بستٍّ : قذَف في قلوبِ عدوِّي الرُّعبَ من مسيرةِ شهرٍ، وأُحِلَّت لي الغنائمُ ولم تُحَلَّ لأحدٍ قبلي، وجُعِلَت لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، وأُعطِيتُ فواتحَ الكلامِ وجوامعَه، وعُرِض عليَّ أمَّتي فلم يَخْفَ عليَّ التَّابعُ والمتبوعُ منهم ورأَيْتُهم أتَوْا على قومٍ ينتَعِلونَ الشَّعرَ ورأَيْتُهم أتَوْا على قومٍ عراضِ الوجوهِ صغارِ الأعينِ فعرَفْتُهم ما هم، وأُمِرْتُ بخمسينَ صلاةً. فرجَع إلى موسى فقال له موسى بكم أُمِرْتَ من الصَّلاةِ ؟ قال : بخمسينَ صلاةً، قال : ارجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ فإنَّ أمَّتَك أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدَّةً، فرجَع محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسأَل اللهَ التَّخفيفَ فوضَع عنه عشرًا، فرجَع إلى موسى فقال له : بكم أُمِرْتَ ؟ قال : بأربعينَ صلاةً، قال : ارجِعْ إلى ربِّك فسَلِ التَّخفيفَ لأمَّتِك فإنَّ أمَّتَك أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدَّةً، فرجَع محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسأَله التَّخفيفَ فوضَع عنه عشرًا، فرجَع إلى موسى فقال : بكم أُمِرْتَ ؟ قال : بثلاثينَ، قال : ارجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ عن أمَّتِك فإنَّ أمَّتَك أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدَّةً فرجَع فسأَل ربَّه التَّخفيفَ فوضَع عنه عشرًا فرجَع إلى موسى فقال له : بكم أُمِرْتَ ؟ قال : بعشرينَ. قال : ارجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ عن أمَّتِك فإنَّ أمَّتَك أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدَّةً، فرجَع محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسأَل ربَّه التَّخفيفَ فوضَع عنه عشرًا فرجَع إلى موسى فقال له : بكم أُمِرْتَ ؟ قال : بعشرٍ، قال : ارجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ عن أمَّتِك فإنَّ أمَّتَك أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدَّةً، فرجَع محمَّدٌ فسأَل ربَّه التَّخفيفَ فوضَع عنه خمسًا، فرجَع إلى موسى فقال له : بكم أُمِرْتَ ؟ قال : بخمسٍ، قال : ارجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ فإنَّ أمَّتَك أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدَّةً، قال : قد رجَعْتُ إلى ربِّي حتَّى استحيَيْتُ منه وما أنا براجعٍ إليه، فقيل له : كما صبَرْتَ نفسَك على الخمسِ فإنَّه يُجزِئُ عنك بخمسينَ، يُجزِئُ عنك كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِها. فقال عيسى بلَغني أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : كان موسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشدَّهم عليَّ أولًا وخيرَهم آخرًا
خلاصة حكم المحدث : رجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : 1/72
التصنيف الموضوعي: جنة - صفة الجنة جهاد - الترغيب في الجهاد جهنم - من يدخلها وبمن وكلت صلاة - تارك الصلاة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - الإسراء والمعراج
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

192 - خرَجْنا في حُجَّاجِ قَوْمِنا مِن المشرِكِينَ، وقد صلَّيْنا وفَقِهْنا، ومعنا البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ، كبيرُنا وسيِّدُنا، فلمَّا توجَّهْنا لسفَرِنا وخرَجْنا مِن المدينةِ، قال البَرَاءُ لنا: يا هؤلاء، إنِّي قد رأَيتُ واللهِ رأيًا، وإنِّي واللهِ ما أدري توافِقوني عليه أم لا، قال: قُلْنا له: وما ذاكَ؟ قال: قد رأَيتُ ألَّا أدَعَ هذه البَنِيَّةَ منِّي بظَهْرٍ -يَعنِي الكعبةَ- وأنْ أصلِّيَ إليها، قال: فقُلْنا: واللهِ، ما بلَغَنا أنَّ نبيَّنا يُصلِّي إلَّا إلى الشامِ، وما نُرِيدُ أنْ نخالِفَهُ، فقال: إنِّي أصلِّي إليها، قال: فقُلْنا له: لكنَّا لا نَفعَلُ، فكنَّا إذا حضَرَتِ الصلاةُ، صلَّيْنا إلى الشامِ، وصلَّى إلى الكعبةِ، حتى قَدِمْنا مكَّةَ، قال أخي: وقد كنَّا عِبْنَا عليه ما صنَعَ، وأبَى إلا الإقامةَ عليه، فلمَّا قَدِمْنا مكَّةَ، قال: يا بنَ أخي، انطلِقْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فاسأَلْهُ عمَّا صنَعْتُ في سفَري هذا؛ فإنَّه واللهِ قد وقَعَ في نفسي منه شيءٌ لِمَا رأَيْتُ مِن خلافِكم إيَّايَ فيه، قال: فخرَجْنا نَسألُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكنَّا لا نَعرِفُهُ، لم نرَهُ قبْلَ ذلك، فلَقِيَنا رجُلٌ مِن أهلِ مكَّةَ، فسأَلْناه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: هل تَعرِفانِهِ؟ قال: قُلْنا: لا، قال: فهل تَعرِفانِ العبَّاسَ بنَ عبدِ المطَّلِبِ عمَّهُ؟ قُلْنا: نَعمْ، قال: وكنَّا نَعرِفُ العبَّاسَ، كان لا يَزالُ يَقدَمُ علينا تاجرًا، قال: فإذا دخَلْتُما المسجِدَ، فهو الرَّجُلُ الجالسُ مع العبَّاسِ، قال: فدخَلْنا المسجِدَ، فإذا العبَّاسُ جالسٌ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معه جالسٌ، فسلَّمْنا، ثمَّ جلَسْنا إليه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للعبَّاسِ: هل تَعرِفُ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يا أبا الفضلِ؟ قال: نَعمْ، هذا البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ سيِّدُ قَوْمِهِ، وهذا كعبُ بنُ مالكٍ، قال: فواللهِ، ما أنسَى قولَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الشاعرُ؟ قال: نَعمْ، قال: فقال البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ: يا نبيَّ اللهِ، إنِّي خرَجْتُ في سفَري هذا، وهدَاني اللهُ للإسلامِ، فرأَيْتُ ألَّا أَجعَلَ هذه البَنِيَّةَ منِّي بظَهْرٍ، فصلَّيْتُ إليها، وقد خالَفَني أصحابي في ذلك، حتى وقَعَ في نفسي مِن ذلك شيءٌ، فماذا تَرى يا رسولَ اللهِ؟ قال: لقد كنتَ على قِبْلةٍ لو صبَرْتَ عليها! قال: فرجَعَ البَرَاءُ إلى قِبْلةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فصلَّى معنا إلى الشامِ، قال: وأهلُهُ يَزعُمُون أنَّه صلَّى إلى الكعبةِ حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلَمُ به منهم، قال: وخرَجْنا إلى الحجِّ، فواعَدَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العقَبةَ مِن أوسَطِ أيَّامِ التشريقِ، فلمَّا فرَغْنا مِن الحجِّ، وكانت الليلةُ التي وعَدَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعنا عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ حرامٍ أبو جابرٍ، سيِّدٌ مِن سادتِنا، وكنَّا نَكتُمُ مَن معنا مِن قَوْمِنا مِن المشرِكِينَ أَمْرَنا، فكلَّمْناه، وقُلْنا له: يا أبا جابرٍ، إنَّك سيِّدٌ مِن سادتِنا، وشريفٌ مِن أشرافِنا، وإنَّا نَرغَبُ بك عمَّا أنت فيه؛ أنْ تكونَ حطَبًا للنارِ غدًا، ثمَّ دعَوْتُهُ إلى الإسلامِ، وأخبَرْتُهُ بميعادِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسلَمَ وشَهِدَ معنا العقَبةَ، وكان نَقِيبًا، قال: فنِمْنا تلك الليلةَ مع قَوْمِنا في رِحالِنا، حتى إذا مضَى ثُلُثُ الليلِ، خرَجْنا مِن رِحالِنا لميعادِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، نَتسلَّلُ مُستَخْفِينَ تَسلُّلَ القَطَا، حتى اجتمَعْنا في الشِّعْبِ عند العقَبةِ، ونحن سبعون رجُلًا، ومعنا امرأتانِ مِن نسائِهم: نُسَيبةُ بنتُ كَعْبٍ، أمُّ عُمَارةَ، إحدى نساءِ بني مازنِ بنِ النجَّارِ، وأسماءُ بنتُ عمرِو بنِ عَدِيِّ بنِ ثابتٍ، إحدى نساءِ بني سَلِمةَ، وهي أمُّ مَنِيعٍ، قال: فاجتمَعْنا بالشِّعْبِ نَنتظِرُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتى جاءنا ومعه يومئذٍ عمُّهُ العبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ، وهو يومئذٍ على دِينِ قومِهِ، إلَّا أنَّه أحَبَّ أنْ يَحضُرَ أمرَ ابنِ أخيه، ويَتوثَّقَ له، فلمَّا جلَسْنا، كان العبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ أوَّلَ متكلِّمٍ، فقال: يا مَعشَرَ الخَزْرجِ -قال: وكانت العرَبُ ممَّا يُسَمُّون هذا الحيَّ مِن الأنصارِ الخَزْرجَ؛ أَوْسَها وخَزْرَجَها- إنَّ محمَّدًا منَّا حيث قد عَلِمْتُم، وقد منَعْناه مِن قَوْمِنا ممَّن هو على مِثلِ رَأْيِنا فيه، وهو في عِزٍّ مِن قَوْمِهِ، ومنَعةٍ في بلَدِهِ، قال: فقُلْنا: قد سَمِعْنا ما قلتَ، فتكلَّمْ يا رسولَ اللهِ، فخُذْ لنفسِكَ ولرَبِّكَ ما أحبَبْتَ، قال: فتكلَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتلَا ودعَا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، ورغَّبَ في الإسلامِ، قال: أبايِعُكم على أن تَمنَعوني ممَّا تَمنَعون منه نِساءَكم وأبناءَكم، قال: فأخَذَ البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ بيدِهِ، ثمَّ قال: نَعمْ والذي بعَثَكَ بالحقِّ، لَنَمنَعَنَّكَ ممَّا نَمنَعُ منه أُزُرَنا ، فبايِعْنا يا رسولَ اللهِ؛ فنَحْنُ أهلُ الحروبِ، وأهلُ الحلَقةِ، وَرِثْناها كابرًا عن كابرٍ ، قال: فاعترَضَ القولَ -والبَرَاءُ يُكلِّمُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أبو الهَيْثمِ بنُ التَّيِّهانِ حليفُ بني عبدِ الأشهَلِ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ بَيْننا وبَيْنَ الرِّجالِ حِبالًا، وإنَّا قاطِعُوها -يَعنِي العهودَ- فهل عسَيْتَ إنْ نحن فعَلْنا ذلك، ثمَّ أظهَرَكَ اللهُ أن تَرجِعَ إلى قَوْمِكَ وتدَعَنا؟ قال: فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ قال: بل الدَّمُ الدَّمُ، والهَدْمُ الهَدْمُ، أنا منكم، وأنتم مِنِّي، أُحارِبُ مَن حارَبْتُم، وأُسالِمُ مَن سالَمْتُم، وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخرِجُوا إلَيَّ منكم اثنَيْ عشَرَ نَقِيبًا يكونون على قَوْمِهم، فأخرَجُوا منهم اثنَيْ عشَرَ نَقِيبًا، منهم تِسعةٌ مِن الخَزْرجِ، وثلاثةٌ مِن الأَوْسِ. وأمَّا مَعبَدُ بنُ كَعْبٍ، فحدَّثَني في حديثِهِ، عن أخيه، عن أبيه كَعْبِ بنِ مالكٍ قال: كان أوَّلَ مَن ضرَبَ على يدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ، ثمَّ تتابَعَ القومُ، فلمَّا بايَعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، صرَخَ الشيطانُ مِن رأسِ العقَبةِ بأبعَدِ صوتٍ سَمِعْتُهُ قطُّ: يا أهلَ الجَبَاجِبُ -والجَبَاجِبُ: المَنازِلُ- هل لكم في مُذمَّمٍ والصُّبَاةِ معه؟ قد أجمَعُوا على حَرْبِكم -قال عليٌّ، يَعنِي ابنَ إسحاقَ: ما يقولُ عدوُّ اللهِ: محمَّدٌ- فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا أزَبُّ العقَبةِ ، هذا ابنُ أزيَبَ، اسمَعْ أيْ عدوَّ اللهِ، أمَا واللهِ، لَأفرُغَنَّ لك، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارفَعُوا إلى رِحالِكم، قال: فقال له العبَّاسُ بنُ عُبادةَ بنِ نَضْلةَ: والذي بعَثَكَ بالحقِّ، لئنْ شِئْتَ لَنُمِيلَنَّ على أهلِ مِنًى غدًا بأسيافِنا، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لم أُؤمَرْ بذلك، قال: فرجَعْنا فنِمْنا حتى أصبَحْنا، فلمَّا أصبَحْنا، غدَتْ علينا جِلَّةُ قُرَيشٍ حتى جاؤُونا في مَنازِلِنا، فقالوا: يا مَعشَرَ الخَزْرجِ، إنَّه قد بلَغَنا أنَّكم قد جِئْتُم إلى صاحبِنا هذا تَستخرِجونه مِن بَيْنِ أظهُرِنا، وتبايِعُونه على حَرْبِنا، واللهِ، إنَّه ما مِن العرَبِ أحدٌ أبغَضَ إلينا أنْ تَنشَبَ الحربُ بَيْننا وبَيْنه منكم، قال: فانبعَثَ مَن هنالك مِن مشرِكِي قَوْمِنا، يَحلِفون لهم باللهِ ما كان مِن هذا شيءٌ، وما عَلِمْناه، وقد صدَقُوا؛ لم يَعلَموا ما كان منَّا، قال: فبعضُنا يَنظُرُ إلى بعضٍ، قال: وقام القومُ، وفيهم الحارثُ بنُ هشامِ بنِ المغيرةِ المَخْزوميُّ، وعليه نَعْلانِ جديدانِ، قال: فقلتُ كلمةً كأنِّي أُرِيدُ أن أُشرِكَ القومَ بها فيما قالوا: ما تَستطيعُ يا أبا جابرٍ وأنت سيِّدٌ مِن سادتِنا أنْ تتَّخِذَ نَعْلَيْنِ مِثلَ نَعْلَيْ هذا الفتى مِن قُرَيشٍ، فسَمِعَها الحارثُ، فخلَعَهما، ثمَّ رمَى بهما إلَيَّ، فقال: واللهِ، لَتَنتعِلَنَّهما، قال: يقولُ أبو جابرٍ: أَحْفَظْتَ -واللهِ- الفتَى، فاردُدْ عليه نَعْلَيْهِ، قال: فقلتُ: واللهِ، لا أرُدُّهما، فَأْلٌ واللهِ صالحٌ، واللهِ، لئنْ صدَقَ الفَأْلُ، لَأسلُبَنَّهُ.

193 - ذَروا المِراءَ [يعني حديث: خرج علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحن نتمارى في شيءٍ منَ الدِّينِ فغضب غضبًا شديدًا لم يغضبْ مثلَه ثم انتهرَنا فقال يا أمةَ محمدٍ لا تُهيِّجوا على أنفسِكم وهجَ النارِ ثم قال بهذا أمرتُكم أو ليس عن هذا نهيتُكم أليس قد كان هلك من كان قبلكم بهذا ثم قال ذروا المراءَ لقلةِ خيرِه ذروا المراءَ فإنَّ نفعَه قليلٌ ويُهيِّجُ العداءَ بينَ الإخوانِ ذروا المراءَ فإنَّ المراءَ لا تؤمنُ فتنتُه ذروا المراءَ فإنَّ المراءَ يورثُ الشكَّ ويحبطُ العملَ ذروا المراءَ فإنَّ المؤمنَ لا يُماري ذروا المِراءِ فإنَّ المُماريَ قد تمت خسارتُه ذروا المراءَ فكفاك إثمًا أن لا تزال مُماريًا ذروا المراءَ فإنَّ المُماريَ لا أشفعُ له يومَ القيامةِ ذروا المراءَ فأنا زعيمٌ بثلاثةِ أبياتٍ في الجنةِ في وسَطِها ورياضِها وأعلاها لمن يتركُ المراءَ وهو صادقٌ ذروا المراءَ فإنَّ أولَ ما نهاني عنه ربي عَزَّ وَجَلَّ بعد عبادةِ الأوثانِ وشربِ الخمرِ المراءُ ذروا المراءَ فإنَّ الشيطانَ قد أَيِسَ أن يُعبدَ ولكنه رضيَ منكم بالتَّحريشِ وهو المراءُ في الدِّينِ ذروا المراءَ فإنَّ بني إسرائيلَ افترقوا على إحدى وسبعين فرقةً والنصارى على اثنتين وسبيعن فرقةً وإنَّ أمتي ستفترقُ على ثلاثةٍ وسبعين فرقةً كلِّهم على الضلالةِ إلا السوادَ الأعظمَ قالوا يا رسولَ اللهِ وما السوادُ الأعظمُ قال ما أنا عليه وأصحابي مَنْ لم يمارِ في دينِ اللهِ ولم يكفِّرْ أحدًا من أهلِ التوحيدِ بذنبٍ ثم قال إنَّ الإسلامَ بدأ غريبًا وسيعودُ كما بدأ فطُوبى للغرباءِ قالوا يا رسولَ اللهِ ومَنِ الغرباءُ قال الذين يَصلُحون إذا فسد الناسُ ولا يمارون في دينِ اللهِ ولا يكفِّرون أحدًا مِنْ أهلِ التوحيدِ بذنبٍ]
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : محمد بن محمد الغزي | المصدر : إتقان ما يحسن
الصفحة أو الرقم : 1/272
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - المراء والجدال آداب الكلام - فضول الكلام آداب الكلام - ما يجتنب من الكلام فتن - كراهية الاختلاف
| الصحيح البديل | أحاديث مشابهة |أصول الحديث

194 - سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ وأنا رديفُه ، ونحن نسيرُ إذ رفع بصرَه إلى السَّماءِ فقال : الحمدُ للهِ يقضي في خلقِه ما أحبَّ، يا معاذُ، قلتُ : لبَّيك يا رسولَ اللهِ إمامَ الخيرِ ونبيَّ الرَّحمةِ، قال : أُحدِّثُك حديثًا ما حدَّث به نبيٌّ أمَّتَه إن حفِظتَه نفعك عيْشُك، وإن سمِعتَه ولم تحفظْه انقطعت حُجَّتُك عند اللهِ عزَّ وجلَّ. ثمَّ قال : إنَّ اللهَ تعالَى خلق سبعةَ أملاكٍ قبل أن يخلُقَ السَّماواتِ، لكلِّ سماءٍ ملَكًا بوَّابًا، قد جلَّلها تعظيمًا، وجعل على كلِّ بابِ سماءٍ منهم بوَّابًا، تكتُبُ الحفَظةُ عمَلَ العبدِ، له نورٌ كنورِ الشَّمسِ، حتَّى إذا بلغ سماءَ الدُّنيا فيقولُ الملَكُ البوَّابُ : اضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه، وقُلْ له : لا غفر اللهُ لك، أنا ملَكُ صاحبِ الغِيبةِ، من اغتاب النَّاسَ لم أدَعْ عملَه يتجاوزني إلى غيري قال : ويلعنُه حتَّى يمسيَ ويقولُ : أمرني بذلك ربِّي، قال : ويصعَدُ الملَكُ بالعملِ الصَّالحِ، فيقولُ الملَكُ الَّذي في السَّماءِ الثَّانيةِ : قِفْ واضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه وقُلْ : لا غفر اللهُ لك، إنَّك أردتَ بهذا العملِ عرَضَ الدُّنيا، وأنا ملَكُ صاحبِ عملِ الدُّنيا لا أدَعُ أن يجاوزَني إلى غيري، أمرني بذلك ربِّي، قال ويلعنُه حتَّى يُمسيَ قال : ويصعَدُ الملَكُ بعملِ العبدِ مبتهِجًا به من صدقةٍ أو صلاةٍ، فيُعجَبُ الحفَظةُ فيتجاوزها إلى السَّماءِ الثَّالثةِ فيقولُ الملَكُ : قِفْ واضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه، وقُلْ : لا غفر اللهُ لك، أنا صاحبُ الكِبرِ، إنَّه عملُ متكبِّرٍ، وقد أمرني ربِّي عزَّ وجلَّ أن لا أدَعَ عملَ متكبِّرٍ يُجاوزني إلى غيري. قال : وتصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ يزهَرُ كما يزهَرُ النَّجمُ الدُّرِّيُّ في السَّماءِ، له دوِيٌّ وتسبيحٌ من صومٍ وحجٍّ فيمرُّ به على [ ملَكِ ] السَّماءِ الرَّابعةِ، فيقولُ له : قِفْ واضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه وبطنَه، أنا ملَكُ صاحبِ العُجبِ بنفسِه، إنَّه من عمِل وأدخل معه العُجْبَ، فإنَّ ربِّي أمرني أن لا أدعَه يُجاوزني إلى غيري، فقُلْ له : لا غفر اللهُ لك. قال : ويلعنُه ثلاثةَ أيَّامٍ؛ قال : وتصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ مع الملائكةِ كالعَروسِ المزفوفةِ إلى أهلِها، فيمرُّ به على السَّماءِ الخامسةِ من عملِ الجهادِ والصَّلاةِ، لذلك العملِ زئيرٌ كزئيرِ الأسدِ، عليه ضوءٌ كضوءِ الشَّمسِ، فيقولُ له الملَكُ : قِفْ أنا صاحبُ الحسَدِ، اضرِبْ بهذا العملِ وجهَ صاحبِه، واحمِلْه على عاتقِه، الحسدُ من يتكلَّمُ فيه، أو يعملُ كعملِه، إذا رأَى العبيدُ في الفضلِ والعملِ والعبادةِ حسَدهم ووقع فيهم. قال : ويحمِلُه على عاتقِه، ويلعنُه ما دام حيًّا. قال : وتصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ بوضوءٍ تامٍّ وقيامِ اللَّيلِ وصلاةٍ كثيرةٍ، فيمرُّ على ملَكِ السَّماءِ السَّابعةِ، فيقولُ الملَكُ : قِفْ أنا صاحبُ العملِ الَّذي لغيرِ اللهِ، اضرِبْ بهذا العملِ جوارحَه واقفِلْ على قلبِه، أنا ملكُ الحجابِ، أحجِبُ كلَّ عملٍ ليس للهِ وأراد به صاحبُه غيرَ اللهِ، وأراد به الذِّكرَ في المجالسِ [ والصِّيتَ ] في المدائنِ، أمرني ربِّي أن لا أدعَه يُجاوزني إلى غيري ما لم يكُنْ للهِ. قال : ويصعَدُ الحفَظةُ بعملِ العبدِ مبتهِجًا به من حُسنِ خُلقٍ وسَمتٍ وذِكرٍ كثيرٍ، وتُشيِّعُه الملائكةُ السَّبعةُ تحملُ عملَه، فيصعَدون الحُجُبَ كلَّها حتَّى يقوموا بين يدَيِ الرَّبِّ، فيشهدون عليه بعملٍ خالصٍ ودعاءٍ، فيقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ : أنتم الحفَظةُ وأنا الرَّقيبُ على ما في نفسِه – وفي روايةٍ أخرَى – إنَّه لم يُرِدْ به وجهي فتقولُ الملائكةُ : عليه لعنتُك ولعنتُنا. فيقولُ أهلُ السَّماءِ : عليه لعنتُك ولعنتُنا. قال : فبكَى معاذُ بنُ جبلٍ، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ما الَّذي أعملُ ؟ فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : اقتَدِ بنبيِّك يا معاذُ في اليقينِ. قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ أنت رسولُ اللهِ وأنا معاذُ بنُ جبلٍ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإن كان في عملِك تقصيرٌ يا معاذُ اقطَعْ لسانَك عن إخوانِك من حمَلةِ القرآنِ، وليكُنْ ذنوبُك عليك لا تحمِلْها على إخوانِك، ولا تُزكِّ نفسَك وتذُمَّ إخوانَك، ولا ترفَعْ نفسَك بوضعِ إخوانِك، ولا تُرائِ بعملِك، ولا تفحَشْ في مجالسِك لكي يَحذَروك لسوءِ خُلقِك، ولا تَتناجَ مع رجلٍ وعندك آخرُ، ولا تُعظَّمْ على النَّاسِ فتُقطعُ عنك خيراتُ الدُّنيا والآخرةِ، ولا تُمزِّقِ النَّاسَ فتُمزِّقك كلابُ النَّارِ، وذلك قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ في كتابِه { وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } أتدري ما هو ؟ قال : يا نبيَّ اللهِ ما هو ؟ قال : كلابُ النَّارِ تنشُطُ اللَّحمَ والعظمَ. قال قلتُ : يا رسولَ اللهِ ومن يُطيقُ هذه الخِصالَ ؟ فقال [ يا ] معاذُ إنَّه ليسيرٌ على من يسَّر عليه اللهُ عزَّ وجلَّ

195 - أنَّ سُليمانَ بنَ داودَ عليه السَّلامُ قال: لأطوفَنَّ الليلةَ بمِئةِ امرأةٍ من نسائي؛ فتأتي كلُّ امرأةٍ منهُنَّ بفارسٍ يُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ، ولم يستثنِ ، ولو استثنى لكان، فطاف على مِئةِ امرأةٍ، فلَمْ تَحْمِلْ منهُنَّ إلَّا امرأةٌ واحدةٌ حمَلَتْ بشِقِّ إنسانٍ، ولم يكُنْ شيءٌ أحبُّ إلى سُليمانَ من تلك الشِّقَّةِ، وكان أولادُهُ يموتونَ، فجاءَهُ مَلَكُ الموتِ، فقال له سُليمانُ عليه السَّلامُ: إِنِ استطعتَ أن تؤخِّرَ ابني هذا ثمانيةَ أيَّامٍ إذا جاء أجلُه، فقال: لا، ولكنِّي أُخبِرُك قَبلَ موتِهِ بثلاثةِ أيَّامٍ، فجاءه مَلَكُ الموتِ في ثلاثةِ أيَّامٍ، فقال لِمَنْ عنده مِنَ الجنِّ: أيُّكم يُخبِّئُ لي ابني هذا؟ قال أحدُهم: أنا أُخبِّئُهُ لك في المشرِقِ، قال: ممَّنْ تُخبِّئُهُ؟ قال: مِن مَلَكِ الموتِ، قال: قد نَفَذَ بصرُهُ، ثم قال آخَرُ: أنا أُخبِّئُهُ في المغرِبِ، قال: (و) ممَّن تُخبِّئُهُ؟ قال: مِن مَلَكِ الموتِ، قال: قد نَفَذَ بصرُهُ، قال آخَرُ: أنا أُخبِّئُهُ لك في الأرضِ السابعةِ، ممَّنْ تُخبِّئُهُ؟ قال: مِن مَلَكِ الموتِ، قال: قد نَفَذَ بصرُهُ، قال آخَرُ: أنا أُخبِّئُهُ لك بينَ مُزْنَتَيْنِ لا تُرَيَانِ، قال سُليمانُ عليه السَّلامُ: إنْ كان شيءٌ فهذا، فلمَّا جاء أجَلُه نظَرَ مَلَكُ الموتِ في الأرضِ، فلم يَرَهُ في مَشرِقِها، ولا مَغرِبِها، ولا في شيءٍ مِنَ البحارِ، ورآه بينَ مُزْنَتَيْنِ، فجاءه، فأخذه، فقبَضَ رُوحَه على كرسيِّ سُليمانَ؛ فذلك قولُهُ تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34].
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف عن المقبرى
الراوي : أبو سعيد المقبري | المحدث : السيوطي | المصدر : شرح المواقف
الصفحة أو الرقم : 50
التصنيف الموضوعي: أنبياء - سليمان أيمان - الاستثناء في اليمين تفسير آيات - سورة ص ملائكة - أعمال الملائكة ملائكة - ملك الموت
| أحاديث مشابهة

196 - شَهِدتُ يومًا خُطبةً لسَمُرةَ بنِ جُندُبٍ، فذَكَرَ في خُطبتِه حديثًا عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: بيْنا أنا وغُلامٌ مِن الأنصارِ نَرمي في غَرَضَينِ لنا على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتى إذا كانتِ الشَّمسُ قِيدَ رُمحَينِ أو ثلاثةٍ في عَينِ النَّاظرِ، اسوَدَّتْ حتى آضَتْ كأنَّها تَنُّومةٌ ، قال: فقال أحَدُنا لصاحِبِه: انطلِقْ بنا إلى المسجدِ، فواللهِ لَيُحْدِثَنَّ شَأنُ هذه الشَّمسِ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أُمَّتِه حَدَثًا، قال: فدَفَعْنا إلى المسجدِ، فإذا هو بأَزَزٍ ، قال: ووافَقْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين خَرَجَ إلى النَّاسِ، فاستَقدَمَ فقام بنا كأطوَلِ ما قام بنا في صَلاةٍ قَطُّ، لا نَسمَعُ له صَوتًا، ثُمَّ رَكَعَ كأطوَلِ ما رَكَعَ بنا في صَلاةٍ قَطُّ، لا نَسمَعُ له صَوتًا، ثُمَّ سَجَدَ بنا كأطوَلِ ما سَجَدَ بنا في صَلاةٍ قَطُّ، لا نَسمَعُ له صَوتًا، ثُمَّ فَعَلَ في الرَّكعةِ الثَّانيةِ مِثلَ ذلك، فوافَقَ تَجلِّي الشَّمسِ جُلوسَه في الرَّكعةِ الثَّانيةِ، قال زُهَيرٌ: حَسِبتُه قال: فسَلَّمَ، فحَمِدَ اللهَ، وأثْنى عليه، وشَهِدَ أنَّه عبدُ اللهِ ورسولُه، ثُمَّ قال: أيُّها النَّاسُ، أَنشُدُكم باللهِ إنْ كنتم تَعلَمونَ أنِّي قَصَّرتُ عن شيءٍ مِن تَبليغِ رِسالاتِ ربِّي لَمَا أخبَرتُموني ذاك، فبَلَّغتُ رِسالاتِ ربِّي كما يَنبَغي لها أنْ تُبلَّغَ، وإنْ كنتم تَعلَمونَ أنِّي بَلَّغتُ رِسالاتِ ربِّي لَمَا أخبَرتُموني ذاك، قال: فقام رِجالٌ، فقالوا: نَشهَدُ أنَّكَ قد بَلَّغتَ رِسالاتِ ربِّكَ، ونَصَحتَ لأُمَّتِكَ، وقَضَيتَ الذي عليك، ثُمَّ سَكَتوا، ثُمَّ قال: أمَّا بعدُ، فإنَّ رِجالًا يَزعُمونَ أنَّ كُسوفَ هذه الشَّمسِ، وكُسوفَ هذا القَمرِ، وزَوالَ هذه النُّجومِ عن مَطالِعِها لمَوتِ رِجالٍ عُظَماءَ مِن أهلِ الأرضِ، وإنَّهم قد كَذَبوا، ولكنَّها آياتٌ مِن آياتِ اللهِ يَعتبِرُ بها عِبادُه، فيَنظُرُ مَن يُحدِثُ له منهم تَوبةً، وايْمُ اللهِ ، لقد رَأَيتُ منذ قُمتُ أُصلِّي ما أنتم لاقونَ في أمْرِ دُنْياكم وآخِرتِكم، وإنَّه واللهِ لا تَقومُ السَّاعةُ حتى يَخرُجَ ثلاثونَ كذَّابًا آخِرُهم الأعوَرُ الدَّجَّالُ، مَمسوحُ العَينِ اليُسرى كأنَّها عَينُ أبي تِحْيَى -لشَيخٍ حينئذ مِن الأنصار بيْنَه وبيْنَ حُجرةِ عائشةَ- وإنَّه متى يَخرُجْ، -أو قال: متى ما يَخرُجْ- فإنَّه سوف يَزعُمُ أنَّه اللهُ، فمَن آمَنَ به وصَدَّقَه واتَّبَعَه ، لم يَنفَعْه صالحٌ مِن عملِه سَلَفَ، ومَن كَفَرَ به وكَذَّبَه لم يُعاقَبْ بشيءٍ مِن عملِه. وقال حَسنٌ الأشيَبُ: بسَيِّئٍ مِن عملِه سَلَفَ، وإنَّه سيَظهَرُ -أو قال: سوف يَظهَرُ- على الأرضِ كلِّها، إلَّا الحَرَمَ، وبَيتَ المَقدِسِ، وإنَّه يَحصُرُ المؤمنينَ في بَيتِ المَقدِسِ، فيُزَلزَلونَ زِلزالًا شَديدًا، ثُمَّ يُهلِكُه اللهُ وجُنودَه، حتى إنَّ جِذْمَ الحائطِ -أو قال: أصلَ الحائطِ، وقال حَسنٌ الأشيَبُ: وأصلَ الشَّجرةِ- ليُنادي -أو قال: يقولُ-: يا مؤمنُ، -أو قال: يا مُسلِمُ-، هذا يهوديٌّ -أو قال: هذا كافرٌ- تَعالَ فاقتُلْه، قال: ولنْ يَكونَ ذلك كذلك حتى تَرَوْا أُمورًا يَتفاقَمُ شَأنُها في أنفُسِكم، وتَساءَلونَ بيْنَكم: هل كان نَبيُّكم ذَكَرَ لكم منها ذِكرًا؟ وحتى تَزولَ جِبالٌ على مَراتبِها، ثُمَّ على أثرِ ذلك القَبضُ. قال: ثُمَّ شَهِدتُ خُطبةً لسَمُرةَ ذَكَرَ فيها هذا الحديثَ، فما قَدَّمَ كَلِمةً ولا أخَّرَها عن مَوضعِها.

197 - أنَّ معاويةَ بنَ أبي سُفْيانَ دخَلَ عليه مَرْوانُ فكلَّمَه في حاجتِه فقال: اقضِ حاجتي يا أميرَ المؤمنينَ، فواللهِ إنَّ مؤنتي لعظيمةٌ، وإنِّي لأبو عشْرةٍ، وعمُّ عشْرةٍ، وأخو عشْرةٍ، فلمَّا أدبَرَ مَرْوانُ وابنُ عبَّاسٍ جالسٌ مع معاويةَ على السريرِ، قال معاويةُ: أنشُدُكَ باللهِ يا ابنَ عبَّاسٍ، أمَا تعلَمُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: إذا بلَغَ بنو الحكَمِ ثلاثينَ رجُلًا اتَّخَذوا مالَ اللهِ بينَهم دُوَلًا، وعبادَ اللهِ خَوَلًا ، وكتابَ اللهِ دَغَلًا، فإذا بلَغوا سبعةً وتسعينَ وأربَعَ مئةٍ كان هَلاكُهم أسرَعَ مِن لَوْكِ ثمَرةٍ؟ فقال ابنُ عبَّاسٍ: اللهم نعَمْ. قال: وذكَرَ مَرْوانُ حاجةً له، فردَّ مَرْوانُ ابنَه عبدَ المَلِكِ إلى معاويةَ، فكلَّمَه فيها، فلمَّا أدبَرَ عبدُ المَلِكِ قال معاويةُ: أنشُدُكَ باللهِ يا ابنَ عبَّاسٍ، أمَا تعلَمُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذكَرَ هذا، فقال: أبو الجبابرةِ الأربعةِ؟ فقال ابنُ عبَّاسٍ: اللهم نعَمْ.
خلاصة حكم المحدث : فيه غرابة ونكارة شديدة و[فيه] ابن لهيعة ضعيف
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 6/248
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - الاستخلاف إمامة وخلافة - الخلفاء إمامة وخلافة - خيار الأئمة وشرارهم فتن - ما جاء في بني أمية
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

198 - دعا رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبد الرحمن بن عوف فقال تجهز فإني باعثك في سرية من يومك هذا أو من الغد إن شاء الله قال ابن عمر فسمعت ذلك فقلت لأدخلن ولأصلين مع رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الغداة ولأسمعن وصية عبد الرحمن قال فقعدت فصليت فإذا أبو بكر وعمر وناس من المهاجرين فيهم عبد الرحمن بن عوف وإذا رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد كان أمره أن يسير من الليل إلى دومة الجندل فيدعوهم إلى الإسلام فقال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعبد الرحمن ما خلفك عن أصحابك قال ابن عمر وقد مضى أصحابه من سحر وهم مغتدون بالجرف وكانوا سبعمائة رجل قال أحببت يا رسول الله أن يكون آخر عهدي بك وعلي ثياب سفري قال وعلى عبد الرحمن عمامة قد لفها على رأسه فقال ابن عمر فدعاه نبي الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأقعده بين يديه فنفض عمامته بيده ثم عممه بعمامة سوداء فأرخى بين كتفيه منها ثم قال هكذا يا ابن عوف يعني فاعتم وعلى ابن عوف السيف متوشحه ثم قال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أغز بسم الله وفي سبيل الله قاتل من كفر بالله لا تغلل ولا تغدر ولا تقتل وليدا قال فخرج عبد الرحمن بن عوف حتَّى لقي أصحابه فصار حتَّى قدم دومة الجندل فلما دخلها دعاهم إلى الإسلام فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام وقد كانوا أبوا أول ما قدم أن يعطوه إلا السيف فلما كان اليوم الثالث أسلم أصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيا وكان رأسهم وكتب عبد الرحمن إلى النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يخبره بذلك وبعث رجلا من جهينة يقال له رافع بن مكيث فكتب إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنه أراد أن يتزوج فيهم فكتب إليه النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يتزوج ابنة الأصبغ تماضر فتزوجها عبد الرحمن وبنى بها ثم أقبل بها وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن
خلاصة حكم المحدث : غريب من حديث عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر وهو غريب من حديث سعيد بن مسلم بن بابك والمدني عنه تفرد به عنه محمد بن الحسن الشيباني ولم يروه عنه غير أبي سليمان الجوزجاني
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الدارقطني | المصدر : تاريخ دمشق
الصفحة أو الرقم : 9/171
التصنيف الموضوعي: جهاد - تحريم الغدر في الجهاد جهاد - من ينهى عن قتلهم في الغزو غنائم - الغلول وما جاء فيه من العقوبة والوعيد جهاد - الدعوة قبل القتال مناقب وفضائل - عبد الرحمن بن عوف
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

199 - دخلتُ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مسجدَه فقال أين فلانُ ابنُ فلانٍ فجعلَ ينظرُ في وجوهِ أصحابِهِ ويتفقَّدُهُم ويبعثُ إليهم حتَّى توافَقوا عندَهُ فلمَّا توافَقوا عندَهُ حمدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ ثمَّ قالَ إنِّي محدِّثُكُم بحديثٍ فاحفظوهُ وعوهُ وحدِّثوا بِهِ من بعدَكُم أنَّ اللَّهَ اصطفى من خلقِهِ خلقًا ثمَّ تلا اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ خلقًا يدخلُهُمُ الجنَّةَ وإنِّي أصطفي منهم من أحبُّ أن أصطفيَهُ ومؤاخٍ بينَكُم كما آخى اللَّهُ بينَ الملائِكَةِ فقُم يا أبا بَكرٍ فإنَّ لَكَ عندي يدًا أنَّ اللَّهَ يجزيكَ بِها ولو كنتُ متَّخذًا خليلًا لاتَّخذتُكَ خليلًا فأنتَ منِّي بمنزلةِ قميصي من جسدي ثمَّ قالَ ادنُ يا عمرُ فدَنا منهُ فقالَ لقد أدرَكتَ شديدَ الشَّغبِ علينا يا أبا حفصٍ فدعوتُ اللَّهَ أن يعزَّ الإسلامَ بِكَ أو بأبي جَهلِ بنِ هشامٍ ففعلَ اللَّهُ ذلِكَ بِكَ وَكُنتَ أحبَّهما إلى اللَّهِ فأنتَ معي في الجنَّةِ ثالثُ ثلاثةٍ من هذِهِ الأمَّةِ ثمَّ آخى بينَهُ وبينَ أبي بَكرٍ ثمَّ دعا عثمانَ فقالَ ادنُ منِّي يا أبا عمرٍو فلم يزل يدنو منهُ حتَّى التصَقت رُكبتُهُ برُكبتِهِ فنظرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى السَّماءِ وقالَ سبحانَ اللَّهِ العظيمِ ثلاثَ مرَّاتٍ ثمَّ نظرَ إلى عثمانَ كانت أزارُهُ محلولةً فزرَّها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بيدِهِ ثمَّ قالَ اجمع عطفي ردائِكَ على نحرِكَ ثم قال إن لك شأنًا في أَهلِ السَّماءِ أنتَ مِمَّن يردُ على حوضي أوداجُكَ تشخبُ دمًا إذ هاتفٌ منَ السَّماءِ إلا أنَّ عثمانَ أميرٌ على كلِّ خاذِلٍ ثمَّ تنحَّى عنهُ ثم دعا عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ فقالَ أمينُ اللَّهِ وتُسمَّى بالسماءِ الأمينُ يسلِّطُكَ اللَّهُ على مالِكَ بالحقِّ أما إنَّ لَكَ عندي دعوةٌ قد دعوتُ لَكَ بِها وقد اختبأتُها قال خَرْها لي يا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ حمَّلتَني يا عبدَ الرَّحمنِ أمانةً أَكثرَ اللَّهُ مالَكَ وجعلَ يقولُ بيدِهِ هَكَذا وَهَكذا يحثو بيدِهِ ثمَّ آخى بينَهُ وبينَ عثمانَ ثمَّ دعا طلحةَ والزُّبَيرَ فقالَ لَهُما ادنُوَا منِّي فدنَوا منه فقال لهما أنتُما حواريَّ كحوارِيِّ عيسى ابنِ مريمَ ثمَّ آخى بينَهُما ثمَّ دعا عمَّارَ بنَ ياسرٍ وسعدًا فقالَ يا عمَّارُ تقتلُكَ الفئةُ الباغيةُ ثمَّ آخى بينَهُ وبينَ سعدٍ ثم دعا عُوَيمرَ وأبا الدَّرداءِ وسلمانَ الفارسِيَّ فقالَ يا سلمانُ أنتَ من أَهلِ البيتِ وقد آتاكَ اللَّهُ العلمَ الأوَّلَ والعِلمَ الآخرَ والكتابَ الأوَّلَ والكتابَ الآخرَ ثُمَّ قالَ ألا ارشَدْ يا أبا الدَّرداءِ قالَ بلى بأبي أنتَ وأمِّي يا رسولَ اللَّهِ قالَ إن تنفِذهُم يُنفِذوكَ وإن ترَكتَهُم لا يترُكوكَ وإن تَهربْ منهم يدرِكوكَ فأقرِضهم عرضَكَ ليومِ فقرِكَ واعلم أنَّ الخيرَ أمامَكَ ثمَّ آخى بينَهُ وبينَ سلمانَ ثمَّ نظرَ في وجوهِ أصحابِهِ فقالَ أبشِروا وقَرُّوا عينًا أنتُم أوَّلُ مَن يردُ عليَّ حوضي وأنتُم في أعلى الغرفِ فقالَ لَهُ عليٌّ لقد ذَهَبَت روحي وانقطعَ ظَهري حينَ رأيتُكَ فعلتَ بأصحابِكَ غَيري فإن كانَ هذا من سُخطٍ عليَّ فلَكَ العُتبى والكَرامةُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والَّذي بعثَني بالحقِّ ما أخَّرتُكَ إلا لنَفسي وأنتَ منِّي بمنزِلَةِ هارونَ مِن موسى غير أنَّهُ لا نبيَّ بعدي وأنتَ أخي ووارِثي قالَ وما أرِثُ منكَ يا نبيَّ اللَّهِ قالَ ما أورثتِ الأنبياءُ قبلي قالَ ما هوَ قالَ كتابَ ربِّهم وسنَّةَ نبيِّهم وأنتَ معي في قصري في الجنَّةِ معَ فاطمةَ ابنتي ثُمَّ تلا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ المتحابِّينَ في اللَّهِ ينظرُ بعضُهُم إلى بعضٍ

200 - عنِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ كانَ قاعدًا وحولَهُ نفرٌ منَ المُهاجرينَ والأنصارِ وَهم كثيرٌ إلى أن قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أيُّها النَّاسُ إنَّما مثلُ أحدِكم ومثلُ مالِه ومثلُ أَهلِه ومثلُ عملِه كرجلٍ لَه إخوةٌ ثلاثةٌ فقالَ لأخيهِ الَّذي هوَ مالُه حينَ حضرَتهُ الوفاةُ ونزلَ به الموتُ ماذا عندَكم فقد نزلَ بي ما ترى فقالَ لَه أخوهُ الَّذي هوَ مالُه ما عندي لَك غنًى ولا عندي لَك نفعٌ إلَّا ما دُمتَ حيًّا فخذ منِّي الآنَ ما أردتَ فإنِّي إذا فارقتُك سيُذهَبُ بي إلى مذهبٍ غيرِ مذهبِك وسيأخذُني غيرُك فالتفتَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ هذا أخوهُ الَّذي هوَ مالُه فأيُّ أخٍ ترونَه قالوا لا نسمَعُ طائلًا يا رسولَ اللَّهِ ثمَّ قالَ لأخيهِ الَّذي هوَ أَهلُه قد نزلَ بي الموتُ وحضرَ بي ما قد ترى فما عندَك منَ الغَناءِ قالَ عندي أن أمرِّضَك وأقومَ عليكَ وأعينَك فإذا مِتَّ غسَّلتُك وحنَّطتُكَ وَكفَّنتُك ثمَّ حملتُك في الحاملينَ وشيَّعتُك أحملُك مرَّةً وأميطُ أُخرى ثمَّ أرجعُ عنكَ فأثني بخيرٍ عندَ من سألني عنكَ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ للَّذي هوَ أَهلُه أيُّ أخٍ ترونَه قالوا لا نسمعُ طائلًا يا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ قالَ لأخيهِ الَّذي هوَ عملُهُ ماذا عندَك وماذا لديكَ قالَ أشيِّعُك إلى قبرِكَ فأونسُ وحشتَكَ وأُذهبُ همَّكَ وأحاولُ عنكَ وأقعدُ في كفنِك فأشولُ بخطاياكَ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أيُّ أخٍ ترونَ هذا الَّذي هو عملُهُ قالوا خيرٌ أَخٍ يا رسولَ اللَّهِ قالَ فالأمرُ هَكذا قالَت عائشةُ فقامَ عبدُ اللَّهِ بنُ كرزٍ اللَّيثيُّ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ أتأذنُ لي أن أقولَ على هذا شعرًا قالَ نعَم قالت عائشةُ فما باتَ ليلتَه تلكَ حتَّى غدا عبدُ اللَّهِ بنُ كرزٍ. واجتمَعَ المسلِمونَ لمَّا سمِعوا من مثلِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الموتُ وما فيهِ قالَت عائشةُ رضيَ اللَّهُ عنها فجاءَ ابنُ كرزٍ فقامَ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إيهِ يا ابنَ كرزٍ فقالَ ابنُ كُرزٍ فإنِّي ومالي والَّذي قدَّمت يدي كداعٍ إليهِ صحبَهُ ثُمَّ قائلُ... لأصحابِهِ إذا هُم ثلاثةُ أخوَةٍ... أعينوا على أمرٍ بيَ اليومَ نازِلُ... فراقٌ طويلٌ غير مبثقٍ بهٍ... فماذا لديكُم بالَّذي أنا عائلُ... فقال امرؤٌ منهُم أنا الصَّاحبُ الَّذي... أطيعُكَ فيما شئتَ قبلَ التَّزايُلِ... فأمَّا إذا جدَّ الفِراقُ فإنَّني... لما بينَنا من خُلَّةٍ غيرُ واصلِ... وفيه فقالت عائشةُ فما بقيَ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذو عينٍ تطرِفُ إلَّا دمَعت قالَت ثم كانَ ابنُ كُرزٍ يمرُّ على مجالسِ أصحابِ رسولِ اللَّهِ فيَنشُدونَهُ فَينشدُهُم فَلا يَبقَى من المهاجرينَ والأنصارِ إلَّا بكى

201 - أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: يَمكُثُ أبَوا الدَّجَّالِ ثَلاثينَ عامًا لا يُولَدُ لهما وَلَدٌ، ثم يُولَدُ لهما غُلامٌ أضَرُّ شَيءٍ، وَأقَلُّهُ نَفْعًا، تَنامُ عَيناهُ، وَلا يَنامُ قَلبُهُ، ثم نَعَتَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ أباهُ؛ فقالَ: أبوهُ رَجُلٌ طُوالٌ ، ضَرْبُ اللَّحمِ، كأنَّ أنْفَهُ مِنْقارٌ، وَأُمُّهُ امرَأةٌ فِرضاخيَّةٌ ، طَويلةُ الثَّديَيْنِ، قالَ أبو بَكرَةَ: فسَمِعْنا بِمَولودٍ وُلِدَ في اليَهودِ بِالمَدينةِ، فذهَبتُ أنا وَالزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ حتى دخَلْنا على أبَوَيْهِ، فإذا نَعتُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فيهما، فقُلْنا: هل لَكما وَلَدٌ؟ فقالا: مَكَثْنا ثَلاثينَ عامًا لا يُولَدُ لنا وَلَدٌ، ثم وُلِدَ لنا غُلامٌ أعْوَرُ، أضَرُّ شَيءٍ، وَأقَلُّهُ نَفْعًا، تَنامُ عَيناهُ، وَلا يَنامُ قَلبُهُ، فخَرَجْنا مِن عِندِهِما، فإذا الغُلامُ مُنجَدِلٌ في قَطيفةٍ في الشَّمسِ، له هَمهَمةٌ ، قالَ: فكشَفْتُ عن رَأسِهِ، فقالَ: ما قُلتُما؟ قُلْنا: وهل سَمِعْتَ؟ قالَ: نَعَمْ؛ إنَّهُ تَنامُ عَيْنايَ وَلا يَنامُ قَلْبي. قالَ حَمَّادٌ: وهو ابنُ صَيَّادٍ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 20502
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - ابن صياد أشراط الساعة - صفة الدجال فتن - فتنة الدجال فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إخبار النبي عن المغيبات
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

202 - أنَّ عامرَ بنَ الطُّفَيلِ قدِم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ فراجَع النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وارتفع صوتُه وثابتُ بنُ قَيسٍ قائمٌ بسَيفِه على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال يا عامرُ غُضَّ من صوتِك على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال وما أنتَ وذاك فقال ثابتٌ أما والذي أكرمَه لولا أن يَكره رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لضربتُ بهذا السَّيْفِ رأسَك فنظر إليه عامرٌ وهو جالسٌ وثابتٌ قائمٌ فقال أما واللهِ يا ثابتُ لئن عرضتَ نفسَك لي لتُوَلِّينَ عني فقال ثابتٌ أما واللهِ يا عامرُ لئن عرضْتَ نفسَك للِساني لتكرَهنَّ حياتي فعطس ابنُ أخٍ لعامرِ بنِ الطُّفَيلِ فحمد اللهَ فشمَّتَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثم عطس عامرُ بنُ الطُّفَيلِ فلم يَحمَدِ اللهَ فلم يُشَمِّتْه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال عامرٌ شَمَّتَ هذا الصبيَّ ولم تُشَمِّتْني فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنَّ هذا حمدَ اللهَ قال ومَحلوفِه لأملأنَّها عليك خيلًا ورجالًا فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يكفينِيك اللهُ وابنا قَيْلَةَ ثم خرج عامرٌ فجمع للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاجتمع من بني سُلَيمٍ ثلاثةُ أبطُنٍ هم الذين كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدعو عليهم في صلاةِ الصُّبحِ اللهمَّ العَنْ لَحْيانًا ورَعْلًا وذَكوانَ وعُصَيَّةَ عصَتِ اللهَ ورسولَه اللهُ أكبرُ فدعا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سبعَ عشرةَ ليلةً فلما سمع أنَّ عامرًا جمع له بعَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عشرةً فيهم عمرو بنُ أُميَّةَ الضَّمريُّ وسائرُهم من الأنصارِ وأميرُهم المُنذِرُ بنُ عَمرو فمضوا حتى نزلوا بئرَ مَعونةَ فأقبل حتى هجَم عليهم فقتلَهم كلَّهم فلم يَفلِتْ منهم إلا عَمرو بنُ أُمَيَّةَ كان في الرِّكابِ فأوحى اللهُ عزَّ وجلَّ إلى نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ قُتِل خيرُ أصحابِه فقال قد قُتِلَ أصحابُكم من ورائِكم فدعا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عامرِ بنِ الطُّفَيلِ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللهمَّ اكفِني عامرًا فكفاه اللهُ إياه فأقبل حتى نزل بفِنائِه فرماه اللهُ بالذَّبحةِ في حلقِه في بيتِ امرأةٍ من سَلولٍ فأقبل ينْزو هو يقول يا آلَ عامرٍ غُدَّةٌ كغُدَّةِ الجمَلِ في بيتِ سَلولِيَّةٍ ترغبُ أن تموتَ في بيتِها فلم يزلْ كذلك حتى مات في بيتِها وكان أرْبَدُ بنُ قَيسٍ أصابتْه صاعقةٌ فاحترق فمات فرجَع من كان معهم
خلاصة حكم المحدث : فيه عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم : 6/128
التصنيف الموضوعي: جهاد - الدعاء على المشركين صلاة - القنوت مغازي - يوم بئر معونة آداب العطاس - تشميت العاطس آداب العطاس - من عطس فلم يحمد الله
| الصحيح البديل | أحاديث مشابهة |أصول الحديث

203 - هلَك العبَّاسُ بنُ عبدِ المُطَّلبِ وابنُ مسعودٍ وأبو سفيانَ بنُ حَرْبٍ لتِسْعِ سنينَ مضَتْ مِن إمارةِ عثمانَ وبعضُ النَّاسِ يقولُ هلَك سنةَ أربعٍ وثلاثين وصلَّى عليه عثمانُ رضِيَ اللهُ عنهما وبلَغَني أنَّ عبد المُطَّلبِ كَفَّ بصرُه وكَفَّ بصرُ العبَّاسِ وكَفَّ بصرُ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ وبلَغَني أنَّ العبَّاسَ كان له عشَرَةُ أولادٍ ذكورٍ سِوى الإناثِ فمِن ولَدِه الفضلُ بنُ العبَّاسِ وعبدُ اللهِ وقُثَمُ وعبدُ الرَّحمنِ ومعبدٌ وأمُّ حَبيبٍ وأمُّ ولدِ العبَّاسِ هؤلاء أمُّ الفَضلِ الصُّغرى واسمُها لُبابةُ بنتُ الحارثِ بنِ حَزْنِ بنِ قَيسِ غِيلانَ وكانت قديمةَ الإسلامِ أسلَمَتْ بمكَّةَ وفي أمِّ الفضلِ يقولُ الشَّاعرُ مَا وَلَدَتْ نَجِيبَةٌ مِنْ فَحْلِ... بِجَبَلٍ نَعْلَمُهُ أَوْ سَهْلِ كَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الْفَضْلِ... أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلِ عَمُّ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى ذِي الْفَضْلِ... وَخَاتَمِ الرُّسُلِ وَخَيْرِ الرُّسْلِ. والحارثُ بنُ العبَّاسِ أمُّه حُجَيلةُ بنتُ جُندُبِ بنِ رَبيعةَ مِن ولدِ تَميمِ بنِ سعدِ بنِ هُذَيل ِبنِ مُدرِكةَ وأُمُّه بنتُ العبَّاسِ تزوَّجَها العبَّاسُ بنُ عُتبةَ بنِ أبي لهبٍ وصفيَّةُ هي أختُ الحارثِ لأبيه وأمِّه ويقولُ بعضُ النَّاسِ لا بَلْ أمُّها غيرُ أمِّ الحارثِ وكَثيرُ بنُ العبَّاسِ وعَونُ بنُ العبَّاسِ ورُوحٌ وتَمَّامُ بنُ العبَّاسِ وكان أصغرَ ولدِ أبيه يُقالُ إنَّ تمَّامًا أخو كَثيرٍ لأبيه وأمِّه وفي تمَّامٍ يقولُ العبَّاسُ بنُ عبدِ المُطَّلبِ تَمُّوا بِتَمَّامٍ فَصَارُوا عَشَرَةْ... يَا رَبِّ فَاجْعَلْهُمْ كِرَامًا بَرَرَةْ اجْعَلْهُمْ ذِكْرَى وَأَنْمِ الثَّمَرَةْ.

204 - أنَّ عمرَ جاء والصلاةُ قائمةٌ ونفرٌ ثلاثةٌ جلوسٌ أحدُهم أبو جَحشٍ الَّليثيُّ فقال : قُوموا فصلُّوا مع رسولِ اللهِ، فقام اثنانِ وأبى أبو جَحشٍ أن يقومَ وقال : لا أقومُ حتى يأتيَ رجلٌ هو أقوى مني ذِراعَينِ وأشدُّ مني بطشًا فيصرعُني ثم يدُسُّ وجهي في الترابِ، قال عمرُ : فصرعتُه ودُسْتُ وجهَه في التُّرابِ، فأتى عثمانُ بنُ عفانٍ فحجَزني عنه، فخرج عمرُ مُغضَبًا حتى انتهى إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : ما رأيُك يا أبا حفصٍ ؟ فذكر له ما كان منه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ رِضَى عمرَ رحمةٌ، واللهِ لوَدِدتُ أنك جِئْتَني برأسِ الخبيثِ ، فقام عمرُ يُوجِّه نحوه، فلما أبَعدَ ناداه فقال : اجلِسْ حتى أُخبِرَك بغنَى الربِّ تبارك وتعالى عن صلاةِ أبي جحشٍ، إنَّ للهِ في السماءِ الدنيا ملائكةً خشوعًا لا يرفعون رؤوسَهم حتى تقومَ الساعةُ، فإذا قامت رفَعوا رؤوسَهم ثم قالوا : ربَّنا ما عبدْناك حقَّ عبادتِك، وإنَّ للهِ في السماءِ الثانيةِ ملائكةً سجودًا لا يرفعون رؤوسَهم حتى تقومَ الساعةُ، فإذا قامت رفعُوا رؤوسَهم وقالوا : سبحانك ما عبَدْناك حقَّ عبادَتِك، فقال له عمرُ : وما يقولون يا رسولَ اللهِ ؟ قال : أما أهلُ السماءِ الدنيا فيقولون : سبحان ذي المُلكِ والملكوتِ، وأما أهلُ السماءِ الثانيةِ فيقولون سبحان ذي العزَّةِ والجبروتِ، وأما أهلُ السماءِ الثالثةِ فيقولون : سبحان الحيِّ الذي لا يموتُ، فقُلْها في صلاتِك يا عمرُ، فقال عمرُ : يا رسولَ اللهِ فكيف بالذي كنتَ علَّمْتَني وأمرَتْني أن أقولَه في صلاتي ؟ فقال : قُلْ هذا مرةً وهذا مَرَّةً، وكان الذي أمره أن يقولَه : أعوذُ بعفوِك من عقابِك، وأعوذُ برضاك من سَخَطِك، وأعوذُ بك منك جلَّ وجهُك
خلاصة حكم المحدث : غريب جداً بل منكر نكارة شديدة [ فيه ] إسحاق الفروي ضعفه غير واحد
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن العظيم
الصفحة أو الرقم : 8/296
التصنيف الموضوعي: صلاة - الدعاء في الصلاة ملائكة - أعمال الملائكة مناقب وفضائل - عمر بن الخطاب إيمان - عظمة الله وصفاته مناقب وفضائل - بعض من ذمهم النبي وذم أفعالهم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

205 - عن أبي سَلَمةَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قال: دخَلْتُ على عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ دارَه، فسأَلَني وهو يظُنُّ أنِّي مِن بني أُمِّ كُلثومٍ ابنةِ عُقبةَ، فقُلْتُ له: إنَّما أنا لِلكَلبيَّةِ ابنةِ الأَصبغِ، وقد جِئْتُكَ لِأسأَلَكَ عمَّا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عهِدَ إليكَ -أو قال لكَ-؟ قال: كنتُ أقولُ في عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَأقرَأَنَّ القرآنَ في كلِّ يومٍ ولَيلةٍ، ولَأصومَنَّ الدَّهرَ، فبلَغَ ذلك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِّي، فجاءني، فدخَلَ علَيَّ بيتي، فقال: ألم يبلُغْني يا عبدَ اللهِ أنَّكَ تقولُ: لَأصومَنَّ الدَّهرَ، ولَأقرَأَنَّ القرآنَ في كلِّ يومٍ ولَيلةٍ؟ قال: قُلْتُ: بلى، قد قُلْتُ ذاك يا نبيَّ اللهِ، قال: فلا تفعَلْ، صُمْ مِن كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ، قال: فقُلْتُ: إنِّي أَقوى على أكثرَ مِن ذلك، قال: فصُمِ الاثنَينِ والخميسَ، قال: فقُلْتُ: إنِّي أَقوى على أكثرَ مِن ذلك يا نبيَّ اللهِ، قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا؛ فإنَّه أعدلُ الصِّيامِ عندَ اللهِ، وهو صيامُ داوُدَ عليه السَّلامُ، وكان لا يُخلِفُ إذا وعَدَ، ولا يفِرُّ إذا لاقى، واقرَأِ القرآنَ في كلِّ شهرٍ مرَّةً، قال: قُلْتُ: إنِّي لَأَقوى على أكثرَ مِن ذلك يا نبيَّ اللهِ، قال: فاقرَأْه في كلِّ نِصفِ شهرٍ مرَّةً، قال: قُلْتُ: إنِّي أَقوى على أكثرَ مِن ذلك يا نبيَّ اللهِ، قال: فاقرَأْه في كلِّ سَبعٍ، لا تزيدَنَّ على ذلك، ثُمَّ انصرَفَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

206 - أتَى رجلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فسلَّم عليه وقال يا رسولَ اللهِ أيمنعُ سوادي ودمامةُ وجهي من دخوليَ الجنةَ قال لا والذي نفسي بيدِه ما اتَّقيت ربَّك وآمنت بما جاء به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قال والذي أكرمَك بالنبوةِ لقد شهدت أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأن محمدًا عبدُه ورسولُه والإقرارُ بما جاء به من عندِ اللهِ من قبلِ أنْ أجلسَ معَك هذا المجلسَ بثمانيةِ أشهرٍ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ لكَ ما للقومِ وعليك ما علَيهم وأنت أخُوهم قال ولقد خطبتُ إلى عامَّةِ مَن بحضرتِك ومَن لقيَني معَك فردَّني لسَوادي ودمامة وجهي وإني لفي حسبٍ من قومي بني سُلَيم معروفُ الآباءِ ولكنْ غلب عليَّ سوادُ أخوالِيَ الموالي فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ هل شهد المجلسَ اليومَ عمرو بنُ وهبٍ وكان رجلًا من ثقيفٍ قريبَ العهدِ بالإسلامِ وكانت فيه صعوبةٌ قالوا لا قال تعرِفُ منزلَه قال نعم قال فاذهبْ فاقرعْ البابَ قرعًا رقيقًا ثم سلِّمْ فإذا دخلت فقلْ زوَّجَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فتاتَكم وكانت له ابنة عاتقةٌ وكان لها حظٌّ من جمالٍ وعقلٍ فلما أتَى البابَ فرحوا وسمعوا لغةً عربيةً فلما رأوا سوادَه ودمامةَ وجهِه انقبَضوا عنه فقال إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ زوَّجني فتاتَكم فردُّوا عليه ردًّا قبيحًا فخرج الرجلُ وخرجت الفتاةُ من خدرِها وقالت يا فتى ارجعْ فإن كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ زوَّجَنيك فقد رضيتُ لنفسي ما رضِيَ لي اللهُ ورسولُه وأنت بعلي وأنا زوجتُك فمضى حتى أتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فأخبرَه وقالت الفتاةُ لأبيها يا أبتاهُ النجاةُ قبلَ أنْ يفضحَك الوحيُّ فإنْ يكنْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ زوَّجَنيه فقد رضيت ما رَضِيَ اللهُ لي ورسولُه فخرج الشيخُ حتى أتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ وهو من أدنى القومِ مجلسًا فقال أنت الذي رددْت على رسولِ اللهِ ما رَددت قال قد فعلتُ ذلك فأستغفرُ اللهَ وظننَّا أنه كاذبٌ فقد زوَّجناها إياهُ فنعوذُ باللهِ من سخطِ اللهِ وسخطِ رسولهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ اذهبْ إلى صاحبَتِك فادخلْ بها قال والذي بعَثك بالحقِّ ما أجدُ شيئًا حتى أسألَ إخواني فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ مهرُ امرأتِك على ثلاثةٍ من المؤمنينَ اذهبْ إلى عثمانَ بنِ عفانَ فخذْ منه مئَتَي درهمٍ فأعطاه وزادَه واذهبْ إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ فخذْ منه مئةَ درهمٍ فأعطاه وزادَه واذهبْ إلى عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ فخذْ منه مئةَ درهمٍ فأعطاه وزاده قال واعلمْ أنها ليست بسنةٍ جاريةٍ ولا فريضةٍ مفروضةٍ فمن شاء فليتزوجْ على القليلِ والكثيرِ فبينا هو في السوقِ ومعَه ما يشتريه لزوجتِه فرحٌ قريرةٌ عينَاه ينتظرُ ما يُجَهِزُها به إذ سمع صوتًا ينادي يا خيلَ اللهِ اركَبي وأبشري فنظرَ نظرةً إلى السماءِ ثم قال اللهمَّ إلهُ السماءِ وإلهُ الأرضِ وربُّ محمدٍ لأجعلنَّ هذهِ الدراهمَ اليومَ فيما يحِبُّه اللهُ ورسولُه والمؤمنون فانتفض انتَفاض الفرسِ العرَقِ فاشترى سيفًا وفرسًا ورمحًا واشترى جُبةً وشدَّ عمامَته على بطنِه فاعتجر ولم يُرَ منه إلا حماليقُ عينيه حتى وقفَ على المهاجرينَ فقالوا هذا الفارسُ لا نعرفُه فقال لهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ كفُّوا عن الرجلِ فلعلَّه ممَّن طرأ عليكم من قِبلِ البحرينِ جاء يسألُكم عن معالمِ دينِه فأحبَّ أن يواسيَكم اليومَ بنفسِه إذ رآه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال من هذا الفارسُ الذي لم يأتِنا إذ التحمتِ الكتيبتانِ فأقبل يطعنُ برمحِه ويضربُ بسيفِه قدمًا قدمًا إذ قام فرسُه ونزل وحسَر عن ذراعيه فلما رأى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ سوادَ ذِراعيه قال سعدٌ بأبي أنت وأمي يا رسولَ اللهِ قال سَعِدَ جدُّك فما زال يطعنُ برمحِه ويضربُ بسيفِه كلُّ ذلك يقتلُ بطعنةِ رمحِه إذ قالوا قد صُرِع سعدٌ فخرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ مُعَنِّقًا نحوَه فأتاه فرفع رأسَه ووضَعه في حجرِه وأخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ يمسحُ الترابَ عن وجهِه بثوبِه وقال ما أطيبَ ريحُك وأحسن وجهُك وأحبُّك إلى اللهِ ورسولِه قال فبكى وضحِك ثم أعرض بوجهِه ثم قال وردَ الحوضَ وربِّ الكعبةِ فقال أبو أمامةَ بأبي أنت وأمِّي ما الحوضُ قال حوضٌ أعطانيه ربي عرضُه ما بين صنعاءَ إلى بصرَى مُكلَّلٌ بالدرِّ والياقوتِ فيه دَلاءٌ عددُ نجومِ السماءِ ماؤُه أشدُّ بياضًا من اللبنِ وأحلى من العسلِ من شرِب منه شربةً رُوِيَ لا يظمأُ بعدها أبدًا قالوا يا رسولَ اللهِ رأيناك بكيت وضحِكت ورأيناك أعرضت بوجهِك فقال أما بكائي فبكيت شوقًا إلى سعدٍ وأما ضحكي ففرحت له لِمنزلتِه من اللهِ وكرامتِه عليه وأما إعراضي فإني رأيت أزواجَه من الحورِ العينِ يبادرْنَ كاشفاتٍ سوقَهنَّ بادياتٍ خلاخيلَهنَّ فأعرضت عنهنَّ حياءً فأمر بسيفِه ورمحِه وفرسِه وما كان له فقال اذهبوا به إلى زوجتِه فقولوا لهم إنَّ اللهَ قد زوَّجه خيرًا من فتاتِكم وهذا ميراثُه والذي نفسُ محمدٍ بيدِه إني لأذبَّ عن حوضي كما يَذُبِ البعيرُ الأجربُ عن الإبلِ لا يخالطُها إنه لا يَرِدُ على حوضي إلا التقيُّ النقيُّ الذين يعطونَ ما عليهم في يُسرٍ ولا يعطونَ ما عليهم في عُسرٍ

207 - يا خيلَ اللهِ اركبِي [حديث أنس: أتَى رجلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فسلَّم عليه وقال يا رسولَ اللهِ أيمنعُ سوادي ودمامةُ وجهي من دخوليَ الجنةَ قال لا والذي نفسي بيدِه ما اتَّقيت ربَّك وآمنت بما جاء به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قال والذي أكرمَك بالنبوةِ لقد شهدت أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأن محمدًا عبدُه ورسولُه والإقرارُ بما جاء به من عندِ اللهِ من قبلِ أنْ أجلسَ معَك هذا المجلسَ بثمانيةِ أشهرٍ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ لكَ ما للقومِ وعليك ما علَيهم وأنت أخُوهم قال ولقد خطبتُ إلى عامَّةِ مَن بحضرتِك ومَن لقيَني معَك فردَّني لسَوادي ودمامة وجهي وإني لفي حسبٍ من قومي بني سُلَيم معروفُ الآباءِ ولكنْ غلب عليَّ سوادُ أخوالِيَ الموالي فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ هل شهد المجلسَ اليومَ عمرو بنُ وهبٍ وكان رجلًا من ثقيفٍ قريبَ العهدِ بالإسلامِ وكانت فيه صعوبةٌ قالوا لا قال تعرِفُ منزلَه قال نعم قال فاذهبْ فاقرعْ البابَ قرعًا رقيقًا ثم سلِّمْ فإذا دخلت فقلْ زوَّجَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فتاتَكم وكانت له ابنة عاتقةٌ وكان لها حظٌّ من جمالٍ وعقلٍ فلما أتَى البابَ فرحوا وسمعوا لغةً عربيةً فلما رأوا سوادَه ودمامةَ وجهِه انقبَضوا عنه فقال إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ زوَّجني فتاتَكم فردُّوا عليه ردًّا قبيحًا فخرج الرجلُ وخرجت الفتاةُ من خدرِها وقالت يا فتى ارجعْ فإن كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ زوَّجَنيك فقد رضيتُ لنفسي ما رضِيَ لي اللهُ ورسولُه وأنت بعلي وأنا زوجتُك فمضى حتى أتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فأخبرَه وقالت الفتاةُ لأبيها يا أبتاهُ النجاةُ قبلَ أنْ يفضحَك الوحيُّ فإنْ يكنْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ زوَّجَنيه فقد رضيت ما رَضِيَ اللهُ لي ورسولُه فخرج الشيخُ حتى أتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ وهو من أدنى القومِ مجلسًا فقال أنت الذي رددْت على رسولِ اللهِ ما رَددت قال قد فعلتُ ذلك فأستغفرُ اللهَ وظننَّا أنه كاذبٌ فقد زوَّجناها إياهُ فنعوذُ باللهِ من سخطِ اللهِ وسخطِ رسولهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ اذهبْ إلى صاحبَتِك فادخلْ بها قال والذي بعَثك بالحقِّ ما أجدُ شيئًا حتى أسألَ إخواني فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ مهرُ امرأتِك على ثلاثةٍ من المؤمنينَ اذهبْ إلى عثمانَ بنِ عفانَ فخذْ منه مئَتَي درهمٍ فأعطاه وزادَه واذهبْ إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ فخذْ منه مئةَ درهمٍ فأعطاه وزادَه واذهبْ إلى عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ فخذْ منه مئةَ درهمٍ فأعطاه وزاده قال واعلمْ أنها ليست بسنةٍ جاريةٍ ولا فريضةٍ مفروضةٍ فمن شاء فليتزوجْ على القليلِ والكثيرِ فبينا هو في السوقِ ومعَه ما يشتريه لزوجتِه فرحٌ قريرةٌ عينَاه ينتظرُ ما يُجَهِزُها به إذ سمع صوتًا ينادي يا خيلَ اللهِ اركَبي وأبشري فنظرَ نظرةً إلى السماءِ ثم قال اللهمَّ إلهُ السماءِ وإلهُ الأرضِ وربُّ محمدٍ لأجعلنَّ هذهِ الدراهمَ اليومَ فيما يحِبُّه اللهُ ورسولُه والمؤمنون فانتفض انتَفاض الفرسِ العرَقِ فاشترى سيفًا وفرسًا ورمحًا واشترى جُبةً وشدَّ عمامَته على بطنِه فاعتجر ولم يُرَ منه إلا حماليقُ عينيه حتى وقفَ على المهاجرينَ فقالوا هذا الفارسُ لا نعرفُه فقال لهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ كفُّوا عن الرجلِ فلعلَّه ممَّن طرأ عليكم من قِبلِ البحرينِ جاء يسألُكم عن معالمِ دينِه فأحبَّ أن يواسيَكم اليومَ بنفسِه إذ رآه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال من هذا الفارسُ الذي لم يأتِنا إذ التحمتِ الكتيبتانِ فأقبل يطعنُ برمحِه ويضربُ بسيفِه قدمًا قدمًا إذ قام فرسُه ونزل وحسَر عن ذراعيه فلما رأى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ سوادَ ذِراعيه قال سعدٌ بأبي أنت وأمي يا رسولَ اللهِ قال سَعِدَ جدُّك فما زال يطعنُ برمحِه ويضربُ بسيفِه كلُّ ذلك يقتلُ بطعنةِ رمحِه إذ قالوا قد صُرِع سعدٌ فخرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ مُعَنِّقًا نحوَه فأتاه فرفع رأسَه ووضَعه في حجرِه وأخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ يمسحُ الترابَ عن وجهِه بثوبِه وقال ما أطيبَ ريحُك وأحسن وجهُك وأحبُّك إلى اللهِ ورسولِه قال فبكى وضحِك ثم أعرض بوجهِه ثم قال وردَ الحوضَ وربِّ الكعبةِ فقال أبو أمامةَ بأبي أنت وأمِّي ما الحوضُ قال حوضٌ أعطانيه ربي عرضُه ما بين صنعاءَ إلى بصرَى مُكلَّلٌ بالدرِّ والياقوتِ فيه دَلاءٌ عددُ نجومِ السماءِ ماؤُه أشدُّ بياضًا من اللبنِ وأحلى من العسلِ من شرِب منه شربةً رُوِيَ لا يظمأُ بعدها أبدًا قالوا يا رسولَ اللهِ رأيناك بكيت وضحِكت ورأيناك أعرضت بوجهِك فقال أما بكائي فبكيت شوقًا إلى سعدٍ وأما ضحكي ففرحت له لِمنزلتِه من اللهِ وكرامتِه عليه وأما إعراضي فإني رأيت أزواجَه من الحورِ العينِ يبادرْنَ كاشفاتٍ سوقَهنَّ بادياتٍ خلاخيلَهنَّ فأعرضت عنهنَّ حياءً فأمر بسيفِه ورمحِه وفرسِه وما كان له فقال اذهبوا به إلى زوجتِه فقولوا لهم إنَّ اللهَ قد زوَّجه خيرًا من فتاتِكم وهذا ميراثُه والذي نفسُ محمدٍ بيدِه إني لأذبَّ عن حوضي كما يَذُبِ البعيرُ الأجربُ عن الإبلِ لا يخالطُها إنه لا يَرِدُ على حوضي إلا التقيُّ النقيُّ الذين يعطونَ ما عليهم في يُسرٍ ولا يعطونَ ما عليهم في عُسرٍ]
خلاصة حكم المحدث : قيل لا أصل له أو بأصله موضوع
الراوي : أنس وقتادة | المحدث : ملا علي قاري | المصدر : الأسرار المرفوعة
الصفحة أو الرقم : 373
التصنيف الموضوعي: جهاد - الترغيب في الجهاد جهاد - فضل الجهاد خيل - النداء عند النفير يا خيل الله اركبي خيل - فضل الخيل
| أحاديث مشابهة

208 - كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد صالَح قريشًا عامَ الحُديبيةَ على أنه من أحبَ أن يدخلَ في عقدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعهدِهِ دخل فيه ومن أحبَّ أن يدخلَ في عقدِ قريشٍ وعهدِهِم دخل فيه فتواثَبتْ خُزاعةُ وبنو كعبٍ وغيرهم معهم فقالوا نحن في عقدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعهدِه وتواثَبتْ بنو بكرٍ فقالوا نحن في عقدِ قريشٍ وعهدِهم وقامت قريشٌ على الوفاءِ بذلك سنةً وبعضَ سنةٍ ثم إنَّ بني بكرٍ عدَوا على خُزاعةَ على ما لهم بأسفلِ مكةَ فقال له الزبيرُ بيَّتوهم فيه فأصابوا منهم رجلًا وتجاوزَ القومُ فاقتتَلوا ورفدتْ قريشٌ بني بكرٍ بالسلاحِ وقاتل معهم من قاتل من قريشٍ بالنَّبلِ مُستخفيًا حتى جاوزوا خُزاعةَ إلى الحرمِ وقائدُ بني بكرٍ يومئذٍ نوفلُ بنُ معاويةَ فلما انتهوا إلى الحَرمِ قالت بنو بكرٍ يا نوفلُ إلهَكَ إلهكَ إنا قد دخلْنا الحرمَ فقال كلمةً عظيمةً لا إله له اليومَ يا بني بكرٍ أصيبوا ثأرَكم قد كانت خزاعةُ أصابت قبلَ الإسلامِ نفرًا ثلاثةً وهم مُتحرِّفون دُوَيبًا وكُلثومًا وسليمانُ بن الأسودِ بنِ زُرَيقٍ بنِ يعمرَ فلَعمْري يا بني بكرٍ إنكم تَسرقون في الحَرَمِ أفلا تصيبون ثأرَكم فيه قال وقد كانوا أصابوا منهم رجلًا ليلةَ بيَّتوهم بالوتيرِ ومعه رجلٌ من قومِه يقال له مُنبِّه رجلًا مُفردًا فخرج هو وتميمٌ فقال مُنبِّه يا تميمُ أنج بنفسِك فأما أنا فواللهِ إني لميِّتٌ قتلُوني أو لم يقتلوني فانطلَق تميمٌ فأدركَ مُنبِّه فقتلوه وأفلتُ تميمٌ فلما دخل مكةَ لحِق إلى دارِ بُديلِ بنِ وَرقاءِ ودارِ رافعٍ مولى لهم وخرج عمرو بنُ سالمٍ حتى قدِمَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فوقف ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جالسٌ في المسجدِ فقال عمرو لا همَّ إني ناشدٌ محمدًا حِلفَ أبينا وأبيه الأتلدَا والدًا كنا وكنتَ ولدًا ثَمَّة أسلمْنا فلم ننزِعْ يدَا فانصُرْ رسولَ اللهِ نصرًا أعتدَا وأدعُ عبادَ اللهِ يأتوا مدَدًا فيهم رسولُ اللهِ قد تجرَّدَا إن سِيم خَسفًا وجههُ تربَّدَا في فَيلقٍ كالبحرِ يأتي مزبدَا إنَّ قريشًا أخلفوك الموعدَا ونقضوا ميثاقَك المُؤكَدَا وجعلوا لي في كَداءَ رصدَا وزعموا أن لستَ أدعو أحدًا وهم أذلُّ وأقلُّ عددًا هم بيَّتونا بالوتيرِ هُجَّدًا فقتلونا رُكَّعًا وسُجَّدًا قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد نُصِرتَ بني كعبٍ ثم خرج بُديلُ بنُ وَرْقاءَ في نفرٍ من خُزاعةَ حتى قدِموا على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالمدينةِ فأخبروه بما أُصيبَ منهم وقد رجعوا وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كأنكم بأبي سفيانَ قد قدِم ليزيدَ في العهدِ ويزيدَ في المُدَّةِ

209 - ذكروا عند عبد الله الدجال فقال تفترقون أيها الناس ثلاث فرق فرقة تتبعه وفرقة تلحق بأرض آبائها منابت الشيح وفرقة تأخذ شط هذا الفرات يقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بعريتي من الشام فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فرس أشقر أو أبلق فيقتلون لا يرجع إليهم شيء. قال وحدثني أبو صادق عن ربيعة بن ناجذ عن عبد الله قال: فرس أشقر قال عبد الله: ويزعم أهل الكتاب أن المسيح ينزل فيقتله ولم أسمعه يحدث عن أهل الكتاب حديثاً غير هذا حتى يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون في الأرض فيفسدون فيها ثم قرأ عبد الله: وهم من كل حدب ينسلون ثم يبعث الله عليهم دابة مثل هذه النغف فتلج أسماعهم ومناخرهم فيموتون فتنتفي الأرض منهم فيرسل الله ماء فيطهر الأرض منهم ثم يبعث الله ريحاً فيها زمهرير بارد فلا يدع على وجه الأرض مؤمنا إلا كفتته تلك الريح ثم تقوم الساعة على شرار الناس ثم يقوم ملك بالصور بين السماء إلى الأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق في السموات إلا مات إلا من شاء ربك ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون قال: فليس من بني آدم خلق إلا في الأرض منه شيء ثم يرسل الله – تبارك وتعالى – من تحت العرش ماء كمني الرجال فينبت أجسادهم ولحمانهم من ذلك الماء كما ينبت البذر من الأرض ثم قرأ عبد الله: وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضاً. قال: ثم يلقى النصارى فيقول: ما تعبدون؟ قالوا: المسيح فيقول هل يسركم الماء؟ قالوا: نعم فيريهم الله جهنم كهيئة السراب. وكذلك لمن كان يعبد من دون الله شيئا ثم قرأ عبد الله وقفوهم إنهم مسئولون حتى يمرالمسلمون فيلقاهم فيقول من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئا فينتهرهم مرة أو مرتين فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئا فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف لنا عرفناه فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى مؤمن إلا خر لله ساجداً ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد كأنما فيها السفافيد فيقولون: ربنا: فيقول: كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون ثم يأمر بالصراط فيضرب على جهنم فيمر الناس بأعمالهم زمراً أولهم كلمح البرق ثم تمر الريح ثم تمر الطير ثم تمر البهائم قال: ثم كذلك حتى يجيء الرجل سعياً ثم ثجي الرجل مشيا حتى يكون آخرهم رجل يتلقى على بطنه فيقول: يا رب! أبطأت بي فيقول: إنما بطأ بك عملك. ثم يأذن الله في الشفاعة فيكون أول شافع يوم القيامة جبريل ثم إبراهيم خليل الله ثم موسى أو قال عيسى قال سلمة: لا أدري أيهما قال: ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم رابعاً لا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه وهو المقام المحمود الذي وعده الله عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً فليس من نفس إلا تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار وهو يوم الحسرة قال: فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة فيقال: لو عملتم ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقال: لولا أن من الله عليكم ثم يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون فيشفعهم الله ثم يقول: أنا أرحم الراحمين فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق برحمته حتى ما يترك فيها أحداً فيه خير ثم قرأ عبد الله: قل يا أيها الكافرون ما سلككم في سقر وعقد بيده قالوا: لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين وعقد أربعا وقال سفيان بيده ضم أربع أصابعه ووصفه أبو نعيم ثم قال ترون في هؤلاء أحداً فيه خير حتى ما يترك أحد فيه خير فإذا أراد الله أن لا يخرج منها أحداً غير وجوههم وألوانهم فيجئ الرجل من المؤمنين فيشفع فيقال له: من عرف أحدا فليخرجه فيجئ الرجل فينظر فلا يعرف أحداً فيقول الرجل للرجل: أي فلان أنا فلان فيقول ما أعرفك فيقولون ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فيقول إخسؤوا فيها ولا تكلمون قال فإذا قال ذلك طبقت عليهم فلم يخرج منهم بشر
خلاصة حكم المحدث : [فيه] عبد الله بن هانئ أبو الزعراء فيه كلام ليس في حديث الناس قال البخاري لا يتابع على حديثه
الراوي : أبو الزعراء عبدالله بن هانئ | المحدث : العقيلي | المصدر : الضعفاء الكبير
الصفحة أو الرقم : 2/314
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - خروج الدجال ومكثه بالأرض أشراط الساعة - يأجوج ومأجوج فتن - ظهور الفتن فتن - فتنة الدجال إيمان - أهل الكتاب وما يتعلق بهم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

210 - جاء هلالُ بنُ أميَّةَ وهو أحدُ الثلاثةِ الذين تاب اللهُ عليهم فجاء من أرضِه عشيًا فوجد عند أهلِه رجلاً فرأى بعينِه وسَمِعَ بأذُنِه فلم يَهِجْه حتى أصبحَ ثم غدا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسولَ اللهِ إني جئتُ أهلي عشاءً فوجدتُ عندهم رجلاً فرأيتُ بعيني وسمعتُ بأذني فكرِه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتدَّ عليه فنزلت( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم ) الآيتين كلتيهما فسُرِّيَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال أبشر يا هلالُ قد جعلَ اللهُ عز وجل لك فرجًا ومخرجًا قال هلالٌ: قد كنتُ أرجو ذلك من ربِّي. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أرسلوا إليها فجاءت فتلاها عليهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وذكرهما وأخبرهما أن عذابَ الآخرةِ أشدُّ من عذابِ الدنيا. فقال هلالٌ واللهِ لقد صدقتُ عليها. فقالت: قد كذبَ. فقال رسولُ اللِه صلى الله عليه وسلم لاعِنوا بينَهما فقيل لهلالٍ: اشهدْ فشهِدَ أربعَ شهاداتٍ باللهِ إنه لمن الصادقين, فلما كانت الخامسةُ قيل له: يا هلالُ اتقِ اللهَ فإن عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرةِ وإن هذه الموجِبَةُ التي تُوجِبُ عليك العذابَ, فقال: واللهِ لا يعذِّبُني اللهُ عليها كما لم يُجلِّدني عليها فشهدَ الخامسةَ أن لعنةَ اللهِ عليه إن كان من الكاذبين, ثم قيل لها اشهدي فشهدت أربعَ شهاداتٍ باللهِ إنه لمن الكاذبين فلما كانت الخامسةُ قيل لها اتقي اللهَ فإن عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرةِ وإن هذه المُوجِبَةُ التي تُوجِبُ عليك العذاب فتلكَّأت ساعةً ثم قالت واللهِ لا أفضحُ قومي فشهدت الخامسةَ أن غضبَ اللهِ عليها إن كان من الصادقين. ففرَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينَهما وقضى أن لا يُدعى ولدُها لأبٍ ولا تُرمى ولا يُرمى ولدُها ومن رماها أو رمى ولدَها فعليه الحدُّ وقضى أن لا بيتَ لها عليه ولا قوتَ من أجلِ أنهما يتفرقان من غيرِ طلاقٍ ولا مُتوفَّى عنها, وقال: إن جاءت به أُصَيْهِبَ أُريْصِحَ أُثَيْبِجَ حَمْشَ الساقين فهو لهلالٍ,وإن جاءت به أوْرقَ جَعْدًا جُماليًّا خَدلَّجَ الساقين سابِغَ الأليتين فهو للذي رُميت به فجاءت به أوْرقَ جَعْدًا جُماليًّا خَدلَّج الساقين سابِغ الأليتين , فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لولا الأيمانُ لكان لي ولها شأنٌ. قال عِكرمةُ: فكان بعد ذلك أميرًا على مُضَرَ وما يدعى لأبٍ
 

1 - لَمَّا مَاتَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، جَاءَ أبَا بَكْرٍ مَالٌ مِن قِبَلِ العَلَاءِ بنِ الحَضْرَمِيِّ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: مَن كانَ له علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَيْنٌ أوْ كَانَتْ له قِبَلَهُ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا، قَالَ جَابِرٌ: فَقُلتُ: وعَدَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وهَكَذَا وهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ جَابِرٌ: فَعَدَّ في يَدِي خَمْسَ مِئَةٍ، ثُمَّ خَمْسَ مِئَةٍ، ثُمَّ خَمْسَ مِئَةٍ.

2 -  أنَّ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه خَرَجَ مِن عِندِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في وجَعِهِ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يا أبَا حَسَنٍ، كيفَ أصْبَحَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقَالَ: أصْبَحَ بحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا ، فأخَذَ بيَدِهِ عَبَّاسُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ له: أنْتَ واللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عبدُ العَصَا، وإنِّي واللَّهِ لَأَرَى رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَوْفَ يُتَوَفَّى مِن وجَعِهِ هذا؛ إنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ عِنْدَ المَوْتِ، اذْهَبْ بنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَن هذا الأمْرُ؛ إنْ كانَ فِينَا عَلِمْنَا ذلكَ، وإنْ كانَ في غيرِنَا عَلِمْنَاهُ، فأوْصَى بنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: إنَّا واللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَمَنَعَنَاهَا، لا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وإنِّي واللَّهِ لا أسْأَلُهَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4447 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - الاستخلاف فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مرض النبي وموته مناقب وفضائل - علي بن أبي طالب جنائز وموت - عيادة المريض مريض - مشروعية عيادة المريض وفضلها
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

3 - أَقْبَلْتُ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَعِي رَجُلانِ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ، أحَدُهُما عن يَمِينِي، والآخَرُ عن يَسارِي، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتاكُ، فَكِلاهُما سَأَلَ، فقالَ: يا أبا مُوسَى -أوْ: يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ- قالَ: قُلتُ: والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أطْلَعانِي علَى ما في أنْفُسِهِما، وما شَعَرْتُ أنَّهُما يَطْلُبانِ العَمَلَ، فَكَأَنِّي أنْظُرُ إلى سِواكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ ، فقالَ: لَنْ -أوْ: لا- نَسْتَعْمِلُ علَى عَمَلِنا مَن أرادَهُ، ولَكِنِ اذْهَبْ أنْتَ يا أبا مُوسَى -أوْ يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ- إلى اليَمَنِ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعاذُ بنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عليه ألْقَى له وِسادَةً ، قالَ: انْزِلْ، وإذا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قالَ: ما هذا؟ قالَ: كانَ يَهُودِيًّا فأسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قالَ: اجْلِسْ، قالَ: لا أجْلِسُ حتَّى يُقْتَلَ، قَضاءُ اللَّهِ ورَسولِهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فأمَرَ به فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذاكَرا قِيامَ اللَّيْلِ، فقالَ أحَدُهُما: أمَّا أنا فأقُومُ وأنامُ، وأَرْجُو في نَوْمَتي ما أرْجُو في قَوْمَتِي.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6923 التخريج : أخرجه البخاري (6923)، ومسلم (1733)
التصنيف الموضوعي: آداب المجلس - من ألقي له وسادة تراويح وتهجد وقيام ليل - وقت القيام حدود - حد المرتد طهارة - السواك أقضية وأحكام - الحرص على الولاية وطلبها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

4 -  إنَّ أوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ في الجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ؛ كانَ رَجُلٌ مِن بَنِي هَاشِمٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ مِن فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ معهُ في إبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ به مِن بَنِي هَاشِمٍ قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ، فَقَالَ: أغِثْنِي بعِقَالٍ أشُدُّ به عُرْوَةَ جُوَالِقِي؛ لا تَنْفِرُ الإبِلُ، فأعْطَاهُ عِقَالًا فَشَدَّ به عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الإبِلُ إلَّا بَعِيرًا واحِدًا، فَقَالَ الذي اسْتَأْجَرَهُ: ما شَأْنُ هذا البَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِن بَيْنِ الإبِلِ؟ قَالَ: ليسَ له عِقَالٌ، قَالَ: فأيْنَ عِقَالُهُ؟ قَالَ: فَحَذَفَهُ بعَصًا كانَ فِيهَا أجَلُهُ، فَمَرَّ به رَجُلٌ مِن أهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: أتَشْهَدُ المَوْسِمَ؟ قَالَ: ما أشْهَدُ، ورُبَّما شَهِدْتُهُ، قَالَ: هلْ أنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَتَبَ: إذَا أنْتَ شَهِدْتَ المَوْسِمَ فَنَادِ: يا آلَ قُرَيْشٍ، فَإِذَا أجَابُوكَ فَنَادِ: يا آلَ بَنِي هَاشِمٍ، فإنْ أجَابُوكَ، فَسَلْ عن أبِي طَالِبٍ فأخْبِرْهُ: أنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي في عِقَالٍ، ومَاتَ المُسْتَأْجَرُ ، فَلَمَّا قَدِمَ الذي اسْتَأْجَرَهُ، أتَاهُ أبو طَالِبٍ فَقَالَ: ما فَعَلَ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: مَرِضَ، فأحْسَنْتُ القِيَامَ عليه، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ، قَالَ: قدْ كانَ أهْلَ ذَاكَ مِنْكَ، فَمَكُثَ حِينًا، ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ الذي أوْصَى إلَيْهِ أنْ يُبْلِغَ عنْه وافَى المَوْسِمَ ، فَقَالَ: يا آلَ قُرَيْشٍ، قالوا: هذِه قُرَيْشٌ، قَالَ: يا آلَ بَنِي هَاشِمٍ، قالوا: هذِه بَنُو هَاشِمٍ، قَالَ: أيْنَ أبو طَالِبٍ؟ قالوا: هذا أبو طَالِبٍ، قَالَ: أمَرَنِي فُلَانٌ أنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً: أنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ في عِقَالٍ. فأتَاهُ أبو طَالِبٍ فَقَالَ له: اخْتَرْ مِنَّا إحْدَى ثَلَاثٍ: إنْ شِئْتَ أنْ تُؤَدِّيَ مِئَةً مِنَ الإبِلِ؛ فإنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وإنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِن قَوْمِكَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فإنْ أبَيْتَ قَتَلْنَاكَ به، فأتَى قَوْمَهُ فَقالوا: نَحْلِفُ، فأتَتْهُ امْرَأَةٌ مِن بَنِي هَاشِمٍ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ منهمْ قدْ ولَدَتْ له، فَقَالَتْ: يا أبَا طَالِبٍ، أُحِبُّ أنْ تُجِيزَ ابْنِي هذا برَجُلٍ مِنَ الخَمْسِينَ، ولَا تَصْبُرْ يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الأيْمَانُ، فَفَعَلَ، فأتَاهُ رَجُلٌ منهمْ فَقَالَ: يا أبَا طَالِبٍ، أرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلًا أنْ يَحْلِفُوا مَكانَ مِئَةٍ مِنَ الإبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هذانِ بَعِيرَانِ، فَاقْبَلْهُما عَنِّي ولَا تَصْبُرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الأيْمَانُ، فَقَبِلَهُمَا، وجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، ما حَالَ الحَوْلُ ومِنَ الثَّمَانِيَةِ وأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3845 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: ديات وقصاص - القتل بالقسامة ديات وقصاص - تبدئة أهل الدم بالقسامة ديات وقصاص - القسامة التي كانت بالجاهلية ديات وقصاص - مقدار الدية رقائق وزهد - أهل الجاهلية
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

5 -  بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فأتَاهُ، فَقالَ: إنِّي سَائِلُكَ عن ثَلَاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا نَبِيٌّ؛ قالَ: ما أوَّلُ أشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وما أوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ؟ ومِنْ أيِّ شَيءٍ يَنْزِعُ الوَلَدُ إلى أبِيهِ؟ ومِنْ أيِّ شَيءٍ يَنْزِعُ إلى أخْوَالِهِ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَبَّرَنِي بهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ، قالَ: فَقالَ عبدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلَائِكَةِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أوَّلُ أشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ، وأَمَّا أوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ ، وأَمَّا الشَّبَهُ في الوَلَدِ: فإنَّ الرَّجُلَ إذَا غَشِيَ المَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كانَ الشَّبَهُ له، وإذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كانَ الشَّبَهُ لَهَا. قالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ، ثُمَّ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ ، إنْ عَلِمُوا بإسْلَامِي قَبْلَ أنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ، فَجَاءَتِ اليَهُودُ، ودَخَلَ عبدُ اللَّهِ البَيْتَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ؟ قالوا: أعْلَمُنَا وابنُ أعْلَمِنَا، وأَخْيَرُنَا وابنُ أخْيَرِنَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفَرَأَيْتُمْ إنْ أسْلَمَ عبدُ اللَّهِ؟ قالوا: أعَاذَهُ اللَّهُ مِن ذلكَ، فَخَرَجَ عبدُ اللَّهِ إليهِم، فَقالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فَقالوا: شَرُّنَا وابنُ شَرِّنَا، ووَقَعُوا فِيهِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3329 التخريج : أخرجه أحمد (12057)، وعبد بن حميد (1387)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8197) واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - أمارات الساعة وأشراطها أشراط الساعة - خروج النار جنة - طعام أهل الجنة وشرابهم خلق - ماء الرجل وماء المرأة ملائكة - فضل جبريل
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

6 -  عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قالَ: كانَ فَرَضَ لِلْمُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أرْبَعَةَ آلافٍ في أرْبَعَةٍ، وفَرَضَ لِابْنِ عُمَرَ ثَلاثَةَ آلافٍ وخَمْسَ مِئَةٍ، فقِيلَ له: هو مِنَ المُهاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِن أرْبَعَةِ آلافٍ؟ فقالَ: إنَّما هاجَرَ به أبَواهُ. يقولُ: ليسَ هو كَمَن هاجَرَ بنَفْسِهِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3912 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: غنائم - التفضيل على السابقة والنسب غنائم - الغنائم وتقسيمها مناقب وفضائل - فضائل المهاجرين ومناقبهم جهاد - الفيء والغنيمة مناقب وفضائل - عبد الله بن عمر
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

7 - لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ، إلَّا وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عليْنا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهارِ ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بَكْرٍ مُهاجِرًا نَحْوَ أرْضِ الحَبَشَةِ، حتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغِمادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارَةِ ، فقالَ: أيْنَ تُرِيدُ يا أبا بَكْرٍ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيحَ في الأرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ ببَلَدِكَ، فَرَجَعَ وارْتَحَلَ معهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَطافَ ابنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً في أشْرافِ قُرَيْشٍ، فقالَ لهمْ: إنَّ أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ، ويَحْمِلُ الكَلَّ ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بجِوارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وقالوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دارِهِ، فَلْيُصَلِّ فيها ولْيَقْرَأْ ما شاءَ، ولا يُؤْذِينا بذلكَ ولا يَسْتَعْلِنْ به، فإنَّا نَخْشَى أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فقالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أبو بَكْرٍ بذلكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دارِهِ، ولا يَسْتَعْلِنُ بصَلاتِهِ ولا يَقْرَأُ في غيرِ دارِهِ، ثُمَّ بَدا لأبِي بَكْرٍ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، وكانَ يُصَلِّي فِيهِ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عليه نِساءُ المُشْرِكِينَ وأَبْناؤُهُمْ، وهُمْ يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكّاءً ، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ القُرْآنَ، وأَفْزَعَ ذلكَ أشْرافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عليهم، فقالوا: إنَّا كُنَّا أجَرْنا أبا بَكْرٍ بجِوارِكَ، علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ، فقَدْ جاوَزَ ذلكَ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، فأعْلَنَ بالصَّلاةِ والقِراءَةِ فِيهِ، وإنَّا قدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فانْهَهُ، فإنْ أحَبَّ أنْ يَقْتَصِرَ علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ فَعَلَ، وإنْ أبَى إلَّا أنْ يُعْلِنَ بذلكَ، فَسَلْهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فإنَّا قدْ كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَكَ ، ولَسْنا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلانَ، قالَتْ عائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أبِي بَكْرٍ فقالَ: قدْ عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أنْ تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي، فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تَسْمع العَرَبُ أنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، فقالَ أبو بَكْرٍ: فإنِّي أرُدُّ إلَيْكَ جِوارَكَ، وأَرْضَى بجِوارِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: إنِّي أُرِيتُ دارَ هِجْرَتِكُمْ، ذاتَ نَخْلٍ بيْنَ لابَتَيْنِ وهُما الحَرَّتانِ، فَهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، ورَجَعَ عامَّةُ مَن كانَ هاجَرَ بأَرْضِ الحَبَشَةِ إلى المَدِينَةِ، وتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكَ ، فإنِّي أرْجُو أنْ يُؤْذَنَ لي فقالَ أبو بَكْرٍ: وهلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا عِنْدَهُ ورَقَ السَّمُرِ وهو الخَبَطُ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. قالَ ابنُ شِهابٍ، قالَ: عُرْوَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فَبيْنَما نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قالَ قائِلٌ لأبِي بَكْرٍ: هذا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَقَنِّعًا، في ساعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينا فيها، فقالَ أبو بَكْرٍ: فِداءٌ له أبِي وأُمِّي، واللَّهِ ما جاءَ به في هذِه السَّاعَةِ إلَّا أمْرٌ، قالَتْ: فَجاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ له فَدَخَلَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ. فقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُمْ أهْلُكَ، بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنِّي قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فقالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحابَةُ بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ - بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ - إحْدَى راحِلَتَيَّ هاتَيْنِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالثَّمَنِ. قالَتْ عائِشَةُ: فَجَهَّزْناهُما أحَثَّ الجِهازِ، وصَنَعْنا لهما سُفْرَةً في جِرابٍ ، فَقَطَعَتْ أسْماءُ بنْتُ أبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فَرَبَطَتْ به علَى فَمِ الجِرابِ، فَبِذلكَ سُمِّيَتْ ذاتَ النِّطاقَيْنِ قالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ بغارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ ، فَكَمَنا فيه ثَلاثَ لَيالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُما عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي بَكْرٍ، وهو غُلامٌ شابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فيُدْلِجُ مِن عِندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ مع قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبائِتٍ، فلا يَسْمَعُ أمْرًا، يُكْتادانِ به إلَّا وعاهُ ، حتَّى يَأْتِيَهُما بخَبَرِ ذلكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعَى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِن غَنَمٍ، فيُرِيحُها عليهما حِينَ تَذْهَبُ ساعَةٌ مِنَ العِشاءِ، فَيَبِيتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهِما ورَضِيفِهِما، حتَّى يَنْعِقَ بها عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن تِلكَ اللَّيالِي الثَّلاثِ، واسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ، وهو مِن بَنِي عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هادِيا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهِرُ بالهِدايَةِ، قدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ، وهو علَى دِينِ كُفّارِ قُرَيْشٍ، فأمِناهُ فَدَفَعا إلَيْهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ، براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، والدَّلِيلُ، فأخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّواحِلِ،

8 -  لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى، وَكانَ في بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ له: جُرَيْجٌ، كانَ يُصَلِّي، جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ فَقالَتْ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْهُ حتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ، وَكانَ جُرَيْجٌ في صَوْمعتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ له امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فأبَى، فأتَتْ رَاعِيًا فأمْكَنَتْهُ مِن نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقالَتْ: مِن جُرَيْجٍ، فأتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمعتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلَامَ، فَقالَ: مَن أَبُوكَ يا غُلَامُ؟ قالَ: الرَّاعِي، قالوا: نَبْنِي صَوْمعتَكَ مِن ذَهَبٍ؟ قالَ: لَا، إِلَّا مِن طِينٍ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ علَى الرَّاكِبِ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ علَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ -قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ- ثُمَّ مُرَّ بأَمَةٍ، فَقالَتْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هذِه، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقالَتْ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، وَهذِه الأَمَةُ يقولونَ: سَرَقْتِ، زَنَيْتِ، وَلَمْ تَفْعَلْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3436 التخريج : أخرجه البخاري (3436)، ومسلم (2550)
التصنيف الموضوعي: أنبياء - معجزات رقائق وزهد - الكبر والتواضع عقيدة - كرامات الأولياء علم - القصص علم - من تكلموا في المهد
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

9 - أنَّ عُمَرَ بنَ عبدِ العَزِيزِ أبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ، ثُمَّ أذِنَ لهمْ فَدَخَلُوا، فَقالَ: ما تَقُولونَ في القَسَامَةِ؟ قالَ: نَقُولُ: القَسَامَةُ القَوَدُ بهَا حَقٌّ، وقدْ أقَادَتْ بهَا الخُلَفَاءُ. قالَ لِي: ما تَقُولُ يا أبَا قِلَابَةَ؟ ونَصَبَنِي لِلنَّاسِ ، فَقُلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، عِنْدَكَ رُؤُوسُ الأجْنَادِ وأَشْرَافُ العَرَبِ، أرَأَيْتَ لو أنَّ خَمْسِينَ منهمْ شَهِدُوا علَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بدِمَشْقَ أنَّه قدْ زَنَى، لَمْ يَرَوْهُ، أكُنْتَ تَرْجُمُهُ؟ قالَ: لَا. قُلتُ: أرَأَيْتَ لو أنَّ خَمْسِينَ منهمْ شَهِدُوا علَى رَجُلٍ بحِمْصَ أنَّه سَرَقَ، أكُنْتَ تَقْطَعُهُ ولَمْ يَرَوْهُ؟ قالَ: لَا، قُلتُ: فَوَاللَّهِ ما قَتَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحَدًا قَطُّ إلَّا في إحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ بجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ ، أوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ ورَسولَهُ، وارْتَدَّ عَنِ الإسْلَامِ. فَقالَ القَوْمُ: أوَليسَ قدْ حَدَّثَ أنَسُ بنُ مَالِكٍ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَطَعَ في السَّرَقِ، وسَمَرَ الأعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ في الشَّمْسِ؟ فَقُلتُ: أنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أنَسٍ: حدَّثَني أنَسٌ: أنَّ نَفَرًا مِن عُكْلٍ ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَبَايَعُوهُ علَى الإسْلَامِ، فَاسْتَوْخَمُوا الأرْضَ فَسَقِمَتْ أجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذلكَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: أفلا تَخْرُجُونَ مع رَاعِينَا في إبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِن ألْبَانِهَا وأَبْوَالِهَا؟ قالوا: بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِن ألْبَانِهَا وأَبْوَالِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذلكَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأرْسَلَ في آثَارِهِمْ ، فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بهِمْ، فأمَرَ بهِمْ فَقُطِّعَتْ أيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُمْ، وسَمَرَ أعْيُنَهُمْ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ في الشَّمْسِ حتَّى مَاتُوا. قُلتُ: وأَيُّ شَيْءٍ أشَدُّ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟! ارْتَدُّوا عَنِ الإسْلَامِ، وقَتَلُوا وسَرَقُوا. فَقالَ عَنْبَسَةُ بنُ سَعِيدٍ: واللَّهِ إنْ سَمِعْتُ كَاليَومِ قَطُّ. فَقُلتُ: أتَرُدُّ عَلَيَّ حَديثِي يا عَنْبَسَةُ؟! قالَ: لَا، ولَكِنْ جِئْتَ بالحَديثِ علَى وجْهِهِ، واللَّهِ لا يَزَالُ هذا الجُنْدُ بخَيْرٍ ما عَاشَ هذا الشَّيْخُ بيْنَ أظْهُرِهِمْ. قُلتُ: وقدْ كانَ في هذا سُنَّةٌ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ دَخَلَ عليه نَفَرٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ منهمْ بيْنَ أيْدِيهِمْ فَقُتِلَ، فَخَرَجُوا بَعْدَهُ، فَإِذَا هُمْ بصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ، فَرَجَعُوا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، صَاحِبُنَا كانَ تَحَدَّثَ معنَا، فَخَرَجَ بيْنَ أيْدِينَا، فَإِذَا نَحْنُ به يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: بمَن تَظُنُّونَ -أوْ مَن تَرَوْنَ- قَتَلَهُ؟ قالوا: نَرَى أنَّ اليَهُودَ قَتَلَتْهُ، فأرْسَلَ إلى اليَهُودِ فَدَعَاهُمْ، فَقالَ: آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هذا؟ قالوا: لَا، قالَ: أتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ اليَهُودِ ما قَتَلُوهُ؟ فَقالوا: ما يُبَالُونَ أنْ يَقْتُلُونَا أجْمَعِينَ، ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ، قالَ: أفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنكُم؟ قالوا: ما كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِن عِندِهِ. قُلتُ: وقدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لهمْ في الجَاهِلِيَّةِ، فَطَرَقَ أهْلَ بَيْتٍ مِنَ اليَمَنِ بالبَطْحَاءِ، فَانْتَبَهَ له رَجُلٌ منهمْ، فَحَذَفَهُ بالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ، فأخَذُوا اليَمَانِيَ فَرَفَعُوهُ إلى عُمَرَ بالمَوْسِمِ، وقالوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقالَ: إنَّهُمْ قدْ خَلَعُوهُ، فَقالَ: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِن هُذَيْلٍ ما خَلَعُوهُ، قالَ: فأقْسَمَ منهمْ تِسْعَةٌ وأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وقَدِمَ رَجُلٌ منهمْ مِنَ الشَّأْمِ، فَسَأَلُوهُ أنْ يُقْسِمَ، فَافْتَدَى يَمِينَهُ منهمْ بأَلْفِ دِرْهَمٍ، فأدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ، فَدَفَعَهُ إلى أخِي المَقْتُولِ، فَقُرِنَتْ يَدُهُ بيَدِهِ، قالوا: فَانْطَلَقَا والخَمْسُونَ الَّذِينَ أقْسَمُوا، حتَّى إذَا كَانُوا بنَخْلَةَ، أخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَدَخَلُوا في غَارٍ في الجَبَلِ، فَانْهَجَمَ الغَارُ علَى الخَمْسِينَ الَّذِينَ أقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، وأَفْلَتَ القَرِينَانِ، واتَّبَعَهُما حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أخِي المَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلًا ثُمَّ مَاتَ. قُلتُ: وقدْ كانَ عبدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ أقَادَ رَجُلًا بالقَسَامَةِ ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ ما صَنَعَ، فأمَرَ بالخَمْسِينَ الَّذِينَ أقْسَمُوا، فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ، وسَيَّرَهُمْ إلى الشَّأْمِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6899 التخريج : أخرجه مسلم (1671) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: ديات وقصاص - القود من القاتل حدود - حد المحاربين ديات وقصاص - ترك القود بالقسامة طب - الدواء بأبوال وألبان الإبل حدود - حد الزنا
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

10 - أنَّ أصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ مَرَّةً: مَن كانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بثَالِثٍ، ومَن كانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بخَامِسٍ أوْ سَادِسٍ أوْ كما قالَ: وأنَّ أبَا بَكْرٍ جَاءَ بثَلَاثَةٍ، وانْطَلَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَشَرَةٍ، وأَبُو بَكْرٍ ثَلَاثَةً، قالَ: فَهو أنَا وأَبِي وأُمِّي، ولَا أدْرِي هلْ قالَ: امْرَأَتي وخَادِمِي، بيْنَ بَيْتِنَا وبيْنَ بَيْتِ أبِي بَكْرٍ، وأنَّ أبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حتَّى صَلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حتَّى تَعَشَّى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَ ما مَضَى مِنَ اللَّيْلِ ما شَاءَ اللَّهُ، قالَتْ له امْرَأَتُهُ: ما حَبَسَكَ عن أضْيَافِكَ أوْ ضَيْفِكَ؟ قالَ: أوَعَشَّيْتِهِمْ؟ قالَتْ: أبَوْا حتَّى تَجِيءَ، قدْ عَرَضُوا عليهم فَغَلَبُوهُمْ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ، فَقالَ يا غُنْثَرُ ، فَجَدَّعَ وسَبَّ، وقالَ: كُلُوا، وقالَ: لا أطْعَمُهُ أبَدًا، قالَ: وايْمُ اللَّهِ ، ما كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إلَّا رَبَا مِن أسْفَلِهَا أكْثَرُ منها حتَّى شَبِعُوا، وصَارَتْ أكْثَرَ ممَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أبو بَكْرٍ فَإِذَا شيءٌ أوْ أكْثَرُ، قالَ لِامْرَأَتِهِ: يا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، قالَتْ : لا وقُرَّةِ عَيْنِي، لَهي الآنَ أكْثَرُ ممَّا قَبْلُ بثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فأكَلَ منها أبو بَكْرٍ وقالَ: إنَّما كانَ الشَّيْطَانُ، يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أكَلَ منها لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وكانَ بيْنَنَا وبيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مع كُلِّ رَجُلٍ منهمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أعْلَمُ كَمْ مع كُلِّ رَجُلٍ، غيرَ أنَّه بَعَثَ معهُمْ، قالَ: أكَلُوا منها أجْمَعُونَ، أوْ كما قالَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3581 التخريج : أخرجه مسلم (2057) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أطعمة - طعام الضيف أطعمة - طعام الواحد يكفي الاثنين آداب المجلس - السمر بعد العشاء فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مناقب وفضائل - أهل الصفة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

11 -  أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ وهو مُرْدِفٌ أبا بَكْرٍ، وأَبُو بَكْرٍ شيخٌ يُعْرَفُ، ونَبِيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شابٌّ لا يُعْرَفُ، قالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أبا بَكْرٍ فيَقولُ: يا أبا بَكْرٍ، مَن هذا الرَّجُلُ الذي بيْنَ يَدَيْكَ؟ فيَقولُ: هذا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قالَ: فَيَحْسِبُ الحاسِبُ أنَّه إنَّما يَعْنِي الطَّرِيقَ، وإنَّما يَعْنِي سَبِيلَ الخَيْرِ، فالْتَفَتَ أبو بَكْرٍ فإذا هو بفارِسٍ قدْ لَحِقَهُمْ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا فارِسٌ قدْ لَحِقَ بنا، فالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ. فَصَرَعَهُ الفَرَسُ، ثُمَّ قامَتْ تُحَمْحِمُ ، فقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، مُرْنِي بما شِئْتَ، قالَ: فقِفْ مَكانَكَ، لا تَتْرُكَنَّ أحَدًا يَلْحَقُ بنا. قالَ: فَكانَ أوَّلَ النَّهارِ جاهِدًا علَى نَبِيِّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ آخِرَ النَّهارِ مَسْلَحَةً له، فَنَزَلَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جانِبَ الحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إلى الأنْصارِ، فَجاؤُوا إلى نَبِيِّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبِي بَكْرٍ فَسَلَّمُوا عليهما، وقالوا: ارْكَبا آمِنَيْنِ مُطاعَيْنِ. فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ، وحَفُّوا دُونَهُما بالسِّلاحِ، فقِيلَ في المَدِينَةِ: جاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأشْرَفُوا يَنْظُرُونَ ويقولونَ: جاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، فأقْبَلَ يَسِيرُ حتَّى نَزَلَ جانِبَ دارِ أبِي أيُّوبَ، فإنَّه لَيُحَدِّثُ أهْلَهُ إذْ سَمِعَ به عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ وهو في نَخْلٍ لأهْلِهِ يَخْتَرِفُ لهمْ، فَعَجِلَ أنْ يَضَعَ الذي يَخْتَرِفُ لهمْ فيها، فَجاءَ وهي معهُ، فَسَمِعَ مِن نَبِيِّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أهْلِهِ، فقالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ بُيُوتِ أهْلِنا أقْرَبُ؟ فقالَ أبو أيُّوبَ: أنا يا نَبِيَّ اللَّهِ، هذِه دارِي وهذا بابِي، قالَ: فانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لنا مَقِيلًا، قالَ: قُومَا علَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَلَمَّا جاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاءَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ فقالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ، وأنَّكَ جِئْتَ بحَقٍّ، وقدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أنِّي سَيِّدُهُمْ وابنُ سَيِّدِهِمْ، وأَعْلَمُهُمْ وابنُ أعْلَمِهِمْ، فادْعُهُمْ فاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أنْ يَعْلَمُوا أنِّي قدْ أسْلَمْتُ؛ فإنَّهُمْ إنْ يَعْلَمُوا أنِّي قدْ أسْلَمْتُ قالُوا فِيَّ ما ليسَ فِيَّ. فأرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقْبَلُوا فَدَخَلُوا عليه، فقالَ لهمْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مَعْشَرَ اليَهُودِ، ويْلَكُمْ! اتَّقُوا اللَّهَ؛ فَواللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ ، إنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أنِّي رَسولُ اللَّهِ حَقًّا، وأَنِّي جِئْتُكُمْ بحَقٍّ، فأسْلِمُوا، قالوا: ما نَعْلَمُهُ، قالُوا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَها ثَلاثَ مِرارٍ، قالَ: فأيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ؟ قالوا: ذاكَ سَيِّدُنا وابنُ سَيِّدِنا، وأَعْلَمُنا وابنُ أعْلَمِنا، قالَ: أفَرَأَيْتُمْ إنْ أسْلَمَ؟ قالوا: حاشَى لِلَّهِ! ما كانَ لِيُسْلِمَ، قالَ: أفَرَأَيْتُمْ إنْ أسْلَمَ؟ قالوا: حاشَى لِلَّهِ! ما كانَ لِيُسْلِمَ، قالَ: أفَرَأَيْتُمْ إنْ أسْلَمَ؟ قالوا: حاشَى لِلَّهِ! ما كانَ لِيُسْلِمَ، قالَ: يا ابْنَ سَلَامٍ، اخْرُجْ عليهم، فَخَرَجَ فقالَ: يا مَعْشَرَ اليَهُودِ، اتَّقُوا اللَّهَ؛ فَواللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ ، إنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أنَّه رَسولُ اللَّهِ، وأنَّهُ جاءَ بحَقٍّ، فقالوا: كَذَبْتَ، فأخْرَجَهُمْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

12 - لَيْلَةَ أُسْرِيَ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَسْجِدِ الكَعْبَةِ ، أنَّه جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أنْ يُوحَى إلَيْهِ وهو نَائِمٌ في المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقالَ أوَّلُهُمْ: أيُّهُمْ هُوَ؟ فَقالَ أوْسَطُهُمْ: هو خَيْرُهُمْ، فَقالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حتَّى أتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى، فِيما يَرَى قَلْبُهُ، وتَنَامُ عَيْنُهُ ولَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وكَذلكَ الأنْبِيَاءُ تَنَامُ أعْيُنُهُمْ ولَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حتَّى احْتَمَلُوهُ، فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ منهمْ جِبْرِيلُ، فَشَقَّ جِبْرِيلُ ما بيْنَ نَحْرِهِ إلى لَبَّتِهِ حتَّى فَرَغَ مِن صَدْرِهِ وجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِن مَاءِ زَمْزَمَ بيَدِهِ، حتَّى أنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ فيه تَوْرٌ مِن ذَهَبٍ، مَحْشُوًّا إيمَانًا وحِكْمَةً، فَحَشَا به صَدْرَهُ ولَغَادِيدَهُ - يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ - ثُمَّ أطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ به إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَضَرَبَ بَابًا مِن أبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أهْلُ السَّمَاءِ مَن هذا؟ فَقالَ جِبْرِيلُ: قالوا: ومَن معكَ؟ قالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قالَ: وقدْ بُعِثَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالوا: فَمَرْحَبًا به وأَهْلًا، فَيَسْتَبْشِرُ به أهْلُ السَّمَاءِ، لا يَعْلَمُ أهْلُ السَّمَاءِ بما يُرِيدُ اللَّهُ به في الأرْضِ حتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ في السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ، فَقالَ له جِبْرِيلُ: هذا أبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عليه، فَسَلَّمَ عليه ورَدَّ عليه آدَمُ، وقالَ: مَرْحَبًا وأَهْلًا بابْنِي، نِعْمَ الِابنُ أنْتَ، فَإِذَا هو في السَّمَاءِ الدُّنْيَا بنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ ، فَقالَ: ما هذانِ النَّهَرَانِ يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا النِّيلُ والفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا ، ثُمَّ مَضَى به في السَّمَاءِ، فَإِذَا هو بنَهَرٍ آخَرَ عليه قَصْرٌ مِن لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدٍ، فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هو مِسْكٌ أذْفَرُ، قالَ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ الذي خَبَأَ لكَ رَبُّكَ، ثُمَّ عَرَجَ به إلى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقالتِ المَلَائِكَةُ له مِثْلَ ما قالَتْ له الأُولَى مَن هذا، قالَ جِبْرِيلُ: قالوا: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالوا: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالوا: مَرْحَبًا به وأَهْلًا، ثُمَّ عَرَجَ به إلى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وقالوا له مِثْلَ ما قالتِ الأُولَى والثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ به إلى الرَّابِعَةِ، فَقالوا له مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ عَرَجَ به إلى السَّمَاءِ الخَامِسَةِ، فَقالوا مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ عَرَجَ به إلى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَقالوا له مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ عَرَجَ به إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَقالوا له مِثْلَ ذلكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أنْبِيَاءُ قدْ سَمَّاهُمْ، فأوْعَيْتُ منهمْ إدْرِيسَ في الثَّانِيَةِ، وهَارُونَ في الرَّابِعَةِ، وآخَرَ في الخَامِسَةِ لَمْ أحْفَظِ اسْمَهُ، وإبْرَاهِيمَ في السَّادِسَةِ، ومُوسَى في السَّابِعَةِ بتَفْضِيلِ كَلَامِ اللَّهِ، فَقالَ مُوسَى: رَبِّ لَمْ أظُنَّ أنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أحَدٌ، ثُمَّ عَلَا به فَوْقَ ذلكَ بما لا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ، حتَّى جَاءَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى ، ودَنَا الجَبَّارِ رَبِّ العِزَّةِ، فَتَدَلَّى حتَّى كانَ منه قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى، فأوْحَى اللَّهُ فِيما أوْحَى إلَيْهِ: خَمْسِينَ صَلَاةً علَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ حتَّى بَلَغَ مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، مَاذَا عَهِدَ إلَيْكَ رَبُّكَ؟ قالَ: عَهِدَ إلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ ذلكَ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وعنْهمْ، فَالْتَفَتَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جِبْرِيلَ كَأنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ في ذلكَ، فأشَارَ إلَيْهِ جِبْرِيلُ: أنْ نَعَمْ إنْ شِئْتَ، فَعَلَا به إلى الجَبَّارِ ، فَقالَ وهو مَكَانَهُ: يا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فإنَّ أُمَّتي لا تَسْتَطِيعُ هذا، فَوَضَعَ عنْه عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إلى مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إلى رَبِّهِ حتَّى صَارَتْ إلى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الخَمْسِ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ واللَّهِ لقَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ قَوْمِي علَى أدْنَى مِن هذا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ، فَأُمَّتُكَ أضْعَفُ أجْسَادًا وقُلُوبًا وأَبْدَانًا وأَبْصَارًا وأَسْمَاعًا فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذلكَ يَلْتَفِتُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عليه، ولَا يَكْرَهُ ذلكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الخَامِسَةِ، فَقالَ: يا رَبِّ إنَّ أُمَّتي ضُعَفَاءُ أجْسَادُهُمْ وقُلُوبُهُمْ وأَسْمَاعُهُمْ وأَبْصَارُهُمْ وأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا، فَقالَ الجَبَّارُ: يا مُحَمَّدُ، قالَ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قالَ: إنَّه لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، كما فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ في أُمِّ الكِتَابِ ، قالَ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ بعَشْرِ أمْثَالِهَا، فَهي خَمْسُونَ في أُمِّ الكِتَابِ ، وهي خَمْسٌ عَلَيْكَ، فَرَجَعَ إلى مُوسَى، فَقالَ: كيفَ فَعَلْتَ؟ فَقالَ: خَفَّفَ عَنَّا، أعْطَانَا بكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، قالَ مُوسَى: قدْ واللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ علَى أدْنَى مِن ذلكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أيضًا، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مُوسَى، قدْ واللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِن رَبِّي ممَّا اخْتَلَفْتُ إلَيْهِ، قالَ: فَاهْبِطْ باسْمِ اللَّهِ قالَ: واسْتَيْقَظَ وهو في مَسْجِدِ الحَرَامِ.

13 - خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، حتَّى إذَا كَانُوا ببَعْضِ الطَّرِيقِ قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ بالغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ. فَوَاللَّهِ ما شَعَرَ بهِمْ خَالِدٌ حتَّى إذَا هُمْ بقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وسَارَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى إذَا كانَ بالثَّنِيَّةِ الَّتي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به رَاحِلَتُهُ ، فَقالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فَقالوا: خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، وما ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ ، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قالَ: فَعَدَلَ عنْهمْ حتَّى نَزَلَ بأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ علَى ثَمَدٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حتَّى نَزَحُوهُ، وشُكِيَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ ما زَالَ يَجِيشُ لهمْ بالرِّيِّ حتَّى صَدَرُوا عنْه، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ جَاءَ بُدَيْلُ بنُ ورْقَاءَ الخُزَاعِيُّ في نَفَرٍ مِن قَوْمِهِ مِن خُزَاعَةَ، وكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ تِهَامَةَ ، فَقالَ: إنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ وعَامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ، ومعهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ ، وهُمْ مُقَاتِلُوكَ وصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وإنَّ قُرَيْشًا قدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ وأَضَرَّتْ بهِمْ، فإنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، ويُخَلُّوا بَيْنِي وبيْنَ النَّاسِ، فإنْ أظْهَرْ: فإنْ شَاؤُوا أنْ يَدْخُلُوا فِيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فَعَلُوا، وإلَّا فقَدْ جَمُّوا ، وإنْ هُمْ أبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ علَى أمْرِي هذا حتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، ولَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أمْرَهُ، فَقالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ ما تَقُولُ. قالَ: فَانْطَلَقَ حتَّى أتَى قُرَيْشًا، قالَ: إنَّا قدْ جِئْنَاكُمْ مِن هذا الرَّجُلِ وسَمِعْنَاهُ يقولُ قَوْلًا، فإنْ شِئْتُمْ أنْ نَعْرِضَهُ علَيْكُم فَعَلْنَا، فَقالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لا حَاجَةَ لَنَا أنْ تُخْبِرَنَا عنْه بشَيءٍ، وقالَ ذَوُو الرَّأْيِ منهمْ: هَاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ، قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ كَذَا وكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بما قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ فَقالَ: أيْ قَوْمِ، ألَسْتُمْ بالوَالِدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: أوَلَسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فَهلْ تَتَّهِمُونِي؟ قالوا: لَا، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنِّي اسْتَنْفَرْتُ أهْلَ عُكَاظٍ ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بأَهْلِي ووَلَدِي ومَن أطَاعَنِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنَّ هذا قدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا ودَعُونِي آتِيهِ، قالوا: ائْتِهِ، فأتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَحْوًا مِن قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذلكَ: أيْ مُحَمَّدُ، أرَأَيْتَ إنِ اسْتَأْصَلْتَ أمْرَ قَوْمِكَ، هلْ سَمِعْتَ بأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وإنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فإنِّي واللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وإنِّي لَأَرَى أوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أنْ يَفِرُّوا ويَدَعُوكَ، فَقالَ له أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: امْصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ ، أنَحْنُ نَفِرُّ عنْه ونَدَعُهُ؟! فَقالَ: مَن ذَا؟ قالوا: أبو بَكْرٍ، قالَ: أمَا والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لكَ عِندِي لَمْ أجْزِكَ بهَا لَأَجَبْتُكَ، قالَ: وجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكُلَّما تَكَلَّمَ أخَذَ بلِحْيَتِهِ، والمُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ علَى رَأْسِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعهُ السَّيْفُ وعليه المِغْفَرُ ، فَكُلَّما أهْوَى عُرْوَةُ بيَدِهِ إلى لِحْيَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بنَعْلِ السَّيْفِ، وقالَ له: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحْيَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقالَ: مَن هذا؟ قالوا: المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، فَقالَ: أيْ غُدَرُ، ألَسْتُ أسْعَى في غَدْرَتِكَ؟! وكانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا في الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وأَخَذَ أمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فأسْلَمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا الإسْلَامَ فأقْبَلُ، وأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ منه في شَيءٍ. ثُمَّ إنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أصْحَابَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَيْنَيْهِ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما تَنَخَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إلى أصْحَابِهِ، فَقالَ: أيْ قَوْمِ، واللَّهِ لقَدْ وفَدْتُ علَى المُلُوكِ، ووَفَدْتُ علَى قَيْصَرَ ، وكِسْرَى، والنَّجَاشِيِّ، واللَّهِ إنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ ما يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحَمَّدًا؛ واللَّهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، وإنَّه قدْ عَرَضَ علَيْكُم خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابِهِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا فُلَانٌ، وهو مِن قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ البُدْنَ ، فَابْعَثُوهَا له فَبُعِثَتْ له، واسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ما يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إلى أصْحَابِهِ، قالَ: رَأَيْتُ البُدْنَ قدْ قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فَما أَرَى أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ. فَقَامَ رَجُلٌ منهمْ يُقَالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، فَقالَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ عليهم، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا مِكْرَزٌ، وهو رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَما هو يُكَلِّمُهُ إذْ جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو. قالَ مَعْمَرٌ: فأخْبَرَنِي أيُّوبُ، عن عِكْرِمَةَ: أنَّه لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِن أمْرِكُمْ. قالَ مَعْمَرٌ: قالَ الزُّهْرِيُّ في حَديثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، فَقالَ: هَاتِ اكْتُبْ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَاتِبَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قالَ سُهَيْلٌ: أمَّا الرَّحْمَنُ ، فَوَاللَّهِ ما أدْرِي ما هو، ولَكِنِ اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ» كما كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: واللَّهِ لا نَكْتُبُهَا إلَّا «بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ»، ثُمَّ قالَ: هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لو كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ ما صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، ولَا قَاتَلْنَاكَ، ولَكِنِ اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ إنِّي لَرَسولُ اللَّهِ، وإنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ» -قالَ الزُّهْرِيُّ: وذلكَ لِقَوْلِهِ: لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا- فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى أنْ تُخَلُّوا بيْنَنَا وبيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ به، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً ، ولَكِنْ ذلكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: وعلَى أنَّه لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وإنْ كانَ علَى دِينِكَ إلَّا رَدَدْتَهُ إلَيْنَا، قالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! كيفَ يُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟! فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ دَخَلَ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ في قُيُودِهِ، وقدْ خَرَجَ مِن أسْفَلِ مَكَّةَ حتَّى رَمَى بنَفْسِهِ بيْنَ أظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: هذا -يا مُحَمَّدُ- أوَّلُ ما أُقَاضِيكَ عليه أنْ تَرُدَّهُ إلَيَّ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قالَ: فَوَاللَّهِ إذًا لَمْ أُصَالِحْكَ علَى شَيءٍ أبَدًا، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فأَجِزْهُ لِي ، قالَ: ما أنَا بمُجِيزِهِ لَكَ، قالَ: بَلَى فَافْعَلْ، قالَ: ما أنَا بفَاعِلٍ، قالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قدْ أجَزْنَاهُ لَكَ، قالَ أبو جَنْدَلٍ: أيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، ألَا تَرَوْنَ ما قدْ لَقِيتُ؟! وكانَ قدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا في اللَّهِ ، قالَ: فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: فأتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلتُ: ألَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: إنِّي رَسولُ اللَّهِ، ولَسْتُ أعْصِيهِ، وهو نَاصِرِي، قُلتُ: أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قالَ: قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به، قالَ: فأتَيْتُ أبَا بَكْرٍ فَقُلتُ: يا أبَا بَكْرٍ، أليسَ هذا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه لَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وهو نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ؛ فَوَاللَّهِ إنَّه علَى الحَقِّ، قُلتُ: أليسَ كانَ يُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ ونَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، أفَأَخْبَرَكَ أنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به. قالَ الزُّهْرِيُّ: قالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذلكَ أعْمَالًا. قالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِن قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قالَ: فَوَاللَّهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ؛ نَحَرَ بُدْنَهُ ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا له في الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُما مُعَاوِيَةُ بنُ أبِي سُفْيَانَ، والأُخْرَى صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أبو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ وهو مُسْلِمٌ، فأرْسَلُوا في طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقالوا: العَهْدَ الذي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إلى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا به حتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِن تَمْرٍ لهمْ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ لأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: واللَّهِ إنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هذا يا فُلَانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقالَ: أجَلْ ، واللَّهِ إنَّه لَجَيِّدٌ، لقَدْ جَرَّبْتُ به، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ: أَرِنِي أنْظُرْ إلَيْهِ، فأمْكَنَهُ منه، فَضَرَبَهُ حتَّى بَرَدَ ، وفَرَّ الآخَرُ حتَّى أتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ رَآهُ: لقَدْ رَأَى هذا ذُعْرًا ، فَلَمَّا انْتَهَى إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قُتِلَ واللَّهِ صَاحِبِي وإنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أبو بَصِيرٍ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، قدْ -واللَّهِ- أوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ ؛ قدْ رَدَدْتَنِي إليهِم، ثُمَّ أنْجَانِي اللَّهُ منهمْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ! لو كانَ له أحَدٌ. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّهُ إليهِم، فَخَرَجَ حتَّى أتَى سِيفَ البَحْرِ ، قالَ: ويَنْفَلِتُ منهمْ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لا يَخْرُجُ مِن قُرَيْشٍ رَجُلٌ قدْ أسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، حتَّى اجْتَمعتْ منهمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ ما يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّأْمِ إلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وأَخَذُوا أمْوَالَهُمْ، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُنَاشِدُهُ باللَّهِ والرَّحِمِ، لَمَّا أرْسَلَ، فمَن أتَاهُ فَهو آمِنٌ، فأرْسَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتَّى بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أنَّه نَبِيُّ اللَّهِ، ولَمْ يُقِرُّوا بـ«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وحَالُوا بيْنَهُمْ وبيْنَ البَيْتِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2731
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار صلح - الصلح مع المشركين صلح - كتابة الصلح فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - صلح الحديبية
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

14 -  أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ -وكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِن بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ- قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عن قِصَّةِ تَبُوكَ ، قَالَ كَعْبٌ: لَمْ أتَخَلَّفْ عن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةٍ غَزَاهَا إلَّا في غَزْوَةِ تَبُوكَ ، غيرَ أنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ، ولَمْ يُعَاتِبْ أحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إنَّما خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حتَّى جَمَعَ اللَّهُ بيْنَهُمْ وبيْنَ عَدُوِّهِمْ علَى غيرِ مِيعَادٍ، ولقَدْ شَهِدْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا علَى الإسْلَامِ ، وما أُحِبُّ أنَّ لي بهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كَانَتْ بَدْرٌ أذْكَرَ في النَّاسِ منها، كانَ مِن خَبَرِي: أنِّي لَمْ أكُنْ قَطُّ أقْوَى ولَا أيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْه في تِلكَ الغَزَاةِ، واللَّهِ ما اجْتَمعتْ عِندِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ، حتَّى جَمَعْتُهُما في تِلكَ الغَزْوَةِ، ولَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إلَّا وَرَّى بغَيْرِهَا، حتَّى كَانَتْ تِلكَ الغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَرٍّ شَدِيدٍ، واسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا ومَفَازًا وعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أمْرَهُمْ؛ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ ، فأخْبَرَهُمْ بوَجْهِهِ الذي يُرِيدُ، والمُسْلِمُونَ مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثِيرٌ، ولَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ -يُرِيدُ الدِّيوَانَ- قَالَ كَعْبٌ: فَما رَجُلٌ يُرِيدُ أنْ يَتَغَيَّبَ إلَّا ظَنَّ أنْ سَيَخْفَى له، ما لَمْ يَنْزِلْ فيه وَحْيُ اللَّهِ، وغَزَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تِلكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ والظِّلَالُ، وتَجَهَّزَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمُسْلِمُونَ معهُ، فَطَفِقْتُ أغْدُو لِكَيْ أتَجَهَّزَ معهُمْ، فأرْجِعُ ولَمْ أقْضِ شيئًا، فأقُولُ في نَفْسِي: أنَا قَادِرٌ عليه، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بي حتَّى اشْتَدَّ بالنَّاسِ الجِدُّ ، فأصْبَحَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمُسْلِمُونَ معهُ، ولَمْ أقْضِ مِن جَهَازِي شيئًا، فَقُلتُ: أتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بيَومٍ أوْ يَومَيْنِ، ثُمَّ ألْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أنْ فَصَلُوا لِأتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ ولَمْ أقْضِ شيئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ ولَمْ أقْضِ شيئًا، فَلَمْ يَزَلْ بي حتَّى أسْرَعُوا وتَفَارَطَ الغَزْوُ، وهَمَمْتُ أنْ أرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، ولَيْتَنِي فَعَلْتُ! فَلَمْ يُقَدَّرْ لي ذلكَ، فَكُنْتُ إذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَطُفْتُ فيهم، أحْزَنَنِي أنِّي لا أرَى إلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عليه النِّفَاقُ، أوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، ولَمْ يَذْكُرْنِي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَلَغَ تَبُوكَ ، فَقَالَ وهو جَالِسٌ في القَوْمِ بتَبُوكَ: ما فَعَلَ كَعْبٌ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ: يا رَسولَ اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ ونَظَرُهُ في عِطْفِهِ، فَقَالَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ: بئْسَ ما قُلْتَ، واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ ما عَلِمْنَا عليه إلَّا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أنَّه تَوَجَّهَ قَافِلًا، حَضَرَنِي هَمِّي، وطَفِقْتُ أتَذَكَّرُ الكَذِبَ، وأَقُولُ: بمَاذَا أخْرُجُ مِن سَخَطِهِ غَدًا؟! واسْتَعَنْتُ علَى ذلكَ بكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِن أهْلِي، فَلَمَّا قيلَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وعَرَفْتُ أنِّي لَنْ أخْرُجَ منه أبَدًا بشَيءٍ فيه كَذِبٌ، فأجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وأَصْبَحَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَادِمًا، وكانَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، بَدَأَ بالمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذلكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ ويَحْلِفُونَ له، وكَانُوا بِضْعَةً وثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ منهمْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ، وبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لهمْ، ووَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلى اللَّهِ، فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عليه تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ، فَجِئْتُ أمْشِي حتَّى جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: ما خَلَّفَكَ؟ ألَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلتُ: بَلَى، إنِّي واللَّهِ لو جَلَسْتُ عِنْدَ غيرِكَ مِن أهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أنْ سَأَخْرُجُ مِن سَخَطِهِ بعُذْرٍ، ولقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا ، ولَكِنِّي واللَّهِ، لقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليومَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى به عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، ولَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إنِّي لَأَرْجُو فيه عَفْوَ اللَّهِ، لا واللَّهِ، ما كانَ لي مِن عُذْرٍ، واللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أقْوَى، ولَا أيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا هذا فقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ. فَقُمْتُ، وثَارَ رِجَالٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقالوا لِي: واللَّهِ ما عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هذا، ولقَدْ عَجَزْتَ أنْ لا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما اعْتَذَرَ إلَيْهِ المُتَخَلِّفُونَ، قدْ كانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَكَ، فَوَاللَّهِ ما زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حتَّى أرَدْتُ أنْ أرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلتُ لهمْ: هلْ لَقِيَ هذا مَعِي أحَدٌ؟ قالوا: نَعَمْ، رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ ما قُلْتَ، فقِيلَ لهما مِثْلُ ما قيلَ لَكَ، فَقُلتُ: مَن هُمَا؟ قالوا: مُرَارَةُ بنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ، وهِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِما أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي، ونَهَى رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُسْلِمِينَ عن كَلَامِنَا أيُّها الثَّلَاثَةُ مِن بَيْنِ مَن تَخَلَّفَ عنْه، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وتَغَيَّرُوا لَنَا حتَّى تَنَكَّرَتْ في نَفْسِي الأرْضُ، فَما هي الَّتي أعْرِفُ، فَلَبِثْنَا علَى ذلكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فأمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وقَعَدَا في بُيُوتِهِما يَبْكِيَانِ، وأَمَّا أنَا، فَكُنْتُ أشَبَّ القَوْمِ وأَجْلَدَهُمْ ، فَكُنْتُ أخْرُجُ فأشْهَدُ الصَّلَاةَ مع المُسْلِمِينَ، وأَطُوفُ في الأسْوَاقِ ولَا يُكَلِّمُنِي أحَدٌ، وآتي رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَأُسَلِّمُ عليه وهو في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فأقُولُ في نَفْسِي: هلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ برَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا منه، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ ، فَإِذَا أقْبَلْتُ علَى صَلَاتي أقْبَلَ إلَيَّ، وإذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أعْرَضَ عَنِّي، حتَّى إذَا طَالَ عَلَيَّ ذلكَ مِن جَفْوَةِ النَّاسِ، مَشَيتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أبِي قَتَادَةَ، وهو ابنُ عَمِّي وأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَوَاللَّهِ ما رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلتُ: يا أبَا قَتَادَةَ، أنْشُدُكَ باللَّهِ، هلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ له فَنَشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ له فَنَشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وتَوَلَّيْتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ، قَالَ: فَبيْنَا أنَا أمْشِي بسُوقِ المَدِينَةِ، إذَا نَبَطِيٌّ مِن أنْبَاطِ أهْلِ الشَّأْمِ، مِمَّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بالمَدِينَةِ، يقولُ: مَن يَدُلُّ علَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ له، حتَّى إذَا جَاءَنِي دَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا مِن مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّه قدْ بَلَغَنِي أنَّ صَاحِبَكَ قدْ جَفَاكَ، ولَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بدَارِ هَوَانٍ ولَا مَضْيَعَةٍ ، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ ، فَقُلتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وهذا أيضًا مِنَ البَلَاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بهَا، حتَّى إذَا مَضَتْ أرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الخَمْسِينَ، إذَا رَسولُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْتِينِي، فَقَالَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْمُرُكَ أنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، فَقُلتُ: أُطَلِّقُهَا أمْ مَاذَا أفْعَلُ؟ قَالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا ولَا تَقْرَبْهَا، وأَرْسَلَ إلى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذلكَ، فَقُلتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بأَهْلِكِ، فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ في هذا الأمْرِ، قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ: إنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ شيخٌ ضَائِعٌ، ليسَ له خَادِمٌ ، فَهلْ تَكْرَهُ أنْ أخْدُمَهُ؟ قَالَ: لَا، ولَكِنْ لا يَقْرَبْكِ. قَالَتْ: إنَّه واللَّهِ ما به حَرَكَةٌ إلى شَيءٍ، واللَّهِ ما زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كانَ مِن أمْرِهِ ما كانَ إلى يَومِهِ هذا، فَقَالَ لي بَعْضُ أهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في امْرَأَتِكَ كما أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ أنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلتُ: واللَّهِ لا أسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما يُدْرِينِي ما يقولُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذلكَ عَشْرَ لَيَالٍ، حتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِن حِينَ نَهَى رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كَلَامِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وأَنَا علَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِن بُيُوتِنَا، فَبيْنَا أنَا جَالِسٌ علَى الحَالِ الَّتي ذَكَرَ اللَّهُ؛ قدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بما رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ، أوْفَى علَى جَبَلِ سَلْعٍ بأَعْلَى صَوْتِهِ: يا كَعْبُ بنَ مَالِكٍ، أبْشِرْ ، قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وعَرَفْتُ أنْ قدْ جَاءَ فَرَجٌ، وآذَنَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، ورَكَضَ إلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وسَعَى سَاعٍ مِن أسْلَمَ، فأوْفَى علَى الجَبَلِ، وكانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الذي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ له ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إيَّاهُمَا ببُشْرَاهُ، واللَّهِ ما أمْلِكُ غَيْرَهُما يَومَئذٍ، واسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وانْطَلَقْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بالتَّوْبَةِ، يَقولونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبٌ: حتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إلَيَّ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حتَّى صَافَحَنِي وهَنَّانِي، واللَّهِ ما قَامَ إلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، ولَا أنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: أبْشِرْ بخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ ولَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَ: قُلتُ: أمِنْ عِندِكَ يا رَسولَ اللَّهِ أمْ مِن عِندِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ مِن عِندِ اللَّهِ. وكانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حتَّى كَأنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وكُنَّا نَعْرِفُ ذلكَ منه، فَلَمَّا جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ مِن تَوْبَتي أنْ أنْخَلِعَ مِن مَالِي صَدَقَةً إلى اللَّهِ وإلَى رَسولِ اللَّهِ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ؛ فَهو خَيْرٌ لَكَ. قُلتُ: فإنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الذي بخَيْبَرَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ إنَّما نَجَّانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِن تَوْبَتي أنْ لا أُحَدِّثَ إلَّا صِدْقًا ما بَقِيتُ. فَوَاللَّهِ ما أعْلَمُ أحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أبْلَاهُ اللَّهُ في صِدْقِ الحَديثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أحْسَنَ ممَّا أبْلَانِي؛ ما تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى يَومِي هذا كَذِبًا، وإنِّي لَأَرْجُو أنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيما بَقِيتُ، وأَنْزَلَ اللَّهُ علَى رَسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إلى قَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117 - 119]، فَوَاللَّهِ ما أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِن نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ، أعْظَمَ في نَفْسِي مِن صِدْقِي لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنْ لا أكُونَ كَذَبْتُهُ، فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا؛ فإنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا -حِينَ أنْزَلَ الوَحْيَ- شَرَّ ما قَالَ لأحَدٍ، فَقَالَ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} إلى قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 96]. قَالَ كَعْبٌ: وكُنَّا تَخَلَّفْنَا أيُّها الثَّلَاثَةُ عن أمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ منهمْ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ حَلَفُوا له، فَبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لهمْ، وأَرْجَأَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمْرَنَا حتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذلكَ قَالَ اللَّهُ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]، وليسَ الذي ذَكَرَ اللَّهُ ممَّا خُلِّفْنَا عَنِ الغَزْوِ؛ إنَّما هو تَخْلِيفُهُ إيَّانَا، وإرْجَاؤُهُ أمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ له واعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَبِلَ منه.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : كعب بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4418 التخريج : أخرجه مسلم (2769)، وأحمد (15789) باختلاف يسير، والنسائي في ((الكبرى)) (11168) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - الصدق وما جاء فيه تفسير آيات - سورة التوبة توبة - توبة كعب وصاحبيه سفر - الصلاة قبل السفر وبعد الرجوع منه مغازي - غزوة تبوك
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

15 -  رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قَبْلَ أنْ يُصَابَ بأَيَّامٍ بالمَدِينَةِ، وقَفَ علَى حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ وعُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كيفَ فَعَلْتُمَا؟ أتَخَافَانِ أنْ تَكُونَا قدْ حَمَّلْتُما الأرْضَ ما لا تُطِيقُ؟ قَالَا: حَمَّلْنَاهَا أمْرًا هي له مُطِيقَةٌ، ما فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ، قَالَ: انْظُرَا أنْ تَكُونَا حَمَّلْتُما الأرْضَ ما لا تُطِيقُ، قَالَ: قَالَا: لَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أرَامِلَ أهْلِ العِرَاقِ لا يَحْتَجْنَ إلى رَجُلٍ بَعْدِي أبَدًا، قَالَ: فَما أتَتْ عليه إلَّا رَابِعَةٌ حتَّى أُصِيبَ، قَالَ: إنِّي لَقَائِمٌ ما بَيْنِي وبيْنَهُ إلَّا عبدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وكانَ إذَا مَرَّ بيْنَ الصَّفَّيْنِ، قَالَ: اسْتَوُوا، حتَّى إذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، ورُبَّما قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ، أوِ النَّحْلَ، أوْ نَحْوَ ذلكَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى حتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَما هو إلَّا أنْ كَبَّرَ، فَسَمِعْتُهُ يقولُ: قَتَلَنِي -أوْ أكَلَنِي- الكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ العِلْجُ بسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ، لا يَمُرُّ علَى أحَدٍ يَمِينًا ولَا شِمَالًا إلَّا طَعَنَهُ، حتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مَاتَ منهمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ طَرَحَ عليه بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ العِلْجُ أنَّه مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فمَن يَلِي عُمَرَ فقَدْ رَأَى الذي أرَى، وأَمَّا نَوَاحِي المَسْجِدِ فإنَّهُمْ لا يَدْرُونَ، غيرَ أنَّهُمْ قدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، وهُمْ يقولونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! سُبْحَانَ اللَّهِ! فَصَلَّى بهِمْ عبدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَن قَتَلَنِي، فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلَامُ المُغِيرَةِ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ! لقَدْ أمَرْتُ به مَعْرُوفًا، الحَمْدُ لِلَّهِ الذي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتي بيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإسْلَامَ، قدْ كُنْتَ أنْتَ وأَبُوكَ تُحِبَّانِ أنْ تَكْثُرَ العُلُوجُ بالمَدِينَةِ -وكانَ العَبَّاسُ أكْثَرَهُمْ رَقِيقًا- فَقَالَ: إنْ شِئْتَ فَعَلْتُ -أيْ: إنْ شِئْتَ قَتَلْنَا- قَالَ: كَذَبْتَ، بَعْدَما تَكَلَّمُوا بلِسَانِكُمْ، وصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ، وحَجُّوا حَجَّكُمْ! فَاحْتُمِلَ إلى بَيْتِهِ، فَانْطَلَقْنَا معهُ وكَأنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَومَئذٍ، فَقَائِلٌ يقولُ: لا بَأْسَ، وقَائِلٌ يقولُ: أخَافُ عليه، فَأُتِيَ بنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِن جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِن جُرْحِهِ، فَعَلِمُوا أنَّه مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عليه، وجَاءَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عليه، وجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ: أبْشِرْ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ببُشْرَى اللَّهِ لَكَ؛ مِن صُحْبَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقَدَمٍ في الإسْلَامِ ما قدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ، قَالَ: وَدِدْتُ أنَّ ذلكَ كَفَافٌ لا عَلَيَّ ولَا لِي، فَلَمَّا أدْبَرَ إذَا إزَارُهُ يَمَسُّ الأرْضَ، قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الغُلَامَ، قَالَ: يا ابْنَ أخِي، ارْفَعْ ثَوْبَكَ؛ فإنَّه أبْقَى لِثَوْبِكَ، وأَتْقَى لِرَبِّكَ. يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ، انْظُرْ ما عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وثَمَانِينَ ألْفًا أوْ نَحْوَهُ، قَالَ: إنْ وَفَى له مَالُ آلِ عُمَرَ، فأدِّهِ مِن أمْوَالِهِمْ، وإلَّا فَسَلْ في بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ، فإنْ لَمْ تَفِ أمْوَالُهُمْ فَسَلْ في قُرَيْشٍ، ولَا تَعْدُهُمْ إلى غيرِهِمْ، فأدِّ عَنِّي هذا المَالَ. انْطَلِقْ إلى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، ولَا تَقُلْ: أمِيرُ المُؤْمِنِينَ؛ فإنِّي لَسْتُ اليومَ لِلْمُؤْمِنِينَ أمِيرًا، وقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أنْ يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، فَسَلَّمَ واسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ السَّلَامَ، ويَسْتَأْذِنُ أنْ يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، ولَأُوثِرَنَّ به اليومَ علَى نَفْسِي، فَلَمَّا أقْبَلَ، قيلَ: هذا عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ قدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فأسْنَدَهُ رَجُلٌ إلَيْهِ، فَقَالَ: ما لَدَيْكَ؟ قَالَ: الذي تُحِبُّ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ؛ أذِنَتْ، قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، ما كانَ مِن شَيءٍ أهَمُّ إلَيَّ مِن ذلكَ، فَإِذَا أنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ، فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فإنْ أذِنَتْ لي فأدْخِلُونِي، وإنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إلى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، وجَاءَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ والنِّسَاءُ تَسِيرُ معهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا، فَوَلَجَتْ عليه، فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً. واسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ، فَوَلَجَتْ دَاخِلًا لهمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنَ الدَّاخِلِ، فَقالوا: أوْصِ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اسْتَخْلِفْ، قَالَ: ما أجِدُ أحَدًا أحَقَّ بهذا الأمْرِ مِن هَؤُلَاءِ النَّفَرِ -أوِ الرَّهْطِ- الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو عنْهمْ رَاضٍ، فَسَمَّى عَلِيًّا، وعُثْمَانَ، والزُّبَيْرَ، وطَلْحَةَ، وسَعْدًا، وعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، وليسَ له مِنَ الأمْرِ شَيءٌ -كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ له- فإنْ أصَابَتِ الإمْرَةُ سَعْدًا فَهو ذَاكَ، وإلَّا فَلْيَسْتَعِنْ به أيُّكُمْ ما أُمِّرَ؛ فإنِّي لَمْ أعْزِلْهُ عن عَجْزٍ ولَا خِيَانَةٍ، وقَالَ: أُوصِي الخَلِيفَةَ مِن بَعْدِي بالمُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ؛ أنْ يَعْرِفَ لهمْ حَقَّهُمْ، ويَحْفَظَ لهمْ حُرْمَتَهُمْ، وأُوصِيهِ بالأنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ؛ أنْ يُقْبَلَ مِن مُحْسِنِهِمْ، وأَنْ يُعْفَى عن مُسِيئِهِمْ، وأُوصِيهِ بأَهْلِ الأمْصَارِ خَيْرًا؛ فإنَّهُمْ رِدْءُ الإسْلَامِ، وجُبَاةُ المَالِ، وغَيْظُ العَدُوِّ، وأَلَّا يُؤْخَذَ منهمْ إلَّا فَضْلُهُمْ عن رِضَاهُمْ، وأُوصِيهِ بالأعْرَابِ خَيْرًا؛ فإنَّهُمْ أصْلُ العَرَبِ، ومَادَّةُ الإسْلَامِ؛ أنْ يُؤْخَذَ مِن حَوَاشِي أمْوَالِهِمْ، ويُرَدَّ علَى فُقَرَائِهِمْ، وأُوصِيهِ بذِمَّةِ اللَّهِ، وذِمَّةِ رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُوفَى لهمْ بعَهْدِهِمْ، وأَنْ يُقَاتَلَ مِن ورَائِهِمْ، ولَا يُكَلَّفُوا إلَّا طَاقَتَهُمْ. فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا به، فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي، فَسَلَّمَ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، قَالَتْ: أدْخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مع صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِن دَفْنِهِ اجْتَمع هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أمْرَكُمْ إلى ثَلَاثَةٍ مِنكُمْ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عَلِيٍّ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عُثْمَانَ، وقَالَ سَعْدٌ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: أيُّكُما تَبَرَّأَ مِن هذا الأمْرِ، فَنَجْعَلُهُ إلَيْهِ، واللَّهُ عليه والإِسْلَامُ، لَيَنْظُرَنَّ أفْضَلَهُمْ في نَفْسِهِ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: أفَتَجْعَلُونَهُ إلَيَّ؟ واللَّهُ عَلَيَّ ألَّا آلُ عن أفْضَلِكُمْ؟ قَالَا: نَعَمْ، فأخَذَ بيَدِ أحَدِهِما فَقَالَ: لكَ قَرَابَةٌ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والقَدَمُ في الإسْلَامِ ما قدْ عَلِمْتَ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، ولَئِنْ أمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمعنَّ ولَتُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَلَا بالآخَرِ فَقَالَ له مِثْلَ ذلكَ، فَلَمَّا أخَذَ المِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يا عُثْمَانُ، فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ له عَلِيٌّ، ووَلَجَ أهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عمرو بن ميمون | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3700 التخريج : أخرجه ابن حبان (6917)، باختلاف يسير، وابن أبي شيبة (37059)، بلفظ مقارب، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11517)، مختصرا.
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - الاستخلاف زينة اللباس - إسبال الإزار صلاة الجماعة والإمامة - كيف يقوم الإمام الصفوف فتن - مقتل عمر مناقب وفضائل - عمر بن الخطاب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

16 - كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِن جَنَابَةٍ صَبَّ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِن مَاءٍ. فَقالَ له: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ إنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ. قالَ جَابِرٌ: فَقُلتُ له: يا ابْنَ أخِي، كانَ شَعْرُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أكْثَرَ مِن شَعْرِكَ وأَطْيَبَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 329 التخريج : أخرجه البخاري (255، 256) مفرقاً، ومسلم (329).
التصنيف الموضوعي: غسل - غسل الجنابة غسل - موجبات الغسل طهارة - قدر ما يكفي من الماء للوضوء والغسل غسل - الأغسال الواجبة والمسنونة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - شعره صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

17 - كُنْتُ جَالِسًا مع عبدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، فَذَكَرُوا سِنِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: كانَ أَبُو بَكْرٍ أَكْبَرَ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ عبدُ اللهِ: قُبِضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُتِلَ عُمَرُ وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. قالَ: فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ يُقَالُ له: عَامِرُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، قالَ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرُوا سِنِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ مُعَاوِيَةُ: قُبِضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُتِلَ عُمَرُ وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : معاوية بن أبي سفيان | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2352 التخريج : أخرجه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (48)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (1952) واللفظ لهما، وخليفة بن خياط في ((تاريخه)) (94) مختصرا.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - سن النبي حين مات فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مرض النبي وموته مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - عمر بن الخطاب فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أحوال النبي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

18 - أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَخْرُجُ يَومَ الأضْحَى، وَيَومَ الفِطْرِ، فَيَبْدَأُ بالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ، قَامَ فأقْبَلَ علَى النَّاسِ، وَهُمْ جُلُوسٌ في مُصَلَّاهُمْ، فإنْ كانَ له حَاجَةٌ ببَعْثٍ، ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، أَوْ كَانَتْ له حَاجَةٌ بغيرِ ذلكَ، أَمَرَهُمْ بهَا، وَكانَ يقولُ: تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، وَكانَ أَكْثَرَ مَن يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَلَمْ يَزَلْ كَذلكَ حتَّى كانَ مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ، فَخَرَجْتُ مُخَاصِرًا مَرْوَانَ حتَّى أَتَيْنَا المُصَلَّى، فَإِذَا كَثِيرُ بنُ الصَّلْتِ قدْ بَنَى مِنْبَرًا مِن طِينٍ وَلَبِنٍ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُنَازِعُنِي يَدَهُ، كَأنَّهُ يَجُرُّنِي نَحْوَ المِنْبَرِ، وَأَنَا أَجُرُّهُ نَحْوَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذلكَ منه، قُلتُ: أَيْنَ الابْتِدَاءُ بالصَّلَاةِ؟ فَقالَ: لَا، يا أَبَا سَعِيدٍ قدْ تُرِكَ ما تَعْلَمُ، قُلتُ: كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لا تَأْتُونَ بخَيْرٍ ممَّا أَعْلَمُ، ثَلَاثَ مِرَارٍ ثُمَّ انْصَرَفَ.

19 - أَقْبَلْتُ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُما عن يَمِينِي، وَالآخَرُ عن يَسَارِي، فَكِلَاهُما سَأَلَ العَمَلَ، وَالنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ، فَقالَ: ما تَقُولُ يا أَبَا مُوسَى؟ أَوْ يا عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ؟ قالَ: فَقُلتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما أَطْلَعَانِي علَى ما في أَنْفُسِهِمَا، وَما شَعَرْتُ أنَّهُما يَطْلُبَانِ العَمَلَ، قالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ، وَقَدْ قَلَصَتْ ، فَقالَ: لَنْ، أَوْ لا نَسْتَعْمِلُ علَى عَمَلِنَا مَن أَرَادَهُ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يا أَبَا مُوسَى، أَوْ يا عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ، فَبَعَثَهُ علَى اليَمَنِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عليه، قالَ: انْزِلْ، وَأَلْقَى له وِسَادَةً وإذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ: مُوثَقٌ: قالَ: ما هذا؟ قالَ: هذا كانَ يَهُودِيًّا فأسْلَمَ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ، قالَ: لا أَجْلِسُ حتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللهِ وَرَسولِهِ، فَقالَ: اجْلِسْ، نَعَمْ، قالَ: لا أَجْلِسُ حتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللهِ وَرَسولِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فأمَرَ به فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرَا القِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ أَحَدُهُمَا، مُعَاذٌ: أَمَّا أَنَا فأنَامُ وَأَقُومُ، وَأَرْجُو في نَوْمَتي ما أَرْجُو في قَوْمَتِي.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1733 التخريج : أخرجه البخاري (6923).، ومسلم (1733)
التصنيف الموضوعي: آداب المجلس - من ألقي له وسادة تراويح وتهجد وقيام ليل - وقت القيام حدود - حد المرتد طهارة - السواك أقضية وأحكام - الحرص على الولاية وطلبها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

20 - حَضَرْنا عَمْرَو بنَ العاصِ، وهو في سِياقَةِ المَوْتِ، يَبَكِي طَوِيلًا، وحَوَّلَ وجْهَهُ إلى الجِدارِ، فَجَعَلَ ابنُهُ يقولُ: يا أبَتاهُ، أما بَشَّرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بكَذا؟ أما بَشَّرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بكَذا؟ قالَ: فأقْبَلَ بوَجْهِهِ، فقالَ: إنَّ أفْضَلَ ما نُعِدُّ شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، إنِّي قدْ كُنْتُ علَى أطْباقٍ ثَلاثٍ، لقَدْ رَأَيْتُنِي وما أحَدٌ أشَدَّ بُغْضًا لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنِّي، ولا أحَبَّ إلَيَّ أنْ أكُونَ قَدِ اسْتَمْكَنْتُ منه، فَقَتَلْتُهُ، فلوْ مُتُّ علَى تِلكَ الحالِ لَكُنْتُ مِن أهْلِ النَّارِ، فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإسْلامَ في قَلْبِي أتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قالَ: ما لكَ يا عَمْرُو؟ قالَ: قُلتُ: أرَدْتُ أنْ أشْتَرِطَ، قالَ: تَشْتَرِطُ بماذا؟ قُلتُ: أنْ يُغْفَرَ لِي، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ وأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها؟ وأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ وما كانَ أحَدٌ أحَبَّ إلَيَّ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ولا أجَلَّ في عَيْنِي منه، وما كُنْتُ أُطِيقُ أنْ أمْلأَ عَيْنَيَّ منه إجْلالًا له، ولو سُئِلْتُ أنْ أصِفَهُ ما أطَقْتُ؛ لأَنِّي لَمْ أكُنْ أمْلأُ عَيْنَيَّ منه، ولو مُتُّ علَى تِلكَ الحالِ لَرَجَوْتُ أنْ أكُونَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ ولِينا أشْياءَ ما أدْرِي ما حالِي فيها، فإذا أنا مُتُّ فلا تَصْحَبْنِي نائِحَةٌ، ولا نارٌ، فإذا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرابَ شَنًّا، ثُمَّ أقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ ما تُنْحَرُ جَزُورٌ ويُقْسَمُ لَحْمُها، حتَّى أسْتَأْنِسَ بكُمْ، وأَنْظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عمرو بن العاص | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 121 التخريج : أخرجه ابن خزيمة (2515)، وابن الحداد في ((جامع الصحيحين)) (3919)، والبيهقي (18241) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام إسلام - البيعة على الإسلام جنائز وموت - النهي عن اتباع الميت بالنار مناقب وفضائل - عمرو بن العاص جنائز وموت - الزجر عن النياحة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

21 - قالَ لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو إنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذلكَ، هَجَمَتْ له العَيْنُ، وَنَهَكَتْ لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، صَوْمُ الشَّهْرِ كُلِّهِ قُلتُ: فإنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، قالَ: فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ، كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إذَا لَاقَى. [وفي رواية]: بهذا الإسْنَادِ، وَقالَ وَنَفِهَتِ النَّفْسُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1159 التخريج : أخرجه البخاري (1977) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - القصد والمداومة على العمل صيام - صيام الدهر صيام - صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام - صيام داود صيام - فضل الصيام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

22 -  دَخَلْنَا علَى جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ، فَسَأَلَ عَنِ القَوْمِ حتَّى انْتَهَى إلَيَّ، فَقُلتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، فأهْوَى بيَدِهِ إلى رَأْسِي، فَنَزَعَ زِرِّي الأعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الأسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَومَئذٍ غُلَامٌ شَابٌّ، فَقالَ: مَرْحَبًا بكَ يا ابْنَ أَخِي، سَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَسَأَلْتُهُ، وَهو أَعْمَى، وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ في نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بهَا، كُلَّما وَضَعَهَا علَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إلَيْهِ؛ مِن صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إلى جَنْبِهِ علَى المِشْجَبِ، فَصَلَّى بنَا، فَقُلتُ: أَخْبِرْنِي عن حَجَّةِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ بيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا، فَقالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ في النَّاسِ في العَاشِرَةِ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ. فَخَرَجْنَا معهُ، حتَّى أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ، فأرْسَلَتْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كيفَ أَصْنَعُ؟ قالَ: اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بثَوْبٍ وَأَحْرِمِي. فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في المَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ ، حتَّى إذَا اسْتَوَتْ به نَاقَتُهُ علَى البَيْدَاءِ ، نَظَرْتُ إلى مَدِّ بَصَرِي بيْنَ يَدَيْهِ، مِن رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذلكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذلكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذلكَ، وَرَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعليه يَنْزِلُ القُرْآنُ، وَهو يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَما عَمِلَ به مِن شَيءٍ عَمِلْنَا بهِ. فَأَهَلَّ بالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لا شَرِيكَ لكَ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بهذا الذي يُهِلُّونَ به، فَلَمْ يَرُدَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عليهم شيئًا منه، وَلَزِمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ. قالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: لَسْنَا نَنْوِي إلَّا الحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ العُمْرَةَ، حتَّى إذَا أَتَيْنَا البَيْتَ معهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إلى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَام، فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، فَجَعَلَ المَقَامَ بيْنَهُ وبيْنَ البَيْتِ، فَكانَ أَبِي يقولُ -وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إلَّا عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: كانَ يَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}. ثُمَّ رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به، فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا، حتَّى إذَا كانَ آخِرُ طَوَافِهِ علَى المَرْوَةِ، فَقالَ: لو أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِن أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الهَدْيَ ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فمَن كانَ مِنكُم ليسَ معهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً، فَقَامَ سُرَاقَةُ بنُ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هذا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً في الأُخْرَى، وَقالَ: دَخَلَتِ العُمْرَةُ في الحَجِّ –مَرَّتَيْنِ- لا، بَلْ لأَبَدِ أَبَدٍ. وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ ببُدْنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فأنْكَرَ ذلكَ عَلَيْهَا، فَقالَتْ: إنَّ أَبِي أَمَرَنِي بهذا، قالَ: فَكانَ عَلِيٌّ يقولُ بالعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا علَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِيما ذَكَرَتْ عنْه، فأخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذلكَ عَلَيْهَا، فَقالَ: صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الحَجَّ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُهِلُّ بما أَهَلَّ به رَسولُكَ، قالَ: فإنَّ مَعِيَ الهَدْيَ ، فلا تَحِلُّ، قالَ: فَكانَ جَمَاعَةُ الهَدْيِ الذي قَدِمَ به عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ وَالَّذِي أَتَى به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِائَةً. قالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا، إلَّا النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَمَن كانَ معهُ هَدْيٌ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بقُبَّةٍ مِن شَعَرٍ تُضْرَبُ له بنَمِرَةَ ، فَسَارَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إلَّا أنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ كما كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ في الجَاهِلِيَّةِ، فأجَازَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ القُبَّةَ قدْ ضُرِبَتْ له بنَمِرَةَ ، فَنَزَلَ بهَا، حتَّى إذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بالقَصْوَاءِ ، فَرُحِلَتْ له، فأتَى بَطْنَ الوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ وَقالَ: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ علَيْكُم، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، أَلَا كُلُّ شَيءٍ مِن أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِن دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ، كانَ مُسْتَرْضِعًا في بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا؛ رِبَا عَبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فإنَّه مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ؛ فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عليهنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ ، وَلَهُنَّ علَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمَعروفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ ما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إنِ اعْتَصَمْتُمْ به؛ كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أنَّكَ قدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقالَ بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ ، يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بيْنَهُما شيئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى أَتَى المَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ القَصْوَاءِ إلى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ المُشَاةِ بيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حتَّى غَابَ القُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حتَّى إنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ ، ويقولُ بيَدِهِ اليُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ، كُلَّما أَتَى حَبْلًا مِنَ الحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حتَّى تَصْعَدَ، حتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ ، فَصَلَّى بهَا المَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بأَذَانٍ وَاحِدٍ وإقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بيْنَهُما شيئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَصَلَّى الفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ له الصُّبْحُ بأَذَانٍ وإقَامَةٍ. ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الفَضْلَ بنَ عَبَّاسٍ، وَكانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَرَّتْ به ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدَهُ علَى وَجْهِ الفَضْلِ، فَحَوَّلَ الفَضْلُ وَجْهَهُ إلى الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ علَى وَجْهِ الفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، حتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الوُسْطَى الَّتي تَخْرُجُ علَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى، حتَّى أَتَى الجَمْرَةَ الَّتي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مع كُلِّ حَصَاةٍ منها، مِثْلِ حَصَى الخَذْفِ ، رَمَى مِن بَطْنِ الوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إلى المَنْحَرِ ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ ما غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ في هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِن كُلِّ بَدَنَةٍ ببَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فأكَلَا مِن لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِن مَرَقِهَا. ثُمَّ رَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فأفَاضَ إلى البَيْتِ، فَصَلَّى بمَكَّةَ الظُّهْرَ، فأتَى بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، يَسْقُونَ علَى زَمْزَمَ، فَقالَ: انْزِعُوا بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ علَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ معكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ منه.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1218 التخريج : أخرجه أبو داود (1905)، وابن ماجه (3074)، والدارمي (1892) جميعهم مطولا.
التصنيف الموضوعي: حج - إحرام النفساء والحائض حج - التلبية وصفتها ووقتها حج - الخطبة يوم عرفة حج - الوقوف بعرفة وأحكامه حج - حجة النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث | شرح الحديث

23 - حدَّثَني كَعْبُ بنُ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، أنَّهُ خَرَجَ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُحْرِمًا، فَقَمِلَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ، فَبَلَغَ ذلكَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأرْسَلَ إلَيْهِ فَدَعَا الحَلَّاقَ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قالَ له: هلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ؟ قالَ: ما أَقْدِرُ عليه، فأمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فيه خَاصَّةً: {فمَن كانَ مِنكُم مَرِيضًا، أَوْ به أَذًى مِن رَأْسِهِ}[البقرة:196] ثُمَّ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : كعب بن عجرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1201 التخريج : أخرجه البخاري (1816)، ومسلم (1201).
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة البقرة حج - الفدية حج - حلق الرأس لمن به أذى حج - من لم يجد الهدي وعليه دم قرآن - أسباب النزول
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

24 - لَمَّا أُحْصِرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ البَيْتِ، صَالَحَهُ أَهْلُ مَكَّةَ علَى أَنْ يَدْخُلَهَا فيُقِيمَ بهَا ثَلَاثًا، وَلَا يَدْخُلَهَا إلَّا بجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، السَّيْفِ وَقِرَابِهِ، وَلَا يَخْرُجَ بأَحَدٍ معهُ مِن أَهْلِهَا، وَلَا يَمْنَعَ أَحَدًا يَمْكُثُ بهَا مِمَّنْ كانَ معهُ، قالَ لِعَلِيٍّ: اكْتُبِ الشَّرْطَ بيْنَنَا، بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ، فَقالَ له المُشْرِكُونَ: لو نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، فأمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحَاهَا، فَقالَ عَلِيٌّ: لا وَاللَّهِ، لا أَمْحَاهَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَرِنِي مَكَانَهَا، فأرَاهُ مَكَانَهَا فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ ابنُ عبدِ اللهِ، فأقَامَ بهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا أَنْ كانَ يَوْمُ الثَّالِثِ قالوا لِعَلِيٍّ: هذا آخِرُ يَومٍ مِن شَرْطِ صَاحِبِكَ، فَأْمُرْهُ فَلْيَخْرُجْ فأخْبَرَهُ بذلكَ، فَقالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَ. وقالَ ابنُ جَنَابٍ في رِوَايَتِهِ مَكانَ تَابَعْنَاكَ: بَايَعْنَاكَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : البراء بن عازب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1783 التخريج : أخرجه البخاري (3184) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار صلح - الصلح مع المشركين صلح - كتابة الصلح مغازي - صلح الحديبية إيمان - حب الرسول
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

25 - رَأَيْتُ رَجُلًا مِن أهْلِ خُراسانَ سَأَلَ الشَّعْبِيَّ، فقالَ: يا أبا عَمْرٍو، إنَّ مَن قِبَلَنا مِن أهْلِ خُراسانَ يقولونَ في الرَّجُلِ إذا أعْتَقَ أمَتَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَها: فَهو كالرَّاكِبِ بَدَنَتَهُ، فقالَ الشَّعْبِيُّ: حدَّثَني أبو بُرْدَةَ بنُ أبِي مُوسَى، عن أبِيهِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ثَلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِن أهْلِ الكِتابِ آمَنَ بنَبِيِّهِ، وأَدْرَكَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَآمَنَ به واتَّبَعَهُ وصَدَّقَهُ، فَلَهُ أجْرانِ، وعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أدَّى حَقَّ اللهِ تَعالَى وحَقَّ سَيِّدِهِ، فَلَهُ أجْرانِ، ورَجُلٌ كانَتْ له أمَةٌ فَغَذاها، فأحْسَنَ غِذاءَها، ثُمَّ أدَّبَها فأحْسَنَ أدَبَها، ثُمَّ أعْتَقَها وتَزَوَّجَها فَلَهُ أجْرانِ. ثُمَّ قالَ الشَّعْبِيُّ لِلْخُراسانِيِّ: خُذْ هذا الحَدِيثَ بغيرِ شيءٍ، فقَدْ كانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيما دُونَ هذا إلى المَدِينَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 154 التخريج : أخرجه البخاري (3011)، ومسلم (154).
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام رقائق وزهد - مضاعفة الحسنات علم - تعليم الرجل أمته وأهله نكاح - عتق الأمة وتزوجها عتق وولاء - المملوك يحسن عبادة ربه وينصح لسيده
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

26 -  لَمَّا احْتَرَقَ البَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ غَزَاهَا أَهْلُ الشَّامِ، فَكانَ مِن أَمْرِهِ ما كَانَ؛ تَرَكَهُ ابنُ الزُّبَيْرِ حتَّى قَدِمَ النَّاسُ المَوْسِمَ يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ -أَوْ يُحَرِّبَهُمْ- علَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ، قالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، أَشِيرُوا عَلَيَّ في الكَعْبَةِ ، أَنْقُضُهَا ثُمَّ أَبْنِي بنَاءَهَا، أَوْ أُصْلِحُ ما وَهَى منها؟ قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فإنِّي قدْ فُرِقَ لي رَأْيٌ فِيهَا؛ أَرَى أَنْ تُصْلِحَ ما وَهَى منها، وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عليه، وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبُعِثَ عَلَيْهَا النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ ابنُ الزُّبَيْرِ: لوْ كانَ أَحَدُكُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُ، ما رَضِيَ حتَّى يُجِدَّهُ، فَكيفَ بَيْتُ رَبِّكُمْ؟ إنِّي مُسْتَخِيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ عَازِمٌ علَى أَمْرِي، فَلَمَّا مَضَى الثَّلَاثُ أَجْمع رَأْيَهُ علَى أَنْ يَنْقُضَهَا، فَتَحَامَاهُ النَّاسُ أَنْ يَنْزِلَ بأَوَّلِ النَّاسِ يَصْعَدُ فيه أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ، حتَّى صَعِدَهُ رَجُلٌ فألْقَى منه حِجَارَةً، فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ أَصَابَهُ شَيءٌ، تَتَابَعُوا فَنَقَضُوهُ حتَّى بَلَغُوا به الأرْضَ، فَجَعَلَ ابنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً، فَسَتَّرَ عَلَيْهَا السُّتُورَ حتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ. وَقالَ ابنُ الزُّبَيْرِ: إنِّي سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: لَوْلَا أنَّ النَّاسَ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بكُفْرٍ، وَليْسَ عِندِي مِنَ النَّفَقَةِ ما يُقَوِّي علَى بِنَائِهِ، لَكُنْتُ أَدْخَلْتُ فيه مِنَ الحِجْرِ خَمْسَ أَذْرُعٍ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ منه، وَبَابًا يَخْرُجُونَ منه. قالَ: فأنَا اليَوْمَ أَجِدُ ما أُنْفِقُ، وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ، قالَ: فَزَادَ فيه خَمْسَ أَذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ حتَّى أَبْدَى أُسًّا نَظَرَ النَّاسُ إلَيْهِ، فَبَنَى عليه البِنَاءَ، وَكانَ طُولُ الكَعْبَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا زَادَ فيه اسْتَقْصَرَهُ، فَزَادَ في طُولِهِ عَشْرَ أَذْرُعٍ، وَجَعَلَ له بَابَيْنِ: أَحَدُهُما يُدْخَلُ منه، وَالآخَرُ يُخْرَجُ منه. فَلَمَّا قُتِلَ ابنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ الحَجَّاجُ إلى عبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بذلكَ، وَيُخْبِرُهُ أنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قدْ وَضَعَ البِنَاءَ علَى أُسٍّ نَظَرَ إلَيْهِ العُدُولُ مِن أَهْلِ مَكَّةَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عبدُ المَلِكِ: إنَّا لَسْنَا مِن تَلْطِيخِ ابْنِ الزُّبَيْرِ في شَيءٍ، أَمَّا ما زَادَ في طُولِهِ فأقِرَّهُ، وَأَمَّا ما زَادَ فيه مِنَ الحِجْرِ فَرُدَّهُ إلى بنَائِهِ، وَسُدَّ البَابَ الذي فَتَحَهُ، فَنَقَضَهُ وَأَعَادَهُ إلى بِنَائِهِ.

27 - قَدِمْنَا الحُدَيْبِيَةَ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لا تُرْوِيهَا، قالَ: فَقَعَدَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى جَبَا الرَّكِيَّةِ ، فَإِمَّا دَعَا وإمَّا بَصَقَ فِيهَا، قالَ: فَجَاشَتْ ، فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا، قالَ: ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ في أَصْلِ الشَّجَرَةِ، قالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ، ثُمَّ بَايَعَ، وَبَايَعَ، حتَّى إذَا كانَ في وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ، قالَ: بَايِعْ يا سَلَمَةُ، قالَ: قُلتُ: قدْ بَايَعْتُكَ يا رَسولَ اللهِ في أَوَّلِ النَّاسِ، قالَ: وَأَيْضًا، قالَ: وَرَآنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَزِلًا، يَعْنِي ليسَ معهُ سِلَاحٌ، قالَ: فأعْطَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَجَفَةً -أَوْ دَرَقَةً- ثُمَّ بَايَعَ، حتَّى إذَا كانَ في آخِرِ النَّاسِ، قالَ: أَلَا تُبَايِعُنِي يا سَلَمَةُ؟ قالَ: قُلتُ: قدْ بَايَعْتُكَ يا رَسولَ اللهِ، في أَوَّلِ النَّاسِ، وفي أَوْسَطِ النَّاسِ، قالَ: وَأَيْضًا، قالَ: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قالَ لِي: يا سَلَمَةُ، أَيْنَ حَجَفَتُكَ -أَوْ دَرَقَتُكَ- الَّتي أَعْطَيْتُكَ؟ قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلًا، فأعْطَيْتُهُ إيَّاهَا، قالَ: فَضَحِكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَقالَ: إنَّكَ كَالَّذِي قالَ الأوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هو أَحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، ثُمَّ إنَّ المُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حتَّى مَشَى بَعْضُنَا في بَعْضٍ، وَاصْطَلَحْنَا. قالَ: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ أَسْقِي فَرَسَهُ، وَأَحُسُّهُ ، وَأَخْدِمُهُ، وَآكُلُ مِن طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إلى اللهِ وَرَسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا ببَعْضٍ؛ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ في أَصْلِهَا، قالَ: فأتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ في رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلْتُ إلى شَجَرَةٍ أُخْرَى، وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ نَادَى مُنَادٍ مِن أَسْفَلِ الوَادِي: يا لَلْمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابنُ زُنَيْمٍ، قالَ: فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي، ثُمَّ شَدَدْتُ علَى أُولَئِكَ الأرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ، فأخَذْتُ سِلَاحَهُمْ، فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا في يَدِي، قالَ: ثُمَّ قُلتُ: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ، لا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنكُم رَأْسَهُ إلَّا ضَرَبْتُ الَّذي فيه عَيْنَاهُ، قالَ: ثُمَّ جِئْتُ بهِمْ أَسُوقُهُمْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ برَجُلٍ مِنَ العَبَلَاتِ، يُقَالُ له: مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى فَرَسٍ، مُجَفَّفٍ في سَبْعِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: دَعُوهُمْ، يَكُنْ لهمْ بَدْءُ الفُجُورِ ، وَثِنَاهُ، فَعَفَا عنْهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] الآيَةَ كُلَّهَا. قالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إلى المَدِينَةِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بيْنَنَا وبيْنَ بَنِي لَحْيَانَ جَبَلٌ، وَهُمُ المُشْرِكُونَ، فَاسْتَغْفَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِمَن رَقِيَ هذا الجَبَلَ اللَّيْلَةَ، كَأنَّهُ طَلِيعَةٌ للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، قالَ سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَبَعَثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بظَهْرِهِ مع رَبَاحٍ، غُلَامِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَنَا معهُ، وَخَرَجْتُ معهُ بفَرَسِ طَلْحَةَ، أُنَدِّيهِ مع الظَّهْرِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إذَا عبدُ الرَّحْمَنِ الفَزَارِيُّ قدْ أَغَارَ علَى ظَهْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قالَ: فَقُلتُ: يا رَبَاحُ، خُذْ هذا الفَرَسَ فأبْلِغْهُ طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَخْبِرْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أنَّ المُشْرِكِينَ قدْ أَغَارُوا علَى سَرْحِهِ، قالَ: ثُمَّ قُمْتُ علَى أَكَمَةٍ ، فَاسْتَقْبَلْتُ المَدِينَةَ، فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا: يا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ خَرَجْتُ في آثَارِ القَوْمِ أَرْمِيهِمْ بالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ، أَقُولُ: أَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ رَجُلًا منهمْ فأصُكُّ سَهْمًا في رَحْلِهِ ، حتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إلى كَتِفِهِ، قالَ: قُلتُ: خُذْهَا. وَأَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قالَ: فَوَاللَّهِ، ما زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بهِمْ، فَإِذَا رَجَعَ إلَيَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً، فَجَلَسْتُ في أَصْلِهَا، ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ به، حتَّى إذَا تَضَايَقَ الجَبَلُ فَدَخَلُوا في تَضَايُقِهِ، عَلَوْتُ الجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بالحِجَارَةِ، قالَ: فَما زِلْتُ كَذلكَ أَتْبَعُهُمْ حتَّى ما خَلَقَ اللَّهُ مِن بَعِيرٍ مِن ظَهْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَخَلَّوْا بَيْنِي وبيْنَهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِن ثَلَاثِينَ بُرْدَةً ، وَثَلَاثِينَ رُمْحًا؛ يَسْتَخِفُّونَ، وَلَا يَطْرَحُونَ شيئًا إلَّا جَعَلْتُ عليه آرَامًا مِنَ الحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، حتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِن ثَنِيَّةٍ، فَإِذَا هُمْ قدْ أَتَاهُمْ فُلَانُ بنُ بَدْرٍ الفَزَارِيُّ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ، يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ، وَجَلَسْتُ علَى رَأْسِ قَرْنٍ ، قالَ الفَزَارِيُّ: ما هذا الَّذي أَرَى؟ قالوا: لَقِينَا مِن هذا البَرْحَ، وَاللَّهِ ما فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَيءٍ في أَيْدِينَا، قالَ: فَلْيَقُمْ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنكُم أَرْبَعَةٌ، قالَ: فَصَعِدَ إلَيَّ منهمْ أَرْبَعَةٌ في الجَبَلِ، قالَ: فَلَمَّا أَمْكَنُونِي مِنَ الكَلَامِ، قالَ: قُلتُ: هلْ تَعْرِفُونِي؟ قالوا: لَا، وَمَن أَنْتَ؟ قالَ: قُلتُ: أَنَا سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لا أَطْلُبُ رَجُلًا مِنكُم إلَّا أَدْرَكْتُهُ، وَلَا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنكُم فيُدْرِكَنِي، قالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَظُنُّ. قالَ: فَرَجَعُوا، فَما بَرِحْتُ مَكَانِي حتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، قالَ: فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأخْرَمُ الأسَدِيُّ، علَى إثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأنْصَارِيُّ، وعلَى إثْرِهِ المِقْدَادُ بنُ الأسْوَدِ الكِنْدِيُّ، قالَ: فأخَذْتُ بعِنَانِ الأخْرَمِ، قالَ: فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، قُلتُ: يا أَخْرَمُ، احْذَرْهُمْ؛ لا يَقْتَطِعُوكَ حتَّى يَلْحَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، قالَ: يا سَلَمَةُ، إنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، فلا تَحُلْ بَيْنِي وبيْنَ الشَّهَادَةِ، قالَ: فَخَلَّيْتُهُ، فَالْتَقَى هو وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قالَ: فَعَقَرَ بعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ، وَطَعَنَهُ عبدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ علَى فَرَسِهِ، وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو علَى رِجْلَيَّ حتَّى ما أَرَى وَرَائِي مِن أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَلَا غُبَارِهِمْ شيئًا، حتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى شِعْبٍ فيه مَاءٌ يُقَالُ له: ذُو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا منه، وَهُمْ عِطَاشٌ، قالَ: فَنَظَرُوا إلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَخَلَّيْتُهُمْ عنْه -يَعْنِي أَجْلَيْتُهُمْ عنْه- فَما ذَاقُوا منه قَطْرَةً. قالَ: وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ في ثَنِيَّةٍ، قالَ: فأعْدُو فألْحَقُ رَجُلًا منهمْ، فأصُكُّهُ بسَهْمٍ في نُغْضِ كَتِفِهِ، قالَ: قُلتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قالَ: يا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ! أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ؟! قالَ: قُلتُ: نَعَمْ يا عَدُوَّ نَفْسِهِ، أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ، قالَ: وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ علَى ثَنِيَّةٍ، قالَ: فَجِئْتُ بهِما أَسُوقُهُما إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِن لَبَنٍ، وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المَاءِ الذي حَلَّأْتُهُمْ عنْه ، فَإِذَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ أَخَذَ تِلكَ الإبِلَ وَكُلَّ شَيءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ، وإذَا بلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإبِلِ الَّذي اسْتَنْقَذْتُ مِنَ القَوْمِ، وإذَا هو يَشْوِي لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، خَلِّنِي فأنْتَخِبُ مِنَ القَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فأتَّبِعُ القَوْمَ، فلا يَبْقَى منهمْ مُخْبِرٌ إلَّا قَتَلْتُهُ، قالَ: فَضَحِكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ في ضَوْءِ النَّارِ، فَقالَ: يا سَلَمَةُ، أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا؟ قُلتُ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، فَقالَ: إنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ في أَرْضِ غَطَفَانَ، قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِن غَطَفَانَ، فَقالَ: نَحَرَ لهمْ فُلَانٌ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا، فَقالوا: أَتَاكُمُ القَوْمُ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا اليومَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ، قالَ: ثُمَّ أَعْطَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَهْمَيْنِ: سَهْمَ الفَارِسِ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ، فَجَمعهُما لي جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَرَاءَهُ علَى العَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إلى المَدِينَةِ. قالَ: فَبيْنَما نَحْنُ نَسِيرُ، قالَ: وَكانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لا يُسْبَقُ شَدًّا، قالَ: فَجَعَلَ يقولُ: أَلَا مُسَابِقٌ إلى المَدِينَةِ؟ هلْ مِن مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذلكَ، قالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلَامَهُ، قُلتُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا، وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا؟! قالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بأَبِي وَأُمِّي، ذَرْنِي فَلِأُسَابِقَ الرَّجُلَ، قالَ: إنْ شِئْتَ، قالَ: قُلتُ: اذْهَبْ إلَيْكَ، وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ، فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ، قالَ: فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، أَسْتَبْقِي نَفَسِي، ثُمَّ عَدَوْتُ في إثْرِهِ، فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، ثُمَّ إنِّي رَفَعْتُ حتَّى أَلْحَقَهُ، قالَ: فأصُكُّهُ بيْنَ كَتِفَيْهِ، قالَ: قُلتُ: قدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ، قالَ: أَنَا أَظُنُّ، قالَ: فَسَبَقْتُهُ إلى المَدِينَةِ، قالَ: فَوَاللَّهِ، ما لَبِثْنَا إلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ حتَّى خَرَجْنَا إلى خَيْبَرَ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بالقَوْمِ: تَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ ما اهْتَدَيْنَا... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا وَنَحْنُ عن فَضْلِكَ ما اسْتَغْنَيْنَا... فَثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن هذا؟ قالَ: أَنَا عَامِرٌ، قالَ: غَفَرَ لكَ رَبُّكَ، قالَ: وَما اسْتَغْفَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إلَّا اسْتُشْهِدَ، قالَ: فَنَادَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَهو علَى جَمَلٍ له: يا نَبِيَّ اللهِ، لَوْلَا ما مَتَّعْتَنَا بعَامِرٍ، قالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ، قالَ: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بسَيْفِهِ، ويقولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قالَ: وَبَرَزَ له عَمِّي عَامِرٌ، فَقالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ قالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ في تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ له، فَرَجَعَ سَيْفُهُ علَى نَفْسِهِ، فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ، فَإِذَا نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؛ قَتَلَ نَفْسَهُ، قالَ: فأتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ! قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن قالَ ذلكَ؟ قالَ: قُلتُ: نَاسٌ مِن أَصْحَابِكَ، قالَ: كَذَبَ مَن قالَ ذلكَ، بَلْ له أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إلى عَلِيٍّ وَهو أَرْمَدُ، فَقالَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسولَهُ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسولُهُ، قالَ: فأتَيْتُ عَلِيًّا، فَجِئْتُ به أَقُودُهُ وَهو أَرْمَدُ، حتَّى أَتَيْتُ به رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبَسَقَ في عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ، فَقالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقالَ عَلِيٌّ: أَنَا الذي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المَنْظَرَهْ أُوفيهِمُ بالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ قالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كانَ الفَتْحُ علَى يَدَيْهِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1807 التخريج : أخرجه أحمد (16518)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (4/ 138) كلاهما بنحوه، وأخرجه البخاري (2960، 3702، 4196، 6148 ) مفرقًا بنحوه .
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - غزوة خيبر مناقب وفضائل - سلمة بن الأكوع مناقب وفضائل - علي بن أبي طالب بيعة - بيعة الرضوان (الشجرة)
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

28 - ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ ، وَهو يُرِيدُ الرُّومَ وَنَصَارَى العَرَبِ بالشَّامِ، قالَ ابنُ شِهَابٍ: فأخْبَرَنِي عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ كَعْبٍ كانَ قَائِدَ كَعْبٍ، مِن بَنِيهِ، حِينَ عَمِيَ، قالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ ، قالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، إلَّا في غَزْوَةِ تَبُوكَ ، غيرَ أَنِّي قدْ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عنْه، إنَّما خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حتَّى جَمع اللَّهُ بيْنَهُمْ وبيْنَ عَدُوِّهِمْ، علَى غيرِ مِيعَادٍ، وَلقَدْ شَهِدْتُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا علَى الإسْلَامِ ، وَما أُحِبُّ أنَّ لي بهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ في النَّاسِ منها، وَكانَ مِن خَبَرِي، حِينَ تَخَلَّفْتُ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْه في تِلكَ الغَزْوَةِ، وَاللَّهِ ما جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ، حتَّى جَمَعْتُهُما في تِلكَ الغَزْوَةِ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ ، فأخْبَرَهُمْ بوَجْهِهِمِ الذي يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَثِيرٌ، وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابُ حَافِظٍ، يُرِيدُ بذلكَ الدِّيوَانَ، قالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ، يَظُنُّ أنَّ ذلكَ سَيَخْفَى له، ما لَمْ يَنْزِلْ فيه وَحْيٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَغَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تِلكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ، فأنَا إلَيْهَا أَصْعَرُ ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ معهُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ معهُمْ، فأرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شيئًا، وَأَقُولُ في نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ علَى ذلكَ، إذَا أَرَدْتُ، فَلَمْ يَزَلْ ذلكَ يَتَمَادَى بي حتَّى اسْتَمَرَّ بالنَّاسِ الجِدُّ، فأصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غَادِيًا وَالْمُسْلِمُونَ معهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِن جَهَازِي شيئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شيئًا، فَلَمْ يَزَلْ ذلكَ يَتَمَادَى بي حتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، فَيَا لَيْتَنِي فَعَلْتُ، ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذلكَ لِي، فَطَفِقْتُ، إذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ، بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَحْزُنُنِي أَنِّي لا أَرَى لي أُسْوَةً إلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عليه في النِّفَاقِ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى بَلَغَ تَبُوكَ فَقالَ: وَهو جَالِسٌ في القَوْمِ بتَبُوكَ ما فَعَلَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ؟ قالَ رَجُلٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ يا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ ، فَقالَ له مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ: بئْسَ ما قُلْتَ، وَاللَّهِ يا رَسُولَ اللهِ، ما عَلِمْنَا عليه إلَّا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبيْنَما هو علَى ذلكَ رَأَى رَجُلًا مُبَيِّضًا يَزُولُ به السَّرَابُ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ فَإِذَا هو أَبُو خَيْثَمَةَ الأنْصَارِيُّ، وَهو الذي تَصَدَّقَ بصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ. فَقالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا مِن تَبُوكَ ، حَضَرَنِي بَثِّي ، فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ وَأَقُولُ: بمَ أَخْرُجُ مِن سَخَطِهِ غَدًا؟ وَأَسْتَعِينُ علَى ذلكَ كُلَّ ذِي رَأْيٍ مِن أَهْلِي، فَلَمَّا قيلَ لِي: إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، حتَّى عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ منه بشيءٍ أَبَدًا، فأجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَادِمًا، وَكانَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، بَدَأَ بالمَسْجِدِ فَرَكَعَ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذلكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ له، وَكَانُوا بضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ منهمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لهمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلى اللهِ، حتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قالَ: تَعَالَ فَجِئْتُ أَمْشِي حتَّى جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ، فَقالَ لِي: ما خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ قالَ: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي، وَاللَّهِ لو جَلَسْتُ عِنْدَ غيرِكَ مِن أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِن سَخَطِهِ بعُذْرٍ، وَلقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا ، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ، لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليومَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى به عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إنِّي لأَرْجُو فيه عُقْبَى اللهِ، وَاللَّهِ ما كانَ لي عُذْرٌ، وَاللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَمَّا هذا، فقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقالوا لِي: وَاللَّهِ ما عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هذا، لقَدْ عَجَزْتَ في أَنْ لا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بما اعْتَذَرَ به إلَيْهِ المُخَلَّفُونَ، فقَدْ كانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ، اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَكَ. قالَ: فَوَاللَّهِ ما زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، قالَ ثُمَّ قُلتُ لهمْ: هلْ لَقِيَ هذا مَعِي مِن أَحَدٍ؟ قالوا: نَعَمْ، لَقِيَهُ معكَ رَجُلَانِ، قالَا مِثْلَ ما قُلْتَ، فقِيلَ لهما مِثْلَ ما قيلَ لَكَ، قالَ قُلتُ: مَن هُمَا؟ قالوا: مُرَارَةُ بنُ الرَّبِيعَةَ العَامِرِيُّ وَهِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، قالَ: فَذَكَرُوا لي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِما أُسْوَةٌ، قالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي. قالَ وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ المُسْلِمِينَ عن كَلَامِنَا، أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ، مِن بَيْنِ مَن تَخَلَّفَ عنْه. قالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وَقالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا حتَّى تَنَكَّرَتْ لي في نَفْسِيَ الأرْضُ، فَما هي بالأرْضِ الَّتي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا علَى ذلكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فأمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا في بُيُوتِهِما يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فأشْهَدُ الصَّلَاةَ وَأَطُوفُ في الأسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عليه، وَهو في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فأقُولُ في نَفْسِي: هلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ برَدِّ السَّلَامِ، أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا منه وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ علَى صَلَاتي نَظَرَ إلَيَّ وإذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حتَّى إذَا طَالَ ذلكَ عَلَيَّ مِن جَفْوَةِ المُسْلِمِينَ، مَشيتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهو ابنُ عَمِّي، وَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَوَاللَّهِ ما رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. فَقُلتُ له: يا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ باللَّهِ هلْ تَعْلَمَنَّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قالَ: فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَقالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ، حتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ. فَبيْنَا أَنَا أَمْشِي في سُوقِ المَدِينَةِ، إذَا نَبَطِيٌّ مِن نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ، مِمَّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بالمَدِينَةِ يقولُ: مَن يَدُلُّ علَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ له إلَيَّ، حتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا مِن مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنَا أنَّ صَاحِبَكَ قدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ ، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ ، قالَ: فَقُلتُ: حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهذِه أَيْضَا مِنَ البَلَاءِ فَتَيَامَمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا بهَا، حتَّى إذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الخَمْسِينَ، وَاسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، إذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَأْتِينِي، فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، قالَ: فَقُلتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا، فلا تَقْرَبَنَّهَا، قالَ: فأرْسَلَ إلى صَاحِبَيَّ بمِثْلِ ذلكَ، قالَ: فَقُلتُ لاِمْرَأَتِي: الحَقِي بأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ في هذا الأمْرِ، قالَ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ له: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ شيخٌ ضَائِعٌ ليسَ له خَادِمٌ ، فَهلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قالَ: لَا، وَلَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ فَقالَتْ: إنَّهُ، وَاللَّهِ ما به حَرَكَةٌ إلى شيءٍ، وَوَاللَّهِ ما زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كانَ مِن أَمْرِهِ ما كَانَ، إلى يَومِهِ هذا، قالَ: فَقالَ لي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في امْرَأَتِكَ؟ فقَدْ أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ، قالَ: فَقُلتُ: لا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَما يُدْرِينِي مَاذَا يقولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، قالَ: فَلَبِثْتُ بذلكَ عَشْرَ لَيَالٍ، فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِن حِينَ نُهي عن كَلَامِنَا، قالَ ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، علَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِن بُيُوتِنَا فَبيْنَا أَنَا جَالِسٌ علَى الحَالِ الَّتي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَّا، قدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بما رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى علَى سَلْعٍ يقولُ بأَعْلَى صَوْتِهِ: يا كَعْبَ بنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ ، قالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قدْ جَاءَ فَرَجٌ. قالَ: فَآذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ النَّاسَ بتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِن أَسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى الجَبَلَ، فَكانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الذي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، فَنَزَعْتُ له ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُما إيَّاهُ ببِشَارَتِهِ، وَاللَّهِ ما أَمْلِكُ غَيْرَهُما يَومَئذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونِي بالتَّوْبَةِ ويقولونَ: لِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ حتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ جَالِسٌ في المَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللَّهِ ما قَامَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ. قالَ فَكانَ كَعْبٌ لا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ: وَهو يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ ويقولُ: أَبْشِرْ بخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ قالَ: فَقُلتُ: أَمِنْ عِندِكَ؟ يا رَسُولَ اللهِ، أَمْ مِن عِندِ اللهِ فَقالَ: لَا، بَلْ مِن عِندِ اللهِ وَكانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، كَأنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، قالَ: وَكُنَّا نَعْرِفُ ذلكَ، قالَ: فَلَمَّا جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ مِن تَوْبَتي أَنْ أَنْخَلِعَ مِن مَالِي صَدَقَةً إلى اللهِ وإلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهو خَيْرٌ لكَ قالَ: فَقُلتُ: فإنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الذي بخَيْبَرَ، قالَ: وَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ اللَّهَ إنَّما أَنْجَانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِن تَوْبَتي أَنْ لا أُحَدِّثَ إلَّا صِدْقًا ما بَقِيتُ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ أنَّ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللَّهُ في صِدْقِ الحَديثِ، مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى يَومِي هذا، أَحْسَنَ ممَّا أَبْلَانِي اللَّهُ به، وَاللَّهِ ما تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُنْذُ قُلتُ ذلكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إلى يَومِي هذا، وإنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيما بَقِيَ. قالَ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لقَدْ تَابَ اللَّهُ علَى النبيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في سَاعَةِ العُسْرَةِ مِن بَعْدِ ما كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ منهمْ ثُمَّ تَابَ عليهم، إنَّه بهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، وعلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حتَّى إذَا ضَاقَتْ عليهمِ الأرْضُ بما رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عليهم أَنْفُسُهُمْ} حتَّى بَلَغَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مع الصَّادِقِينَ}. قالَ كَعْبٌ: وَاللَّهِ ما أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِن نِعْمَةٍ قَطُّ، بَعْدَ إذْ هَدَانِي اللَّهُ لِلإِسْلَامِ، أَعْظَمَ في نَفْسِي، مِن صِدْقِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَنْ لا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، إنَّ اللَّهَ قالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا، حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ ، شَرَّ ما قالَ لأَحَدٍ. وَقالَ اللَّهُ: {سَيَحْلِفُونَ باللَّهِ لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إليهِم لِتُعْرِضُوا عنْهمْ، فأعْرِضُوا عنْهمْ، إنَّهُمْ رِجْسٌ ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بما كَانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عنْهمْ، فإنْ تَرْضَوْا عنْهمْ، فإنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ}. قالَ كَعْبٌ: كُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عن أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ منهمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حِينَ حَلَفُوا له، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لهمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَمْرَنَا حتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذلكَ قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وعلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، وَليسَ الذي ذَكَرَ اللَّهُ ممَّا خُلِّفْنَا، تَخَلُّفَنَا عَنِ الغَزْوِ، وإنَّما هو تَخْلِيفُهُ إيَّانَا، وإرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفَ له وَاعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَبِلَ منه. وفي رواية : أن عُبَيْدَ اللهِ بنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، وَكانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ، قالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ، حِينَ تَخَلَّفَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وَسَاقَ الحَدِيثَ. وَزَادَ فِيهِ، علَى يُونُسَ: فَكانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَلَّما يُرِيدُ غَزْوَةً إلَّا وَرَّى بغَيْرِهَا، حتَّى كَانَتْ تِلكَ الغَزْوَةُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : كعب بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2769 التخريج : أخرجه البخاري (4418)، وأحمد (15789) باختلاف يسير، والنسائي في ((الكبرى)) (11168) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - الصدق وما جاء فيه تفسير آيات - سورة التوبة توبة - توبة كعب وصاحبيه مغازي - غزوة تبوك مناقب وفضائل ـ كعب بن مالك
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

29 - خَرَجْنَا مِن قَوْمِنَا غِفَارٍ، وكانوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الحَرَامَ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا، فَنَزَلْنَا علَى خَالٍ لَنَا، فأكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إلَيْنَا، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقالوا: إنَّكَ إذَا خَرَجْتَ عن أَهْلِكَ خَالَفَ إليهِم أُنَيْسٌ، فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا عَلَيْنَا الذي قِيلَ له، فَقُلتُ: أَمَّا ما مَضَى مِن مَعروفِكَ فقَدْ كَدَّرْتَهُ، وَلَا جِمَاعَ لكَ فِيما بَعْدُ، فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا ، فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا، وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِي، فَانْطَلَقْنَا حتَّى نَزَلْنَا بحَضْرَةِ مَكَّةَ، فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عن صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، فأتَيَا الكَاهِنَ ، فَخَيَّرَ أُنَيْسًا، فأتَانَا أُنَيْسٌ بصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا معهَا. قالَ: وَقَدْ صَلَّيْتُ -يا ابْنَ أَخِي- قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثِ سِنِينَ، قُلتُ: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ، قُلتُ: فأيْنَ تَوَجَّهُ؟ قالَ: أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي، أُصَلِّي عِشَاءً، حتَّى إذَا كانَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ ، حتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ. فَقالَ أُنَيْسٌ: إنَّ لي حَاجَةً بمَكَّةَ فَاكْفِنِي، فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ حتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَرَاثَ عَلَيَّ، ثُمَّ جَاءَ فَقُلتُ: ما صَنَعْتَ؟ قالَ: لَقِيتُ رَجُلًا بمَكَّةَ علَى دِينِكَ، يَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، قُلتُ: فَما يقولُ النَّاسُ؟ قالَ: يقولونَ: شَاعِرٌ، كَاهِنٌ ، سَاحِرٌ، وَكانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ. قالَ أُنَيْسٌ: لقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الكَهَنَةِ، فَما هو بقَوْلِهِمْ، وَلقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ علَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ ، فَما يَلْتَئِمُ علَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أنَّهُ شِعْرٌ، وَاللَّهِ إنَّه لَصَادِقٌ، وإنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. قالَ: قُلتُ: فَاكْفِنِي حتَّى أَذْهَبَ فأنْظُرَ، قالَ: فأتَيْتُ مَكَّةَ فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا منهمْ، فَقُلتُ: أَيْنَ هذا الَّذي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ؟ فأشَارَ إلَيَّ، فَقالَ: الصَّابِئَ ، فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الوَادِي بكُلٍّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ، حتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، قالَ: فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، قالَ: فأتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ، وَشَرِبْتُ مِن مَائِهَا، وَلقَدْ لَبِثْتُ -يا ابْنَ أَخِي- ثَلَاثِينَ بيْنَ لَيْلَةٍ وَيَومٍ، ما كانَ لي طَعَامٌ إلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَما وَجَدْتُ علَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ . قالَ: فَبيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ في لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إضْحِيَانَ، إذْ ضُرِبَ علَى أَسْمِخَتِهِمْ، فَما يَطُوفُ بالبَيْتِ أَحَدٌ. وَامْرَأَتَانِ منهمْ تَدْعُوَانِ إسَافًا وَنَائِلَةَ، قالَ: فأتَتَا عَلَيَّ في طَوَافِهِما، فَقُلتُ: أَنْكِحَا أَحَدَهُما الأُخْرَى، قالَ: فَما تَنَاهَتَا عن قَوْلِهِما، قالَ: فأتَتَا عَلَيَّ، فَقُلتُ: هَنٌ مِثْلُ الخَشَبَةِ، غيرَ أَنِّي لا أَكْنِي ، فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ، وَتَقُولَانِ: لو كانَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِن أَنْفَارِنَا، قالَ: فَاسْتَقْبَلَهُما رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُما هَابِطَانِ، قالَ: ما لَكُمَا؟ قالَتَا: الصَّابِئُ بيْنَ الكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، قالَ: ما قالَ لَكُمَا؟ قالَتَا: إنَّه قالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الفَمَ . وَجَاءَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى اسْتَلَمَ الحَجَرَ، وَطَافَ بالبَيْتِ هو وَصَاحِبُهُ، ثُمَّ صَلَّى، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، قالَ أَبُو ذَرٍّ: فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ مَن حَيَّاهُ بتَحِيَّةِ الإسْلَامِ، قالَ: فَقُلتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يا رَسولَ اللهِ، فَقالَ: وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، ثُمَّ قالَ: مَن أَنْتَ؟ قالَ: قُلتُ: مِن غِفَارٍ، قالَ: فأهْوَى بيَدِهِ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ علَى جَبْهَتِهِ، فَقُلتُ في نَفْسِي: كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إلى غِفَارٍ، فَذَهَبْتُ آخُذُ بيَدِهِ، فَقَدَعَنِي صَاحِبُهُ، وَكانَ أَعْلَمَ به مِنِّي، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قالَ: مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا؟ قالَ: قُلتُ: قدْ كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ بيْنَ لَيْلَةٍ وَيَومٍ، قالَ: فمَن كانَ يُطْعِمُكَ؟ قالَ: قُلتُ: ما كانَ لي طَعَامٌ إلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَما أَجِدُ علَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ، قالَ: إنَّهَا مُبَارَكَةٌ؛ إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ. فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رَسولَ اللهِ، ائْذَنْ لي في طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ، فَانْطَلَقَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَانْطَلَقْتُ معهُمَا، فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا، فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِن زَبِيبِ الطَّائِفِ، وَكانَ ذلكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بهَا، ثُمَّ غَبَرْتُ ما غَبَرْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّه قدْ وُجِّهَتْ لي أَرْضٌ ذَاتُ نَخْلٍ، لا أُرَاهَا إلَّا يَثْرِبَ ، فَهلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ؟ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بكَ وَيَأْجُرَكَ فيهم. فأتَيْتُ أُنَيْسًا فَقالَ: ما صَنَعْتَ؟ قُلتُ: صَنَعْتُ أَنِّي قدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قالَ: ما بي رَغْبَةٌ عن دِينِكَ، فإنِّي قدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، فأتَيْنَا أُمَّنَا، فَقالَتْ: ما بي رَغْبَةٌ عن دِينِكُمَا، فإنِّي قدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، فَاحْتَمَلْنَا حتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارًا، فأسْلَمَ نِصْفُهُمْ، وَكانَ يَؤُمُّهُمْ أَيْمَاءُ بنُ رَحَضَةَ الغِفَارِيُّ، وَكانَ سَيِّدَهُمْ. وَقالَ نِصْفُهُمْ: إذَا قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ أَسْلَمْنَا، فَقَدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، فأسْلَمَ نِصْفُهُمُ البَاقِي، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ، فَقالوا: يا رَسولَ اللهِ، إخْوَتُنَا، نُسْلِمُ علَى الذي أَسْلَمُوا عليه، فأسْلَمُوا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ. وفي رواية: َزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: قُلتُ: فَاكْفِنِي حتَّى أَذْهَبَ فأنْظُرَ، قالَ: نَعَمْ، وَكُنْ علَى حَذَرٍ مِن أَهْلِ مَكَّةَ؛ فإنَّهُمْ قدْ شَنِفُوا له وَتَجَهَّمُوا. وفي روايةٍ: قالَ أَبُو ذَرٍّ: يا ابْنَ أَخِي، صَلَّيْتُ سَنَتَيْنِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: قُلتُ: فأيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ؟ قالَ: حَيْثُ وَجَّهَنِيَ اللَّهُ،. وَقالَ: فَتَنَافَرَا إلى رَجُلٍ مِنَ الكُهَّانِ، قالَ: فَلَمْ يَزَلْ أَخِي، أُنَيْسٌ يَمْدَحُهُ حتَّى غَلَبَهُ، قالَ: فأخَذْنَا، صِرْمَتَهُ فَضَمَمْنَاهَا إلى صِرْمَتِنَا . وَقالَ أَيْضًا في حَديثِهِ: قالَ: فَجَاءَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَطَافَ بالبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ المَقَامِ، قالَ: فأتَيْتُهُ، فإنِّي لأَوَّلُ النَّاسِ حَيَّاهُ بتَحِيَّةِ الإسْلَامِ، قالَ: قُلتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ. مَن أَنْتَ؟ وفي حَديثِهِ أَيْضًا: فَقالَ: مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَاهُنَا؟ قالَ: قُلتُ: مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ. وَفِيهِ: فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتْحِفْنِي بضِيَافَتِهِ اللَّيْلَةَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2473 التخريج : من أفراد مسلم على البخاري. وقصة إسلام أبي ذر أخرجها البخاري (3522)
التصنيف الموضوعي: أشربة - شرب زمزم حج - الشرب من زمزم حج - صلاة ركعتين بعد الطواف مناقب وفضائل - أبو ذر الغفاري مناقب وفضائل - فضائل القبائل
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

30 - أنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بنْتَ قَيْسٍ أُخْتَ الضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ -وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ- فَقالَ: حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِيهِ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، لا تُسْنِدِيهِ إلى أَحَدٍ غيرِهِ، فَقالَتْ: لَئِنْ شِئْتَ لَأَفْعَلَنَّ، فَقالَ لَهَا: أَجَلْ حَدِّثِينِي، فَقالَتْ: نَكَحْتُ ابْنَ المُغِيرَةِ، وَهو مِن خِيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَومَئذٍ، فَأُصِيبَ في أَوَّلِ الجِهَادِ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا تَأَيَّمْتُ خَطَبَنِي عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ في نَفَرٍ مِن أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَخَطَبَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَكُنْتُ قدْ حُدِّثْتُ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: مَن أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ، فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قُلتُ: أَمْرِي بيَدِكَ، فأنْكِحْنِي مَن شِئْتَ، فَقالَ: انْتَقِلِي إلى أُمِّ شَرِيكٍ. وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ مِنَ الأنْصَارِ، عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ في سَبيلِ اللهِ، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ، فَقُلتُ: سَأَفْعَلُ، فَقالَ: لا تَفْعَلِي، إنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ؛ فإنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ، أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عن سَاقَيْكِ، فَيَرَى القَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ ما تَكْرَهِينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلِي إلى ابْنِ عَمِّكِ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهو رَجُلٌ مِن بَنِي فِهْرٍ؛ فِهْرِ قُرَيْشٍ، وَهو مِنَ البَطْنِ الَّذي هي منه. فَانْتَقَلْتُ إلَيْهِ، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتي سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي -مُنَادِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَخَرَجْتُ إلى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَكُنْتُ في صَفِّ النِّسَاءِ الَّتي تَلِي ظُهُورَ القَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ وَهو يَضْحَكُ، فَقالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إنْسَانٍ مُصَلَّاهُ ، ثُمَّ قالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ قالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: إنِّي وَاللَّهِ ما جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحدَّثَني حَدِيثًا وَافَقَ الَّذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عن مَسِيحِ الدَّجَّالِ. حدَّثَني أنَّهُ رَكِبَ في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مع ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِن لَخْمٍ وَجُذَامَ ، فَلَعِبَ بهِمِ المَوْجُ شَهْرًا في البَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَؤُوا إلى جَزِيرَةٍ في البَحْرِ حتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا في أَقْرُبِ السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يَدْرُونَ ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ؛ مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقالوا: وَيْلَكِ! ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ ، قالوا: وَما الجَسَّاسَةُ؟ قالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ، انْطَلِقُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ ؛ فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ، قالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا منها أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً، قالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ ، فَإِذَا فيه أَعْظَمُ إنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا ، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إلى عُنُقِهِ، ما بيْنَ رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بالحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ! ما أَنْتَ؟ قالَ: قدْ قَدَرْتُمْ علَى خَبَرِي، فأخْبِرُونِي ما أَنْتُمْ؟ قالوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنَا في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ، فَلَعِبَ بنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إلى جَزِيرَتِكَ هذِه، فَجَلَسْنَا في أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يُدْرَى ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ! ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ ، قُلْنَا: وَما الجَسَّاسَةُ؟ قالَتْ: اعْمِدُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ ؛ فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ، فأقْبَلْنَا إلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا منها، وَلَمْ نَأْمَن أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً. فَقالَ: أَخْبِرُونِي عن نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: أَسْأَلُكُمْ عن نَخْلِهَا؛ هلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا له: نَعَمْ، قالَ: أَمَا إنَّه يُوشِكُ أَنْ لا تُثْمِرَ، قالَ: أَخْبِرُونِي عن بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قالوا: هي كَثِيرَةُ المَاءِ، قالَ: أَمَا إنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ، قالَ: أَخْبِرُونِي عن عَيْنِ زُغَرَ، قالوا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ في العَيْنِ مَاءٌ؟ وَهلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بمَاءِ العَيْنِ؟ قُلْنَا له: نَعَمْ، هي كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِن مَائِهَا، قالَ: أَخْبِرُونِي عن نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ ما فَعَلَ؟ قالوا: قدْ خَرَجَ مِن مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ ، قالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: كيفَ صَنَعَ بهِمْ؟ فأخْبَرْنَاهُ أنَّهُ قدْ ظَهَرَ علَى مَن يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قالَ لهمْ: قدْ كانَ ذلكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: أَمَا إنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لهمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وإنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي؛ إنِّي أَنَا المَسِيحُ، وإنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لي في الخُرُوجِ، فأخْرُجَ، فأسِيرَ في الأرْضِ فلا أَدَعَ قَرْيَةً إلَّا هَبَطْتُهَا في أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غيرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ ؛ فَهُما مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّما أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً -أَوْ وَاحِدًا- منهما اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وإنَّ علَى كُلِّ نَقْبٍ منها مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا. قالَتْ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَطَعَنَ بمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ: هذِه طَيْبَةُ ، هذِه طَيْبَةُ ، هذِه طَيْبَةُ -يَعْنِي المَدِينَةَ- أَلَا هلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذلكَ؟ فَقالَ النَّاسُ: نَعَمْ. فإنَّه أَعْجَبَنِي حَديثُ تَمِيمٍ؛ أنَّهُ وَافَقَ الَّذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عنْه، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إنَّه في بَحْرِ الشَّأْمِ أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لا، بَلْ مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هُوَ، مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو، مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو، وَأَوْمَأَ بيَدِهِ إلى المَشْرِقِ، قالَتْ: فَحَفِظْتُ هذا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : فاطمة بنت قيس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2942 التخريج : أخرجه أبو داود (4326)، والترمذي (2253) وابن ماجة (4074) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - الجساسة أشراط الساعة - خروج الدجال ومكثه بالأرض عدة - أين تعتد الحادة مناقب وفضائل - أسامة بن زيد وكالة - وكالة المرأة الإمام في النكاح
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث